إي يو أوبزرفر: الاتحاد الأوروبي سيدعم مصر اقتصاديا خوفا من نازحي غزة
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
سلط موقع "إي يو أوبزرفر" الضوء على تداعيات ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى أكثر من 6 آلاف فلسطيني، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى العمل على تسريع جهوده للتوصل إلى اتفاق نهائي مع مصر بشأن احتمال لجوء الآلاف إلى دول الاتحاد مستقبلا.
وذكر الموقع، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن وزير الهجرة اليوناني، ديميتريس كيريديس، أشار إلى أن احتمالية لجوء الفلسطينيين النازحين إلى أوروبا، على غرار بؤر التوتر العديدة في شمال أفريقيا وسوريا، التي دفعت الآلاف من المهاجرين واللاجئين إلى القارة العجوز.
فيما قالت تمارا الرفاعي، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، إنهم "قلقون للغاية بشأن حقيقة أن حوالي مليون شخص، من أصل 2.2 مليون نسمة، نزحوا من شمال قطاع غزة إلى الجنوب". وأضافت أن أكثر من نصف النازحين لجأوا إلى مدارس الأونروا وملاجئها ومبانيها.
وبدلاً من الدعوة إلى قيادة موحدة لوقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي انتقده بيان لأكثر من 800 من أعضاء البرلمان الأوروبي وموظفي الاتحاد، أصر رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، على تحد آخر، وهو "دعم مصر" لاستقبال النازحين، ما وصفه بيان البرلمانيين والموظفين الأوروبيين بأنه "موقف نشاز"، وذلك خلال قمة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي عقدت الأسبوع الماضي.
وفي السياق، قال ميشيل: "مصر بحاجة إلى الدعم، لذلك دعونا ندعم مصر"، في إشارة إلى ما قالته مصادر مطلعة لصحيفة "فايننشال تايمز" بشأن اتفاق اقتصادي جديد بين مصر والاتحاد الأوروبي، ستضغط به أوروبا بشكل غير مباشر على مصر لمواصلة احتواء الهجرة خارج حدود الاتحاد.
ويرى إبراهيم عوض، مدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن الاتحاد الأوروبي يقوم بما اعتاد عليه، إذ يرغب في تجنب وصول اللاجئين والمهاجرين إليه.
ويشير عوض إلى اتفاقيات مماثلة للاتحاد الأوروبي مع دول ثالثة في شمال أفريقيا، مثل المغرب وتونس وليبيا، حيث تم تقديم حوافز اقتصادية لها كي تحتوي تدفقات الهجرة.
لكن عوض لا يعتقد أننا يمكن أن نرى نفس الشيء بالضبط في مصر، نظرا لبعد سواحلها عن الشواطئ الأوروبية، وهو ما عبر عنه قائلا: "لا أعرف ما الذي يسعى إليه الاتحاد الأوروبي من خلال تسريع هذه الأموال، إذا كانت تستهدف معالجة السكان الفلسطينيين في غزة (..) ربما يستهدفون عناصر أخرى، وربما يريدون التأثير على المواقف المصرية بشكل عام تجاه الوضع برمته".
ويرجح العديد من الاقتصاديين والمصرفيين والمستثمرين الذين شاركوا في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي أن "تتلقى مصر بعض الدعم الاقتصادي، مهما كان موقفها من اللاجئين".
((3))
ووفق تقدير نشرته وكالة "بلومبرج"، فإن الأزمة الحالية "ذكّرت اللاعبين العالميين بوضع الدولة الواقعة في شمال إفريقيا كمحور إقليمي"، حيث نظمت القاهرة قمة سلام يوم السبت الماضي، مشيرة إلى أن مصر تبذل الجهود "لموازنة الرفض المطلق للرئيس، عبدالفتاح السيسي، لإمكانية استضافة أي لاجئين فلسطينيين".
وفي هذا الإطار، يقول عوض: "مصر في وضع اقتصادي مظلم في الوقت الحالي، ما يجعل من الصعب استقبال المزيد من اللاجئين"، لكنه يؤكد أن الأهم من ذلك أن "مصر بالتأكيد لا تريد أن تكون طرفا في تصفية القضية الفلسطينية".
ويتفق روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، يتفق مع عوض في رأيه، لكنه استدرك: "في حين أن مصر يمكن أن تستوعب عدداً معيناً من النازحين، فإن العواقب السياسية المحلية ستكون ضخمة".
ويلفت حسام الحملاوي، الناشط والباحث المصري، إلى أن "خروج المزيد من الفلسطينيين عن ما تبقى من وطنهم هو تصفية للقضية الفلسطينية"، مضيفا: "لقد أوضح الفلسطينيون في الأسبوعين الماضيين أنهم لا ينوون مغادرة منازلهم في غزة، وأنهم لا يرغبون في أن يكونوا لاجئين، لأنهم عندما يغادرون، لن يتمكنوا من العودة أبدًا".
وفي عام 1948، بعد خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين إلى دولتين، تم طرد نحو مليون فلسطيني من وطنهم على يد الميليشيات الصهيونية والجيش الإسرائيلي الجديد، وأصبح هؤلاء، الذين يمثلون 75% من مجموع الفلسطينيين، لاجئين إما في مخيمات داخل المناطق غير المحتلة من فلسطين أو في البلدان المجاورة، مثل الأردن ولبنان، ولم يتمكنوا حتى يومنا هذا من العودة.
وهناك 1.7 مليون شخص لاجئ في غزة، يمثلون ما يقرب من 80% من إجمالي سكان القطاع، وهم الذين أُجبر أجدادهم على الخروج من قراهم الأصلية، التي تعتبر الآن أرضًا إسرائيلية.
اقرأ أيضاً
السيسي يلوح بإنزال المصريين للشوارع احتجاجا على فكرة تهجير أهالي غزة لسيناء: أرسلوهم إلى النقب
وفي هذا الإطار، نقل "إي يو أوبزرفر" عن امرأة فلسطينية من غزة، تقيم الآن في القاهرة، وتفضل عدم الكشف عن هويتها، قولها: "لا أعتقد أن الفلسطينيين سوف يرتكبون خطأ أجدادنا (..) لن نغادر. الناس سيفضلون البقاء رغم كل ما يأتي".
ويشير الموقع إلى أن وضع الفلسطينيين في مصر صعب، مشيرا إلى حالة، إيلول أبو علوان، العالق في منطقة العريش القريبة من معبر رفح منذ 17 يومًا، بانتظار دخول غزة.
وقال أبو علوان: "كل شيء صعب بالنسبة لنا في مصر. من الصعب علينا أن نستأجر مكانًا أثناء انتظارنا، وأن نشتري الطعام والماء لأن أموالنا تنفد"، مشيرا إلى أن بعض الفلسطينيين استقبلتهم عائلات مصرية، والبعض الآخر ينام في الشارع.
وأردف: "الوضع صعب للغاية في مصر، لقد سئمنا الانتظار هنا، ونريد العودة إلى غزة".
ويؤكد غالبية الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة أنهم لا يريدون مغادرة القطاع، ومع ذلك، فإن ذلك ليس مسئولية مصر فحسب، بل مسئولية العالم أجمع، بما في ذلك أوروبا.
ولذا يحذر عوض، قائلاً: "لا توجد التزامات تجاه استقبال اللاجئين بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بالدول المجاورة. ما نجده هو التزامات في أي دولة يطلب فيها الشخص الحماية، سواء كانت حدودية أم لا"، في إشارة إلى اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين 1951.
ولطالما تجنب الاتحاد الأوروبي باتفاقياته الخارجية هذه المسؤولية، وفي ضوء ما يقال عن صفقته الاقتصادية المقبلة مع مصر، ربما يخطط لتجنب أي مسؤولية محتملة تجاه اللاجئين الفلسطينيين القادمين من غزة في المستقبل، بحسب "إي يو أوبزرفر".
لكن عوض ينوه إلى أن "القضية الفلسطينية هي أصل وجود اللاجئين، الحاليين أو المحتملين"، مضيفا: "إذا كنت تريد معالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين، عليك أن تعالج القضية الفلسطينية حتى يتم تحديد أسباب اندلاع العنف، ولا يتكرر مرة بعد أخرى".
وفي حين أن الأسابيع القليلة الماضية أظهرت الاتحاد الأوروبي كمؤسسة غير قادرة على المساهمة في تحقيق السلام، مع تجنب كبار قادته الإشارة إلى وقف إطلاق النار، فإن احتمال دعوة الكتلة إلى هدنة إنسانية خلال هذا الأسبوع قد تكون نقطة جيدة لبدء دور أوروبي، بحسب "إي يو أوبزرفر".
من هنا دعت تمارا الرفاعي إلى "وقف فوري لإطلاق النار، وإقامة ممر إنساني، واحترام القانون الإنساني الدولي، واحترام جميع المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك الأمم المتحدة والجهات الإنسانية الفاعلة، التي فقدت بالفعل 29 عاملاً بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية".
وقالت تمارا: "نريد حقاً أن يتمكن الناس من العودة إلى منازلهم"، على أمل تجنب حدوث أزمة لاجئين حتى ولو كانت مطروحة على الطاولة.
اقرأ أيضاً
جراهام: وفد أميركي يزور السعودية وإسرائيل لدفع التطبيع.. ولابد من فتح سيناء لسكان غزة
المصدر | إي يو أوبزرفر - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي مصر غزة إسرائيل الأونروا الاتحاد الأوروبی الأمم المتحدة فی مصر إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
ماذا بعد تشديد الاتحاد الأوروبي لهجته حيال إسرائيل؟
شدد قادة دول الاتحاد الأوروبي لهجتهم حيال إسرائيل خلال الأسبوع الحالي بعد عمليات قصف جديدة حصدت مئات الشهداء في قطاع غزة، لكن يبقى معرفة مدى التأثير الملموس لهذا التغيير في اللهجة.
وبدا الأمر جليا يوم الاثنين الماضي مع انتقاد ألمانيا -وهي حليف دائم لإسرائيل- تكثيف الاحتلال هجومه على قطاع غزة، مع إعلان مستشارها فريدريش ميرتس أنه لم يعد يفهم هدف الجيش الإسرائيلي محذرا من أنه لن يتمكن بعد الآن من دعم حكومة نتنياهو الصادرة بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية.
وقال ميرتس إن "الطريقة التي تضرر جراءها السكان المدنيون، كما هي الحال بشكل متزايد في الأيام الأخيرة، لم يعد ممكنا تبريرها بمحاربة حماس".
وقد وجدت لهجة برلين الصارمة الجديدة صدى أول أمس في بروكسل، حيث وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، الألمانية أورسولا فون دير لاين، هجمات الأيام الماضية على البنية التحتية المدنية في غزة بأنها "بغيضة وغير متكافئة".
ووصف دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي هذه اللهجة بأنها "قوية وغير مسبوقة" من رئيسة المفوضية التي انحازت لإسرائيل منذ بدء الحرب في غزة.
ورأى هذا المسؤول أن التفسير لذلك هو "تغيير ميرتس للموقف" في بروكسل.
إعلانومن جانبه قال جوليان بارنز-داسي، رئيس برنامج الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في بودكاست للمركز البحثي، إن الأسابيع الأخيرة شهدت تحولا ملحوظا للغاية، معتبرا أن ذلك يعكس تغيرا جذريا في الرأي العام الأوروبي.
انقسامات طويلة الأمدلكن تحويل الأقوال أفعالا مسألة أخرى تماما، فقد رفضت ألمانيا -المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة- هذا الأسبوع الدعوات إلى وقف مبيعات الأسلحة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي.
لكن، وفي تهديد غير مباشر أول أمس، حذّر وزير خارجيتها إسرائيل من تجاوز الحدود.
وقال يوهان فاديفول "ندافع عن سيادة القانون في كل مكان، وكذلك عن القانون الإنساني الدولي. وعندما نرى انتهاكا له سنتدخل بالطبع، ولن نوفر أسلحة تمكّن من ارتكاب المزيد من الانتهاكات".
ولطالما واجه الاتحاد الأوروبي صعوبة في التأثير على الصراع في الشرق الأوسط بسبب الانقسامات الطويلة الأمد بين الدول الداعمة لإسرائيل، وتلك التي تعتبر الأكثر تأييدا للفلسطينيين.
وكان الاتحاد الأوروبي أعلن الأسبوع الماضي إطلاق مراجعة لتحديد ما إذا كانت إسرائيل تلتزم مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة أيدتها 17 دولةً من أصل 27 في التكتل.
وقالت مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس -أمس- إنها تأمل في عرض خيارات بشأن الخطوات التالية على وزراء الخارجية في اجتماع يعقد في 23 يونيو/حزيران في بروكسل.
ويتطلب تعليق الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل إجماعا بين الدول الأعضاء، وهو ما يراه دبلوماسيون أمرا مستحيلا.
ويعد التكتل أكبر شريك تجاري لإسرائيل، إذ بلغت قيمة تجارة السلع 42.6 مليار يورو عام 2024. وبلغت تجارة الخدمات 25.6 مليار يورو عام 2023.
وأكد دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي أنه لم يتضح بعد ما إذا كان هناك دعم كاف لهذه الخطوة، التي تتطلب تأييد 15 دولة عضوا، تمثل 65% من سكان الاتحاد.
إعلانواعتبرت كريستينا كوش خبيرة شؤون الشرق الأوسط في مركز أبحاث صندوق مارشال الألماني أنه من السابق لأوانه الحديث عن تحول في السياسة الأوروبية.
ضغط دوليفي هذا الوقت، يتزايد الزخم لتكثيف الضغط على إسرائيل من دول تعد الأكثر انتقادا لها مثل إسبانيا وبلجيكا وأيرلندا.
وقال وزير خارجية بلجيكا ماكسيم بريفو "رأيي الشخصي أن الأمر أشبه بإبادة جماعية" موضحا "لا أعلم ما هي الفظائع الأخرى التي يجب أن تحدث قبل أن نجرؤ على استخدام هذه الكلمة".
وتواجه إسرائيل اتهامات متزايدة بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، أعربت عنها الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وعدد متزايد من الدول وفنانون من العالم بأسره، وتنفي إسرائيل قيامها بذلك.
وقد تكون الخطوة الملموسة المقبلة هي اعتراف أوسع بالدولة الفلسطينية، مع سعي فرنسا إلى المضي قدما بذلك قبل مؤتمر دولي في يونيو/حزيران المقبل.
وتساءل رئيس برنامج الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية جوليان بارنز داسي "هل سيكون لذلك تأثير فوري؟ على الأرجح كلا" لكنه تدارك "أعتقد أنه سيكون له تأثير إذا أدركت إسرائيل أنها لم تعد تتمتع بالحرية التي كانت لها لفترة طويلة".