عربي21:
2025-05-07@08:55:53 GMT

معلششش

تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT

بينتقموا منا بالأولاد … معلش

عبارة قالها مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة وائل الدحدوح وهو يحتضن ابنه الشهيد بعد قصف إسرائيلي استهدف عائلته وأسفر عن استشهاد زوجته أم حمزة وولده وابنته وأحد أحفاده.

معلش، كلمة يستخدمها الناس لتطييب الخاطر أو إبداء الدعم والمساندة للآخرين في آلامهم وأزماتهم ومشاكلهم، ثم تحولت في السنوات الأخيرة إلى طريقة للسخرية من بعض الآراء المخالفة أثناء نقاش محتدم في عالم عربي ضاق بالرأي الآخر.



ثم تحولت لأيقونة دارجة على مواقع التواصل الاجتماعي لإنهاء أي نقاش لا تريد استكماله أو لأرسال رسالة للطرف الآخر أنك لا تعبأ بكلماته ولا تهتم لها.

بينتقموا منا بالأولاد... معلش

قالها وائل الدحدوح وهو يشد على أسنانه الأمامية ويضغط عليها كمدا وألما وغيظا وحزنا على فراق ولده الذي تمنى يوما أن يكون صحفيا ينقل الحقيقة كما يفعل والده ويكون صوتا لفلسطين وأهلها كما تعود أن يرى أباه.

قالها وائل الدحدوح ليسجل بها مدلولا جديدا لكلمة معلش لا علاقة له بكل ما سبق، حولها الدحدوح إلى لفظة تعبر عن قمة الصبر لحظة المصيبة الأولى، وذروة الثبات أمام زلزال خسارة الزوجة والأبناء، وسنام الصمود أمام أقسى لحظات الهزيمة.

معلش لن نسمعها بعد الآن إلا بصوت وائل الدحدوح ولن نقولها إلا كما قالها هو، سنعلمها لأطفالنا وأجيال قادمة أن إذا أصابتكم مصيبة فقولوا معلش إنا لله وإنا إليه راجعون كما علمها لنا وائل.

الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الصحفيين وعائلاتهم وكاميراتهم وبيوتهم وكلماتهم، خسروا في حربهم الإعلامية وخسروا في حربهم المعلوماتية ويخسرون في حربهم الميدانية والعامل المشترك بين كل هذا هي الصحافة ورجالها ومراسلوها أمثال وائل الدحدوح.

انهار البرج.. سمعناها يوما بصوتك الباكي الذي اختنق بعبرات صادقة وأنت تبكي برج قناة الجزيرة في قطاع غرة.. انهار البرج يومها يا وائل وبقيت أنت شامخا كشموخ الجبال، وستبقى كذلك جبلا من جبال الصحافة الصادقة لن يكسروا ارادتك ولن يغيروا بوصلتك الواضحة..خرج وائل بعد ساعات من استشهاد زوجته وأبنائه على الهواء مباشرة ليستكمل رسالته الإعلامية ويمارس عمله الصحفي المهني في نقل الحقيقة التي أراد الاحتلال الإسرائيلي أن يغيبها ولكن هيهات.

هذا دورنا وهذه رسالتنا ويجب أن تستمر، بهذه العبارات لخص الدحدوح رسالة الصحفي والإعلامي الذي يحمل أمانة نقل الحقيقة ويدفع من أجلها ثمنا يصل إلى حياته وحياة عائلته ولكن ماذا عن الإنسان الذي يعيش بداخل هذا الصحفي والإعلامي.

بينتقموا منا بالأولاد... معلش

لماذا نعيش؟ لماذا نعمل؟ لماذا نتعب؟ لماذا نسعى ونسعى ونسعى ونصل الليل بالنهار بحثا عن فرصة أفضل ورزق أوسع وحياة أيسر؟

المال والبنون زينة الحياة الدنيا

حصلت على المال، رزقك الله بالبنين والبنات، كبروا وكبرت معهم، ضحكتم معا بكيتم معا، أصبحت حياتك ملكا لهم لأحلامهم لطلباتهم، أصبحت أنت وما تملك رهن إشارتهم، ثمنا لابتسامة على وجوههم، تتعب ليرتاحوا وتسهر ليناموا وتبحث عن الدنيا بما فيها كي تضعها تحت أقدامهم.

ثم؟ صاروخ واحد بضغطة زر واحدة بيد مجرم محتل وحشي ينزع منك روحك ويمزق قلبك ويحرق فؤادك لا بقتلك انت وانما بقتل اولادك وزوجتك لينهي كل شيء مرة واحدة ولكنها نهاية هذه الدنيا التعيسة البغضية وبداية لجنة الخلد التي خلقنا لنعمل من أجلها.

بينتقموا منا بالأولاد… معلش

وجع الأولاد صعب يا وائل.. ابتلاء عظيم.. فتنة كبيرة.. أعانك الله على الصبر عليها وهون الله على قلبك الذي يعتصر ألما.

ألمك هو ألم كل أب يا وائل، كل زوج، كل جد، كل إنسان عصفت به دموعك وأنت تحتضن أبناءك وتودعهم وداعا أخيرا.

مصابك مصابنا جميعا يا وائل، هون الله عليك مرارة هذه الأيام يا وائل فهي عصيبة طويلة قاسية على كل أب يقضيها مع أبنائه فما بالنا بك أنت وأنت المصاب بفقدهم المكلوم على فراقهم.

انهار البرج.. سمعناها يوما بصوتك الباكي الذي اختنق بعبرات صادقة وأنت تبكي برج قناة الجزيرة في قطاع غرة.. انهار البرج يومها يا وائل وبقيت أنت شامخا كشموخ الجبال، وستبقى كذلك جبلا من جبال الصحافة الصادقة لن يكسروا ارادتك ولن يغيروا بوصلتك الواضحة..

انهار البرج.. ورحل الأهل شهداء.. وبقي وائل الدحدوح على عهده الأول صامدا متمسكا بنقل الحقيقة.
فليخسأ الاحتلال يا وائل الدحدوح..

سلام على عائلتك أحياء وشهداء وحين تلقاهم في الفردوس الأعلى..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة وائل الدحدوح الاحتلال احتلال فلسطين غزة رثاء وائل الدحدوح مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وائل الدحدوح

إقرأ أيضاً:

لماذا التكّتكة ولمَ التخطيط ؟

ماذا يعني أن تتكّتك قبل اتخاذ أي قرار ، ماذا يعني أن تخطط جيداً قبل اتخاذ أي اجراء، ماهو التفكير الابداعي خارج الصندوق، كيف ننشد النجاح ونتوه في دهاليز الفوضى وعقم المخرجات؟ كيف سنحقق أحلامنا وتعوزنا الحكمة وضعف القدرات؟ كم هو بطل ذاك اللاعب الذي وضع خطة للهجوم وخطتين للدفاع وثلاث خطط لرفع كفاءته البدنية ولياقته الذهنية !، كم يمتلك من الحنكة والدهاء ذاك الثري الذي حفظ سيارته الفارهة  في مواقف أحد البنوك بأقل أجر وأكثر أماناً ؟ حين اقترض منهم مبلغاً بسيطاً من المال قبيل سفره، مقابل أن يرهن سيارته لديهم، وحين عودته من السفر، استرجع سيارته التي ظلت في مكان آمن لمدة شهر كامل ودفع لهم ١٥ $ فقط كفوائد على الاقتراض، فأين كان سيجد عرضاً أفضل من هذا؟
يقول البرت اينشتاين : ليست الفكرة أني فائق الذكاء ، بل كل ما في الأمر أني أقضي وقتاً أطول في حل المشاكل “. وكذلك نحن علينا أن ندير مواردنا بكل كفاءة واقتدار، فلا نهدر طاقاتنا ونضعف تركيزنا في أمور هامشية ، لا نتغاضى عما هو هام ومستعجل وضروري ، وكأننا نملك رفاهية الوقت في زمن السرعة وثورة المعلومات. لماذا لا نواكب العصر، ونبدأ من المنزل في تدريب أبناءنا وهم في سن مبكرة على التنظيم والتخطيط حتى لا يقعوا في فخ عدم الانتاجية والضياع ؟ لماذا لا نكسبهم المهارات الحياتية والتفاعل الايجابي مع المجتمع الذي يساعدهم على النقد والابتكار واستنباط الحلول؟ لماذا لا نضع الخطط البديلة لأي مشروع متعثِّر ونحتكم إلى الجدوى الاقتصادية التي تزيد من فرص نجاحه، وتقلل من المخاطر؟ لماذا لا نخطط لاكتساب مهارات جديدة من خلال منصة اليوتيوب الالكترونية ، نحول بها نقاط الضعف لدينا إلى نقاط قوة وتمكين؟ أليس التخطيط الجيد لرحلات السفر والسياحة هو المعيار لتجارب سفر ناجحة وخالية من المتاعب؟ أليس التكتيك العسكري هو أحد المستويات العملية الذي يتحول الجيش بموجبه إلى قوة سياسية تجعله يخوض كبرى المعارك وينتصر في أعتى الحروب؟ أليست الخطط السليمة للدولة هو الضامن للنهوض بالبلاد ورفع شأن العباد وحماية الأوطان، الذي هو واجب مقدس وشرف عظيم ؟
لا نريد أن نكون كالعاجز الذي اتبع هواه وتمنى على الله الأماني ، فمن لا يجيد التخطيط، سيفشل حتماً. ومن يتخذ قرارات سريعة مبنية على الفرح الزائد والاندفاع والغضب، فهو بالتأكيد سيحصد نتائج سلبية وخيبة أمل في المستقبل.
نريد تقدماً مبهراً للإنسان ، نريده أن يتعود على رسم الخطط القريبة والبعيدة المدى، وعلى وضع البرامج القصيرة والطويلة الأجل ، نريده أن يتعلم مهارة الانصات والاستماع ، ليعرف أكثر، ويتكّتك أحسن فيتخذ قراراً أفضل .
يقول الشاعر أحمد شوقي :
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا .

bahirahalabi@

مقالات مشابهة

  • بعد عِقْديْن من المجد.. لماذا نودِّع أسطورة سكايب وما البديل؟
  • وائل القباني: رحيل بيسيرو عن الزمالك لا يضمن التتويج بكأس مصر
  • لماذا التكّتكة ولمَ التخطيط ؟
  • بعد أنباء توليه مدير الكرة بالزمالك .. أول تعليق لوائل القباني
  • وائل القباني: أنا تحت أمر الزمالك في أي وقت.. وبيسيرو لم يضيف جديد للفريق
  • الاحتلال يعتقل المحرر وائل الجاغوب من نابلس
  • مصرع طفلتين توأم انهار عليهما حائط فى قنا
  • دعاء الرزق بالأولاد.. اللهم ارزقني بالذرية الصالحة
  • لماذا سلاح المقاومة خط أحمر؟
  • فريدة وائل: سلة الأهلي استحق التتويج بكأس مصر