عن المأساة والجحيم في غزة
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
وافي الجرادي
algradiwafi@gmail.com
الضربات الجوية الوحشية على قطاع غزة وتصاعد موجة العنف، وتزايد أعداد القتلى والجرحى في أوساط الأطفال والشباب والنساء، والتدمير الواسع لأحياء غزة كل هذه شواهد حية على أن ما تمارسه إسرائيل في هذه الحرب إبادة جماعية وتطهير عرقي بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، وأن ما يجري لانتهاك خطير وجسيم للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان، كما إن ما يحدث يدل على ازدواجية واضحة في المعايير الدولية وتحديدًا لأولئك الدول التي لطالما تغنّت بشعاراتها وسياساتها بكونها حامية ومدافعة عن حقوق الإنسان، بينما هي مشاركة فعليًا فيما يجري من انتهاكات بحق الإنسانية في فلسطين المحتلة.
في ظل ما يجري من مأساة وظلمٌ وقهر وإبادة في غزة لايمكن للمجتمع الدولي أن يغُض الطرف عما يحدث من مأساة وقتل وتشريد وتسويةً للمباني بالأرض وعدمها فوق ساكنيها وبصورة لا يقبلها منطق؛ فالدول الغربية كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لها تعاملها ووفق ما تراه "الدفاع عن النفس" بغض النظر عمَّا يجري من جحيمٍ وظلم، ودون مراعاة للإنسانية، فباتت هذه الدول تقف وبكل ما تملكه من مقومات وسياسات مع إسرائيل وأن ما تفعله من فظائع وقتل وحصار لمن الواجبات التي على الكيان الصهيوني القيام به، متغاضيةً عما ينجم من وحشية وإرهاب وتجويع وتشريد للمدنيين العُزّل.
تعمل حكومات الدول الغربية على دعم وإسناد إسرائيل في هجمتها الظالمة على غزة، بينما عشرات الآلاف من مواطني هذه الدول يخرجون للشوارع تنديدًا ورفضًا للمجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق أبناء غزة، رافضين استمرارية الحرب ومتعاطفين مع غزة وما تمر به من مأساة وجروح يندى لها جبين الإنسانية جمعاء.
والشاهدُ أن اللوبي اليهودي وبفعل توّغله في أنظمة حكم دول الغرب استطاع كسب المزيد من الدعم والتأييد والمساندة، وكل هذا مكّنه من ممارسة وارتكاب الكثير من المجازر، وانتهاك حقوق الإنسان، ومصادرة الأراضي والتوسع في الاستيطان آمنةً بأنه لا يوجد رادع لها لا قوانين دولية ولا دول ولا حكومات وصولًا لمحاولة طمس القضية الفلسطينية تمامًا وهو ما تسعى له إسرائيل من هذه الحرب الوحشية على غزة.
الغرب لطالما أظهر انحيازه الكامل لصالح إسرائيل، ووقف حجر عثرة أمام إلزام الكيان بتطبيق القوانين والدعوات الأممية ومنظماتها الإنسانية، ووفّر الدعم غير المحدود لها لتفعل ما تشاء بالفلسطينيين، ما يُدلل حجم الهيمنة والسيطرة لهذا اللوبي على هذه الدول ودعم حكوماتها له؛ بل إن الكثير من هذه الدول تحاول التأثير على التوجهات الحكومية العربية، وحرف مسار توجهاتها الرامية لحماية المقدسات والوقوف ضد الانتهاكات والممارسات الصهيونية، كما وتقف ضد من يدعم القضية الفلسطينية وتوسمه بوسم الإرهاب والخيانة، وتعتبره مجرد عدو وتتعاطى معه بقسوة مُسخّره بذلك كل أدواتها وسياساتها لمعاقبته، وإلحاق الأذى به في ازدواجية واضحة عن تخلخل وتصدُّع لمنظومة القيم والأخلاق، ووفق ما تسيغُه المصالح لهذه الدول.
ندوب كثيرة ستتركها هذه الحرب الأكثر من وحشية على نفوس الأجيال، ولن ينسى الكثيرون فظاعة مثل هكذا جرائم، يُقتل فيها الصغير والكبير دون استثناء، وتُهدم كل المباني بمن فيها المشافي والمساجد والكنائس وكأن كل شيء في غزة لا يستحق الحياة، وإنما يستحق الإبادة والنفي، في صورة تُجسّد حجم التمادي في الإجرام والظلم والطغيان بحق غزة وساكنيها ومبانيها لدرجة حتى أراضيها الزراعية تُحرق وتُهلك للأسف، فضلًا عن عدم تفريق هذا المحتل لماهو مدني ولما هو عسكري، ولما هو طفل ولما هو كبير.
كل شيء في غزة خصمٌ للكيان الصهيوني هذا ما يجب اعتباره عند النظر لما آلت وتؤول إليه مجريات الحرب فيها، ما يعني أن ثمة إفلاس لا نظير له في أخلاقيات وقيم المحتل ومُسانديه وداعميه، وأن ما يحكم هذا العالم من مؤسسات ومنظمات حقوقية وإنسانية مجرّدة عن إيقاف المأساة، وأن من يحكم العالم هي القوة التي تبتلع الضعفاء وتُصادر الأراضي وتقتل الأطفال وأمام مرأى ومسمع الجميع في العالم.
تبقى غزة وبفعل سياسة التدمير والتطهير المُمنّهجة مدينة مُبادة ومنكوبة، فيما العالم عاجزٌ عن وقف هذه الحرب فلا وقود ولا دواء ولا غذاء وكأن العالم كل العالم مُجمعٌ على معاقبة غزة وكل ما فيها.
وحال كهذه لا يمكن اعتبارها سوى فشل ذريع له من التداعيات والتبعات ما يجعل من المنطقة والعالم يدفعون الثمن، وأن ما يحدث لدوّامة ستطالُ الأمن والاستقرار في منطقتنا وربما العالم في حال أفرزت هذه الحرب فتح جبهات متعددة مع إسرائيل وأمريكا، وتعرُض المصالح ومصادر الطاقة وطرق التجارة للتأثير، وهو ما لا يمكن استبعاده إن خرجت الأمور عن السيطرة ولم يتم احتواء الصراع.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يسحب وفد التفاوض من الدوحة وحماس تتهمه بخداع العالم
قرر رئيس الوزاء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إعادة فريق التفاوض بالدوحة إلى تل أبيب، في حين اتهمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسرائيل بخداع العالم وعدم الجدية في التوصل لاتفاق لوقف الحرب في غزة.
وقال مكتب نتنياهو إن "فريق التفاوض رفيع المستوى سيعود إلى إسرائيل للتشاور ويبقى الفريق الفني، وذلك بعد نحو أسبوع من الاتصالات بالدوحة".
وأضاف مكتب نتنياهو أن إسرائيل وافقت على مقترح المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف لإعادة المحتجزين بناء على خطة ويتكوف، لكن حماس لا تزال متمسكة برفضه حتى الآن.
من جهته قال رئيس الأركان الإسرائيلي أيال زامير إن لدى حماس خيار واحد فقط هو الإفراج عن المحتجزين، متوعدا الحركة بدفع ثمن ما وصفه بتعنتها ومواجهة نيران كثيفة.
كما هدد زامير بتوسيع العملية البرية والسيطرة على مناطق وتدمير البنية التحتية لما سماه الإرهاب، مشيرا إلى أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق فإن الجيش الإسرائيلي يعرف كيفية تعديل أنشطته وفقا لذلك
وفي أول رد فعل من جانبها، قالت عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة إن "إعادة فريق المفاوضات من الدوحة يؤكد أنه ليس لدى الحكومة خطة حقيقية لوقف الحرب، كما يعني خسارة الأسرى والغرق بوحل غزة ودفْع الجنودِ ثمنا كبيرا".
إعلانوأضافت عائلات الأسرى الإسرائيليين في بيان أن غالبية الشعب تؤيد عودة جميع الأسرى حتى لو كان ذلك على حساب وقف القتال في غزة.
في حين كشف استطلاع للقناة 13 الإسرائيلية أن 67% من الإسرائيليين يؤيدون صفقة تنهي الحرب وتعيد جميع الأسرى، بينما يرفض 22% فقط من الإسرائيليين صفقة تنهي الحرب.
خداع العالمفي المقابل، اتهمت حركة حماس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتضليل الرأي العام العالمي عبر ما وصفته بالتظاهر الكاذب بمشاركة وفد إسرائيلي في مفاوضات الدوحة لا يملك صلاحية التوصل إلى اتفاق، ومن دون الدخول في أية مفاوضات جادة أو حقيقية منذ يوم السبت الماضي.
وأضافت حماس في بيان أن تصريحات نتنياهو بشأن إدخال مساعدات إلى قطاع غزة، محاولة لذر الرماد في العيون، وخداع المجتمع الدولي، حيث لم تدخل أي شاحنة إلى القطاع حتى الآن، بما فيها تلك التي وصلت معبر كرم أبو سالم ولم تتسلّمها أي جهة دولية.
وأكدت الحركة أن تصعيد العدوان والقصف المتعمد للبنية التحتية المدنية، وارتكاب المجازر الوحشية يفضح نيات نتنياهو الرافضة لأي تسوية ويكشف تمسّكه بخيار الحرب والدمار.
وحملت حماس حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن إفشال مساعي التوصل لاتفاق، في ضوء تصريحات مسؤوليها بعزمهم مواصلة العدوان وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
وثمنت الحركة جهود الوسطاء مؤكدة استمرارها في التعامل الإيجابي والمسؤول مع أي مبادرة توقف العدوان.
استمرار الوساطةوكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قال في وقت سابق اليوم الثلاثاء إن "قطر تواصل مع مصر والولايات المتحدة جهود التوصل لوقف إطلاق النار بغزة".
وأضاف رئيس الوزراء القطري في كلمته أمام منتدى قطر الاقتصادي المنعقد في الدوحة أنه بعد الإفراج عن عيدان ألكسندر ساد اعتقاد بأن ذلك سينهي مأساة غزة لكن الرد كان قصفا عنيفا.
إعلانكما كشف عن هوة أساسية بين طرفي المحادثات تحول دون التوصل الى اتفاق في المحادثات الجارية في الدوحة.
وردا على سؤال خلال جلسة في منتدى قطر الاقتصادي المنعقد في الدوحة اليوم حول بدء إسرائيل عمليةً برية في مناطق عدة داخل قطاع غزة، شدد رئيس الوزراء القطري، على أن إنهاء حرب إسرائيل على غزة يكون عبر الدبلوماسية.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد وقفا لإطلاق النار في غزة، وإفراجا عن جميع الأسرى.
وأضافت ليفيت، في مؤتمر صحفي، أن الإدارة الأميركية تتواصل مع طرفي الصراع في غزة، وأن ترامب أوضح لحركة حماس أن عليها إطلاق سراح الأسرى.
وفي وقت سابق، قال المبعوث الأميركي للرهائن آدم بولر "إننا نقترب أكثر فأكثر من التوصل إلى اتفاق في غزة"، كما أكد البيت الأبيض ضرورة وقف إطلاق النار وإطلاق الأسرى، في الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل في العاصمة القطرية الدوحة.
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن بولر قوله إنه "إذا أرادت حماس الحضور وتقديم عرض مشروع وإذا كانت مستعدة للإفراج عن الرهائن فنحن دائما منفتحون على ذلك".
وذكرت صحيفة واشنطن بوست، أمس الاثنين، أن الضغوط الأميركية على إسرائيل أصبحت أكثر شدة، حيث حذر مسؤولون مقربون من الرئيس ترامب القيادة الإسرائيلية من أن الولايات المتحدة قد توقف دعمها لتل أبيب إذا لم تنهِ الحرب في قطاع غزة.