كيف تحولت أنتاركتيكا إلى قارة للعلوم؟
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
بحلول نهاية الخمسينيات من القرن الماضي طالبت بعض دول العالم مثل الأرجنتين وتشيلي وأستراليا وفرنسا بملكية مناطق في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، وفي ذلك الوقت كان هناك جدل بشأن هذه القارة التي لم يكن يملكها أحد بعد ولم توضع أي قوانين لإدارتها.
لكن مع تطور الحرب الباردة وانشغال العالم بالصراع بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة تم توقيع "معاهدة أنتاركتيكا" لأول مرة من قبل 12 دولة، لإنهاء الخلافات بشأن حكم القارة، وأقرت المعاهدة بأنها لا تنتمي إلى أحد.
وفي هذه الأثناء، استغلت فرق من العلماء حول العالم هذا الموقف المحايد للحصول على دعم واسع للبرامج العلمية في القارة، وبالفعل نجح الأمر ونشأت مؤسسات دولية رسمية مختصة بتنسيق الأبحاث العلمية في القطب الجنوبي، فأصبحت القارة القطبية الجنوبية مركزا علميا عالميا.
وتوجد إحدى أكبر التجارب العلمية في العالم الآن في قارة أنتاركتيكا، وهي تجربة مكعب الثلج "آيس كيوب"، ومن الاسم يبدو شكل التجربة، فهي مكعب ثلج عملاق بطول وعرض كيلومتر كامل، مع أقصى عمق عند 2.5 كيلومتر تحت سطح القارة القطبية الجنوبية، وهو ببساطة محاولة لاستغلال طبيعة أنتاركتيكا الثلجية لخدمة العلم.
تستهدف التجربة دراسة أحد أكثر أنواع الجسيمات مراوغة في عالم الفيزياء وهو "النيوترينو" عالي الطاقة، والذي يأتي إلى الأرض من مصادر مجرية عميقة جدا، مثل بقايا المستعرات الأعظمية أو النوى المجرية النشطة وانفجارات أشعة غاما.
جسيمات "النيوترينو" عالي الطاقة ضعيفة التفاعل جدا، وكمثال للتوضيح فإن تريليون جسيم منها يمكن أن تمر عبر أحد أصابعك كل ثانية ولن تشعر بها أبدا، لأنها ضعيفة التفاعل جدا ولا تكاد تتفاعل مع شيء، ولذلك تستخدم تجربة "آيس كيوب" مساحة واسعة من الثلج مع عدد كبير من المستشعرات الموزعة بانتظام داخلها لمراقبة أي تفاعل طفيف بين أحد جسيمات "النيوترينو" عالي الطاقة والثلج، وهو شيء يحتمل أن يحدث باحتمال أقل من مرة في المليون، لكن مع كمية الثلج الكبيرة يمكن للعلماء التقاط هذا التفاعل الضعيف.
وقد تم التقاط أولى إشارات "النيوترينو" عالي الطاقة في عام 2017، واكتشف العلماء أن المصدر هو مركز متوهج لمجرة ضخمة اسمها "تي إكس إس 0506+056" تقع على مسافة نحو 5.7 مليارات سنة ضوئية، وتوالت الاكتشافات منذ ذلك الحين.
أما "بايسيب" فهو مرصد آخر يقع في القارة القطبية الجنوبية، ويستهدف التقاط أثر أول ضوء نشأ في تاريخ هذا الكون بعد نحو 380 ألف سنة فقط من الانفجار العظيم، حيث يستفيد العلماء من طبيعة القارة الجافة جدا، لأن الموجات الدقيقة لهذا الضوء تصل إلى الأرض بشكل مستمر لكنها تتفاعل مع بخار الماء في الغلاف الجوي للأرض.
لكن البرودة الشديدة على قارة أنتاركتيكا -والتي تصل في منتصف القارة إلى نحو 35 درجة تحت الصفر وقد سجلت في بعض الأحيان درجة بلغت 89 تحت الصفر- تنقي الغلاف الجوي من بخار الماء، وبذلك تصل تلك الموجات إلى المستشعرات في مرصد "بايسيب".
ويستهدف "بايسيب" دراسة هذا الضوء الدقيق من أجل أهداف متعددة، أهمها فهم ما حصل خلال اللحظات الأولى لنشأة الكون، حيث تضخم الكون كله في جزء صغير من الثانية بعد الانفجار العظيم، مما تسبب في توسعه بمعدل سريع للغاية، وتسمى تلك فرضية "التضخم".
ويبدو أن جانبا آخر من طبيعة "أنتاركتيكا" يخدم علم الفلك كذلك، وهو الظلام الكامل لمدة 6 أشهر تقريبا، وبالطبع انعزال القارة ما يبعدها عن أقرب مصدر ضوء مسافة آلاف الكيلومترات، وإلى جانب الجفاف والارتفاع عن سطح الأرض فإن تلك الخلطة تعد مثالية بالنسبة لمشاريع مثل "التلسكوب القطبي الجنوبي" الذي ساهم في إطلاق أول صورة لثقب أسود في سنة 2019.
بدأ التلسكوب عملياته البحثية في عام 2007، وتم توصيله بكاشف من الجيل الثالث مصمم لتوفير أفضل البيانات عن ظاهرة استقطاب الضوء، مما يساعد العلماء في تقلبات الكثافة في الكون المبكر، بالإضافة إلى كشف أثر جزيئات الغبار في درب التبانة، والتي تعمل على تحريف الضوء أثناء مروره إلى التلسكوب.
تلسكوب القطب الجنوبي قطره 10 أمتار، ويقع في محطة "أموندسن-سكوت" للقطب الجنوبي، ويساهم مع مرصد "بايسيب" في فهم الفترة المبكرة من تاريخ هذا الكون الواسع.
في الواقع، فإن التجارب البحثية في القارة القطبية الجنوبية كثيرة بحيث لا توجد إجابة محددة لعدد التجارب العلمية هناك، إذ تُجري البلدان والمنظمات المختلفة أنواعا مختلفة من الأبحاث في مواقع ومواسم مختلفة، ويتغير العدد كل شهر.
لكن في المتوسط يتراوح عدد الأشخاص الذين يقومون بالبحث العلمي في القارة والجزر القريبة بين 4800 خلال موسم الصيف و1200 أثناء الشتاء.
وتوصف القارة القطبية الجنوبية أحيانا بأنها "قارة العلوم"، وهناك عدد من الأسباب التي تدفع العلماء من نطاقات أخرى غير الفلك والكونيات للذهاب إلى القارة القطبية الجنوبية لدراسة جوانب مختلفة من العلوم، مثل نظامها البيئي الفريد وسجل بياناتها المناخية.
وفي هذا السياق، فإن القارة القطبية الجنوبية مهمة لفهم كيفية عمل الأرض كنظام، وكيف تتكيف الحياة مع البيئات القاسية، وكيف يؤثر البشر على البيئة، وكيف يؤثر تغير المناخ على الكوكب.
ووفقا للمسح البريطاني لـ"أنتاركتيكا"، يلعب مجتمع أبحاث القطب الجنوبي النابض بالحياة دورا رائدا في الجهود الدولية للتحقيق في التغير البيئي ومراقبته في المناطق القطبية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القارة القطبیة الجنوبیة القطب الجنوبی فی القارة
إقرأ أيضاً:
إبراهيم عيسى: الحرب بين إيران وإسرائيل تحولت من لعب بالنار لحريق مدمر
كتبت- داليا الظنيني:
قال الإعلامي إبراهيم عيسى إن الصراع بين إيران وإسرائيل تحول من "لعب بالنار" إلى "حريق مدمر"، مؤكدًا أن الحرب قد بدأت فعليًا وتتواصل بضربات متبادلة.
وأضاف، خلال برنامجه "حديث القاهرة" على قناة "القاهرة والناس"، أن إسرائيل نفذت هجومًا قويًا ومفاجئاً شمل 100 ضربة استهدفت قادة عسكريين ومطارات ومفاعلاً نووياً في إيران، بينما ردت طهران بإطلاق 150 صاروخاً على إسرائيل مساء أمس.
وأوضح عيسى أن الهجوم الإسرائيلي كان عميقاً ومخططاً بعناية، حيث شمل عمليات في 21 محافظة إيرانية، مما يعكس تنوعاً ودقة في التنفيذ.
وأشار إلى أن إسرائيل نجحت في مفاجأة إيران، مما أدى إلى شل قدرة طهران على تحريك أذرعها الإقليمية، مثل الميليشيات التي تدعمها في دول المنطقة.
وأكد عيسى أن هذه التطورات تمثل تحولاً جذرياً في طبيعة الصراع الإقليمي، حيث أظهرت إسرائيل قدرة استخباراتية وعسكرية عالية.
وقال إن إيران تلقت صدمة كبيرة نتيجة هذا الهجوم، مما دفعها للرد بقصف صاروخي لتعزيز الروح المعنوية داخلياً، مؤكدًا أن المنطقة تشهد تصعيدًا غير مسبوق يتطلب متابعة دقيقة لتداعياته على الاستقرار الإقليمي.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
إبراهيم عيسى إيران وإسرائيل الحرب الإسرائيلية على إيرانتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
الثانوية العامة
المزيدإعلان
إبراهيم عيسى: الحرب بين إيران وإسرائيل تحولت من لعب بالنار لحريق مدمر
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك