حرق النفايات يملأ سماء المدن في العراق بالدخان الضار
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
30 أكتوبر، 2023
بغداد/المسلة الحدث: يشكو أبناء المدن في العراق من تكدس النفايات. وفي سامراء يتحدث الأهالي عن تزايد حالات الاختناق بسبب حرق النفايات، فيما تقول الحكومة المحلية ان هنالك مشروعا لإنشاء محطة وسطية لكبس النفايات وإعادة تدويرها للتقليل من التلوث البيئي في المدينة .
وتغطي سماء مدن العراق سحب الدخان بسبب حرق مكب النفايات الأمر الذي خلف ارتفاعا بمعدل الإصابة بحالات الاختناق والأمراض المزمنة لدى المواطنين الذين يناشدون لإيجاد الحلول.
وتخلف كل مدينة في العراق، عشرات الاطنان يوميا من النفايات وسط غياب المشاريع الجدية لمعالجة المشكلة.
و مع الانفتاح الاقتصادي الذي يشهده العراق ، تتكدس النفايات الالكترونية والمعدنية و الكيماوية في العراء مثلما في البيوت .
والمشكلة الأهم في العراق ، ان اغلب هذه النفايات لا تجد طريقها الى حاوية قمامة خاصة ، بل الى حاويات تختلط فيها كل انواع المخلفات ، من دون تصنيف ،كما تجد طريقها الى العراء بسهولة.
وفي المناطق المهمشة في اغلب المدن ، يلمح المرء أكواما من نفايات جمعت من دون تصنيف ، لكن الأخطر بينها ، هي النفابات الصناعية التي تشكل حوالي ثلاثين بالمائة من كمية القمامة التي يلقيها الفرد العراقي يوميا .
وتشمل تلك النفايات في العراق أجهزة الهاتف (تحتوي على الكروم) ، والأصباغ والأحبار (تحتوي على الكاربون).. والحواسيب(تحتوي على الباريوم ) وأجهزة التلفاز( تحتوي على الرصاص) والبطاريات(تحتوي على الكادميوم والنيكل المسببان للسرطانات والاضطرابات التنفسية).
ومما يعقد الوضع بحسب امين الساعاتي مدرس علوم الحياة في كربلاء (110 كم جنوب غرب بغداد ) أن العراقيين باتوا يستبدلون الالكترونيات بدلا من تصليحها بسبب ازدياد القدرة الشرائية ، مما زاد من حجم المخلفات ، وارتفع تأثيرها الضار على البيئة .
وبحسب الساعاتي فان اغلب النفايات في العراق تتحرك في الطبيعة من غير تدوير ، وغير قابلة للانحلال عضوياً ، لتتحول الى سموم ، وهذا ما يزيد من خطرها.
ويتحدث الساعاتي عن عادة بيئية سيئة لدى اغلب المجتمعات الشرقية ومنها العراق حيث يخزن الناس المخلفات الالكترونية الغير مدورة ( الجاهزة العاطلة) في أقبية المنازل ، بدلا من التخلص منها بشكل نهائي ، مما يؤدي الى تقليل فرصة تدويرها في صور اخرى من المواد الصناعية.
وليس في العراق من طريقة مثلى للتخلص من هذه النفايات سوى الحرق ، الذي تنتج عنه الكثير من المواد السامة المضرة بالبيئة ، مثل غاز ثنائي اوكسيد الكاربون واكاسيد الحديد والنحاس الثنائية واكاسيد العناصر الثقيلة . والحرق طريقة قديمة يفضل عدم استخدامها .
وبدلا من الحرق يفضل استخدام أسلوب (الطمر) بحسب الخبير البيئي عصام شاكر ( ماجستير زراعة) لانه أرخص واقل ضررا بالبيئة ، ففي الولايات المتحدة يطمر اكثر من ثلاثة مليون طن من الأجهزة الالكترونية سنويا . لكن هذه الطريقة لا تستعمل في العراق ، بسبب عدم توفر مساحات الطمر المناسبة.
ويقول شاكر .. الصحراء مكان مناسب لتأسيس اماكن طمر صحية تفي بشروط البيئة لكن ذلك يتطلب تمويلا واستثمارا .
ويتخلص سالم عبيد صاحب محل تصليح الكترونيات من الاجهزة المستهلكة بتركها في العراء قرب حاوية كبيرة للنفايات في المنطقة .
ويقول سالم .. تبقى الأجهزة في العراق لأشهر قبل ان تنقل مع بقية المخلفات الى مكان طمر في أطراف المدينة .
ويقول سالم .. ليس ثمة مكان مخصص لإلقاء نفاياته .
ويتابع .. الحال يشبه حال هياكل السيارات التي تبقى على جوانب الطرقات لسنين طويلة من دون معالجة .
أما نبراس جاسم وهو صاحب دكان لتصليح الهواتف (الموبايل) ، فقد اعتاد على رمي الهواتف العاطلة في نفس سلة المهملات التي يقذف فيها بقايا الأكل ، والورق ، وكل ما يفيض عن حاجته .
وهذه السلوكيات المضرة بالبيئة تشكل خطرا محدقا ، يؤدي الى حدوث التلوث على نطاق واسع.
ويرى الباحث الاجتماعي كريم حسن ان الفرد العربي وليس العراقي فحسب ، لا ينظر إلى العواقب البيئية لتصرفاته .
ويتابع : جميع أصحاب المصانع وحتى أصحاب الدكاكين يهمهم الربح فقط ، فبإمكانهم عبر سلوكيات واعية من تقليل حجم الخسائر التي يسببها الإنسان للبيئة .
وبحسب خبراء فان اغلب النفايات الإلكترونية في العراق صالحة لتدوير مرة أخرى ، لكن ذلك يحتاج الى مشاريع ، تصنف النفايات وتعيد تدويرها .
وفي اغلب أماكن طمر النفايات في العراق حيث ينتشر الزئبق والكادميوم والقصدير ، تلمح شبابا ، ونساء وأطفالا ورجالا طاعنين في السن يفرزون المواد المعدنية والأجزاء الالكترونية من الأجهزة الأصلية ، ليصبحوا على تماس مباشر مع مواد تؤثر على الجلد بصورة مباشرة.
ولا يعرف الفتى سعيد حسين وهو يمسك بيده لوحة الكترونية ويتفحص أنبوب اشعة كاثودية ، انه على تماس مباشر مع معدن الرصاص السام الذي يؤثر بشكل كبير على الصحة .
ومما يزيد من حجم النفايات في العراق ، الأعمار الصغيرة للأجهزة المستوردة التي تعطب بسرعة ، لقلة كفاءتها ، مما يعرضها للاستهلاك المبكر ويعجل من سرعة القائها في النفايات .
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: النفایات فی العراق تحتوی على
إقرأ أيضاً:
المجتمع المدني بالكونغو يسعى إلى تحويل النفايات لفرص اقتصادية
تواجه جمهورية الكونغو الديمقراطية أزمة بيئية حادة بسبب تلوث البلاستيك، حيث تختنق الأنهار وتتكدس النفايات في مكبات مفتوحة، مما يؤثر سلبا على أنظمة الصرف الصحي والصحة العامة.
ويوميا، تُنتج مدينة كينشاسا وحدها نحو 9 آلاف طن من النفايات، منها 1800 طن من البلاستيك، ومع غياب إستراتيجية وطنية واضحة يبقى جزء كبير من هذه النفايات مهملا، مما يزيد حدة الأزمة.
ويقول برينس ألفريد الصحفي والناشط البيئي المقيم في كينشاسا "الوضع كارثي، ولا توجد سياسة وطنية لإدارة النفايات، الوضع في كينشاسا فوضوي تماما".
أزمة بيئية واضحةالنفايات البلاستيكية لا تمثل فقط إزعاجا بيئيا، بل تزيد مخاطر الفيضانات، وتسهم في انتشار الأمراض، وتثقل كاهل البنية التحتية الحضرية التي تعاني أصلا من ضعف.
ورغم تجاهل السلطات هذه المشكلة لفترة طويلة فإن المجتمع المدني بدأ يتحرك لإحداث تغيير من القاعدة.
وفي أحياء عدة بكينشاسا وخارجها يعمل شباب ورواد أعمال وجمعيات مجتمعية ومبادرات شعبية على تحويل نفايات البلاستيك إلى فرص اقتصادية.
ويقول أحد المنظمين المحليين "نعمل على إدارة النفايات وإعادة التدوير مع تركيز خاص على توعية الشباب، من الضروري تثقيف الجمهور بشأن الاستخدامات البديلة لقوارير البلاستيك، هذه الأنشطة لا تقلل النفايات فحسب، بل تحفز الإبداع وتفتح فرصا اقتصادية صغيرة".
رغم الإلهام الذي تثيره هذه الجهود فإنها تواجه تحديات كبيرة، منها ارتفاع تكلفة المعدات ونقص التمويل وغياب الدعم اللوجستي من السلطات.
إعلانويحذر فلوريبرت مبوما قائلا "حتى مع التوعية لا يتغير شيء بدون هياكل دعم، يمكن أن تطلب من الناس جمع القوارير، ولكن إذا لم يكن هناك مكان لتسليمها أو بيعها فسيرمونها في النهاية".
وحاليا، تدفع شركات إعادة التدوير الخاصة نحو 200 فرنك كونغولي (نحو 0.03 دولار) لكل كيلوغرام، أي ما يعادل 300 إلى 400 قارورة بلاستيكية، وهو عائد منخفض لا يشجع الأفراد على الجمع والفرز.
كانت استجابة الحكومة متقطعة، مع تنسيق ضعيف ومبادرات لم تحقق النجاح المرجو منها، ويقول برينس ألفريد "الوزارة تعمل بمعزل، والمدينة كذلك، ولا يوجد تعاون حقيقي".
ويشير ألفريد إلى مبادرة مشتركة بين القطاعين العام والخاص لإعادة التدوير بُدئت تحت قيادة حاكم إقليمي سابق، لكنها تراجعت بعد تغيير القيادة، واختفت معدات إعادة التدوير المستوردة بشكل غامض.
ويضيف ألفريد "الشراكات النادرة بين القطاعين العام والخاص تنهار غالبا بسبب غياب الشفافية".
يرى ناشطون ورواد أعمال أن الإرادة السياسية يمكن أن تحول النفايات البلاستيكية من عبء إلى مورد اقتصادي قيم، فإذا دعمت الدولة قطاع إعادة التدوير بشكل منظم ورفعت سعر الشراء إلى 500 فرنك لكل كيلوغرام مثلا يمكن توفير آلاف الوظائف.
ويطالب هؤلاء بحوافز ضريبية ودعم مالي وتنظيمات تشجع الشركات الناشئة البيئية، ويقول ألفريد "بدلا من تجاهل المشكلة يجب أن نراها نقطة انطلاق للابتكار الصناعي".
مفترق طرق بيئيالقضية ليست محلية فحسب، فالبلاد تضم 65% من غابات حوض الكونغو، وتمتلك احتياطيات ضخمة من المياه العذبة، وهي موارد حيوية في مكافحة التغير المناخي.
ويقول ألفريد إن "الكونغو هي برج المياه في أفريقيا والقلب البيئي للقارة، حان الوقت للاستيقاظ على ثرواتنا، يمكن لجمهورية الكونغو الديمقراطية أن تصبح نموذجا أفريقيا إذا تحركت الآن".
إعلانلم تعد إعادة تدوير البلاستيك قضية هامشية، بل هي في صلب التحديات المتعلقة بالبيئة والتشغيل والحكم والعدالة الاجتماعية، وبينما تستمر الحركات الشعبية في تقديم المثال يبقى التحدي الأكبر على صناع القرار الوطنيين.