محمد وسهى.. طالبان بـ«قطر للمنح» أنهى الاحتلال أحلامهما
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
في مخيم جباليا للاجئين بشمال غزة، تلوح في الأفق مأساة إنسانية محتدمة وآمال مستقبلية تتلاشى، كان محمد علي وسهى ناصر مثالين للأمل في غزة، على الرغم من تحديات الحياة اليومية.
انطلقت مسيرتهما التعليمية عندما التحقى ببرنامج قطر للمنح الدراسية، الذي يقدمه برنامج الفاخورة التابع لمؤسسة التعليم فوق الجميع، حاملين حلم أن يصبحا أخصائيي العلاج الطبيعي.
فمن خلال برنامج قطر للمنح الدراسية، تم منح أكثر من 1300 شاب وشابة من الشباب المهمشين واللاجئين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية منحاً دراسية كاملة لمتابعة تعليمهم العالي، مما يوفر لهم طريقًا نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
التقى محمد وسهى لأول مرة كطالبين طموحين يسعيان لتحقيق حلمهما، لم يخطر ببالهما أن ينمو بينهما حب عميق يتحدى الظروف القاهرة، وكانت رحلتهما المشتركة درباً من الإصرار والعمل الجاد والدعم لبعضهما البعض، ومع اجتهادهما في الدراسة، نمت الروابط بينهما بشكل أقوى، كان التزامهما بالتعليم وأحلامهما مصدر إلهام ليس فقط لزملائهم الطلاب ولكل من يعرفهما بتفانيهما وشغفهما بالعلم. وبعد التخرج، بدأ محمد وسهى فصلًا جديدًا، حيث أعادا ما اكتسبوه من معرفة ومهارات إلى مجتمعهم، وكان مستقبلهم مليئا بالوعد، وتزوجا ورزقا بولد جميل.
ولكن وقعت المأساة في اليوم التاسع عشر من الصراع المدمر في غزة، الحرب التي أدت بالفعل إلى فقدان أرواح أكثر من 8500 شخص 67% منهم من النساء والأطفال، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية حتى 31 أكتوبر 2023، حيث انهت هذه الحرب حياة شابين مليئتين بالوعود، وكادت أن تودي بحياة الثالث.
في ذلك اليوم المشؤوم، كانت عائلة محمد قد تجمعت في منزلهم بمخيم جباليا المكتظ بالسكان، بحثًا عن الأمان في التواجد مع بعضهم، وفي لحظة واحدة، تحول ملجأهم إلى مشهد لا يمكن تخيله من الرعب، تعرض المخيم لقصف أدى إلى تغيير حياتهم إلى الأبد.
بشكل مأساوي، فقد محمد وطفله حياتهما، ونجت سهى لكنها تعاني من إصابات خطيرة، بما في ذلك أضرار في العمود الفقري والطحال، وهي الآن تناضل من أجل حياتها في المستشفى الإندونيسي في غزة، وهي تحمل ندوبًا جسدية وعاطفية لذلك اليوم المشؤوم. وتحولت قصة الحب بين محمد وسهى، التي ولدت من أحلام مشتركة وسعي نحو التعليم، إلى رقم في إحصاءات قاتمة، تم تحطيم أحلامهما وحبهما ومستقبلهما فجأة بوحشية الحرب، وتبقى صدى قصتهم خالدًا كتذكير مؤلم بتكاليف الصراعات الإنسانية، وبضرورة حماية أحلام الشباب وطموحاتهم كمحمد وسهى. ومع ذلك، وحتى وقت كتابة هذه السطور، تضررت أكثر من 220 منشأة تعليمية، بما في ذلك بيت الفاخورة التابع لمؤسسة التعليم فوق الجميع، جراء الأعمال العدائية على غزة، إن آثار هذه الحرب سوف تؤثر على تعليم جيل كامل من الشباب، والذين يمثلون الرابط الوحيد لمستقبل مستقر ومزدهر لفلسطين. وبينما ننعى فقدان محمد وابنه وندعو من أجل شفاء سهى، تبقى لدينا أسئلة عالقة، كم من الشباب الواعد مثل محمد وابنه سيفقدون قبل أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار؟ أليست حياتهم تستحق الحماية؟ لماذا يظل العالم صامتًا أمام مثل هذا الدمار؟ يبدو أنه لا يوجد نهاية في الأفق للمعاناة والألم الذي لا يزال يعصف بغزة.
من سيكون صوت غزة؟ صوت محمد وسهى وابنهما، إلى جانب آلاف الضحايا الآخرين الذين لم تُروى قصصهم بعد؟ هل ستستخدم صوتك لتطالب قادة العالم بوضع حد فوري للقتل العشوائي وهذه المعاناة المستمرة؟ لا يمكن تجاهل صرخات غزة، وقد حان الوقت للعالم لاتخاذ إجراء.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: شمال غزة مخيم جباليا محمد علي
إقرأ أيضاً:
لماذا سوريا من أكثر البلدان تضررًا من حرب إسرائيل وإيران؟
تختلف الحرب التي اندلعت مؤخرًا بين إسرائيل وإيران عن كل الحروب السابقة في المنطقة، فهي ليست مثل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، أو الحرب الإسرائيلية على "حزب الله" في لبنان، ولا تشبه حرب الخليج الأولى، ولا الغزو الأميركي للعراق، أو حرب العراق وإيران في ثمانينيات القرن الماضي.
كما أنها خرجت عن الطابع التقليدي للمواجهة بالوكالة، لتأخذ شكل مواجهة مباشرة. ولا تفسر من جهة الردع والرد فقط، فهي حرب مختلفة وغير تقليدية، وستكون لها تداعياتها على دول وشعوب المنطقة؛ كونها تمثل صراعًا على مستقبل الدور الإقليمي فيها، حيث تسعى إسرائيل إلى تكريس دورها كقوة مهيمنة لا تُردع، خاصة أنه في حال نجاحها في هزيمة إيران ستكون القوة الأولى، وصاحبة اليد الطولى في المنطقة.
الموقف السوريكان طبيعيًا أن يتفاعل السوريون مع مجريات هذه الحرب، وأن تختلف مواقفهم حيالها، حيث اتخذ بعضهم موقف اللامبالي منها، فيما يترقب آخرون ما ستسفر عنه هذه المواجهة التصعيدية. ويساور كثيرًا منهم القلقُ من تداعيات الحرب على بلادهم، التي تحررت حديثًا من قبضة نظام الأسد البائد.
وكان المفاجئ لدى السوريين، وسواهم، هو حجم الهشاشة التي ظهر بها النظام الإيراني أمام الضربات الموجعة المتتالية وغير المسبوقة التي تلقاها، وطالت ليس مواقع نووية وعسكرية فحسب، بل قادة من كبار العسكريين في الجيش الإيراني، والحرس الثوري واستخباراته، وفيلق القدس، وعلماء ذرة وسواهم.
اللافت هو عدم صدور أي موقف رسمي عن الحكومة السورية حيال هذه المواجهة الطاحنة بين إسرائيل وإيران، في موقف قد يبدو مفهومًا لدى الكثير من المراقبين، بالنظر إلى الوضع الكارثي في سوريا، الذي ورثته الإدارة الجديدة من النظام السابق، ويستلزم القيام بجهود كبيرة من أجل التعافي، وإعادة إعمار ما خرّبه هذا النظام.
إعلانلذلك تحاول دمشق أن تنأى بنفسها بشكل كامل عن الحرب وتداعياتها؛ لأنه لا مصلحة لسوريا بالدخول في أي من تفاصيلها، كي تركز على محاولتها إطلاق عجلة التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، التي باتت تمثل شغلها الشاغل، وبالتالي فإن حربها الأساسية هي في الداخل من أجل بناء سوريا، ويتعين عليها تجنب تداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران.
الآثار والتداعياتتشير وقائع المواجهة العسكرية الدائرة بين إسرائيل وإيران إلى أنه على الرغم من أن سوريا ليست طرفًا فيها، فإنها ربما تكون من بين أكثر الدول تأثرًا بها، ليس فقط على المستوى السياسي، بل على المستوى الاقتصادي أيضًا، حيث بات مطلوبًا من الحكومة السورية اتخاذ إجراءات لمنع ارتفاع مستوى التضخم، وأسعار السلع، والخدمات في الأسواق السورية.
إضافة إلى الآثار التي تطال مجمل النشاط الاقتصادي والتجاري في سوريا، والمتمثلة في تأجيل زيارات الوفود الاقتصادية والاستثمارية العربية، وإغلاق المجال الجوي في عدة دول في الإقليم، وخاصة المجاورة لسوريا، ما أفضى إلى توقف الحراك الدولي والإقليمي تجاه سوريا.
ولا شك في أن كل ذلك سيترك آثارًا على عملية نهوض الاقتصاد السوري المتهالك أساسًا نتيجة ممارسات النظام السابق.
الأخطرُ من الآثار الاقتصادية، الآثارُ المتصلة بموقع سوريا الجغرافي، مما جعلها تعيش بعض حيثيات المواجهة الإسرائيلية الإيرانية وإرهاصاتها، وذلك في ظل انتشار ادعاءات بأن سوريا فتحت مجالها الجوي لاعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية، الأمر الذي نفته الحكومة السورية بشكل قاطع، حيث تعتبر أن ما يجري في الأجواء السورية يمثل انتهاكًا صارخًا لسيادة الدولة السورية من الطرفين؛ الإسرائيلي والإيراني، ويتجسد في قيام كل منهما بعمليات عسكرية في الأجواء السورية دون أي تفويض رسمي من السلطات السورية، وهو أمر مرفوض تمامًا، ويتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
الواقع هو أن السماء السورية الممتدة فوق المنطقة من محافظة درعا إلى القنيطرة وصولًا إلى محافظة طرطوس، تشهد تصعيدًا غير مسبوق منذ بداية المواجهة، إذ تحولت سماء المنطقة إلى مسار لعبور عشرات المسيرات والصواريخ، وسقط بعضها في مناطق سكنية، وأخرى في مناطق زراعية.
إضافة إلى سقوط خزانات وقود الطائرات، وبقايا صواريخ إيرانية تم اعتراضها من قبل الجانب الإسرائيلي وخلفت ضحايا ومصابين سوريين.
واستدعى ذلك توجيه وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح نداء للسوريين في المناطق الجنوبية بـ "عدم التجمهر أو الصعود للأسطح لمراقبة ما يحدث، وذلك حفاظًا على سلامتهم"، مع تحذيرهم من "الاقتراب من أي جسم غريب أو حطام قد يسقط نتيجة الأحداث، وعدم لمسه، وترك التعامل معه لفرق الهندسة أو فرق إزالة مخلفات الحرب، والإبلاغ فورًا عن أي بقايا أو مخلفات حرب".
الإجراءاتلم تعد سوريا ساحة للمواجهة بين إسرائيل وإيران مثلما كانت في عهد النظام السابق، فقد خرجت إيران ومليشياتها من سوريا بشكل نهائي مع سقوط النظام الأسدي، وتغيرت بعده وجهة سوريا بشكل جذري، وبالتالي تغير شكل المواجهة بين طهران وتل أبيب.
إعلانظهر تغير الموقف السوري فور وصول الإدارة الجديدة إلى دمشق، حيث أعلنت أنها لن تدخل في سياسة المحاور الإقليمية؛ لأن تركيزها سيتمحور على إعادة بناء دولة جديدة قادرة على استعادة السيادة الوطنية، وبناء مؤسسات عسكرية وأمنية مهنية، بعيدًا عن أيدي المليشيات، أو المجموعات الخارجة عن القانون.
كان متوقعًا أن تحاول بعض المجموعات المسلحة إعادة خلق أرضية اشتباك مع إسرائيل في الجنوب السوري، كي تخلط الأوراق بالنظر إلى أن إسرائيل تعتبر ذلك أحد خطوطها الحمر الرئيسة، وتتخذ ذلك ذريعة لقيامها باعتداءات جديدة على سوريا.
وقد سبق لمجموعة تدعى "جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا" (أولي البأس) أن تبنّت إطلاق مقذوفات صاروخية على منطقة الجولان المحتل من الجنوب السوري في بداية مطلع شهر يونيو/ حزيران الجاري، اتخذته إسرائيل ذريعة لقيامها بقصف مواقع في الجنوب السوري.
ومنعًا لتكرار مثل هذه المحاولات، اتخذت الحكومة السورية جملة إجراءات أمنية واحتياطات عسكرية؛ بغية الحفاظ على الساحة السورية ساكنة، وخارج لهيب النار المتبادلة عبر سمائها بين إيران وإسرائيل. ومع ذلك تخشى الحكومة السورية من أن تستغل خلايا نائمة تابعة لإيران الوضع الجديد لإشعال مواجهة مع إسرائيل.
لم تقتصر الإجراءات التي قامت بها الحكومة السورية على المنطقة الجنوبية في سوريا فقط، بل أرسلت تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع كل من العراق ولبنان منذ بدء الحرب الإسرائيلية الإيرانية؛ تحسبًا لما قد تقوم به خلايا ومجموعات تابعة لإيران، حيث كشفت التطورات الأخيرة أن بقاياها ما تزال موجودة، ولم تكفّ عن محاولاتها تهريب الأسلحة والمخدرات، ونفذت بعض العمليات في الآونة الأخيرة في محافظة دير الزور، والمناطق الحدودية مع العراق ولبنان.
وبالتالي فإن الحكومة السورية مضطرة إلى صرف جزء من قدراتها من أجل ضبط الحدود، ومنع امتداد تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية إلى الداخل السوري؛ لأن ذلك قد يفضي إلى حدوث اختلالات بالوضع الأمني، ويمكن لقوى عديدة استغلالها من أجل ضرب الاستقرار في سوريا.
المستوى السياسيما يسجل على المستوى السياسي، هو الاتصال الذي أجراه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس السوري أحمد الشرع بعد اندلاع المواجهة الإسرائيلية الإيرانية، وركز فيه على نقطتين جوهريتين؛ أولاهما ضرورة تحييد سوريا عن هذا الصراع الإقليمي، والثانية توخي المزيد من الحذر في ظل الظروف الحالية، كي لا تستغل التنظيمات المتطرفة أو "العناصر الإرهابية" حالة الفوضى لتوسيع نشاطها في سوريا والمنطقة.
تكمن أهمية اتصال أردوغان بالشرع في أنه جاء بعد عدة اتصالات قام بها مع قادة في دول العالم، وخاصة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما يعني حصول توافق أميركي تركي حول ضرورة إبعاد سوريا عن الصراع الدائر في المنطقة.
ويلتقي ذلك مع توجه الحكومة السورية للنأي بنفسها عن الصراع، والعمل على منع ارتداداته على الداخل السوري، الأمر الذي وفّر لها التنسيق مع تركيا من أجل إرسال تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع كل من العراق ولبنان، وبما يتسق مع ما ترغب به الولايات المتحدة، مما يصبّ في صالح التقارب السوري الأميركي، خاصة بعد رفع العقوبات الأميركية عنها وتطبيع العلاقات.
ولا يبتعد كل ذلك عن المتغيرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، وإعادة اصطفاف القوى فيه وفق المعطيات الجيوسياسية الجديدة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline