الرباط تحتضن مؤتمرا دوليا حول العدالة والتواصل واستخدام وسائل الاعلام
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
أخبارنا المغربية- الرباط
احتضنت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط النسخة السادسة من الندوة الدولي ةComSymbol وذلك في الفترة الممتدة ما بين 2 إلى 3 نونبر 2223.
هذا وبحسب بلاغ المنظمين فإن الندوة التي نظمت بالتعاون مع جامعة بول فاليري مونبلييه في فرنسا، كانت فرصة لاستكشاف الجوانب المختلفة لهذه المجالات ولمناقشة القضايا والتحديات التي تطرحها.
وأضاف مصدرنا أن هذه النسخة طرحت أسئلة من المجالات التكميلية، كالتواصل وعلم النفس وعلم الاجتماع والعلوم القانونية وعلم اللغة، بحيث تم التركيز على التفاعلات بين النظام القضائي ووسائل الإعلام، مع وكذلك العدالة والتوازن في استعمالها وبين والاتصال المسؤول، وتنظيم الفضاء العام، ودور التدريب القضائي في منع الانحرافات، وتأثير وسائل الإعلام على الحريات العامة.
تجدر الإشارة الى أنه تم افتتاح هذه الندوة بجلسة تعريفية في مدرج الشريف الإدريسي بالرباط ، بمشاركة الدكتورة ليلى منير، عميدة كلية الآداب وعلوم الإنسان في الرباط، الدكتور محمد بندحان، رئيس قسم علوم وتقنيات الاتصال ورئيس كرسي اليسكو )الاتصال الإقليمي والديناميات الاجتماعية، محمد بن عبد القادر، باحث متخصص بالإضافة إلى البروفيسور ميهايلاة الكسندر تيورود، نائبة مديرCOHIS UR7400، البروفيسور ستيفان براتوسين، مؤسس مؤتمرComSymbol، والأستاذ مختار الموحال، مديرلارلانكو بجامعة ابن زهر بأكادير .
وعرفت الندوة العلمية العالمية تقديم مجموعة من المداخلات من قبل أساتذة وباحثين وفاعلين في مجالات متعددة ومختصين، وفتحت نقاشات عامة حول الإشكاليات والتحديات المتعلقة بعدة مواضيع، منها الاستدلال القضائي مقابل الاستدلال الصحفي ،مفهوم العدالة في الاتصال الجماهيري ،دور تقنيات المعلومات والاتصال في حماية الممتلكات الثقافية على المستوى القضائي ، تأثير الاتصالات الرقمية على محاكمة المجرمين في المغرب والعديد من المواضيع الأخرى ذات الصلة في هذا المجال، التي تهدف أيضًا إلى تحقيق أهداف هذه الندوة العالمية.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: الفتوى وسؤال الإنسان .. نحو بيان يستوعب الواقع ولا يضيع المقصد
ينعقد في يومي 15–16 ديسمبر 2025 لقاء علميّ من أهم لقاءات هذا العصر، هو الندوة الدولية الثانية للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، تحت عنوان: «الفتوى وقضايا الواقع الإنساني: نحو اجتهاد رشيد يواكب التحديات المعاصرة». وهو عنوان يكشف منذ الوهلة الأولى عن إشكالية تتجاوز مجرد تطوير الأداء الإفتائي إلى إعادة النظر في موقع الإنسان داخل العملية الفقهية برمتها. فالواقع الإنساني لم يعد بسيطًا يُقاس بمثال واحد أو يُحاط به بعلّة واحدة، بل أصبح شبكة من العلاقات والتحولات تتداخل فيها القيم والدوافع والبنى الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، مما يجعل الفتوى في حاجة إلى بصيرة تتجاوز ظاهر المسألة إلى عمقها، وصورتها إلى آثارها، وحكمها إلى مقصدها.
إن الإشكال المركزي الذي تطرحه الندوة يتمثل في هذا السؤال: كيف يمكن للفتوى أن تبقى أداة هداية وإصلاح في عالم تتغير فيه صورة الإنسان ووظائفه، وتتبدل فيه أولوياته، ويزداد فيه انكشافه أمام ضغوط متشابكة؟ وهل يمكن للحكم الشرعي أن يحافظ على قدرته التوجيهية إذا تُرك دون ربطٍ بمآلات الأفعال، أو دون قراءة للسياقات التي تتشكل فيها أسئلة الناس اليوم؟
فالإنسان هو مدار التشريع، ومصالحه هي مناط الأحكام، وما لم يُدرك المفتي حقيقة ما يطرأ على الإنسان من تحولات، فقد يتعامل مع النصوص تعاملاً يُفقدها مقاصدها، وإن بقي ظاهرها صحيحًا. وليس المقصود بذلك تقديم الواقع على النص، بل إدراك أن النص جاء أصلاً لحفظ واقع الإنسان وإقامة نظام يقوم على العدل والرحمة وصيانة الكرامة. ومن هنا، فإن تجاهل قضايا الواقع الإنساني يُفضي إلى فتوى قد تكون صحيحة في منطوقها، لكنها قاصرة في تحقيق مراد الشارع منها.
ولذلك تأتي الندوة الدولية الثانية لتفتح بابًا واسعًا للنظر في طبيعة هذه القضايا: ما يتصل بتغيرات الأسرة، وسؤال الهوية، وضغوط العيش، وتعقيد العلاقات الاجتماعية، وتحوّل أنماط التواصل والثقافة، وتنامي تأثير العوامل النفسية على سلوك الأفراد واختياراتهم. فكل هذه العناصر أصبحت جزءًا من «الواقعة» التي يُستفتى فيها، ولم يعد من الممكن للفتوى أن تُعالج الأمر دون استحضار هذا التشابك، وإلا تحولت من أداة إصلاح إلى عامل إرباك.
وتسعى الأمانة العامة، في تنظيمها لهذه الندوة بإشراف رئيسها العالم فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد مفتي جمهورية مصر العربية، إلى تقديم إطار منهجي يسمح للمفتي بأن يقرأ الواقع قراءة كلية، ويجعل النظر المقاصدي جزءًا أصيلاً من صناعة الحكم، بحيث يصبح الاجتهاد قادرًا على التفاعل مع الأسئلة المعاصرة دون إخلال بالأصول أو تفريط في الضوابط. فالاجتهاد الرشيد ليس اجتهادًا حرًا بلا قيود، ولا مقيدًا بلا نظر، بل هو اجتهاد يربط الجزئيات بكلياتها، ويقيم الحكم على ضوء الحكمة والمصلحة المشروعة.
وفي ضوء ذلك، فإن الندوة تطرح تصورًا يعيد التوازن بين النص والإنسان، وبين الحكم ومآله، وبين المقصد والواقع. فهي لا تستهدف تغيير الأحكام، بل تستهدف تجديد طرق فهمها وتنزيلها، استنادًا إلى قاعدة أن الشريعة جاءت لتحقيق مصالح العباد، وأن الفتوى التي لا تُراعي أثرها على الناس تفقد جزءًا من معناها التشريعي. ومن هنا، يصبح الاجتهاد الرشيد ضرورةً لا يكتمل عمل المفتي إلا بها، لأنه وحده القادر على جعل الشريعة فاعلة في حياة الإنسان، لا مجرد خطاب نظري.
ولذلك يمكن القول إن إشكالية الندوة ليست سؤالًا فقهيًا جزئيًا، بل هي سؤال حضاري: كيف يمكن للفتوى أن تستعيد دورها في توجيه حياة الإنسان في عالم مضطرب؟ وكيف يمكن للمفتي أن يجمع بين العلم بالنصوص والعلم بالنفس البشرية، وبين إدراك عميق لمقاصد الشريعة وإدراك لا يقل عمقًا لطبيعة التحديات التي يواجهها الإنسان اليوم؟
بهذا المعنى، تصبح هذه الندوة محطة لإعادة ترتيب العلاقة بين الشريعة والواقع، ولفتح أفق جديد يُمكّن العقل الفقهي من أداء رسالته في عالم تتغير فيه معايير الفهم والانتماء والقيم. وهي خطوة ضرورية لضمان أن تبقى الفتوى عنصرًا من عناصر التوازن الاجتماعي والأخلاقي، وأن تبقى الشريعة قادرة على توجيه الإنسان نحو الخير مهما تغيّرت صور الحياة وتبدلت ضغوطها.