نهاية الحرب قريبةٌ ووقف العدوان حتميٌ
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
في ظلال #طوفان_الأقصى “17”
#نهاية #الحرب قريبةٌ ووقف العدوان حتميٌ
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
سينتهي العدوان الإسرائيلي الأمريكي على قطاع غزة مهما استمر وطال، فما من حربٍ إلا ولها نهاية كما كان لها بداية، والكيان الصهيوني يتميز عن غيره من الدول والكيانات، أنه لا يستطيع أن يخوض حرباً طويلة في مناطق خطرة، خاصةً إذا كانت قاسية ومؤلمة، وتكبده خسائر كبيرة في أرواح جنوده وضباطه، ومعداته وآلياته العسكرية، وتصدع جبهته الداخلية، وتعطل حياته العامة، وتؤثر على اقتصاده فينكمش، وتتجمد أوصاله وتنهار مؤسساته، وتتوقف تجارته الخارجية وتتعطل عجلات الإنتاج الداخلية، مما يضطره في النهاية إلى البحث عن وسيلةٍ لوقف الحرب وإنهاء القتال، والبحث عن حلولٍ أخرى ومخارج مناسبة تحقق بعض أهدافه، وتحول دون خسارته وإحباطه.
ليس أمام هذا العدو الغاشم، المدعوم من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، مهما استعلى واستكبر، وبغى وتغطرس، وكذب وافترى، وزيف وادعى، إلا أن يوقف الحرب وينهي العدوان، وينكفيء على وجه ويعود أدراجه يجرجر أذيال الخيبة، فقد انتهت “السكرة” وجاءت “الفكرة”، ووجد نفسه أمام استحقاقاتٍ كثيرةٍ لا يستطيع مواجهتها ولا التصدي لها، مهما بلغت قوته، واشتد قصفه، وأثخن في قتله، وارتكب المزيد من المجازر الدموية، وقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين العزل، المحتمين في بيوتهم، واللاجئين إلى بعضهم طلباً للأمن والسلامة، والمجتمعين معاً أملاً في الأنس ومحاولة الإحساس بالطمأنينة.
صحيحٌ أنه قتل آلاف الفلسطينيين، ودمر مدنهم، وخرب قطاعهم، وحرق أشجارهم وأتلف محاصيلهم، واستهدف كل وسائل الصمود وسبل البقاء، فقصف المحال التجارية والمخابز والأسواق ومحطات المياه وخزاناتها، والمساجد والمدارس والمستشفيات والمراكز الصحية وسيارات الإسعاف والدفاع المدني، وبحث عن ألواح الطاقة الشمسية فقصفها، والأسلاك الكهربائية وقطعها، وجرف الشوارع وحرث الأرض ونقبها، وحجب خدمات الانترنت والاتصالات السلكية عن سكان القطاع، وما زال يواصل عملياته الوحشية، مسلحاً بالحماية الأمريكية والتشجيع الأوروبي.
إلا أنه بات يدرك أنه يحرث في الهواء ويبذر في البحر، فالفلسطينيون باقون في قطاعهم، ولا ينوون مغادرته، ولا يفكرون بالهجرة منه، ويرفضون تكرار التجارب القديمة التي أورثتهم ذلاً ومهانةً، وأمام إصرارهم الذي يزداد كل يومٍ مع الدماء والمجازر قوةً وثباتاً، لم يعد أمامه إلا أن يبحث عن وسيلةٍ أخرى تساعده في تحقيق بعض أهدافه، وإحراز صورة نصرٍ يسوقها على مستوطنيه ويخدعهم بها، تقوم على الإمعان في القصف، والإثخان في القتل، وحرق الأرض، ومضاعفة معاناة المدنيين الفلسطينيين، ورغم ذلك لم تجدِ وسائله نفعاً ولم تحقق أدواته نصراً، ولم تزده سياساته إلا ضعفاً واتهاماً وعجزاً وتقصيراً.
كما أن الغرب الذي سانده وأيده، والولايات المتحدة الأمريكية التي ساعدته ومولته، واشتركت معه وزودته بالذخيرة، باتت لهجتهم تتغير ونبرتهم تتبدل، لا لعدالةٍ فيهم، أو لخلقٍ عندهم، أو لضميرٍ فيهم صحا وأنبهم، بل لأن الشارع العام في بلادهم، والرأي العام في الدول العربية والإسلامية بات يضغط بقوة، ويشجب ويستنكر تأييدهم العدوان الإسرائيلي على غزة، وقد أظهرت صور المظاهرات والمسيرات الشعبية في العواصم الغربية والعربية والشرقية، أن الرأي العام يتحرك بسرعة، وينذر الغرب ويحذره، ويحمله كامل المسؤولية عما يحدث، ويعتبره شريكاً في الجريمة والعدوان.
إلى جانب ذلك كله، وبعد أن انجر جيش الاحتلال إلى التوغل البري، ودخل إلى القطاع من مناطق متطرفة، وهو يظن أنها خالية ورخوة، وأن اجتياحها سهلٌ وممكن، وأن المقاومة لا تستطيع الدفاع عنها والتصدي لأرتال دباباتهم وعرباتهم المصفحة، التي تعززها الطائرات والبوارج الحربية ومدافع الميدان البعيدة، وجدوا أنفسهم يقعون في مصائد سهلة ومكامن محكمة، قد أعدتها وجهزتها لهم المقاومة، واستعدت لها وتهيأت بما يناسبها من القذائف والمتفجرات الفدائية، التي دمرت وحرقت عشرات الدبابات والجرافات والعربات المصفحة، وقتلت وجرحت طواقمها والمشاة الذين كانوا معها، ولعل احصائيات الناطق الرسمي باسم جيشهم، تؤكد أن عدد قتلاهم في ازدياد، وأن حالة جرحاهم خطرة والكثير منها حرجة.
أمام هذا الواقع الحرج والتحدي الصعب، والتغيير العام في المزاج الدولي والحراك الشعبي، وأمام استحالة استنقاذ الأسرى الإسرائيليين أحياءً، واتساع نطاق حركة الاحتجاج الشعبية الإسرائيلية التي بدأت مع ذوي الأسرى، وفي ظل صمود الشعب الفلسطيني واستبسال مقاومته، وعجز الجيش عن تحقيق أهدافه التي أعلن عنها، لن يعود أمامهم من سبيل إلا التراجع والانكفاء، ووقف الحرب وإنهاء العدوان، وهذا ما سيكون قريباً ومفاجئاً، ولعلهم الآن تحت كثافة النيران وعصف القصف يبحثون وحلفاؤهم عن السلم الذي ينزلون به، والوسيلة الأنسب التي يعلنون فيها “تحقيق” أهدافهم وانسحاب جيشهم.
بيروت في 6/11/2023
moustafa.leddawi@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى الحرب
إقرأ أيضاً:
هل تستفيد غزة من نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران؟
تبقى غزة في مهبّ الحسابات الإقليمية المعقدة، رغم مؤشرات إسرائيلية، منها تصريح زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، تشير إلى رغبة بإنهاء العمليات العسكرية هناك. اعلان
مع إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وبدء مرحلة جديدة من التهدئة الإقليمية، يبرز سؤال جوهري حول ما إذا كانت غزة، التي أنهكتها الحرب والحصار المستمر، ستتمكن من جني أي مكاسب سياسية أو إنسانية من هذا التحول المفاجئ. فهل يؤدي تراجع التصعيد الإيراني - الإسرائيلي إلى تهدئة في الساحة الفلسطينية؟ أم أن غزة ستظل ساحة صراع منفصلة ذات حسابات مختلفة؟
الربط بين جبهات القتال: من طهران إلى غزةطوال سنوات، وُصفت غزة بأنها امتداد للمحور الإيراني في المنطقة، سواء عبر دعم طهران لحركة حماس أو عبر التمويل والتسليح للفصائل الفلسطينية المسلحة.
إلا أن انتهاء المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران قد يعيد خلط الأوراق. إذ يرى مراقبون أن الدولة العبرية قد تسعى الآن إلى إغلاق الجبهة الجنوبية نهائياً، بعد أن خفّ التهديد من الجبهة الشرقية، خصوصاً مع عودة التركيز الدولي على ملف الرهائن الإسرائيليين في غزة.
تصريحات لابيد: دعوة للتهدئة أم ضغط دبلوماسي؟في هذا السياق، برز تصريح زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي قال: "حان الوقت لإنهاء الحرب على غزة وإعادة جميع الرهائن". تعكس هذه الدعوة توجهاً داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية، وربما حتى الأمنية، بأن استمرار العمليات العسكرية في غزة لم يعد يخدم الأهداف الكبرى، لا سيما بعد تراجع التهديد النووي الإيراني.
ويُفهم من هذا التصريح أن هناك تياراً إسرائيلياً يرى بأن بقاء الجبهة في غزة مشتعلة يضر بالموقف الدولي لإسرائيل، ويؤخر عملية استعادة الرهائن، ويزيد من عزلة تل أبيب خصوصا مع انتقادات المنظمات الحقوقية لما يحصل في القطاع.
Relatedأزمة مزدوجة في غزة: العطش يوازي الجوع والموت يحاصر الباحثين عن المساعداتالأمم المتحدة: الظروف في قطاع غزة "تم إنشاؤها للقتل"إسرائيل تستعيد جثامين ثلاثة رهائن من غزة قُتلوا في هجوم 7 أكتوبرالوضع الإنساني في غزة: أولوية مؤجلة؟مع نهاية الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، يُتوقع أن يزداد الضغط الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفتح المعابر، وبدء مفاوضات تهدف إلى التهدئة الشاملة. إلا أن تلك التوقعات تصطدم بواقع ميداني قاسٍ، حيث الدمار واسع النطاق، والنظام الصحي منهار، والاحتياجات الإنسانية تتصاعد.
وتبقى غزة رهينة تعقيدات سياسية كثيرة، أبرزها: مصير الرهائن، والانقسام الفلسطيني الداخلي، واستمرار التعنت الإسرائيلي في فرض شروط أمنية قاسية مقابل أي تسهيلات أو إعادة إعمار.
الجانب المصري والقطري: فرص الوساطة مجدداًمن المرجح أن تستعيد الوساطات القطرية والمصرية زخمها في الفترة المقبلة، مستفيدة من لحظة التهدئة الإقليمية. وقد تتحول غزة إلى ساحة اختبار للنيات الإسرائيلية حول ما إذا كانت فعلاً تسعى إلى إنهاء الحرب، أم فقط لإعادة ترتيب أولوياتها العسكرية.
احتمال وقف إطلاق نار شامل: سيناريو واقعي؟تشير بعض التقديرات الأمنية إلى أن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل قد يفتح الباب أمام اتفاقات تهدئة مؤقتة في غزة، وربما صفقة تبادل أسرى جديدة تشمل هدنة طويلة الأمد. لكن هذا السيناريو يبقى مرهوناً بتوافق إسرائيلي داخلي، واستعداد دولي لرعاية اتفاق يضمن "أمناً طويل الأمد" لتل أبيب، مقابل إنقاذ غزة من الانهيار الكامل.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة