روني مُعترفاً: خُضت معركة ضد الإدمان في بداية مسيرتي
تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT
اعترف المهاجم الدولي السابق الإنكليزي واين روني بخوضه معركة ضد إدمان الكحول في بداية مسيرته الكروية، معتبراً أن ما عاناه كان أشبه بتحرّره من الشهرة والضغوطات التي كانت تلاحقه، وأنه كان يسرف في تناول الكحول حتى يكاد يفقد وعيه.
وتحدّث مدرب برمنغهام (درجة ثانية) عن الصعوبات التي واجهها في إيجاد طريقة للتعامل مع ضغوط الشهرة في حلقة من البودكاست الجديد لنجم الرغبي السابق والمصاب بالتصلّب الجانبي الضموري روب بورو (41 عاماً).
وانضمّ روني إلى فريق إيفرتون الأول في سن الـ 16 عاماً، وارتدى قميص منتخب «الأسود الثلاثة» في الـ 17 من عمره، قبل أن ينتقل في عام 2004 إلى مانشستر يونايتد في الثامنة عشرة ليغادره بعد 13 عاماً كأفضل هداف في تاريخه، لكنه أكد أنه دفع غالياً ثمن شهرته العالمية الباكرة.
وقال الهداف السابق لمنتخب إنكلترا (53 هدفاً في 120 مباراة) والبالغ 38 عاماً: «كان تحرّري عبارة عن الإسراف في شرب الكحول عندما كنت في أوائل العشرينات من عمري».
وتابع: «كنت أعود إلى المنزل، وأقضي فيه بضعة أيام ولا أغادره. كنت أتناول الخمر تقريباً حتى أفقد الوعي».
وأضاف: «لم أكن أريد أن أكون بين الناس، لأنك في بعض الأحيان تشعر بالحرج. وفي بعض الأحيان تشعر وكأنك خذلت الناس، وفي النهاية لم أكن أعرف كيف أتعامل مع الأمر بطريقة أخرى».
وأردف روني: «عندما لا تتلقى المساعدة والتوجيه من الآخرين، يمكن أن تكون في مكانة منخفضة، وقد كنت كذلك لبضع سنوات. ولحسن الحظ، فأنا الآن لست خائفاً من الذهاب والتحدث مع الناس عن مشكلاتي».
وحلّ روني، الذي عاد أخيراً إلى وطنه الأم، بعد مسيرة تدريبية في الولايات المتحدة، الضيف الأول في سلسلة جديدة من برنامج الرياضة الشاملة (ذي توتال سبورت) على قناة «بي بي سي».
وقال روني إن أسلوب بورو في التعامل مع المرض ألهم الآخرين «أعرف بشكل مباشر التأثير الذي يمكن أن يحدثه هذا (المرض) عليك وعلى الأشخاص من حولك. يجب على الجميع أن يغيّروا طريقة عيشهم».
المصدر: الراي
إقرأ أيضاً:
معركة الوعي والتعبير بين هارفارد وأخواتها
التعليم عنصر رئيس ومبتغى حيوي للمؤسسات الحكومية والخاصة، العالمية والمحلية، وحتى الأفراد حين يتصاعد الحديث حول تشكيل الوعي أو توجيهه في بلاد ما، أو حتى في العالم أجمع، لا سيما مع ما يعيش العالم اليوم من انفتاح وتسارع يجعل مهمة تشكيل الوعي مهمة مفتوحة تفاعلية بين الأنا والآخر.
ومع التركيز على التعليم كانت مؤسسات التعليم العالي هدفا للتأثير والتأثر بين ما لا يمكن تجاهله، وما لا ينبغي تداوله، لكن السؤال اليوم هو ذاته سؤال الدوائر المغلقة قديما عن مجتمعات معزولة، أو جماعات متفرقة، فهل يمكن عزل المؤسسة الأكاديمية -خاصة الجامعات- عما يحدث سياسيا أو اقتصاديا أو حتى مجتمعيا؟ ثم هل هذا العزل والإقصاء في مصلحة الجامعات ومنتسبيها؟ ليس هذا الطرح بالمبحث الجديد؛ فطالما تدخلت الجامعات بأساتذتها وطلابها لتغيير مجرى الأحداث الكبرى مجتمعيا بتشكيل جبهة لصنع الرأي، وتجييش الجهود وصولا لهدف أراده الساعون مرآة لمستوى وعي المنتسبين لهذه الجامعات.
وما هذا السجال بين الجامعات الغربية، وحكوماتها اليوم إلا انعكاس لضفتي التأثير والتأثر بين جامعات متحققة واثقة بمستوى الوعي، والقدرة على التأثير والتغيير معا، وحكومات همها تنفيذ أجنداتها السياسية والاقتصادية دون تشويش الجامعات ومنتسبيها على هذه الخطط، وكأنها تضع الجامعات في مربع التلقي والتلقين وحسب، بعيدا عن خطابات التعبير عن الرأي، أو قرارات المؤسسة التعليمية التي قد تتعارض والسياسات الحكومية. ولو كان نقاشا حول جامعات غير معروفة لكان الأمر هينا مسكوتا عنه، لكن كيف لجامعة لها ثقلها في التصنيف العالمي الركون للصمت، والاستسلام للدعة، بل واختيار التعامي عما يحدث من كوارث وحروب صنعتها حكومات يحركها النزاع على السلطة والتوسع والاحتكار؟!
منذ بدأت أحداث غزة الأخيرة وبعض الجامعات الغربية تنهض بدورها في احترام حرية الرأي والتعبير، فيما استسلم بعضها الآخر لضغوطات التهديد بوقف الدعم وتقليص الإنفاق، وبين هذه وتلك دفع الكثير من منتسبي الجامعات ضريبة رأيهم السلبي أو الإيجابي بين استهجان العامة والمقاطعة المجتمعية، أو تحمل العقوبات الإدارية من تقييد أنشطة وتهميش، وحتى الفصل وإنهاء الخدمات. لكن المؤسسة ذاتها تعرضت للأمرين بين نشاط بلغ الإصرار على الضغط على الجامعات وشركائها لقطع علاقاتها مع إسرائيل، وردود فعل حكومية بلغت قطع أو تقليص ميزانية هذه الجامعات؛ عقابا على موقفها المخالف للحكومة.
وخلال هذه الأيام تعود هذه المواجهة بين الطرفين؛ إذ توافد -على مدار 24 ساعة متواصلة -عشرات من الطلاب والأكاديميين والنشطاء إلى ساحة جامعة هارفارد الأمريكية في وقفة حداد قرأوا خلالها أسماء قرابة 12 ألف طفل فلسطيني قتلتهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، في مشهد مهيب يعكس فداحة المأساة الإنسانية المستمرة منذ أكثر من 600 يوم من الحرب والحصار، بالتزامن مع إعلان منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» أن نحو 50 ألف طفل فلسطيني استشهدوا أو جُرحوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، مشيرة إلى أن القطاع أصبح «أخطر مكان في العالم على الأطفال».
أتت هذه الوقفة بعد إعلان السلطات الأمريكية إعادة النظر في التمويل الممنوح لجامعة هارفارد البالغ 9 مليارات دولارعلى خلفية اتهامات بـ«معاداة السامية» في الحرم الجامعي، وذلك بعد سحب ملايين الدولارات من جامعة كولومبيا التي شهدت احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين، ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتجريد هذه الجامعات من التمويل الفيدرالي لموقفها من حرب إسرائيل على غزة في 7 أكتوبر 2023. كما طلب من مسؤولي الهجرة ترحيل الطلاب الأجانب المتظاهرين لاسيما حاملي بطاقات الإقامة. وسينظر المسؤولون في عقود بقيمة 255.6 مليون دولار بين هارفارد والحكومة بالإضافة إلى 8.7 مليار دولار من التزامات المنح متعددة السنوات للمؤسسة المرموقة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». ويرى منتقدون أن حملة إدارة ترامب انتقامية، وسيكون لها تأثير مخيف على حرية التعبير، بينما يصر مؤيدوها على أنها ضرورية لإرساء النظام في الجامعات، وحماية الطلاب اليهود.
ثم تأتي مواجهة جديدة للتصعيد بعد صخب الحرب الاقتصادية بين حكومة ترامب والصين؛ فقد أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو أن الولايات المتحدة ستبدأ إلغاء تأشيرات بعض الطلاب الصينيين ضمن حملة أوسع تستهدف الطلاب الأجانب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن القرار لا يقتصر على هارفارد وحدها؛ إلا أنه يزيد من حالة القلق وعدم اليقين في الحرم الجامعي، كما يقول أستاذ العلوم الحكومية في هارفارد ستيف ليفيتسكي: «إن اتهامات الإدارة ما هي إلا مبررات سياسية، ما نشهده هو محاولة منهجية لإضعاف استقلال التعليم الأكاديمي.
تتجاوز هذه التداعيات حدود حرم الجامعة في هارفارد»؛ إذ يُسهم الطلاب الأجانب بما يُقدّر بــ 40 مليار دولار سنويا في الاقتصاد الأمريكي، وفي الجامعة يشكلون حوالي 25 بالمائة من إجمالي الطلاب، وتزيد النسبة في بعض البرامج الدراسية العليا. كما أشار إلى أن الأمر لا يتعلق بهارفارد فقط، بل بمستقبل التعليم والديمقراطية في أمريكا محذرا من أن السماح للحكومة بمعاقبة الجامعات لأسباب سياسية يعد سابقة خطيرة.
ختاما؛ جدير بالمتعلمين والمثقفين اختيار الحق خيارا أبديا، فلا يمكن لمراكز التعليم والتعلم إلا تصدر صناعة الوعي، ونشر القيم في احترام الأرض والإنسان، والسعي لسلام العالم، وتنمية المجتمعات، وأمان مواطنيها. وما هذه المعارك التصادمية، وهذه المواجهات المفصلية إلا اختبار ثباتها في تأسيس المعارف، ونشر العلوم، وقياس قدرتها ومنتسبيها على تمثل الوعي سبيلا لخدمة الإنسان وتنمية الأوطان. وفي هذه المعارك تبقى الكلمة الفصل للوعي الحقيقي، والقيم النبيلة ثوابت لا تتغير، ويبقى الساسة وسباقاتهم ومصالحهم متغيرات يبدلها الوقت، وتغيرها المراحل.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية