السقوط الأمريكي المؤلم عن الشجرة.. والأثمان القاسية

أصبح النزول عن شجرة الحرب بمنزلة سقوط مؤلم لأمريكا وأوروبا والكيان الصهيوني في آن واحد.

آفاق عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر فرصة ثمينة لا يتوقع أن تفوتها القوى الإقليمية والدولية لإضعاف النفوذ الأمريكي إقليميا ودوليا.

المعركة سواء في غزة أو شمال فلسطين، تتحول لنزيف سياسي وعسكري كبير لإسرائيل وأمريكا، لن يتوقف بتوقف الهجوم الأمريكي والإسرائيلي على قطاع غزة.

الهجوم البري جاء لرفع الحرج عن حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية التي باتت مطالبة بتحقيق إنجاز عسكري يحفظ ماء الوجه في الإقليم والساحة الدولية، بعد أن رفعت سقفها.

المخاوف من توسع القتال إقليميا وضرورة خفض التصعيد مؤشرات ضعف وتراجع القوة القاهرة والنفوذ الأمريكي، إذ أصبحت أمريكا عاجزة عن حماية مصالحها بالمنطقة أو وقف الهجمات على قواعدها في العراق وسوريا.

* * *

يحاول قادة الاحتلال الحفاظ على زخم الهجوم البري بالحديث المتواصل عن تقدم مستدام للقوات في مدينة غزة؛ وتجنب الكشف عن الخسائر الحقيقية في صفوف قواته التي تفضحها التحذيرات المتكررة من "أثمان باهظة وقاسية" يدفعها الاحتلال، التي جرت على لسان وزير الحرب يؤاف غالانت؛ والوزير في حكومة الطوارئ بيني غانتس؛ ورئيس الأركان هرتسي هليفي.

الأثمان القاسية التي تهدد بإفقاد الهجوم البري زخمه، يعوضها الغطاء الأوروبي والدعم الأمريكي الذي رفض وقف إطلاق النار طوال الساعات القليلة الماضية، سواء جاء على لسان الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي؛ أو على لسان وزير الدفاع لويد اوستن؛ ووزير الخارجية أنتوني بلينكن؛ والأهم الرئيس الأمريكي بايدن.

فالهجوم البري جاء لرفع الحرج عن حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية، التي باتت مطالبة بتحقيق إنجاز عسكري يحفظ ماء وجهها في الإقليم والساحة الدولية، بعد أن رفعت سقفها ليبلغ عنان السماء؛ لاستعادة صورة القوة القاهرة والنافذة في الإقليم.

وفي مفارقة واضحة للهجوم البري وزخمه الأمريكي والأوروبي لاستعادة الهيبة والمكانة الإقليمية؛ تأتي المخاوف من توسع القتال إقليميا وضرورة خفض التصعيد، كمؤشرات ضعف وتراجع في القوة القاهرة والنفوذ الأمريكي، إذ أصبحت الولايات المتحدة عاجزة عن حماية مصالحها في المنطقة، أو وقف الهجمات على قواعدها في العراق وسوريا وتركيا، أو بوارجها في البحر الأحمر وبحر العرب قبالة الخليج العربي.

الضربات الجوية والصاروخية القادمة من اليمن نحو مفاعل ديمونا وميناء إيلات في فلسطين المحتلة عام 48، وتصاعد المواجهات في الجبهة الشمالية بالقرب من الحدود اللبنانية والسورية؛ ألقى بظلال ثقيلة على كلف مواصلة الهجوم البري والجوي على قطاع غزة، إذ لم تمنعه الحشود العسكرية الأمريكية شرق المتوسط عبر حاملة الطائرات جيرالد فورد وحاملة الطائرات أيزنهاور في الخليج العربي من الارتفاع.

التقدم البطيء والمكلف لقوات الاحتلال في محيط مدينة غزة وضواحيها والأثمان المرتفعة للعملية، يتوقع أن تضاعف الخسائر الإسرائيلية والأمريكية، إلا أن تدخل "حزب الله" في لبنان في المعركة سيجعل من الكلف أكبر من أن تحتمل.

وسواء أعلن الحزب تدخله بشكل رسمي وواسع أو في عبر وضعه شروطا وقيودا على قواعد الاشتباك في قطاع غزة، فإن حسابات صانعي القرار في كل من واشنطن وتل أبيب ستزداد تعقيدا؛ دافعة بها نحو مناورات عبر هدن إنسانية متكررة، أما لفصل المسارات والجبهات، أو لإيجاد سلم يساعدها النزول عن شجرة الحرب التي أعلنتها على المقاومة في قطاع غزة.

اتساع نطاق المواجهة تفتح الباب لأضرار كبيرة لا تقتصر على الجانب العسكري؛ فالضغوط تتزايد على الدول الموقعة اتفاقات السلام الأمريكي مع الكيان المحتل، وعلى رأسها مصر والأردن، الذي استدعى سفيره لدى الاحتلال، وهدد باتخاذ خطوات أكثر تقدما بتجميد العلاقات والاتفاقات التجارية.

علما أن سلطنة عمان سبقته بوقف العمل باتفاقات العبور الجوي لطائرات الاحتلال المدنية في أجوائها، فضلا عن اعتراف مسقط بحركة حماس كحركة تحرر وطني فلسطينية؛ ما يجعل من نشاطها المسلح مشروعا ومقبولا لديها.

الضغوط امتدت نحو مملكة البحرين، التي أعادت سفيرها لدى الاحتلال وأوقفت العمل بالاتفاقات التجارية والأمنية؛ الأمر الذي يضغط على المملكة المغربية، إحدى حلقات الاتفاقات الإبراهيمية المهمة بعد الإمارات العربية المتحدة، إذ تواجه الرباط ضغوط شعبية كبيرة لقطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي؛ الأمر الذي بات مسألة وقت لا أكثر.

ختاما.. المعركة في الميدان سواء كان في قطاع غزة أو شمال فلسطين، تتحول إلى نزيف سياسي وعسكري كبير للكيان الصهيوني وأمريكا، لن يتوقف بمجرد توقف الهجوم الأمريكي والإسرائيلي على قطاع غزة.

فالآفاق المتولدة عن عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تحولت إلى فرصة ثمينة لا يتوقع أن تفوتها القوى الإقليمية والدولية لإضعاف النفوذ الأمريكي في المنطقة وفي الساحات الدولية، وهو ما يجعل النزول عن شجرة الحرب بمنزلة سقوط مؤلم لأمريكا وأوروبا والكيان الصهيوني في آن واحد.

*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا إسرائيل غزة فلسطين الهجوم البري الكيان الصهيوني سقوط مؤلم النفوذ الأمريكي الهجوم البری قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الإمارات تدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في ولاية كولورادو الأميركية

أدانت دولة الإمارات بأشد العبارات الهجوم الإرهابي في مدينة بولدر بولاية كولورادو الأميركية، والذي أسفر عن إصابة عدد من الأشخاص.
وشددت وزارة الخارجية، في بيان لها، على أن دولة الإمارات تعرب عن استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية والإرهابية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف الآمنين.
وأعربت الوزارة عن تمنياتها بالشفاء العاجل لجميع المصابين، كما أكدت على تضامن دولة الإمارات مع الحكومة الأميركية والشعب الأميركي الصديق.

أخبار ذات صلة فلاي دبي أول ناقلة إماراتية تدشن رحلاتها إلى دمشق منصور بن زايد يبدأ غداً زيارة رسمية إلى دولة الكويت الشقيقة المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • حماس تثمن اعترافات المتحدث السابق باسم الخارجية الأمريكية عن جرائم الاحتلال
  • الإمارات تدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في ولاية كولورادو الأمريكية
  • بعد الضربة القاسية.. ماذا تحضر موسكو للرد على كييف؟
  • الإمارات تدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في ولاية كولورادو الأميركية
  • رئيس المخابرات التركية يناقش مع حماس مقترحات الهدنة وتبادل الأسرى
  • لقاء قطري مع قادة حماس لبحث المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار
  • “الأورومتوسطي”: الفيديو الذي نشرته “اسرائيل” لتبرير مذبحة رفح صورته في خان يونس
  • مجزرة ويتكوف.. اتهامات للمبعوث الأمريكي بالتسبب في مذبحة المساعدات برفح
  • إن بي سي: معارضة الحرب تتصاعد بصفوف جيش الاحتلال
  • حماس تسلّم ردها على المقترح الأمريكي بوقف الحرب في غزة