نور الدين جهانكير.. قصة السلطان الهندي الذي تزوج 20 امرأة واقتلع عيني ابنه
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
يصادف اليوم ذكرى وفاة جهانكير خان، المعروف أيضًا بنور الدين سليم، وهو واحد من الأباطرة المشهورين في سلالة المغول الذين حكموا الهند في القرن السابع عشر.
عندما تسلم العرش بعد وفاة والده، اختار لنفسه لقبًا ملكيًا فريدًا وأطلق على نفسه اسم "جهانكير". هذا الاسم مشتق من اللغة الفارسية ويتكون من قسمين، "جهان" الذي يعني العالم، و"كير" الذي يعني القابض، مشيرًا إلى سيطرته على العالم أو فتحه لمناطقه.
ولد نور الدين في 20 سبتمبر 1569م، وتولى حكم الهند عندما كان في السادسة والثلاثين من عمره في عام 1605. كان الملك الرابع في سلالة المغول واستمر في حكم الهند حتى وفاته عندما بلغ من العمر 58 عامًا في 8 نوفمبر 1627.
حصل نور الدين على تعليم رفيع المستوى وكان يجيد العديد من اللغات مثل الفارسية والعربية والتركية والأردية. درس مبادئ العلوم مثل الرياضيات والجغرافيا والدين، وكان مهتمًا أيضًا بالأدب وعلوم الطبيعة. كان لديه رؤية إنسانية لتحقيق العدالة الاجتماعية في بلد يتميز بتنوع الأعراق والثقافات.
على الرغم من إدمانه شرب الخمر والذي كان يشربه صباحًا ومساءً، إلا أنه بدأ عهده بقوة. اتخذ قرارات حاسمة فور توليه العرش، وأظهر حزمًا في تطبيق العقوبة على ابنه خسرو المتمرد، حيث أمر بتشويه واقتلاع عينيه. وعلى الرغم من ذلك، أصدر عفوًا عامًا للمشاركين في تمرد ابنه، وفقًا لما ذكرته جريدة الاتحاد الإماراتية.
أصدر جهانكير أيضًا أول دستور للدولة في ذلك الوقت، والذي كان يتضمن 12 توصية لتعزيز الأمن في البلاد وتوفير الرعاية الصحية للشعب في شبه القارة الهندية. كان من بين أبرز سمات حكمه "سلسلة العدالة"، وهي سلسلة ذهبية مؤلفة من 9 أجراس من الذهب الخالص. إذا كان هناك أي ظلم يحدث لأحد المواطنين، كان يذهب بنفسه ويبحث الحالة ومعاينتها.
جهانكير أصدر العديد من القرارات الحاسمة عند توليه العرش، وكان يتمتع بالحزم في تنفيذ العقوبات، حتى لدى مواجهته لتمرد ابنه "خسرو"، حيث أصدر قرارًا بفقدانه لبصره واقتلاع عينيه. وعلى الرغم من ذلك، أبدى جهانكير التسامح وأصدر عفوًا عامًا للمشاركين في التمرد.
واهتم جهانكير بتطوير البنية التحتية للدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية. أصدر أول دستور في الهند في ذلك الوقت، والذي احتوى على 12 توصية تهدف إلى تعزيز الأمن وتحسين الرعاية الصحية للشعب. ومن بين الإصلاحات التي قام بها كانت "سلسلة العدالة"، والتي تشكلت من سلسلة ذهبية تحتوي على 9 أجراس من الذهب الخالص. عندما يتعرض أي شخص لظلم، كان يذهب جهانكير شخصيًا لمعاينة الحالة وفحص الظلم المزعوم.
باختصار، جهانكير خان، المعروف أيضًا باسم نور الدين سليم، كان إمبراطورًا مغوليًا بارزًا حكم الهند في القرن السابع عشر. كان لديه رؤية إنسانية واهتمام بالعدل الاجتماعي، وقام بإصدار قرارات حاسمة وإصلاحات هامة خلال فترة حكمه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نور الدين اللغة الفارسية علوم الطبيعة
إقرأ أيضاً:
من معركة دِفَا وصمود مرباط صُنع مجد "11 ديسمبر"
د. محمد بن خلفان العاصمي
في 11 ديسمبر 1975 وقف السُّلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ببزته العسكرية التي لم يخلعها منذ توليه الحكم؛ ليُعلن انتهاء ما عُرف وقتها بـ"ثورة تحرير ظفار والخليج العربي" المدعومة من المعسكر الشيوعي العالمي، وزفَّ بشرى اندحار قوى الأطماع وهزيمتها وانتصار قواتنا المُسلحة عليهم؛ لتُسطِّر فصلًا خالدًا من فصول الشرف والفخر والاعتزاز، الذي رافق العُماني منذ الأزل، وفي خطاب النصر زفَّ بطل النصر وفارسه البُشرى لكل أبناء عُمان عندما قال "أيها المواطنون.. إنني أحيي تجمعكم الحماسي هذا وأهنئكم تهنئة العزة والكرامة، على اندحار أذناب الشيوعية من تراب وطننا العزيز".
ما بين بداية الحرب وبين هذا اليوم المشهود والذي أصبح يومًا لقوات السلطان المسلحة الباسلة في كل عام، سُطَّرت بطولات وطنية وتضحيات جسيمة قدمتها القوات المسلحة وقوات الفرق الوطنية في جبال ظفار الشامخة وسهولها ومدنها وقراها، ووقف أبناء ظفار يدًا بيد مع القوات المسلحة رافضين أن تكون بوابة عبور لصراع دولي وأطماع تغطت بشعارات زائفة وأهداف خفية ومخططات شيطانية، لقد أعلن السلطان الراحل بكل صراحة أنَّ عُمان دافعت عن أرضها وعن جيرانها وعن المنطقة بأسرها في هذه الحرب الغادرة.
في حرب ظفار سطَّرت قوات السلطان المسلحة ملاحمَ لن ينساها التاريخ، ولعلنا نستذكر في هذا المقال حدثين ساهما في تحقيق النصر المؤزر، وأنقذا البلاد من هذا المخطط الغادر، هذان الحدثان كانا حاسميْن في حرب ظفار إلى جانب حِنكة القائد ودعم الأصدقاء، ففي فجر 19 يوليو 1972 نفَّذت قوات الجبهة هجومًا على ولاية مرباط بغية استعادة السيطرة على أهم المواقع، واصطدمت مع الحامية قرب حصن مرباط التي صدَّت الهجوم بمساندة أبناء مرباط المُخلِصِين. هذا الهجوم الذي لو تمَّ لغيَّر ملامح الحرب وأطال مداها، لما سوف يُحدثه من تفوق عسكري ونفسي واستراتيجي لقوات العدو، فبعد نجاح قوات السلطان المسلحة في قطع خط الإمداد والشريان الذي كان يغذي العدو، وتمكن قواتنا الباسلة من استعادة العديد من المواقع والقرى التي كانت قد سقطت في أيام الحرب الأولى، كان لابد من أن يستجمع العدو قوته ليضرب ضربته الأخيرة.
وفي معركة مرباط أثبت أبناء هذا الوطن العزيز أن العقيدة الوطنية وتراب هذا الوطن غير قابلين للمساس، ونجحت قلة منهم بعقيدتها وعزيمتها في صد هذا الهجوم المتفوق عددًا وعتادًا والصمود أمامه وقهره. ويرى كثير من المؤرخين أنَّ هذه المعركة كانت الأهم بين سلسلة المواجهات التي شهدتها حرب ظفار، فقد كانت بداية النهاية لأطماع العدو، وكانت المعركة التي حولت الحرب إلى سلسلة انتصارات متتالية، وما بعد هذه الحرب كان السقوط المعنوي الشديد لقوات العدو التي راحت تندحر وتتراجع من مواقعها، وفقدت معها القدرة على لم شتاتها وإعادة تنظيمها، لقد كانت معركة مرباط نقطة التحول التي صنعتها قواتنا المسلحة في هذه الحرب الصعبة.
أما الحدث الثاني فكان في أواخر عام 1975، وكان في إحدى مدن سلطنة عُمان الشامخة وبوابتها الجنوبية التي تقف شامخة في جبال ظفار، معركة صرفيت أو ما تعرف محليًا بـ"دِفا"، وهي المعركة الأخيرة التي غرست آخر خنجر عُماني في قلب العدو الطامع الغادر؛ ففي هذه المعركة سقط آخر معاقل الشيوعية، وانتهت معها أحلامهم في التوسُّع والدخول للخليج العربي من بوابة سلطنة عُمان. وفي هذه المعركة سَطَّرت- مرة أخرى- قوات السلطان المسلحة وقوات الفرق ملاحم البطولات والتضحيات في ميادين العزة والشرف، ووقفت في وجه مخطط أراد أن يعصف بالمنطقة أجمع؛ فكانت عُمان مقبرة الغُزاة، وكان رجالها البواسل حائط صد تكسَّرت عند أساساته أحلام المغرورين. لقد انتصرت قواتنا المسلحة في هذه المعركة وسلَّمت البقية الباقية من العدو أسلحتها وخضعت، ليُعلن السلطان قابوس في يوم 11 ديسمبر 1975 وعبر خطاب النصر، انتهاء واحدة من أقسى الحروب وأصعبها، ليُسجِّل تاريخ عُمان الحديث ملحمةً تاريخيةً خالدةً مُرصَّعة بالفخر والشرف.
يوم قوات السلطان المسلحة- والذي يصادف 11 ديسمبر من كل عام- قد لا تعرف بعض الأجيال الحالية ما يعنيه؛ فهو ليس تاريخًا عابرًا؛ بل هو يوم تحققت فيه إرادة الشعب وإخلاص القائد الشاب الذي استلم الحكم في ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة جدًا، لكنه كان يُدرك ما يحدث ويعلم أن هذه المرحلة مفصلية لبقاء الدولة واستمرارها أو نهايتها واندثارها، فما من خيار سوى المواجهة ولا نتيجة مقبولة سوى الانتصار. ولكم أن تتخيلوا ما يعني كل ذلك في تلك الفترة الزمنية الصعبة، ولكن بعزيمة وإصرار وإرادة الأوفياء وحنكة القيادة عبرت سلطنة عُمان من أصعب اختبار واجهته في تاريخها الحاضر؛ فالعدو الخارجي عبارة عن تحالف دولي قوي يسيطر على نصف العالم وقتها.
لا بُد من ربط الأجيال بماضي بلادنا وتاريخها المجيد؛ فهذه المناسبات ليست تاريخًا يعبر ويومًا يمضي؛ بل هي وثائق تاريخية تُفتح كل عام، وكما كان نهج القائد الخالد في تعظيم دور قوات السلطان المسلحة، سار على نفس النهج حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- والذي أولى عنايته الكريمة للقوات المسلحة منذ اليوم الأول لتولي مقاليد الحكم، وراح يرسم صورة جديدة مُشرقة لدرع الوطن وحماته؛ لأنه يُدرك أن السلام يُرعى بالاستعداد وأن حمايته تتطلب قوة وقدرة على مواجهة ما يعترضه من تحديات وأحداث، خاصة في هذا الوقت الذي تمر فيه المنطقة والعالم بصراعات تهدد آمنه واستقراره.
هذا هو يوم 11 ديسمبر لمن لا يعرف معناه، وكما قال السلطان قابوس "أيها المواطنون.. إنَّ انتهاء فلول الشيوعية من جبال ظفار ليس معناه انتصارًا على شراذم قليلة قاموا بالبغي والفساد فحسب، ولكنه كشف واضح لحقيقة ثابتة وهي أن عُماننا العزيزة أرض طاهرة لا تقبل بذور الحركة الشيوعية مهما حشدوا لها من طاقات، وانتصارنا هذا يُؤكد فشل الحركة الشيوعية في عُمان وذلك من فضل الله.. ولله المنة".
فلتمضِ المسيرة المباركة والنهضة المتجددة على خطى البطولات والإنجازات لتُعانق الأجيال الجديدة ماضي هذا الوطن العزيز.
رابط مختصر