آراء الأحزاب الكردية حول رئيس الوزراء العراقي والعلاقة مع إقليم كردستان
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
نوفمبر 9, 2023آخر تحديث: نوفمبر 9, 2023
المستقلة/- تعترف الأحزاب السياسية الكردية في الإقليم صراحة بحجم الضغوط التي يتعرض لها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في العديد من الملفات الشائكة، مشيرة إلى أنَّ عامل التوازن يعتمد على تفعيل القرارات والبنود المتعلقة بالإقليم.
وأوضحت رئيسة كتلة الجيل الجديد في مجلس النواب النائبة سروة عبد الواحد أنَّ “شخصية السوداني المتمثلة بالإطار ومن يدعمونه في هذه الحكومة لا تخلق مشكلات مسبقة مع أحزاب كردستان”، مشيرة إلى أنَّ “هذا ساعد على توازن العلاقة إلى حد ما بين أربيل وبغداد”.
وأضافت عبد الواحد، في حديث لصحيفة”الصباح” تابعته المستقلة، أنَّ “الأحزاب التي تشكلت منها الحكومة هي المسؤولة عن عرقلة الاتفاقات بين بغداد وأربيل وليس رئيس الوزراء”، مبينة أن “السوداني بصفته رئيساً للسلطة التنفيذية فإن صلاحيته محددة قانوناً في تنفيذ بنود هذه الاتفاقيات”.
من جهته، رأى عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني صبحي المندلاوي، في حديث لـ”الصباح”، أنَّ “حكومة السوداني جاءت نتيجة اتفاق إدارة الدولة، وللكرد دور كبير في إنقاذ العملية السياسية المتمثل بشخص الرئيس مسعود بارزاني، وبالتالي تم الاتفاق على خارطة وبرنامج عمل على إثره اتفق السوداني”.
وأشار المندلاوي إلى أنَّ “العلاقة بين بغداد وأربيل جيدة في جميع الأحوال ونحن جزء فعال من هذه الحكومة، ولكن بالتأكيد هناك ضغوطات داخلية وخارجية تمارس على السوداني وهي تؤثر في سير الاتفاق بين الإقليم وبغداد”.
وفيما يخص الأمور المالية، أوضح المندلاوي أنه “لا شك في أنَّ عدم تطبيق بنود الموازنة بشكل واضح وخلق أعذار لها حسابات غير صحيحة أديا إلى إرباك العلاقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية”، لافتاً إلى أن “إصرار حكومة الإقليم بشخص مسرور بارزاني وأيضاً دور رئيس الوزراء السوداني في تذليل الاختلافات والوصول إلى توافق، كان يصب بمصلحة جميع العراقيين”.
وأردف عضو الديمقراطي الكردستاني أنه “في جميع الأحوال قامت حكومة السوداني ببعض الخطوات المهمة وهي تسير بالاتجاه الصحيح، لكن حجم الأزمات ووضع العراق لا يحل في عام أو اثنين والمهم أن تكون هناك إرادة سياسية وتوافق على السير قدماً نحو تذليل الصعوبات”.
من جهتها، قالت عضوة الاتحاد الوطني الكردستاني ريزان شيخ دلير: إنَّ “بعض المشكلات في تزايد بسبب قرارات المحكمة الاتحادية التي أثرت في العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم”، مبينة أن “بعض الأحزاب السياسية المكونة للحكومة كان لها تأثير كبير في الدفع نحو علاقة غير متوازنة مع الإقليم”.
وأضافت أنه “على الرغم من جهود رئيس الوزراء فبعض القوانين المتعلقة بإقليم كردستان لاتزال معلقة وهي تنسحب سلباً على الموظفين في الإقليم مثل تعطيل مشروع تسمية حلبجة محافظة”.
رئيس حزب المحافظين الكردستاني نجاة عمر آغا سورجي نفى تراجع موقف رئيس الوزراء محمد السوداني عن تعهداته بإنهاء المشكلات مع الإقليم”.
وقال سورجي في حديث إلى “الصباح”: إنَّ “السوداني رجل دولة ويسير في أداء متوازن وقد نشهد تقدماً في الكثير من الملفات خصوصاً بين بغداد وإقليم كردستان إن استمر في موقعه الحالي لفترة أطول”.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: رئیس الوزراء إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف سيتجاوز رئيس الوزراء السوداني الجديد حقول الألغام المحيطة به؟
لو أنّ رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، فتح نوافذ السيارة التي استقلها في طريقه من المطار الواقع جنوبي مدينة بورتسودان إلى وسطها، لسمع هدير مولدات الكهرباء، التي تنتشر في أنحاء هذه المدينة التي تمثّل العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، وذلك لمواجهة مشكلة الانقطاع الحاد والمتكرر للتيار الكهربائي، التي يعاني منها السكان هناك.
ولو تمعّن إدريس، الذي وصل للتوّ إلى هذه المدينة لتولّي مهام منصبه، في المشهد، لرأى العديد من المدارس والجامعات الواقعة على جانبي الشارع الذي سلكه موكبُه، وقد تحولت إلى مراكز لإيواء النازحين الفارّين من ويلات الحرب.
كما كان سيتسنى له أن يلاحظ بوضوح خزانات الوقود الضخمة، المدمَّرة والمحترقة، على الجانب الأيمن من الطريق الرئيسي، والتي تعرضت للاستهداف من قبل قوات الدعم السريع، باستخدام الطيران المُسيّر قبل نحو أسبوعين.
وقد تشكل هذه المشاهد -إنْ كان قد رآها – مؤشراً لما ينتظره من تحديات جسيمة ومشكلات معقدة، منذ اللحظة التي قبِل فيها المنصب، الذي عيّنه فيه رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان.
تصريحات إدريس -على الأقل- توحي بأنه على دراية بحجم التحديات التي سيتعين عليه مواجهتها؛ إذ قال عقب أدائه اليمين الدستورية أمام البرهان: “سأكرّس كل وقتي وجهدي من أجل أن ينعم المواطن السوداني بحياة كريمة”.
وفي مستهل أنشطته بعد أداء القسم، التقى إدريس المبعوث السويسري الخاص لمنطقة القرن الأفريقي سيلفان أستير.
ولد كامل إدريس، الذي يشارف الآن على الـ 70 من عمره، في قرية الزورات في أقصى شمالي السودان، حيث تعيش المجتمعات النوبية السودانية.
وحصل على بكالوريس الحقوق من جامعة القاهرة، وليسانس الفلسفة من جامعة الخرطوم، قبل أن ينال درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف في سويسرا.
وتقلّد إدريس العديد من المناصب المرموقة في منظمات تابعة للأمم المتحدة، مثل الأمين العام للملكية الفكرية ” الوايبو”، ورئيس الاتحاد الدولي لحماية المصنّفات النباتية، وعضو لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي.
لم يعرَف لهذا الرجل انتماء حزبي واضح، لكنه صاحِب طموح سياسي، إذ سبق أن ترشح لمنصب رئيس الجمهورية، في الانتخابات التي أُجريت عام 2010 ضد الرئيس السوداني وقتذاك عمر البشير، وذلك في اقتراع كانت قوى المعارضة الرئيسية قد قاطعته، وفاز فيه البشير باكتساح.
ولرئيس الوزراء السوداني الجديد، إسهامات سابقة في الحياة السياسية في بلاده، عندما نجح في التوسط في عام 1999، بين رئيس الوزراء السابق، الصادق المهدي، وزعيم المعارضة التاريخي، وقتها حسن الترابي، في مدينة جنيف السويسرية.
تعيين رئيس الوزراء الجديد في السودان، يأتي في وقت تشهد فيه البلاد حرباً دامية ومستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عامين، أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد ما يزيد على 14 مليون شخص من ديارهم، إلى جانب إلحاق دمار هائل وغير مسبوق بالبنية التحتية، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
ويرى رئيس تحرير صحيفة الشعب الإلكترونية، أسامة عبد الماجد، أن أمام رئيس الوزراء الجديد ثلاث مهام رئيسية: تأمين “معاش الناس” من خلال توفير الغذاء، والمياه الصالحة للشرب، والخدمات الصحية، بالإضافة إلى تحقيق الأمن والتنمية.
ويضيف: “الطريق أمام كامل إدريس ليس مفروشاً بالورود، فهناك حزمة من التحديات، سواء الاقتصادية أو الأمنية، إلى جانب الظروف الإقليمية والدولية المحيطة بالسودان. لكن تظل الأولويات الثلاث كما ذكرت هي معاش الناس، والأمن والتنمية”.
وظلّ منصب رئيس الوزراء شاغراً، منذ أن أطاح البرهان بالحكومة الانتقالية التي كان يرأسها عبد الله حمدوك، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021.
وقبيل وصول إدريس إلى بورتسودان، ألغى البرهان توجيهات سابقة، كانت تمنح أعضاء مجلس السيادة، صلاحية الإشراف على الوزارات والوحدات الحكومية، وهو ما يمنح رئيس الوزراء صلاحيات أوسع.
ويرى عبد الماجد، أن فرص نجاح إدريس في أداء مهامه تبدو كبيرة، نظراً لإلمامه باهتمامات السودانيين، قائلاً: “الفرصة أمامه أكبر، خاصةً أنه يدرك جيداً ما يريده الناس، وله خبرة سابقة حين ترشح للرئاسة في انتخابات 2010”.
وعلى النقيض من ذلك، ترى الكاتبة الصحفية شمائل النور، أن مهمة إدريس مليئة بـ”المطبّات”، وتعتبر أن فرص نجاحه ضعيفة للغاية، لكنها غير منعدمة.
وتوضح شمائل النور في حديثها لبي بي سي، بالقول “الوضع الحالي لا يسمح بقيام حكومة مدنية أو انتقال ديمقراطي، كما يُروّج، في ظل استمرار الحرب”.
وترى شمائل النور، أن التحدي الأكبر أمام إدريس يتمثل في غياب التوافق، قائلة إن رئيس الوزراء الجديد “لم يأتِ باتفاق أو إجماع، بل إن الحليف الرئيسي للجيش، وهي القوات المشتركة، تعارض تشكيل الحكومة في الوقت الراهن. وأبرز المعارضين هو رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، ما يعني أن رئيس الوزراء لن يعمل في أجواء سلِسة، بل سيواجه عراقيل كثيرة”.
ومع ذلك، تستدرك الصحفية بقولها: “قد ينجح إدريس فقط، إذا ركّز على الجانب التنفيذي، وأحجم عن التدخل في الشأن السياسي، أو محاولة الضغط على الجيش للدخول في مفاوضات مع الدعم السريع”.
منذ أن نفذ قادة الجيش، بالاشتراك مع حليف الأمس -وعدوّ اليوم- قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، الانقلاب على الحكومة المدنية في أكتوبر/تشرين الأول 2021، عاد السودان للعُزلة الدولية، بعد أن اعتبرت الأمم المتحدة أن ما حدث يمثل انقلاباً عسكرياً، كما علَّق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان فيه.
وسعت الحكومة السودانية، التي لا تزال تخوض حرباً ضارية ضد قوات الدعم السريع، إلى إنهاء تجميد عضوية السودان، لأكثر من مرة، لكنْ دون جدوى.
ويعتبر رئيس تحرير صحيفة الشعب الإلكترونية، أن رئيس الوزراء الجديد يمكنه أن يُسهم، بحكم علاقاته الدولية، في إعادة السودان إلى وضعه الطبيعي، مع الوضع في الاعتبار أن منظمَتَي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي رحبّتا بقرار تعيينه.
غير أن الكاتبة الصحفية شمائل النور ترى أن البرهان عيّن إدريس في منصب رئيس الوزراء، ليتمكن عبره من مخاطبة المجتمع الدولي وفَك العُزلة، قائلة “إذا أراد الجيش أن يعود لطاولة المفاوضات، فإن رئيس الوزراء هو الأنسب لمخاطبة المجتمع الدولي، لما له من ارتباطات دولية، وبالتالي، يمكن اعتبار تعيينه مؤشراً على رغبة الجيش في وقف الحرب عبر التفاوض”.
وفي كل الأحوال، يتعيّن على رئيس الوزراء الجديد في السودان، تشكيل حكومة منسجمة ورشيقة، لتضطلع بدورها في التعامل مع التحديات الهائلة التي تواجهها.
ولكن لا يبدو أن تحقيق هذا الهدف سيكون يسيراً، على ضوء أن الفصائل المسلحة والقوى السياسية التي ظلت مساندة للجيش في حربه ضد قوات الدعم السريع -ومن بينها كتائب البراء بن مالك، ذات التوجهات الإسلامية والمحسوبة على نظام الرئيس المعزول عمر البشير- تبحث عن موطئ قدم لها داخل التشكيل الوزاري، في ظل تأكيدات البرهان نفسه في أوقات سابقة أنه لن ينسى كل الفصائل التي قاتلت معه، وفي ظل إشارته إلى أن هذه الفصائل ستكون مُمثَّلة في أي حكومة مستقبلية يتمّ تشكيلها.
محمد محمد عثمان – بي بي سي نيوز عربي
إنضم لقناة النيلين على واتساب