تأخير إخراج النصوص التنظيمية لقانون الهيدروكاربور يشعلها بالغرفة الثانية وزريكم: إخراج هذه النصوص سيحل مشاكل واختلالات القطاع
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
أخبارنا المغربية - محمد اسليم
يبدو أن تأخير اخراج النصوص التطبيقية الخاصة بقانون الهيدروكاربور 67.15 لم يعد مقبولا من طرف الهيئات التشريعية، وهو ما ظهر بشكل جلي بمجلس المستشارين في جلسة أمس الثلاثاء 7 نونبر الجاري حيث اعتبرت مستشارة برلمانية عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن تأخر الحكومة في إصدار النصوص المذكورة يطرح أكثر من علامة استفهام وسبخس دور السلطة التشريعية، وبحماية للوبي المهيمن على القطاع خصوصا وأن الأشخاص العاديين لا يمكنهم فتح محطات على الأراضي التي يملكونها دون توقيع عقود وصفتها بـ"الإذعانية" مع الشركات المسيطرة على القطاع.
وارتباطا بقطاع المحروقات دائما اعتبر يحفظ بنمبارك عن الفريق الحركي بمجلس المستشارين في ذات الجلسة، أن ما يشهده سوق المحروقات في المغرب من تقلبات، له تداعيات تعود بالسلب على القدرة الشرائية للمواطنين، متحدثا عما وصفه بالضبابية في رؤية الحكومة على مستوى تدبير السوق، معتبرا أنها “لا هي قادرة على تقنين السوق ولا هي قادرة على تقديم بدائل ناجعة لدعم القدرة الشرائية”.
من جهته اعتبر جمال زريكم رئيس الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب في اتصال في تصريح خص به أخبارنا المغربية أن إخراج النصوص التنظيمية لقانون الهيدروكاربور كان ومازال مطلبا أساسيا للجامعة الوطنية منذ صدور القانون بالجريدة الرسمية منذ ما يقارب 8 سنوات، واضاف زريكم: "اشتغلنا مع الوزراء السابقين على إخراج هذه النصوص في إطار لجنة مشتركة بين الجامعة والوزارة وباقي الفاعلين في القطاع، لكن بعد تعيين الوزيرة الحالية، ليلى بنعلي، توقفت أشغال هذه اللجنة، وقمنا بمراسلة الوزارة عدة مرات لإخراج هذه النصوص، خاصة أن الوزيرة قدمت عدة وعود تحت قبة البرلمان منذ تعيينها قبل سنتين، بأنها ستعمل على إخراج هذه النصوص... وفعلا - يؤكد المتحدث - تجاوبت السيدة الوزيرة مع مطلبنا وتم تشكيل لجنة عمل مشتركة من جديد عقدت اجتماعين بمقر الوزارة، حيث قدمنا مقترحاتنا بخصوص هذه النصوص، لكن لحدود الآن لم نتوصل بالصيغة النهائية للمشاريع، لذلك نجدد طلبنا للوزارة بتسريع إخراج هذه النصوص وتطبيقها لأنها ستساهم في حل الكثير من المشاكل والاختلالات التي يعرفها سوق المحروقات، وتتعلق أساسا بتعزيز المراقبة على الجودة ووضع حد لبعض الممارسات التي تضرب قواعد المنافسة الشريفة وأسس جودة المنتوجات، وتتجلى في مراقبة وتتبع مسار المحروقات لمحاصرة ما يتم تسويقه بالسوق السوداء والتي يجهل مصدرها..." يقول رئيس الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب.
من جهتها وفي ردها على أسئلة السادة المستشارين في جلسة أمس الثلاثاء دائما، كشفت أن تفعيل قانون الهيدروكاربور مرتبط بالنصوص التنفيذية، والتي عرفت مجموعة من الاكراهات، مؤكدة أنه تم بالفعل عقد العديد من اللقاءات التشاورية بهذا الصدد حيث تم أحداث لجنة مشتركة في يناير 2023، مكونة من قطاع الطاقة ووزارة المالية والجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب وتجمع النفطيين المغاربة إلى جانب فيدرالية الطاقة من أجل إعداد النصوص التطبيقية، والتي تمت احالتها على الأمانة العامة للحكومة في 18 أكتوبر 2023، بحيث تم عقد الاجتماعات ال أولية مع الأمانة العامة للحكومة مؤكدة انه سيتم تقديمه في القريب العاجل...
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
غابات الأركان بالمغرب.. كنز بيئي واقتصادي يواجه تحديات
يتدفق زيت الأركان بين أصابعك كالذهب السائل، مرطِبا وفاتنا، ومجدِدا. يُقدَر هذا الزيت عالميا كعامل تجميلي شديد الأهمية، وهو أكثر من ذلك في المغرب، إذ يعد شريان حياة للنساء الريفيات، ومنتجا ثانويا لغابات تنهار ببطء تحت وطأة الطلب المتزايد والتغير المناخي والرعي العشوائي.
فوق طواحين حجرية تجلس النسوة في إحدى التعاونيات المحلية بمنطقة الصويرة المغربية ويطحنّ حبوب الأركان ويوفرن كيلوغراما واحدا خلال يومين ويكسبن نحو 3 دولارات، وهو ما قد يكفي لتأسيس موطئ قدم متواضع في اقتصاد تندر فيه الفرص. كما تربطهن هذ الحرفة سنوات وأجيال سابقة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نبتة ورد النيل.. "لص المياه" الذي يهدد البيئة والزراعة في مصرlist 2 of 2الكوارث الطبيعية تهدد ألفي نوع من الكائنات بالانقراضend of list"وُلِدنا وترعرعنا هنا. هذه التقاليد نابعة من الطبيعة، مما علمنا إياه آباؤنا وأجدادنا، وما ورثناه عنهم"، هذا ما تقوله فاطمة منير، العاملة في التعاونية.
لطالما كان زيت الأركان عنصرا أساسيا في الأسواق المحلية المغربية، وهو اليوم يُستخدم في المنتجات الفاخرة للعناية بالشعر والبشرة، التي تملأ أرفف الصيدليات ومراكز التجميل حول العالم.
إلا أن هذه الشعبية الجارفة التي توفر عوائد اقتصادية هامة تُهدد غابات الأركان نفسها، إذ يُفاقم الإفراط في الحصاد جفاف أشجار كانت تُعتبر في السابق صامدة في وجه أقسى الظروف والرعي الجائر.
وتقول حفيظة الحنطاتي، صاحبة إحدى التعاونيات التي تقوم بجمع الثمار وعصرها للحصول على زيت الأركان الثمين، "إن المخاطر تتجاوز الأشجار، مما يهدد التقاليد العزيزة، مضيفة أنه يجب أن نعتني بهذه الشجرة ونحميها لأنه إذا فقدناها، فسوف نفقد كل ما يميزنا وما لدينا الآن".
منذ قرون، دعمت أشجار الأركان الحياة في التلال القاحلة بين المحيط الأطلسي وجبال الأطلس، حيث كانت مصدر الغذاء للناس والحيوانات، وحافظت على التربة في مكانها، وساعدت في منع التدهور البيئي وصدت انتشار رمال الصحراء.
إعلانتستطيع هذه الأشجار الشوكية التكيف والبقاء في مناطق يقل فيها معدل هطول الأمطار السنوي عن 25 ملليمترا، وتتحمل درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية. تتحمل الجفاف بجذور تمتد حتى عمق 35 مترا تحت الأرض.
لكن الغابة تقلصت والأشجار أقل ثمارا، وأغصانها متشابكة من العطش. في أماكن كثيرة، حلت محلها الأراضي المزروعة، مع اتساع حقول الحمضيات والطماطم، المزروعة في كثير منها للتصدير.
كانت المجتمعات المحلية تُدير الغابات جماعيا، وتضع قواعد الرعي والحصاد. أما الآن، فقد بدأ النظام بالتآكل، حيث تُبلّغ السلطات عن سرقات متكررة، فالغابة التي غطت حوالي 14 ألف كيلومتر مربع مع مطلع القرن، تقلصت بنسبة 40%. ويحذر العلماء من أن أشجار الأركان ليست منيعة رغم تجذرها.
وتقول زبيدة شروف، وهي خبيرة كيميائية في جامعة محمد الخامس بالرباط وباحثة في خصائص أشجار الأركان: "نظرا لأن أشجار الأركان كانت بمثابة ستار أخضر يحمي جزءا كبيرا من جنوب المغرب ضد زحف الصحراء، فإن اختفاءها البطيء أصبح يُعتبر كارثة بيئية".
كما يعد تغير المناخ جزءا من المشكلة، فالثمار والأزهار تنبت مبكرا كل عام، إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى اختلال تزامن الفصول.
أما الماعز التي تتغذى من أوراق هذه الأشجار، فقد تساعد على نشر البذور لكنها قد تكون مدمرة أيضا، خاصة إذا تغذت على الشتلات قبل نضجها. وقد ازداد الرعي الجائر سوءا، مع هروب الرعاة وجامعي الفاكهة من المناطق الأكثر جفافا وتجاوزهم الأراضي المخصصة لعائلات محددة.
وتواجه الغابات أيضا تهديدات من الإبل التي يربيها أثرياء المنطقة، ويقول شروف إن الإبل تمدّ أعناقها نحو الأشجار وتقضم أغصانا كاملة، مخلفة أضرارا دائمة.
رغم ما يحيط بغابات الأركان من مخاطر، ما زالت النساء الريفيات يقمن بتقشير حبات الأركان وتكسيره وعصره للحصول على زيته في مئات الجمعيات التعاونية. ويمر الكثير منه عبر وسطاء ليُباع كمنتجات لشركات وفروع شركات "لوريا" و"يونيليفر" و"إستي لودر" العملاقة.
لكن العمال يقولون إنهم يكسبون القليل، بينما يشاهدون الأرباح تتدفق إلى الخارج. وتقول التعاونيات إن جزءا كبيرا من الضغط ينبع من ارتفاع الأسعار، إذ تُباع زجاجة لتر واحد مقابل 600 درهم مغربي (نحو 60 دولارا)،، بينما كانت تباع بنحو 2.5 دولار قبل نحو 3 عقود.
وتُباع المنتجات المُضاف إليها زيت الأركان أيضا بأسعار أعلى في الخارج. وتُصنف شركات مستحضرات التجميل زيت الأركان على أنه أغلى زيت نباتي في السوق.
خلال السنوات الماضية، أدت جائحة فيروس كورونا إلى تقلبات حادة في الطلب العالمي والأسعار، وأغلقت العديد من التعاونيات أبوابها. ويقول قادة التعاونيات إن منافسين جددا غمروا السوق في الوقت الذي أدى فيه الجفاف إلى انخفاض كمية الزيت التي يمكن عصرها من كل ثمرة.
أُنشئت التعاونيات لتوفير أجر أساسي للنساء وتقاسم الأرباح شهريا، لكن رئيسة اتحاد تعاونيات الأركان النسائية، جميلة عيد بوروس، قالت إن قلة منهن يتقاضين أكثر من الحد الأدنى للأجور الشهرية في المغرب.
إعلانوأضافت أن الأشخاص الذين يبيعون المنتج النهائي هم الذين يكسبون المال، كما أن الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة تستخدم قيمتها وشهرتها لتحديد الأسعار واستبعاد الآخرين.
من جهتها، تؤكد خديجة ساي، وهي مالكة مشاركة في جمعية "أجيورد" التعاونية، إن هناك مخاوف حقيقية بشأن الاحتكار. وتقول: "لا تنافسوا الفقراء على مصدر رزقهم الوحيد. عندما تأخذون نموذجهم وتُحسّنونه بفضل امتلاككم المال، فهذا ليس منافسة، بل تشريد".
ووفقا لبيانات من التعاونيات المحلية، تسيطر شركة "أولفيا" على 70% من سوق التصدير. وتقول التعاونيات إن قلة من المنافسين يستطيعون مجاراة قدرتها على تلبية الطلبات الكبيرة للعلامات التجارية العالمية. ولم يستجب ممثلو الشركة لطلبات التعليق من أسوشيتد برس.
على تلة تطل على المحيط الأطلسي، تتنقل شاحنة مياه حكومية بين صفوف الأشجار، وتتوقف لرش الأشجار الصغيرة التي بدأت للتو في الإنبات.
بدأ المغرب مشروع التشجير هذا عام 2018، بزراعة 100 كيلومتر مربع على أراض خاصة مُجاورة للغابات. وللحفاظ على المياه وتحسين خصوبة التربة، تُزرع أشجار الأركان بالتناوب مع الكبر، وهي تقنية تُعرف بالزراعة البينية.
وتتمثل الفكرة في توسيع الغطاء الحرجي وإثبات أن الأركان، إذا أُدير جيدا، يمكن أن يكون مصدر دخل مُجدٍ. ويأمل المسؤولون أن يُخفف ذلك الضغط على الأراضي المشاع المفرطة الحصاد، ويُقنع الآخرين بإعادة الاستثمار في هذه الأراضي. وكان من المتوقع أن تبدأ الأشجار بالإنتاج هذا العام، لكنها لم تفعل ذلك خلال فترة الجفاف.
تبرز قضية أخرى تتعلق بسلسلة التوريد. بين النساء في القرى والتعاونيات والمشتري النهائي، فهناك 4 وسطاء. كلٌّ منهم يأخذ نصيبه. ولا تستطيع التعاونيات تحمل تكاليف التخزين، لذا تبيع بأسعار زهيدة لمن يدفع مقدما، كما قال رئيس النقابة، عيد بوروس.
وسعت الحكومة إلى بناء مراكز تخزين لمساعدة المنتجين على الاحتفاظ ببضائعهم لفترة أطول والتفاوض على صفقات أفضل. وحتى الآن، تقول التعاونيات إن هذه الجهود لم تُجدِ نفعا، ولكن من المتوقع طرح نسخة جديدة منها في عام 2026 مع عوائق وصول أقل.