طبيب بريطاني يروي شهادته عما يجري في غزة: فيلم رعب حربي
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
شهر من الحرب في قطاع غزة المحاصر قضاه الطبيب البريطاني عبدالحماد، حتى إجلائه إلى بريطانيا، ليروي شهادته، مشبها الفترة التي قضاها بفيلم رعب من "أفلام الحرب العالمية الثانية".
وعمل الجراح عبدالحماد في غزة، خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي حديث قال الجراح عبدالحماد، إنه مكث في غزة نحو شهر حتى تم إجلاؤه، واصفا تلك الفترة بفيلم رعب من أفلام الحرب العالمية الثانية.
الطبيب البريطاني عبدالحماد، ولد في العراق وعاش في ليفربول البريطانية مدة 35 عاما، ووصل إلى غزة قبل يوم واحد من بدء الحرب لإجراء عملية زارعة الكلى، وشاءت الأقدار أن يشهد الحرب الضارية على القطاع.
وذكر الحماد، الذي يترأس مركز زراعة الأعضاء في مستشفى جامعة ليفربول الملكي (حكومي)، أنه يجري عمليات زراعة الكلى في غزة منذ 2023.
وأوضح أنه كان أول طبيب يجري عمليات زراعة الكلى في غزة، وأنه وصل إلى القطاع قبل يوم واحد من بدء الحرب حيث كان يعتزم إجراء عملية زراعة كلى في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
اقرأ أيضاً
"أطباء بلا حدود" تجدد دعوتها لوقف الهجمات الإسرائيلية على مستشفيات غزة
وأضاف أنه كان يجري العديد من عمليات زراعة الكلى في غزة التي يزورها عدة مرات في العام الواحد.
وقال الطبيب: "استيقظت صباح السابع من أكتوبر عند الساعة السادسة والنصف على صوت الانفجارات، واتصلت مباشرة بمستشفى الشفاء حيث سيتم إجراء العملية فيها لمعرفة ما يحدث في المدينة".
وأضاف أنه قيل له بأن كل شيء يبدو طبيعيا، لكن في الاتصال الثاني بعد نصف ساعة تم إخباره بأن المستشفى دخل في حالة الطوارئ.
وذكر أنه أمضى ذلك اليوم في أحد مباني الأمم المتحدة حيث تم نقله بعربة مدرعة خصصتها الأمم المتحدة.
وأمضى الحماد، نحو 10 أيام في مبنى الأمم المتحدة وسط غزة، ووصفها بأنها "الفترة الأكثر شعورا بالخطر على حياته".
وذكر الطبيب أن المباني التابعة لجامعة غزة الإسلامية التي كانت أمام مبنى الأمم المتحدة تعرضت لأضرار كبيرة، وأن المبنى الذي يمكث به كان يهتز والنوافذ تتحطم والشظايا تتطاير جراء الانفجارات حوله.
ولفت إلى وجود 25 شخصا أجنبي في المبنى الأممي، وأن أكثر من 100 شخص لجأوا إليه مع تزايد القصف.
اقرأ أيضاً
غزة.. الاحتلال يقصف مستشفيات الشفاء والإندونيسي والرنتيسي والنصر
وأوضح الطبيب البريطاني، أنه شاهد حجم الدمار الذي يحيط في المبنى خلال خروجه لجلب الأدوية اللازمة للأشخاص اللاجئين في المبنى، واصفا غزة بأنها "مدينة أصبحت غير معروفة بالنسبة له رغم زياراته المتكررة إليها منذ 10 سنوات".
وأوضح قائلا: "أعرف غزة جيدا، كنت قد تجولت فيها كثيرا خلال السنوات العشرة ولكن اليوم باتت مدينة لا يمكن التعرف عليها، بسبب الأضرار والحفر والدمار الذي لحق بها".
وتابع: "لم يتم تدمير مبنى واحد أو مبنيين، بل تم تدمير الحي بأكمله، واعتقدت أن الأمر يبدو وكأنه مشهد من فيلم بالأبيض والأسود عن الحرب العالمية الثانية".
وبعد 10 أيام من مكوثهم في المبنى الأممي جنوبا، غادر الحماد والأجانب الذين كانوا معه نتيجة القصف الإسرائيلي المكثف، حيث تم نقلهم إلى مبنى آخر للأمم المتحدة بالقرب من بوابة رفح الحدودية.
ويشرح الحماد، أن المبنى لم يكن مخصصا للإقامة فهو عبارة عن مبنى إداري ومستودعات، وأن حوالي 12 ألف شخص قدموا إلى المكان هربا من القصف الإسرائيلي.
وأضاف أن "المكان لم يحتو على مرافق للنظافة والمياه والطعام، واصفا الوضع بالكارثي وغير المناسب للعيش".
وذكر أنهم تناولوا الأطعمة مثل البسكويت لعدة أيام، مشيدا بالكرم الذي أظهره الناس في بيئة الحرب، "حيث كانوا يخاطرون بحياتهم ويخرجون لإحضار الطعام لنا".
اقرأ أيضاً
هنية: الاحتلال يرد على ضربات المقاومة باستهداف مستشفيات غزة
وذكر الحماد، أنه عبر والأجانب المدرجين على قائمة الأمم المتحدة بوابة رفح الحدودية وأصبحوا في موضع مفاوضات بين إسرائيل ومصر.
وأوضح أنهم تمكنوا من الخروج من غزة إلى المنطقة العازلة حيث بقوا يومين قبل العبور إلى مصر، معربا عن شعوره بالخجل لأنه أصبح آمنا في الوقت الذي بقي فيه الناس في وضع سيء في غزة.
وفيما يتعلق بالهجمات الإسرائيلية على المؤسسات الصحية، قال الطبيب إن العديد من الأشخاص الذي من المفترض إنقاذهم سيموتون، وهذا ما يثير غضبه كطبيب.
وشدد الحماد على أن الدعوة إلى وقف إطلاق النار واجب إنساني، وأنه في حال لم يتم معالجة جذور المشكلة فإن الأحداث ستتكرر مرة أخرى في المستقبل.
ومنذ أيام، يُصعد الجيش الإسرائيلي هجماته ضد مستشفيات قطاع غزة، ويشن غارات عنيفة أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، بالإضافة إلى حالة قلق كبيرة على مصير النازحين في تلك المستشفيات.
ومنذ 37 يوما، يشن الجيش الإسرائيلي حربا جوية وبرية وبحرية على غزة "دمر خلالها أحياء سكنية على رؤوس ساكنيها"، وقتل 11078 فلسطينيا بينهم 4506 أطفال و3027 سيدة و678 مسنا وأصاب 27490 بجراح مختلفة، بحسب مصادر رسمية.
اقرأ أيضاً
نواب ديموقراطيون بالشيوخ الأمريكي يطالبون بإيصال الوقود لمستشفيات غزة
المصدر | الأناضولالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مستشفيات غزة غزة أوضاع صعبة طبيب بريطاني إسرائيل حصار غزة مبنى الأمم اقرأ أیضا فی المبنى فی غزة
إقرأ أيضاً:
السودان بين أقدام الفيلة-الحرب، والمصالح الدولية، والتواطؤ الصامت
zuhair osman
بين البرهان وحميدتي... ما يُخفى أكثر مما يُقال
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، دخل السودان في أتون نزاع دموي مُعقّد، تتقاطع فيه صراعات داخلية على السلطة والموارد، مع أجندات إقليمية ودولية تجعل من البلاد
مسرحًا صامتًا لتصفية الحسابات.
في ظل غياب إرادة دولية حقيقية لوقف النزيف، ووسط تحركات أمريكية تلمّح بالعقوبات أو تضغط في اتجاهات غير معلنة، تبرز أسئلة محورية: هل نحن أمام نزاع داخلي صرف، أم إعادة ترتيب لموازين القوى في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر على
حساب السودان؟
انسحاب تكتيكي أم هندسة خارجية؟
مؤخرًا، انسحبت قوات الدعم السريع من بعض مناطق أم درمان، في خطوة فُسّرت عسكريًا بأنها تكتيكية لتفادي الضربات الجوية أو لإعادة التموضع. غير أن تزامن هذا الانسحاب مع تلويح الولايات المتحدة بفرض "تدابير وشيكة" على قيادة الجيش، يفتح الباب
أمام قراءة أعمق تُلمّح إلى وجود هندسة غير معلنة للوقائع الميدانية.
الولايات المتحدة، بحكم حضورها في ملف السودان منذ عقود، لا تتحرك دون حسابات دقيقة. وقد يكون توقيت الانسحاب مفيدًا سياسيًا لدفع الجيش نحو التفاوض أو تهيئة المسرح لإعادة تعريف المشهد، خاصة في ظل اتهامات أمريكية غير مباشرة للجيش
باستخدام أسلحة غير تقليدية.
هل الدعم السريع هو "البديل الأقل إزعاجًا"؟
من الناحية البراغماتية، لا يمكن استبعاد فرضية أن بعض الدوائر الغربية باتت ترى في الدعم السريع طرفًا يمكن التحكم فيه أو إعادة هندسته ليصبح شريكًا "أقل خطرًا"، خصوصًا بعد تجربته السابقة في التحالف العربي باليمن، وعلاقاته المفتوحة مع الإمارات
والسعودية.
في المقابل، الجيش السوداني يُنظر إليه بحذر متزايد في بعض الدوائر، لاتهامه باحتضان عناصر تنتمي للتيارات الإسلامية، المصنّفة غربيًا كمصدر تهديد إقليمي محتمل، خاصة مع تحليلات تتحدث عن تقاربه النسبي من محور إيران – سوريا في لحظة تعقيد
إقليمي شديد الحساسية.
أبعاد استراتيجية أعمق: السودان في ميزان الجيوبولتيك
اهتمام الولايات المتحدة بالسودان ليس طارئًا. فالموقع الجغرافي الحاكم على بوابة البحر الأحمر، ووجود ثروات غير مستغلة (مثل اليورانيوم والمياه)، يجعل السودان نقطة ارتكاز مهمة في لعبة النفوذ بين الغرب، وروسيا، والصين، والفاعلين الإقليميين
كإيران وتركيا.
من هنا، يُفهم لماذا تحرص واشنطن على إعادة رسم المشهد، بطريقة تُضعف الفاعلين الرافضين للتطبيع مع إسرائيل أو المقاومين للديانة الإبراهيمية كمدخل سياسي ناعم، وتعزّز الأطراف الأكثر مرونة تجاه المشروع الأمريكي في المنطقة.
احتمالات السيناريو: بين التفكك والتدويل
استمرار الحرب في ظل "مفاوضات ديكورية": قد يلجأ الجيش إلى تبني مبادرات تفاوض شكلية، بينما يُعيد انتشاره في مناطق أقل تكلفة ميدانيًا، فيما تستفيد قوات الدعم السريع من مرونة الحركة وغطاء الدعم الإقليمي غير المُعلن.
تصعيد محدود بضوء أخضر دولي: قد تلجأ واشنطن إلى فرض عقوبات، وربما تنفيذ ضربات محددة ضد مواقع عسكرية للجيش في حال ثبوت تجاوزات جسيمة (كما حدث في النموذج السوري)، لكن هذا مرهون بتوازنات معقدة تشمل الموقف المصري والسعودي.
تفكك فعلي للدولة السودانية: في ظل غياب الحلول السياسية واستمرار التمويل الخارجي للطرفين، قد يتجه السودان نحو انقسام واقعي لا يُعلَن رسميًا: الجيش في الشرق، والدعم السريع في الغرب، وسط غياب سلطة مركزية، ووجود حُكم أمر واقع متعدد الرؤوس.
خاتمة: الجريمة تُرتكب على مرأى العالم
الحرب في السودان تُدار ليس فقط بأصابع داخلية، بل بحسابات دولية لا تخفى. الولايات المتحدة لا تبدو بعيدة عن مسار المعركة، حتى لو لم تكن في المشهد بصورة مباشرة. القوى الإقليمية تموّل وتُغذّي، والمجتمع الدولي يكتفي بالبيانات.
لكن الحقيقة الكبرى أن من يدفع الثمن هو الشعب السوداني: ملايين النازحين، انهيار الدولة، ومجازر في مدن كانت تعج بالحياة.
الخروج من هذه الكارثة لن يتم من خلال "مبادرات تعويم" شكلية، بل يتطلب وقفًا صارمًا للتمويل الخارجي، وتدخلاً دوليًا نزيهًا يُعيد للسودان حقه في تقرير مصيره دون وصاية أو اقتتال مفروض.