قالت الخارجية الروسية إن الوضع في كوسوفو يخرج عن نطاق السيطرة وهناك تهديد للوجود الصربي، وذلك تعليقا على مطالبة بلغراد بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الوضع في البلاد.

وأعربت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن قلقها من جولة أخرى من العنف في مقاطعة كوسوفو وميتوهيا، معتبرة أن "سبب التصعيد يعود إلى انتهاج سلطات ألبان كوسوفو سياسة التطهير العرقي والمذابح والطرد والإرهاب ضد الصرب"، بحسب تعبيرها.

وأشارت زاخاروفا إلى أن كل هذا يحدث بالتواطؤ الكامل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "اللذين لا يريدان وقف المتطرفين في بريشتينا".

وأضافت أن "مبادرة الرئيس الصربي جاءت في الوقت المناسب، ونحن نشاركه تقييمه للوضع المتأزم الحالي، وأي خطوات نحو تسوية في كوسوفو يجب أن تتم بالحوار بين الأطراف المعنية في إطار القانون الدولي على أساس قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1244".

وكان الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش قال إن بلغراد ستطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بسبب الوضع في كوسوفو وميتوهيا، وإنه سيدعو إلى اتخاذ تدابير فورية لحماية حياة الصرب.

وأوضح فوتشيتش أنه سيطلب من مجلس الأمن تعطيل عمل هياكل المؤسسات المؤقتة التي تهدد أمن الصرب، ونزع سلاح جميع الهياكل الألبانية وفقا للقرار الأممي 1244.


وأضاف نريد السلام ونعمل من أجله، وحققنا أهم نقاط المجتمع الدولي لتهدئة الوضع في كوسوفو، وأشار إلى محاولة إيجاد حل سلمي وقال إن "شعوبنا يمكن أن تعيش بشكل أفضل ويكون لها مستوى أفضل".

خلفية الأزمة

واندلعت احتجاجات عنيفة في 4 بلديات شمالي البلاد، بعد أن عينت كوسوفو رؤساء بلديات من أصل ألباني انتخبوا بمشاركة 3.5% فقط من الناخبين، في وقت قاطع فيه الانتخابات المحلية الصرب الذين يشكلون أغلبية السكان في المنطقة.

وهدد الاتحاد الأوروبي كوسوفو بعواقب سياسية، مثل تعليق زيارات كبار المسؤولين والتعاون المالي، ما لم تغير موقفها من الانتخابات.

وما زال التوتر بين كوسوفو وصربيا قائما منذ اندلاع الحرب أواخر التسعينيات، والتي دفعت حلف شمال الأطلسي (الناتو) للتدخل ضد بلغراد.

وأعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا عام 2008، لكن بلغراد رفضت الاعتراف بها. وما زال الصرب في كوسوفو موالين إلى حد كبير لبلغراد، خصوصا في الشمال حيث يشكلون الغالبية ويرفضون كل خطوة تقوم بها بريشتينا لتعزيز هيمنتها على المنطقة.

وسبق أن انتقدت الولايات المتحدة الموقف الروسي من الأزمة، حيث قال المبعوث الأميركي لمنطقة غرب البلقان غابرييل إسكوبار إن روسيا تستغل الأزمة بين صربيا وكوسوفو والانقسامات داخل أوروبا لصالح منع توسيع الاتحاد الأوروبي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الوضع فی

إقرأ أيضاً:

لهذا تتعثر استراتيجية الولايات المتحدة تجاه لبنان

ترجمة: أحمد شافعي -

بعد عام من بدء ما يطلق عليه «وقف إطلاق النار» بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، قد تكون إسرائيل على أهبة استئناف أعمال عدوانية شاملة ضد الجماعة، لتؤكد من جديد أن الاتفاق ليس إيقافًا حقيقيًا للأعمال العدائية، ولا يمكن أن يكون كذلك.

واقع الأمر أن سياق لبنان يمثل حالة واضحة لنهج «السلام من خلال القوة» الذي تتبعه إسرائيل وواشنطن، أي العدوان السافر على أعداء حقيقيين أو وهميين لتحقيق انتصارات سياسية تكتيكية قريبة الأجل، لا مكاسب استراتيجية كبيرة؛ وذلك ما لن يغير بجدية التركيبة الجيوسياسية في الشرق الأوسط دون إعادة تقييم جادة.

من المؤكد أن جهود نزع السلاح في لبنان، ناهيكم بجنوب نهر الليطاني ـ بحسب المنصوص عليه في وقف إطلاق النار المعيب ـ كان على الدوام من أصعب المواضيع في الشرق الأوسط الموبوء أصلا بالمواضيع الصعبة.

ومع ذلك، بموجب اتفاق نوفمبر 2024؛ كان على كل من حزب الله وإسرائيل إجلاء قواتهما وأصولهما العسكرية من جنوب لبنان، ووقف إطلاق النار على مواقع أحدهما الآخر وعلى أي مواقع مدنية بصفة أعم.

وكان الظن السائد هو أن حزب الله قد ضعف إلى حد أن صار بوسع إسرائيل أن تتراجع وتحقق مكاسب مستدامة في البلد على حساب أحد أعدائها غير الحكوميين.

ولكن ما حدث هو أن إسرائيل رفضت أن تخلي خمسة مواقع محورية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية المتنازع عليها، وآثرت أن تواصل ضربات شبه يومية لجارتها الشمالية ـ منها ضربات لجنوب بيروت ـ مع توغلات متفرقة في قرى الجنوب اللبناني وجهود متواصلة للقضاء على البنية الأساسية المدنية.

وتواصل القيادة السياسية الإسرائيلية الإصرار على أنها لن تغادر الأراضي اللبنانية ذات السيادة التي تحتلها بصفة غير شرعية ما لم تتلق تأكيدا تاما بنزع سلاح حزب الله في شتى أرجاء البلد.

وتستمر في التهديد بمعاودة الأعمال العدوانية الشاملة ضغطا على قيادة لبنان السياسية من أجل أن تضغط بدورها على الجماعة، ومن أجل تعزيز ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليميني المتطرف الذي يبقيه في السلطة.

وإدراكا منها لاضطراب الوضع، آثرت بيروت التدرج ثم اللِين في جهود نزع السلاح، مع تزايد نشر القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب، وهذه الجهود أساسية في وقف إطلاق النار.

غير أن عمليات إسرائيل المستمرة تعوق هذه الجهود إعاقة بالغة، إذ لقيت أعداد غفيرة من القوات اللبنانية مصرعها على أيدي الجيش الإسرائيلي خلال محاولة التحرك إلى الجنوب. كما استهدفت هذه العمليات مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البلد أي قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان المعروفة بيونيفل.

وبالنسبة لقيادة لبنان السياسية، تمثل هذه الدينامية موقفا خطيرا: أي التعرض لضغط إسرائيل والغرب بصفة عامة للاشتداد على حزب الله من جانب، والتعرض لضغط حزب الله وحلفائه لوقف تعاونها الوثيق مع أولئك الفاعلين الغربيين في قضايا من قبيل نزع السلاح في الجانب الآخر.

فالسيناريو هو الخسارة في كل الحالات بالنسبة لحكومة الرئيس الإصلاحي جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، وكلاهما يفهم تمام الفهم بأي سهولة يمكن أن ينهار الوضع السياسي الداخلي في لبنان بعد المرور بحرب أهلية استغرقت خمس عشرة سنة قبل عقود قليلة.

ويفهم حزب الله أيضا الدينامية الفاعلة، ولو أنه يعمل من موقف الضعف. فالجماعة تعرف أنه لا يمكن اقتلاعها ببساطة ومحوها تماما، وبخاصة بعد أن شاهدت صمود حماس في غزة. وما احتلال إسرائيل المستمر إلا تقوية لعزيمة الجماعة إذ يرسخ سبب وجودها: وهو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

فالأمر ببساطة هو أنه ما دام بقيت إسرائيل في أراض لبنانية؛ ازدادت قاعدة حزب الله السياسية دعمًا للجماعة في المقاومة ورفض نزع السلاح.

لن يفضي هذا المأزق إلى حل جدي، ولكنه سوف يفاقم الصراع في البلد الذي يصارع أصلا من أجل التعامل مع اضطرابه الداخلي.

ومع ذلك يبدو أن الوضع القائم هو الغاية بالنسبة لإسرائيل. فهي تشعر بالاجتراء على خلق وقائع على الأرض تتيح لها أن تفرض الحد الأقصى من المطالب على أعدائها الحقيقيين والموهومين. ويعني ذلك قيامها بأفعال تعطيها حرية مطلقة في المنطقة، وبخاصة داخل البلاد المجاورة وضدها، ما خلا الاتفاقيات مع الفاعلين الذين يضمنون لها ضمانا كاملا مصالحها الجيوسياسية وتبطل الاحتياج إلى الوضع القائم.

لكن في الوقت الذي يشهد محاصرة قيادة لبنان السياسية بين المطرقة والسندان، لا تستطيع إسرائيل أن تحقق مطالبها القصوى أيضا. وليس معروفا اليوم إن كانت قيادتها السياسة تعترف بهذا الواقع أم لا، لكنها سوف ترتقي إلى ما يشبه نسخة محدثة من استراتيجية «جز العشب» في لبنان.

فالوعود الإسرائيلية المستمرة باستئناف حملة عسكرية كاملة النطاق في لبنان تشير إلى أن هذه الدينامية هي الفاعلة، خاصة أن البديل ـ أي إشعال فتيل حرب أهلية لبنانية أخرى ترغم قوى لبنان السياسية على محاربة حزب الله بنفسها ـ بديل غير وردي مطلقا.

وحالة سوريا لها دلالتها في هذا المقام.

ففي نهج شبه مطابق لنهج لبنان، تحتل إسرائيل بغير صفة شرعية أراضي سورية ذات سيادة ضمن عقيدة أمنها الوطني الجديدة التي توسع نطاق الأمن مع فرض المطالب القصوى.

وتظل محتفظة بحقها المفترض في ضرب البلد كيفما تشاء بينما تعاني المحادثات من الركود. وبالنسبة لإسرائيل، يبدو هذا الوضع الراهن ملائما لقيادتها السياسية والعسكرية، خاصة أن حرية العمل في سوريا تتيح لهم ضرب إيران كيفما يشاؤون إذا رغبوا في ذلك.

وهكذا، فإن الوضع الجيوسياسي الناشئ في الشام والشرق الأوسط بعامة يعكس محاولة إسرائيل أن تحافظ على سيطرتها المهيمنة على جيرانها. وهي تفعل ذلك من خلال دعم أمريكي سياسي وعسكري واقتصادي لا يمكن بدونه أن تستمر في جهودها.

ويشاع أن جهود الولايات المتحدة سوف توسع حضورها العسكري في سوريا، بجانب إسرائيل، بما يعكس عزم واشنطن على دعم الهيمنة الإسرائيلية وصولا إلى مستوى جدي مع إدارتها الدقيقة لشريكتها الصغيرة وجيرانها الضعفاء في المنطقة.

غير أن هذا المشروع في ما يعرف بـ«الشرق الأوسط الجديد» ليس سوى تكرار للماضي؛ فترسيخ الوضع الراهن غير المستدام القائم على الاحتلال والعنف العسكري لن يحقق «للشرق الأوسط السلام» المراوغ. وقد أدى القيام بذلك في الماضي إلى أهوال اليوم؛ منها هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023، وغزو إسرائيل لغزة. والقول بأن إيران الضعيفة وما يسمى بـ«محور المقاومة» التابع لها يمثلان لحظة فريدة يمكن فيها أن تنجح هذه الاستراتيجيات التدخلية أخيرا هو جنون محض، وليس صناعة سياسات سليمة.

بعد عام من وقف إطلاق نار كارثي أحادي الجانب، يقف لبنان واستراتيجية الرئيس دونالد ترامب الأوسع في الشرق الأوسط عند مفترق طرق. ولو أن ترامب حقا صانع صفقات وصانع سلام؛ فعليه أن يعترف بدور إسرائيل في إفساد الصفقات والسلام في الشرق الأوسط، وعليه أن يكبح جماح شريكه الأصغر من خلال استغلال النفوذ الكبير الذي تتمتع به واشنطن على إسرائيل لإنهاء رعايتها للاضطراب والفوضى على حساب جيرانها.

أما البديل ـ أي الثبات على المسار الحالي ـ فسيؤدي إلى أن تنتهي استراتيجية هذه الإدارة في الشرق الأوسط إلى سلة قمامة التاريخ، وذلك عن جدارة واستحقاق، نظرا للإخفاقات التي نتجت عنها والتي ستظل تنتج عنها إذا تم تطبيقها.

ألكسندر لانجلوا محلل للسياسة الخارجية، ورئيس تحرير مجلة «داون»، وزميل مساهم في «أولويات الدفاع».

ـ الترجمة عن ذي ناشونال إنتريست

مقالات مشابهة

  • الأزمة السودانية وتطورات أوكرانيا تتصدران أجندة مجلس الأمن الأسبوع الجاري
  • روسيا تعلّق على استراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة
  • اليابان تطالب بتعزيز الدعم الأمريكي لها وسط التوترات مع الصين
  • الولايات المتحدة تطالب أوروبا بتحمل العبء الدفاعي الأكبر داخل الناتو بحلول 2027
  • لهذا تتعثر استراتيجية الولايات المتحدة تجاه لبنان
  • تقارير إعلامية: الأمم المتحدة تطالب بضمان وصول آمن للمساعدات بالسودان
  • منظمة التحرير الفلسطينية تطالب بتحويل دعم الأونروا السياسي إلى تمويل مستدام
  • روسيا والهند تدعوان في بيان مشترك إلى إصلاح شامل لمجلس الأمن الدولي
  • روسيا والهند تدعوان إلى حماية المدنيين في غزة وإلى إصلاح شامل لمجلس الأمن الدولي
  • روسيا والهند تدعوان إلى إصلاح شامل لمجلس الأمن الدولي