موقع 24:
2025-12-07@10:46:41 GMT

تونس في مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود

تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT

تونس في مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود

على الرغم من أن الدولة بدأت بتفكيك بعض أذرع مافيات الجريمة العابرة للحدود والتي تؤثر بشكل مباشر على سوق الأغذية إلا أن هذه اللوبيات نوّعت أنشطتها ومجال تدخلاتها بشكل يصعّب مواجهتها.

بعيداً عن الأزمة الاقتصادية وعن انتقاداته للمعارضة ولوبيات النفوذ، انتبه الرئيس التونسي قيس سعيد لظاهرة آخذة في الاتساع بالبلاد وصارت مثار شكاوى ومخاوف شعبية، وهي ظاهرة الجريمة المنظمة بأشكالها المختلفة العابرة للحدود.

قبل أيام التقى قيس سعيد بوزير الداخلية كمال الفقي ودعا إلى "ضرورة العمل دون انقطاع وفي كامل مناطق الجمهورية لمواجهة كل أنواع الجريمة"، وشدد الرئيس التونسي على أنه "لا تسامح مع من يستهدف الدولة في أمنها وفي مؤسساتها ولا مع من يريد بثّ الفوضى والتنكيل بالمواطنين بأي شكل من أشكال الجريمة".

ولم يكن الرئيس التونسي ليقول هذا الكلام ويحث وزارة الداخلية ومختلف أجهزتها على التحرك لو لم تكن هذه الظاهرة قوية ومؤثرة، ومهددة لأمن تونس بمفهومه الواسع، وخاصة الأمن الاقتصادي ليزيد الأعباء على البلاد في وقت تسعى فيه الحكومة لتعبئة كل إمكانياتها للخروج من الأزمة بالاعتماد أكثر ما يمكن على الذات.

ومن المهم أن شبكات الجريمة المنظمة استفادت من الضعف الأمني الذي عاشته تونس سنوات ما بعد الثورة حين انشغل السياسيون بالصراعات الحزبية وركزوا على الانتقال الديمقراطي مع السعي لتجنب أي صدام مع هذه الشبكات التي كانت تطل برأسها في كل وقت وتنشط في العلن في الكثير من الحالات، لكن المنظومة الأمنية كانت منشغلة بتعقيدات المشهد السياسي خاصة بعد أن تطور في بعض وجوهه إلى الاغتيالات السياسية ولاحقاً الاستنفار لمواجهة الأنشطة الإرهابية وعمليات التسفير لبؤر التوتر، والتي كانت تحوز على الاهتمام الإعلامي والشعبي.

وفي خضم ذلك الوضع نشطت شبكات تهريب السلع بمختلف أنواعها ما أسس لمنظومة اقتصادية موازية ضربت الاقتصاد التونسي ضربات قوية وكلفت الدولة خسائر بأكثر من مليار ونصف مليار دولار من عائدات الضرائب حسب آخر تقرير صادر عن المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية.

وحصل تقاطع في المصالح بين الإرهاب ولوبيات التهريب في السنوات الأولى للثورة واستفاد الطرفان من الفوضى الأمنية في تونس وليبيا.

وعلى الرغم من تشديد الإجراءات الأمنية إلا أن "السلطات التونسية لم تتمكن من الحد من علاقات التجارة غير الرسمية عبر الحدود.. فقد اخترقت كميات البضائع الكبيرة المستورَدة بطريقة غير قانونية أو عن طريق الاحتيال الاقتصاد التونسي بصورة متزايدة، سواء من خلال الممرات البرية التي تربط تونس بالدول المجاورة (وتحديدا ليبيا والجزائر) أو من خلال الممرات البحرية التي تربط الموانئ التونسية بالأسواق الآسيوية" (مركز مالكوم كير – كارنيغي للشرق الأوسط: يوليو 2023).

واستفاد لوبي التهريب والتجارة الموازية من ضعف الدولة ليطور من أوراق تأثيره حتى نجح في تصعيد نواب في برلمان 2019 الذي تم تجميد نشاطه ثم حله بعد 25 يوليو 2021. ونجح في اختراق مؤسسات الدولة وتطويعها للتطبيع مع التجارة الموازية التي باتت تستفيد من غلاء الأسعار وندرة المواد التي يتم توريدها بطرق قانونية في ظل تراجع قيمة الدينار وأزمة العملة الصعبة.

وعلى الرغم من استعادة الدولة لقوتها بعد يوليو 2021، وخاصة لانتفاء التنازع على السلطات والتنافس بين الأجهزة المختلفة للدولة بما في ذلك صراع النقابات الأمنية، لا تزال تونس واقعة تحت تأثير الشبكات الإجرامية المختلفة.

وعلى الرغم من أن الدولة بدأت بتفكيك بعض أذرع مافيات الجريمة العابرة للحدود، وخاصة التي تؤثر بشكل مباشر على سوق الأغذية، إلا أن هذه اللوبيات نوعت أنشطتها ومجال تدخلاتها بشكل يصعّب مواجهتها وهزيمتها، ما شتت جهود أجهزة الدولة الأمنية والرقابية والقضائية.

وخلال السنوات الأخيرة نشطت بشكل كبير مافيات تهريب البشر وباتت هي الأشهر ووضعت الدولة تحت الضغط في ظل توجه أوروبي صارم لوقف موجات تهريب اللاجئين.. وتمثل تونس مركزاً رئيسياً لعمليات التهريب المنظم التي استفادت من الضعف الأمني في السنوات الماضية لتبني شبكات كثيرة لتهريب أفارقة جنوب الصحراء عبر الحدود مع ليبيا والجزائر بعد أن نجحت في تهريب الآلاف من التونسيين.

وتضع شبكات تهريب البشر الحكومة التونسية في موقف صعب، ليس لنجاحها في اختراق الأجهزة الأمنية والاستفادة من شبكات مؤمّنة كما حصل سابقاً، ولكن في زيادة الأعباء على تلك الأجهزة التي تقاوم على جبهات مختلفة بإمكانيات محدودة وبعديد غير كاف، خاصة أن تونس تركز أغلب جهدها على منع انطلاق هذه الشبكات من حدودها البحرية نحو أوروبا ضمن التزامات متفق عليها مع دول مثل إيطاليا وفرنسا وضمن مقاربة الشراكة الشاملة التي تم الاتفاق بشأنها في يوليو الماضي.

وهناك شبكات أخرى للجريمة المنظمة تقوم أجهزة أخرى للدولة بمتابعتها والتصدي لها مثل شبكات تزوير العملة وتهريب المخدرات والسعي لترويجها في البلاد.

ومنذ أيام تم تفكيك شبكة لتزوير العملة بأحد الأحياء الراقية من تونس العاصمة وحجزت لديها أموال بعملات أجنبية (375 ألف يورو)، وأموال أخرى بالعملة التونسية. ولا تقل هذه الشبكة خطراً عن شبكات التهريب المختلفة، وهي تشير إلى وجود أصابع خارجية وراءها نظراً للحاجة إلى معدات تكنولوجية معقدة للتزوير.

وأعلنت وزارة الداخلية التونسية يوم 11 نوفمبر الجاري عن تفكيك شبكة دوليّة تنشط في مجال تهريب وترويج المُخدّرات، وتنشط بين إحدى الدّول الأوروبيّة وتونس.. وبعد الإيقاع بهذه الشبكة تم حجز كميات كبيرة ومختلفة من القنب الهندي والكوكايين، وأموال بالعملة التونسية وشيكات ودفاتر ادخار بنكية، وكميات من المصوغ وسيارات ودراجات نارية.

ولا يعكس اتساع أنشطة شبكات الجريمة العابرة للدول وجود خلل أمني.. وعلى العكس تقوم الأجهزة الأمنية بأنشطة كبيرة ومتنوعة، لكنها تحتاج إلى أن تطور إمكانياتها وخبراتها بما يتماشى مع تطور أشكال التهريب والتزوير التي تلجأ إليها هذه الشبكات للهروب من الرقابة الأمنية.

ولا شك أن تطوير الإمكانيات والخبرات يحتاج إلى مقاربة حكومية تقوم بدرجة أولى على ضخ المزيد من الاعتمادات المالية، وفتح الباب أمام عمليات توظيف أعداد جديدة من الشباب، لسد النقص لدى الأجهزة الأمنية والقضائية المتخصصة في مطاردة هذه الشبكات.

يمكن للدولة أن تتقشف في النفقات الحكومية والاعتمادات وأن توقف الزيادات في الرواتب، لكن لا يمكن بأي حال أن يطال التقشف المجالات الأمنية الحساسة التي تحمي بها البلاد مستقبلها، خاصة مع تطور أشكال الجريمة واستفادة الشبكات باستمرار من التكنولوجيا الجديدة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة تونس الاتحاد الأوروبي العابرة للحدود على الرغم من هذه الشبکات

إقرأ أيضاً:

المشيشي: وضع تونس صعب والمعارضة إما مضطهدة أو في السجون

كشف رئيس الحكومة التونسي السابق هشام المشيشي أن أكبر نقطة ضعف لدى الرئيس التونسي الحالي قيس سعيّد هي عدم تحقيقه أي إنجازات ملموسة، مؤكدا أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي تعيشه البلاد يلاحقه.

وأضاف المشيشي في حوار مع مراسل صحيفة لوموند الفرنسية فريدريك روبين أن الاحتجاجات على التلوث الكيميائي في مدينة قابس هي علامة على أن الرئيس سيجد نفسه وجها لوجه مع تداعيات الوضع الاقتصادي والاجتماعي مهما طال الزمن.

المشيشي: سعيد عزل تونس وقطع علاقاتها مع شركائها التقليديين (أسوشيتد برس)

وتابع أن الرئيس قيس سعيد تسبب في عزل تونس، موضحا أنه برغم الانتقادات التي وجهت لنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بسبب دكتاتوريته، فإنه حافظ على علاقاته مع أوروبا والولايات المتحدة، عكس قيس سعيّد الذي قطع علاقات البلاد مع شركائها التقليديين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2احتجاج تونسي شديد اللهجة بعد لقاء سفير الاتحاد الأوروبي باتحاد الشغلlist 2 of 2الرئيس التونسي يهاجم دعوة البرلمان الأوروبي لإطلاق موقوفينend of list

وأوضح المشيشي أنه لم تعد هناك أي معارضة تقريبا في تونس، وقال إن جميع قادتها تعرضوا للاضطهاد أو السجن، مبرزا أن المعارضة المنفية في الخارج لم تتمكن بعد من التوحد وتشكيل بديل لقيس سعيد.

أين المعارضة؟

وزاد أن النظام يصور المعارضة على أساس أنها باعت نفسها للخارج، ومسؤولة عن تدمير البلاد منذ 2011 وحتى 2021، واتهمها بأنها تابعة "للّوبيات الصهيونية أو ما شابه ذلك من تخيلات"، لكنه تساءل: "ومع ذلك، هل الشعب راض عما يقدمه له قيس سعيد؟".

من جهتها، أوردت مجلة جون أفريك الفرنسية أن سجون نظام قيس سعيد بدأت تستقبل قادة بارزين في المعارضة، من الذين لهم تاريخ طويل في النضال ضد انتهاكات حقوق الإنسان، في ملف يضم 37 شخصية سياسية وحقوقية.

وذكرت في تقرير أن من بينهم أحمد نجيب الشابي (82 عاما)، رئيس جبهة الخلاص الوطني التونسية، والذي حكم عليه في الاستئناف بـ12 سنة سجنا، بتهمة التآمر على أمن الدولة.

المشيشي أوضح أنه لم تعد هناك أي معارضة تقريبا في تونس، وقال إن جميع قادتها تعرضوا إما للاضطهاد أو السجن

اعتقالات وأحكام بالجملة

 وتحدثت جون أفريك عن حالة المحامي عياشي الهمامي الذي ألقي عليه القبض قبل يومين في منزله لتنفيذ حكم نهائي بالسجن 5 سنوات صدر بحقه في "التآمر على أمن الدولة".

إعلان

كما تابعت المجلة آثار اعتقال الناشطة شيماء عيسى في 29 نوفمبر/تشرين الثاني غضبا واسع النطاق، وهي التي كان قد أفرج عنها بشروط منذ يوليو/تموز 2023، وقد أُلقي عليها القبض أثناء مظاهرة داعمة للمرأة، وحُكم عليها بالسجن لمدة 20 عاما في محاكمة لم تُحدد خلالها التهم الموجهة إليها.

يشار إلى أن الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بمحكمة الاستئناف في تونس أصدرت فجر يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني حكما نهائيا في حق المتهمين في قضية ما يعرف بالتآمر على أمن الدولة.

تعود جذور القضية إلى بلاغ موجز ورد من الشرطة إلى وزارة العدل في 10 فبراير/شباط 2023، تحدث عن نية مجموعة من الأشخاص "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

وتراوحت أحكام السجن الصادرة في حق الموقوفين منهم بين 10 سنوات و45 عاما سجنا، في حين قضي في شأن متهم موقوف بعدم سماع الدعوى، دون توضيحات بخصوص أسماء المتهمين.

أما المتهمون في حالة سراح فقد تراوحت أحكامهم بين 5 سنوات و35 سنة سجنا، في حين حُكم على متهمين اثنين بعدم سماع الدعوى.

وبالنسبة للمتهمين في حالة فرار، فقد قضت المحكمة بإقرار العقوبات السجنية المحكوم بها ابتدائيا في حقهم (33 سنة مع النفاذ العاجل) مع الترفيع فيها بالنسبة لبعضهم (43 سنة مع النفاذ العاجل).

وتشمل القضية عشرات المعارضين الذين أودعوا السجن منذ فبراير/شباط 2023، وقد صدرت بحقهم في الطور الابتدائي أحكام ثقيلة تراوحت بين 4 سنوات و66 سنة سجنا، وسط انتقادات واسعة من منظمات حقوقية وهيئات دفاع تعتبر المحاكمة سياسية بامتياز.

وتعود جذور القضية إلى بلاغ موجز ورد من الشرطة إلى وزارة العدل في 10 فبراير/شباط 2023، تحدث عن نية مجموعة من الأشخاص "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

مقالات مشابهة

  • تشكيل منتخب تونس وقطر المُتوقع قبل مواجهة الليلة في كأس العرب
  • كأس العرب.. موعد مواجهة سوريا وفلسطين والقنوات الناقلة
  • تونس تواجه تحديًا صعبًا في كأس العالم 2026 ضمن مجموعة قوية
  • المشيشي: وضع تونس صعب والمعارضة إما مضطهدة أو في السجون
  • شركاء في الجريمة
  • أرقام حامد حمدان أمام تونس في كأس العرب 2025
  • الشرطة التونسية تعتقل رئيس جبهة الخلاص الوطني
  • رئيس الوزراء يُتابع إجراءات منع تهريب السلع والبضائع في المنافذ
  • مدبولى يُتابع إجراءات منع تهريب السلع والبضائع في مختلف المنافذ
  • رئيس الوزراء يُتابع إجراءات منع تهريب السلع والبضائع في مختلف المنافذ