الحلبوسي يغادر رئاسة البرلمان.. هل يتجه العراق نحو أزمة سياسية؟
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
بغداد- تتجه العملية السياسية في العراق نحو مزيد من التعقيد والأزمات السياسية المرتقبة وذلك بعد قرار المحكمة الاتحادية، أمس الثلاثاء، إنهاء عضوية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والنائب ليث الدليمي.
ويأتي قرار المحكمة على خلفية رفع الدليمي دعوى قضائية ضد الحلبوسي متهما إياه "بالتزوير والتلاعب بموضوع استبعاده من البرلمان".
وأثناء جلسة البرلمان، قال الحلبوسي، إن "المحكمة الاتحادية أنهت عضويتي وهو قرار غريب، ونستغرب من صدور مثل هذه القرارات وعدم احترامهم للدستور" وتساءل "ولا نعرف من أين تأتيهم الوصايا؟"، مشددا على أنه سيلجأ إلى الإجراء القانوني الذي "يحفظ الحقوق الدستورية".
ورفع الحلبوسي الذي بدأ حزبه "تقدم" السني حملته الانتخابية في مجالس المحافظات، جلسة البرلمان إلى إشعار آخر، إلا أن الدائرة الإعلامية لمجلس النواب نشرت جدول جلسة اليوم الأربعاء التي تضم التصويت على رئيس جديد للبرلمان.
"استهداف سياسي"
وردا على قرار المحكمة الاتحادية، أكد الحزب الذي يتزعمه الحلبوسي، في بيان أنه "بعد مضي أكثر من عام كامل على تشكيل الحكومة الحالية، التزمنا بجميع الاتفاقات السياسية والورقة التي تشكلت على أساسها الحكومة التي انبثقت من ائتلاف إدارة الدولة".
وأضاف البيان ذاته "أننا تفاجأنا بصدور قرار المحكمة الذي نجد فيه خرقا دستوريا صارخا، واستهدافا سياسيا واضحا".
وأشار إلى أن قيادات الحزب ونوابه قرروا مقاطعة جلسات ائتلاف إدارة الدولة، وقدم ممثلو الحزب في الحكومة الاتحادية استقالتهم، وهم: نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط محمد علي تميم، ووزير الصناعة والمعادن خالد بتال النجم، ووزير الثقافة والسياحة والآثار أحمد فكاك البدراني.
وخلّف قرار المحكمة الاتحادية العراقية ردودا متباينة ومختلفة بين الأوساط السياسية والشعبية، إذ رأى الأكاديمي والقانوني خالد العرداوي أن القرار شكّل صدمة مزعجة لتحالف إدارة الدولة، كونه سيهز الثقة بين أطرافه، وسيوسع شق الخلافات بينهم، وسيزيد التدخل الخارجي في الشأن العراقي.
وقال للجزيرة نت، إنه لن يُنظر إلى القرار على أنه قضائي صرف، بل على أنه استهداف سياسي لقيادة سنية لها ثقلها الشعبي والدستوري.
وأضاف العرداوي أن هذا سيخلق مشكلة وخيمة العواقب على انتخابات مجالس المحافظات القادمة المزمع إجراؤها في 18 ديسمبر/كانون الأول المقبل، إذا لم تُتدارك تبعاتها بسرعة.
في المقابل، يرى عقيل الرديني المتحدث باسم ائتلاف النصر الذي يتزعمه رئيس وزراء العراق الأسبق حيدر العبادي، أن قرار المحكمة يعدّ أعلى سلطة قضائية في البلد، وقرارها باتّ وملزم لجميع السلطات.
وقال، إن "التمسك بالقانون هو سبيل طوق نجاة هذا البلد للخلاص من كل الأزمات السياسية والاقتصادية، ولا يوجد أحد فوق القانون ولا بد من الالتزام به وبالدستور العراقي".
وأكد الرديني للجزيرة نت، أنه "على العقلاء في كل الكتل السياسية أن يلتزموا بهذا الأمر ويطبقوا ما جاء في قانون المحكمة الاتحادية العليا، وإن كان بعضهم يعتقد بتضمن القرار لنوع من المظلومية".
من جانبه، قال علي نجدية الباحث السياسي والمقرب من رئيس البرلمان، إن قرار إنهاء عضوية الدليمي والحلبوسي "غريب وجاء قبل وقت قصير من إجراء انتخابات مجالس المحافظات، في الوقت الذي تشير فيه استطلاعات الرأي والآراء إلى إمكانية أن يحصد حزب "تقدم" عددا كبيرا من المقاعد في بغداد، خاصة بعد مقاطعة التيار الصدري لها".
وأوضح للجزيرة نت، أن قرارات المحكمة الاتحادية "ملزمة لكن المحكمة قد تعدل عنها بعد أن تُقدّم شكوى للمحاكم الجزائية، وإثبات براءة الحلبوسي من التهم المنسوبة إليه".
أزمة سياسية مرتقبة
وأكد علي نجدية أن "العراق بلد ديمقراطي يغصّ بالروتين القاتل والإجراءات الطويلة والمعقدة في دوائر الدولة التي تأخذ على الأقل شهرين من الوقت، وهذا يدخل في وقت الانتخابات المحلية وإلى ما بعدها، مما يؤثر بشكل كبير فيها، ويصبّ في خدمة الأحزاب المنافسة لحزب تقدم في بغداد وباقي المحافظات".
ويرى علي أن الطرفين خرجا خاسرين من هذه المعادلة وأن الرابح الوحيد هو الطرف الثالث الذي كان الدليمي خصمه في هذه المحكمة، ومساعدته بالإجراءات القانونية، وهذه النتائج تصب في مصلحة قوى منافسة لحزب تقدم، وفق تعبيره.
من جانبه، يقول الباحث السياسي علي البيدر، إنه لا شك أنه هناك أزمة سياسية سوف تحدث سواء داخل البيت السني أو على مستوى الجمعي، "لكن لا أتصور أنها ستعيق فكرة إجراء الانتخابات، أو عمل مؤسسات الدولة كون هذا القرار اتخذه القضاء".
وقال للجزيرة نت، "قد يمارس الحلبوسي الدور الحزبي رئيسا لحزب تقدم، أما عن انسحابه سيضعف الحزب انتخابيا بعد إضعافه في هذه الخطوة".
وحول مسار العملية السياسية، يعتقد علي البيدر، بأنها لن تتأثر كون أن هناك أطرافا سياسية ترغب "باحتلال" موقع الحلبوسي سواء داخل حزب "تقدم" أو من الأحزاب الأخرى، قائلا، إن قرار المحكمة الاتحادية اتُخذ برؤية قضائية ووجهة نظر قانونية، وليس له أي ارتباطات بالجانب الخارجي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قرار المحکمة الاتحادیة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
رحمة بالعراق… يا مفوضية الانتخابات غير المستقلة
آخر تحديث: 13 دجنبر 2025 - 9:29 ص
بقلم:علي الكاش
أقول: في الانتخابات البرلمانية غالبا ما ينتصر حزب الثعالب على حزب الأسود في حصد اصوات الناخبين. من المؤسف حقا ان كثير من الناخبين يشبهون الحمير، حيث يمتطيهم المرشحون لغاية الوصول الى البرلمان وبعدها يتركونهم لشأنهم.
لكن هل انتهت مرحلة النهيق الانتخابي، وبدأت مرحلة الزئير الانتخابي؟ الحقيقة هي انه بهمة الجهلة والفاسدين والطائفيين والمال السياسي، فاز الفاسدون، وخسر المواطنون، فازت القوى الفاسدة، وخسر الشعب اللامبالي. ولات ساعة مندم.
هل تذكرون فتوى المرجع الشيعي محمد اليعقوبي في الانتخابات الأخيرة” من لا ينتخب السيد نوري المالكي فهو آثم شرعا، وتحرم عليه زوجته”، بفتوى سبق ان افتى بها كبار مراجع الشيعة عام 1922 ، كأن الزمن لم يتغير، تغيرت الوجوه والعقدة ثابتة. خلال الاحتلال البريطاني للعراق اوعز وزير الداخلية عبد المحسن السعدون في 20/10/1922 للمحافظين المباشرة بالتحضير لانتخابات الجمعية الدستورية. ووصفها المجتهدون بأنها ” حكم بالإعدام على الأمة الاسلامية” وفي 5/10 منه افتى أبو الحسن الاصفهاني ومهدي الخالصي وحسين النائيني بعدم شرعية الانتخابات وتكفير من يشارك فيها. جاء في فتوى الخالصي” قد حكمنا بحرمة الانتخابات. والمشارك فيها يعتبر معادي لله ورسوله وأئمة المسلمين، ولا يدفن في مقابر المسلمين”. كما تضمنت فتوى الاصفهاني أمور غريبة ” أي مسلم يشارك فيها تحرم عليه زوجته ويمنع من دخول الحمامات العامة وينبذه سائر المسلمين”. نفس المأساة تكررت مع انتخابات العراق عام 2005 للمزيد راجع ( M.M AL Adhami/ The election for the Constituent Assembly in Iraq 1922 /1924 ).
لا شك ان السكوت على الفساد يا مراجع الدين ليس من الفضائل، فهو يعني اما مشاركة الفاسدين، او الرضا عنهم، وكلاهما أمر من الآخر، كأنما اصبح الفساد مقدسا في عرفكم، فتلتزموا الصمت اتجاهه، في مخالفة صريحة لشرع الله. قال تعالى في سورة آل عمران/104(( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )).هؤلاء المراجع الدينية ـ السياسية ينطبق عليهم قول ابْن لنكك الْبَصْرِيّ:
لَا تخدعنك اللحى وَلَا الصُّور تِسْعَة اعشار من ترى بقر
تراهـــــــم كالسحاب منتشرا وَلَيْسَ فِيهِ لطَالب مطر
(يتيمة الدهر).
بلائنا من مفوضية انتخابات غير مستقلة
قال علي بن أبي طالب” لا يصلح لكم يا أهل العراق إلّا من أخزاكم، وأخزاه الله”. (ربيع الأبرار). أليس هذا هو حال العراق اليوم؟
لا بد ان يسأل العراقي نفسه:
اولا: هل المفوضية العليا للانتخابات مستقلة فعلا؟ وهل مجلس ادارتها وبقية موظفيها مستقلون عن الأحزاب الحاكمة؟هل أثبتوا نزاهتهم ومصداقيتهم في الانتخابات السابقة؟ وهل تخلصوا من نفوذ الكتل الحاكمة؟هل توجد ضمانات حقيقية بأنهم سيكونون نزيهين هذه المرة، والمرات القادمة؟
لتوضيح الأمر أكثر، هل العامل سيعمل بالضد من ربٌ العمل، ولا يستمع لأوامره وتوجيهاته؟ هل سيعمل ضد مصلحة ربٌ عمله ويجرؤ على ذلك؟ وكيف ستكون النتيجة لو افترضنا جدلا، انه سيعمل لصالح نفسه، وليس ربٌ العمل؟ ذكر أَعْرَابِي رجلا بقلة الْحيَاء فَقَالَ: لَو دقَّتْ بِوَجْهِهِ الْحِجَارَة لرضها وَلَو خلا بِالْكَعْبَةِ لسرقها”. (نثر الدر في المحاضر/ا6). هذه هي حقيقة المفوضية العليا للانتخابات المسيسة، فهي الناطق بلسان الباطل، وهي من مخلفات نظام المحاصصة المدمر.
ثانيا: هل القوى السياسية تحترم صوت الناخب، بل هل تحترم نصوص الدستور المتعلقة بالانتخابات، علما انها هي من وضعت تلك النصوص؟ التجارب السابقة أثبت العكس، عندما فاز أياد علاوي في انتخابات عام 2010، رفضت ايران توليه رئاسة الوزراء، وفي لعبة هزيلة من قبل قاضي القضاة مدحت المحمود (المذموم) تحولت الرئاسة الى نوري المالكي، وفي الانتخابات التي تلتها عام 2014 فاز المالكي بأكثرية الاصوات في عملية تزوير لا مثيل لها في التأريخ القريب، ومع هذا تم إيقاظ حيدر العبادي من نومه، وقيل له “مبروك! أصبحت رئيسا لوزراء العراق”، والرجل بقي لوهلة يفرك عينية ليتأكد بأن الأمر ليس حلما، بل حقيقة. في الانتخابات الأخيرة فاز محمد شياع السوداني في عدد الأصوات، لكن شبح القاضي الولائي مدحت المحمود ما زال جاثما على صدر البرلمان من خلال تفسيره الكتلة الفائزة، فتحول النصر الى هزيمة، وتقلد السيف الاطار التنسيقي الشيعي عبر التحايل المتناغم والتخادم ما بين المفوضة العليا للانتخابات والقضاء المسيس، تحت ظلال الميليشيات المسلحة والمال السياسي الذي يفترض فيه ان تخضع الأحزاب السياسية الى قانون الأحزاب حول مصدر أموالها. ناهيك عن ان الدستور لا يسمح بامتلاك الأحزاب اذرع سياسية عند دخولها الانتخابات، لكن بذكاء الثعلب، ادعت تلك الأحزاب انها انفصلت عن الفصائل المسلحة، مع ان تلك الفصائل تأتمر بأمرة رؤساء الأحزاب وليس القائد العام للقوات المسلحة.
افرزت الانتخابات الأخيرة ما يقارب (100) برلماني جديد يقلدون الولي الفقيه في ايران، ولا نفهم كيف بارك ممثل الرئيس الأمريكي سافايا نتائج الانتخابات، وهو الذي صرح مرارا بأنه سيعمل على تقليص او انهاء النفوذ الإيراني في العراق!وصل الأمر من البشاعة بأن لجنة ثلاثية تتألف من الولائيين وهم عمار الحكيم (تيار الحكمة)، وهمام حمودي (المجلس الإسلامي)، وعبد الستار الفريجي (حزب الفضيلة) يقررون من يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء، اما أصوات الناخبين فقد رميت في مكب النفايات، ولا حيلة لمن صوت الا الصمت والحيرة، على ماذا اذن جرت الانتخابات طالما ان اللجنة الولائية هي من تختار رئيس مجلس الوزراء؟ بمعنى ان الأمر لا يخرج عن ايدي الولي الفقيه في ايران.
ثالثا: الغرض من الانتخابات في الأنظمة البرلمانية في كل دول العالم ـ ما عدا الأنظمة الدكتاتورية ـ هو اختيار مجلس النواب القادم، الذي سيتولى بدوره اختيار الحكومة، وبالتالي رئيس الجمهورية، بمعنى ان الرئاسات الثلاث ستعتمد على أصوات الناخبين فقط! لذا قيل بأن الشعب مصدر السلطات. لكن في العراق تحت مقصلة الديمقراطية حددت رئاسة البرلمان لأهل السنة، ورئيس مجلس الوزراء حصة الشيعة، ورئاسة الجمهورية حصة الأكراد، وهذا عرف ساد، وليس هناك نصا في الدستور يتضمنه، بمعنى انه لا يوجد أي دور لصوت الناخب في عملية الاختيار، فإن شارك أو رفض المشاركة فالأمر سيان. المحاصصة هي التي تفرض الأمر الواقع، وليس أصوات الناخبين التي لا قيمة لها.
رابعا: لا يمكن تناسي الدور الإيراني الذي مارس ضغوطا على المفوضية من اجل زيادة مقاعد الميليشيات المسلحة، فالأحزاب الولائية تصاعدت مقاعدها بشكل لا يعقله حتى المجانين، من مقعدين الى ما يقارب (20) مقعدا دون ان تجد أي سبب معقول يبرر هذا الأمر، فهل كان مثلا أداء عصائب اهل الحق وحزب الله العراقي وبقية الميليشيات عند حسن ظن العراقيين؟ كان يفترض على مبعوث الرئيس الأمريكي سافايا ان يهنئ الخامنئي على فوز مقلديه النواب الولائيين في البرلمان العراق، وليس الحكومة العراقية.
هناك قول مأثور في النرويج (.( Søppel inn, søppel ut.
ترجمته” القمامة تدخل والقمامة تخرج” وهذا ينطبق على البرلمان العراقي، كلهم قمامة من رئيس البرلمان ونوابه الى الأعضاء، كأن البرلمان مكب نفايات.
هل نشحن ذاكرة الشعب العراقي ونذكره بتصريح زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في 26/3/2108، حيث ذكر” إن الإمام علي خامئني ابلغني هاتفيا مساء أمس بأن رئاسة الوزراء ستكون من حصتي في الانتخابات القادمة، وان خامئني قد أخبره من خلال الاتصال بأحد وكلاء الإمام المهدي الغائب، بأن نوري المالكي هو من سيشكل الحكومة القادمة وسيحصد اعلى الأصوات، وانه سيعمل بكل ما بوسعه لجعل العراق من افضل دول العالم في الخدمات واحترام حقوق الإنسان وصيانة كرامته”. بدلا من جعل العراق من افضل دول العالم جعله في المؤخرة وسلم ثلث أراضي العراق الى تنظيم داعش الإرهابي.
الخلاصة
كانت الانتخابات الحالية بمثابة الفرصة الأخيرة التي يمكن أن نثبت فيها للعالم وقبله نثبت لأنفسنا بأننا شعب واعي ومثقف يحب وطنه ويستفيد من الدروس والتجارب السابقة.شعب عصامي يستحق الحياة الكريمة لا يراهن على نفسه ولا على مستقبل الأجيال القادمة.شعب يستلهم الحكمة معززة بالعزيمة ليقرر ويختار مصيره بيده وليس بأوامر خارجية.شعب لا يضع الحبل حول رقبته ويستأذن الجلاد بخشوع ليتفضل بإعدامه!شعب لا ينسى من. أساء له وبدد أحلامه بنوايا شريرة، وحول مع سبق الإصرار والترصد الفردوس الأرضي إلى جهنمالعاقبة لنا وعلينا، وسنجني ثمارها هذه المرة، والمُرة قريبا، ولات ساعة مندم حري بالعراقيين ان يتذكروا قول السيوطي” لا تكن ممن يلعن إبليس في العلانية، ويواليه في السر”. (الكنز المدفون).