بعد 44 يوماً من الحرب الإسرائيلية على غزة، لا يزال الإعلام الرسمي في الدولة العبرية يبحث ويفكر بكيفية طرد وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وأصبحت القضية شأناً مهماً على شاشات قنوات بارزة في طليعتها القناة 13، التي باتت تروج بقوة لفكرة أن ظاهرة اللاجئين تصاحب كل حرب، في محاولة يائسة لتطبيق الفكرة على غزة، وعدم بقائها استثناء بالمقارنة مع الحرب الأوكرانية في 2022، والأزمة السورية في 2011.

وسلطت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بدورها الضوء على الخطاب التحريضي في عدد من القنوات العبرية الداعي لتسهيل استصاغة وهضم فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة، ضاربة مثالاً على ذلك من تصريحات المذيع في القناة 13  غاي ليرير، المنشغل في التغريد أكثر على منصة إكس حول عمليات التهجير، بالقول مراراً وتكراراً،  "هناك سؤال جدي: لماذا ذهب ملايين اللاجئين السوريين إلى تركيا وذهب ملايين الأوكرانيين إلى جميع أنحاء أوروبا – لماذا توجد في كل حرب ظاهرة اللاجئين باستثناء الحرب في قطاع غزة؟ و"بالطبع مع الافتراض أن إسرائيل ستسمح بذلك، إذا كانت هناك دول مستعدة لاستيعابهم". 

"اللجوء في كندا..أفضل"

وتشير هآرتس إلى مثال آخر، ضرب هذه المرة عبر شاشات القناة 12، الأكثر مشاهدة في إسرائيل في حوار بين المذيع المخضرم رافي رشيف وعضو الكنيست عن حزب "ييش عتيد" رام بن باراك، الذي طرح فكرة مماثلة ووسيلة مناسبة لتنفيذها بالقول، "إذا كان كل سكان غزة لاجئين في الأصل، فلنشتتهم حول العالم. هناك 2.5 مليون شخص. يمكن لكل دولة أن تستوعب 20 ألف شخص. إنه أمر إنساني ومنطقي، فهم لاجئون على أي حال، وأن تكون لاجئاً في كندا أفضل من أن تكون لاجئاً في غزة، إذا كان العالم يريد حقاً أن يحل هذه المشكلة، فإنه يستطيع ذلك". 

The idea of expelling Arabs to other countries was once linked to far-right radicals, and thus considered anathema by most Israelis.

Now, to the delight of extremists, the idea is gaining traction as a "moral" solution to the warhttps://t.co/nGNzcY2cnA

— Haaretz.com (@haaretzcom) November 18, 2023

ولقيت أقوال باراك تأييداً فورياً من مراسل الشؤون الفلسطينية أوهاد حمو، الذي عقب على طرحه بالقول، "بالمناسبة يا رام، أنت تعلم أن حلم كل شاب غزة هو الهجرة".

ليبرالية بصبغة يمينية

وتؤكد الصحيفة، أن الواقع السياسي في إسرائيل خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، دفع أحد أعضاء الكنيست من حزب "يش عتيد" الليبرالي الوسطي ظاهرياً  إلى اقتراح حل كان من شأنه أن يرتبط قبل أسابيع فقط بالجناح اليميني المتطرف.

وبعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عاد الحديث في الوسط السياسي والإعلامي في إسرائيل عن إعادة بناء مستوطنات في غزة، ووصل الخطاب إلى مستوى تحريضي غير مسبوق، باللجوء إلى حل القنبلة النووية، والذي اقترحه وزير التراث الإسرائيلي عمحياي إلياهو، وتقول هآرتس، هذا الخطاب الكاهاني القديم بات يتجدد الآن ويكتسب زخماً كبيراً بين الجمهور الإسرائيلي، من اليمين واليسار على حد سواء، وعلى الرغم من إدراك التيار الإسرائيلي الرئيسي، أن الترحيل يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي ويمكن أن يعني نهاية الدعم الدولي للبلاد، لكن المنظمات اليمينية الرائدة تبنت الخطاب مجدداً، في محاولة لتقديم مبررات جديدة للتهجير، وصياغة الأفكار الكاهانية القديمة مثل "العرب لا يفهمون إلا لغة القوة، ووعدت بأرض إسرائيل" بلغة أكثر ودية للغرب. 

"خلق وضع لا يطاق"

ومع مرور الوقت، أصبحت الدعوات لتهجير الفلسطينيين أكثر وأقوى، وبعد 10 أيام فقط من هجوم 7 أكتوبر، كتب الدكتور رافائيل بن ليفي، رئيس برنامج تشرشل للحنكة السياسية والدراسات الدفاعية، أن "الطريقة الوحيدة الممكنة لتحقيق الاستقرار في جنوب إسرائيل هي: حث سكان غزة على النزوح إلى شبه جزيرة سيناء، وإنشاء مبادرة دولية لاستيعاب اللاجئين في الدول الأجنبية، وفيما يخص المعارضة الدولية المتوقعة، فيجب على إسرائيل أن تعمل بتصميم على خلق وضع لا يطاق في غزة، حتى تضطر الدول الأخرى بما فيها الولايات المتحدة للمساعدة في تسهيل عمليات التهجير". 

"خطط أخلاقية"

أطراف أخرى في إسرائيل بدأت تصيغ مع مرور الوقت خططاً أخرى، أكثر خداعاً في محاولة لإضفاء صبغة أخلاقية على عمليات التهجير، ويقود ذلك الطرح  المحرر يوآف سوريك الذي نشر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مقالاً بعنوان "تهجير سكان غزة..ضروري وأخلاقي وممكن"، يقدم فيه سلسلة من الحجج المنطقية جيدة التنظيم وقائمة على الأخلاق لتبرير التهجير.
وتؤكد هآرتس أن مقالة سوريك جديرة بالملاحظة لأن النخبة المحافظة في إسرائيل أعجبت بها وتعيد نشرها باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تقوم على ثلاثة مبادئ، "أولها أن السماح بوجود سكان ومنظمة قتلة في بلدنا، أو بالقرب من حدودنا، هو سياسة غير أخلاقية. وثانيها أنه لا حق في الوجود لمن لا يقبل وجودنا، وثالثها أن نقل السكان غير المقاتلين لمواصلة حياتهم في مكان مختلف، من خلال تشجيع الهجرة ومنع العودة إلى غزة، هو عمل أخلاقي".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی إسرائیل

إقرأ أيضاً:

صحفي: خطاب ترامب أمام الكنيست أظهر تحيزًا كاملًا لإسرائيل

وصف الكاتب الصحفي حسين عبد الغني خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الكنيست الإسرائيلي بأنه خطاب غير متوازن، استمر لمدة ساعة، وأظهر تحيزًا كاملًا لإسرائيل.

بسبب نتنياهو وزعيم المعارضة.. ترامب: تأخرت عن الذهاب إلى مصرعمرو أديب: ترامب اختتم خطابه بالكنيست بجملة شعبان عبدالرحيم دون الحديث عن المستقبلترامب: مستعدون للتوصل إلى اتفاق مع إيران في هذه الحالةترامب: اعتزم أن أكون شريكا في إعادة إعمار غزة


وأضاف الكاتب الصحفي، خلال لقائه مع الإعلامية لميس الحديدي في الاستوديو التحليلي بمناسبة قمة شرم الشيخ للسلام على شاشة "النهار"، أن "الخطاب كان غير متوازن، ونوعًا من الانحياز المطلق، حيث تحدث عن صدمة السابع من أكتوبر، وأنها أقوى من الهولوكوست، لكنه لم يتحدث عن ربع مليون قتيل ومصاب ، وعن مئات الآلاف من الأطفال مبتوري الأطراف في غزة".


واصل قائلًا:"قال لإسرائيل: لقد حققت لكم الأهداف الأربعة، وهي تدمير القدرات النووية الإيرانية، وأنه الشخص الوحيد الذي استطاع إخراج إسرائيل من العزلة الدولية. لكن الأخطر أنه عاد إلى فكرة توسيع نطاق الاتفاقات الإبراهيمية، وهي جذر المشكلة ".


ولفت إلى أن الطابع الغالب على الخطاب ولغته كان صهيونيًا مسيحيًا بامتياز، مشيرًا إلى أنه تحدث عن تحالف تام بين المؤسستين العسكريتين الأمريكية والإسرائيلية، وتفادى الخوض في ما يتوقعه الجمهور منه، وهو التسوية الشاملة في المنطقة، لأنه لا يملك تصورًا واضحًا سوى أفكار مبهمة وعامة.


وتابع:"الأمر الرابع تجاوز الطبيعة البشرية، إذ أبدى حرجًا شديدًا في مدح الذات، لكنه قدّم صورة مذهلة في مديح نفسه".

طباعة شارك لميس الحديدي الإعلامية لميس الحديدي دونالد ترامب الرئيس الأمريكي

مقالات مشابهة

  • صحفي: خطاب ترامب أمام الكنيست أظهر تحيزًا كاملًا لإسرائيل
  • المفوضية: توقعات بانخفاض عدد اللاجئين السوريين بالأردن
  • الأوضاع الصحية والإنسانية بغزة تحتاج استجابة عاجلة
  • من ذرائع حرب غزة إلى إشعال الصراع الداخلي.. الحوثي في مهمة إشعال الحروب
  • بعد أكثر من 60 عاماً.. سوريا تسلم إسرائيل رفات إيلي كوهين
  • صحة غزة: الأوضاع الصحية والإنسانية تتطلب الاستجابة الطارئة
  • الصحة: الأوضاع الصحية والإنسانية بغزة تتطلب استجابة طارئة
  • رفضنا التهجير .. أحمد موسى: السيسي أكثر رئيس على مستوى العالم عقد لقاءات من أجل فلسطين
  • الإرث النضالي في الخطاب الإنتخابي
  • بين سلاح حماس وخطة ترامب| القاهرة تُمسك بخيوط السلام في غزة وتوازن بين السياسة والإنسانية