تؤكد الدولة المصرية دوماً على أن حل القضية الفلسطينية يتمثل في إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، مع الرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين، وتقول القاهرة إن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية.

انتداب مصري في غزة

جددت القاهرة رفضها لما يجري تداوله في الأوساط الإسرائيلية، بشأن دور مصري لإدارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي على حركة حماس، في الوقت الذي شدد دبلوماسيون على أن "الشعب الفلسطيني هو من يقرر مصيره".

يشار إلى أنه كان قد قال السفير الإسرائيلي السابق لدى القاهرة، يتسحاق ليفانون، في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، إن "الوجود العسكري لبلاده في غزة بعد الحرب يشكّل مشكلة لها"، معتبرا أن "الحل هو وجود مؤقت لمصر، لضبط النظام في قطاع غزة والإشراف على إعادة إعماره".

ويأتي ذلك على غرار انتداب الدول الكبرى الذي فُرض على فلسطين وسوريا ولبنان والعراق وشرق الأردن، بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية، بصورة مؤقتة كما قالت الدول الكبرى آنذاك، "من أجل الأخذ بيدها في سبيل استكمال عناصر استقلالها".

وطبقا للدبلوماسي السابق، "فإنهم في إسرائيل وفي خارجها بدأوا بالتفكير في غزة بعد انتهاء الحرب، ويطروح أسئلة من قبيل: ما هو النظام الذي سيقام هناك؟ وكيف سيكون شكله مقارنة بما كان تحت حكم حماس؟".

وتابع:"مراكز الأبحاث وأجهزة الاستخبارات تحاول إيجاد الصيغة الأفضل (لحكم غزة)، فيجب أن تكون غزة، في ظل أي نظام لإعادة الإعمار، منزوعة السلاح".

ويخلص يتسحاق ليفانون إلى أن مصر هي الحل، ويقول: "دعونا لا نبقي تواصل بيننا (الإسرائيليون) وبين مع غزة، وهنا تدخل مصر في الصورة بحصولها على انتداب على القطاع، على غرار الانتدابين البريطاني والفرنسي الذي كان في منطقتنا في القرن الماضي، وليس الهدف إعادة غزة إلى مصر، بل إعطاء مصر تفويضا مؤقتا للوجود في غزة، حيث تشرف مصر خلال هذه الفترة على بناء غزة بمساعدة مالية دولية لتكون مختلفة عما هي عليه اليوم".

ويبرر السفير الإسرائيلي السابق فكرته هذه، بأن "مصر تعرف غزة وأهل غزة يحترمون المصريين كثيرا، كما أن القاهرة تتمتع بخبرة ومعلومات كبيرة فيما يتصل بغزة، وسوف تعمل على ترسيخ النظام لصالح إعادة تأهيلها".

وختم مقاله بالقول: "من الممكن أن يبدو اقتراح الانتداب المصري على غزة خياليا في هذه اللحظة، بل وصعب التنفيذ"، لكنه اعتبر أن الأمر قد يتحقق في نهاية المطاف، لأنه "يخدم مصالح مصر"، على حد تعبيره.

التخبط الإسرائيلي

في  هذا الصدد قال الدكتور طارق البرديسي خبير العلاقات الدولية، إن فكرة الإنتداب المصري على قطاع غزة هو عبارة عن سيناريوهات  تعكس التخبط الإسرائيلي، مشيراً إلى ان مصر هي التي تقرر وغزة هي التي تقرر من يحكمها.

وأضاف الدكتور طارق البرديسي خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أن إسرائيل هي التي تختلق المشاكل وتفتعل عدم الإستقرار وتتطوع محاولةً منها لفرض تصورات عفى عليها الزمن، مشيراً إلى ان ما يحدث الآن يشي بأن الأمر لم يعد كما كان في الماضي، فلن يكون هناك تهجير للقرار المصري الرافض، ولأن المواطن الغزاوي لن يكون مهجراً، بل سيكون متشبثاً في أرضه بفضل صموده وتضحياته.

من جانبه قال أحمد التايب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي ، إن أي حديث عن ماذا بعد الحرب دون وقف الحرب هو مضيعة للوقت ويأتي في اطار خطة ممنهجة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل لكسب الوقت وممنح إسرائيل فرصة الانتهاء من عملياتها وتنفيذ مخططها، وفى ظنى أن هذا تكشف تماما عند زيارة بلينكن وحديثه عن ما بعد حرب غزة وكيفية إدارة القطاع، متجاهلا حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واختيار من يحكمه، ومؤكدا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى الب" أن التحركات الأمريكية حول مستقبل غزة وإدارة القطاع تأتى في إطار سلسلة من المناورات لمنح إسرائيل الفرصة لتحقيق ما تريد، ولتقليل الضغط على الإدرة الأمريكية وتمييع الأحداث، وتشتيت الجهود، وكسب الوقت، والإصرار على تحقيق هدف إسرائيل فى مخططاتها التي تبدأ بالانتقام وتصل إما للتهجير أو الإبادة.

وأكمل: أما دور مصر وموقفها فهو رافض تماما لأى سيناريو سواء تكوين تحالف دولى من الغرب والإقليم لإدارة القطاع، أو سيناريو وجود قوات حفظ سلام، فموقف مصر ثابت يبدأ بضرورة وقف القتال ثم ادخال المساعدات دون شروط أو قيود ثم السعي نحو المسار السياسى لحل الدولتين وأن من حق الشعب الفلسطيني يختار من يحكمه، لذلك فأنا أرى  أن هذه السيناريوهات لا وقت لها وتنم عن نوايا خبيثة تحمل في طياتها خدمة الكيان الصهيوني، وأنه لا حل حقيقى إلا بوجوب وقف لإطلاق النار، وأنه لا حديث عن إدارة غزة قبل وقف جرائم المحتل، ولأن هذا شأن داخلى فلسطيني مكفول بالقانون الدولى والاتفاقيات الدولية كأوسلو.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة حركة حماس إسرائيل الولايات المتحدة الشعب الفلسطيني بعد الحرب قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو

كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أن الحكومة البريطانية هددت بوقف تمويل المحكمة والخروج من نظام روما الأساسي الذي أنشأها، إن مضت في خططها لإصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

كريم خان ذكر هذا الادعاء في مذكرة قدمها للمحكمة دفاعا عن قراره بمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي. وكان ذلك في 23 أبريل/نيسان 2024 عندما تلقى خان اتصالا هاتفيا حازما من مسؤول بريطاني لم يكشف عن هويته.

لكن تقارير إعلامية رجحت أن يكون المتصل وزير الخارجية البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون.

وأضاف خان أن المسؤول البريطاني اعتبر أن إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت أمر غير متناسب.

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (الفرنسية)عواقب كارثية

وقد أوضح المدعي العام -وهو بريطاني من أصول باكستانية- أن التهديدات البريطانية لم تكن الوحيدة، فقد تلقى أيضا تحذيرات من مسؤول أميركي بأن إصدار مذكرات التوقيف سيؤدي إلى "عواقب كارثية".

وخلال مكالمة أخرى في الأول من مايو/أيار 2024، حذره السيناتور الأميركي ليندسي غراهام من أن تنفيذ المذكرات قد يدفع حركة حماس إلى قتل الأسرى الإسرائيليين.

وفي مواجهته لدعوات تأجيل إصدار مذكرة التوقيف، قال خان إنه أصرّ خلال المكالمة على أنه لم تكن هناك أي إشارة إلى استعداد الحكومة الإسرائيلية للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية أو تغيير سلوكها.

وكشف خان أنه أصر على إرسال رد قوي من 22 صفحة على طلب إسرائيل بإلغاء المذكرات، "بعد أن رأى أن الرد الأولي كان ضعيفا.

كذلك، أوضح المدعي العام للجنائية الدولية أنه شكّل لجنة من خبراء القانون الدولي لتقييم اختصاص المحكمة وإمكانية محاكمة نتنياهو وغالانت و3 مسؤولين من حماس.

يذكر أنه بدعم أميركي، شنت إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمرت عامين، وأدت لسقوط أكثر من 70 ألف شهيد و171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء.

التزام علني

وعبرت عدة دول أوروبية عن التزامها بقرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو، مما أجبره على تفادي المرور في أجواء هذه الدول الأوروبية خوفا من اعتقاله.

إعلان

وإذا كانت بريطانيا، حاولت سرا إنقاذ نتنياهو فإنها لم تعارض علنا مذكرة توقيفه، بل أبدت احترام المحكمة وأكدت التزامها بميثاق روما الأساسي.

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن لندن "ستتبع الإجراءات القانونية الواجبة" إذا زار نتنياهو البلاد.

وجاء ذلك تعليقا على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الأخير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وردا على سؤال عما إذا كانت لندن ستنفذ أمر الاعتقال، قال لامي: "نحن موقعون على نظام روما، ودائما نلتزم بتعهداتنا بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي".

مقالات مشابهة

  • رائد سعد.. واضع خطة سور أريحا التي هزمت فرقة غزة الإسرائيلية
  • الحية: غزة تعيش كارثة إنسانية وحماس ترفض الوصاية وتؤكد الالتزام بوقف إطلاق النار
  • اغتيال رائد سعد يضع إسرائيل بين ثلاثة خيارات صعبة
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذين ما زالوا في غزة
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • الجبهة الديمقراطية: ربط العدو الإسرائيلي الانتقال للمرحلة الثانية باستعادة جثة آخر أسير صهيوني هو محاولة مكشوفة لتعطيلها
  • "أونروا": لدينا مخزون غذائي لـ 1.3 مليون شخص بغزة ترفض "إسرائيل" دخولها
  • رويترز: أميركا حجبت معلومات استخباراتية عن إسرائيل خلال حرب غزة
  • روسيا ترفض اقتراح رئيس أوكرانيا بشأن إجراء استفتاء في دونباس
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو