أدت 7 أشهر من الحرب المتواصلة في السودان إلى مقتل الآلاف ونزوح الملايين داخليا وإلى دول الجوار، وجعلت احتمال التقسيم خطرا محدقا ببلاد كانت تعاني أساسا من التشرذم والصراعات.

ومع تواصل المعارك والنزاع على السلطة بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وحليفه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، يخشى خبراء أن يتكرر في السودان "السيناريو الليبي"، في إشارة إلى الفوضى التي تعمّ الجار الشمالي الغربي، حيث تتنازع حكومتان السلطة، إحداهما في طرابلس معترف بها من الأمم المتحدة، والثانية في الشرق يقودها الجنرال خليفة حفتر المدعوم من أطراف إقليمية.

في السودان، سيطرت قوات الدعم السريع على مناطق في الخرطوم وحققت تقدما كبيرا في إقليم دارفور (غرب).

في المقابل، تحصّن أعضاء الحكومة وقادة الجيش في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر بشرق البلاد، والتي بقيت في منأى عن المعارك التي اندلعت في 15 أبريل/نيسان.

ولا يبدو أي طرف مستعدا لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، خصوصا أن أيا منهما لم يحقق تقدما حاسما على الأرض.

اقرأ أيضاً

بات أقرب للشر المطلق.. الأمم المتحدة تجدد تحذيرها من تصاعد العنف في السودان

ومطلع الشهر الجاري، فشلت جولة جديدة من مفاوضات جدة التي ترعاها الولايات المتحدة والسعودية في تحقيق أي خرق.

ولم تفلح جولات التفاوض المتعددة سوى في إبرام وقف موقت للمعارك التي كانت سرعان ما تستأنف بمجرد انتهاء المهل.

ويثير فشل الوساطات الدولية المتعددة مخاوف من أن يفضي استمرار الوضع على حاله لفترة طويلة إلى تقسيم السودان.

وقال خالد عمر يوسف الناطق باسم قوى الحرية والتغيير، الكتلة المدنية التي كانت شريكة في الحكم مع الجيش قبل انقلاب البرهان وحميدتي عليها، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن "استمرار المعارك يمكن أن يؤدي الى سيناريوهات مرعبة من بينها التقسيم".

وأضاف: "موجة التسليح المتصاعدة (للمدنيين) تعمّق الشروخ الاجتماعية في السودان".

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم إلى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص، وفق تقدير لمنظمة "أكليد" والذي يعتقد على نطاق واسع أنه أدنى من الحصيلة الفعلية.

اقرأ أيضاً

الإيكونوميست: الخرطوم تواجه مصير دريسدن وستكون أطلال للفائز بالحرب السودانية

كما تسببت المعارك بنزوح أكثر من 6 ملايين شخص، وتدمير معظم البنية الأساسية في السودان، الذي كان يعدّ حتى قبل اندلاع النزاع، من أفقر بلدان العالم.

ومنذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، تواترت التقارير عن مذابح جديدة في دارفور، في ظل هجوم واسع النطاق لقوات الدعم السريع، التي أعلنت السيطرة على قواعد الجيش في المدن الكبرى في الإقليم.

في مدينة أرداماتا (غرب دارفور)، قتل مسلحون 800 شخص وتمّ تدمير 100 مأوى في معسكر للنازحين، ما دفع 8 آلاف شخص للفرار إلى تشاد المجاورة، خلال أسبوع واحد، وفق الأمم المتحدة.

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن "صدمته" من سقوط "حوالى ألف قتيل"، في زهاء يومين في أرداماتا، فيما يبدو حملة "تطهير عرقي".

ويعتقد الخبراء، أن تلك الأرقام تبقى ما دون الفعلية بسبب انقطاع شبكات الاتصالات بشكل شبه كامل، جراء القتال.

ومنذ بداية النزاع، أحصت الأمم المتحدة أكثر من 1.5 مليون نازح داخل إقليم دارفور، الذي يعيش فيه ربع سكان البلاد البالغين 48 مليونا.

اقرأ أيضاً

السودان في "لعبة الأمم"... انقسام وتقاسم وتقسيم

وحذرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، من أن العنف في السودان بلغ مرحلة "الشر المطلق"، وأعربت عن قلقها خصوصا من هجمات على أساس عرقي في دارفور.

وفيما يقاتل الجيش في مختلف أنحاء السودان، اتخذ قائده البرهان وحكومته من بورتسودان مقرا لقيادتهم، ما غذّى الخشية من تقسيم البلاد.

ويرى المحلل السوداني فايز السليك، أن الفشل في التوصل الى حل سياسي يمكن أن يقود إلى وضع مشابه للوضع في ليبيا، "مع وجود أكثر من حكومة لا تملك أيا منها فعالية حقيقية وغير معترف بها دوليا".

وعلى رغم أن الخبراء يرون أن حميدتي قادر على الاعتماد على حلفاء وازنين مثل الامارات، فإن البرهان حافظ على مكانته كرئيس فعلي للدولة في المحافل الدولية، ويشارك في اجتماعات الأمم المتحدة والجامعة العربية.

ويرى السليك أن التقدم الكبير الذي حققته قوات الدعم السريع في دارفور "يعطيها ميزة نسبية ويمكنها من التحرك داخل قواعدها"، وذلك في إشارة إلى القبائل العربية في الإقليم.

ذلك أن الفصائل العربية المسلحة المعروفة بـ"الجنجويد" تشكّل عماد قوات الدعم السريع، وهي التي قامت مطلع القرن الحالي تحت قيادة حميدتي، بتنفيذ سياسة الأرض المحروقة في دارفور، لصالح الرئيس السابق عمر البشير، من خلال حرق ونهب ممتلكات الاثنيات غير العربية واغتصاب النساء.

اقرأ أيضاً

بعد تهديدات حميدتي.. الحرية والتغيير تحذر من تقسيم السودان

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق البشير المتهم بارتكاب "جرائم حرب"، و"جرائم ضد الإنسانية" في دارفور، وتحذر المحكمة اليوم من تكرار السيناريو نفسه.

وعلى رغم تقدم قوات الدعم السريع في دارفور، فإن فرص تحقيق أي طرف نصرا عسكريا حاسما على الآخر تبدو ضئيلة، بحسب خبير عسكري طلب عدم الكشف عن هويته.

وأوضح: "حتى لو تمكن الجيش من استعادة السيطرة على الخرطوم، وهي مهمة شاقة، فسيكون من الصعب جدا من الناحية اللوجستية إرسال قوات لاستعادة أجزاء من دارفور"، إذ يفضل 1200 كيلومتر بين العاصمة ومدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور، قرب الحدود مع تشاد.

في الخرطوم، استيقظ السكان قبل نحو 10 أيام على خبر صادم، وهو تفجير جسر "شمبات" الذي يربط بين ضاحيتي العاصمة بحري وأم درمان.

وفي حين تبادل طرفان النزاع الاتهامات بشأن تدمير الجسر، رأى خبراء أن قوات الدعم السريع فقدت بخسارة الجسر، خط إمدادها الرئيسي من وسط السودان.

اقرأ أيضاً

دعوات سودانية لوقف الاقتتال العسكري وتحذيرات من تقسيم البلاد

المصدر | فرانس برس

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السودان الحرب في السودان ليبيا تقسيم السودان البرهان حميدتي قوات الدعم السریع الأمم المتحدة فی السودان اقرأ أیضا فی دارفور أکثر من

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على العطرون الإستراتيجية بشمال دارفور

أعلنت سلطات إقليم دارفور السوداني استعادة القوات المسلحة السودانية السيطرة على منطقة العطرون الإستراتيجية من قبضة قوات الدعم السريع، بولاية شمال دارفور (غرب).

وقال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، في تدوينة عبر فيسبوك، أمس الأحد، إن القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة (للحركات المسلحة) "تحقق انتصارات عظيمة بتحرير منطقة العطرون الإستراتيجية من قبضة مليشيا الدعم السريع الإرهابية"، وفق تعبيره.

من محور الصحراء ، أبطالنا في القوات المسلحة والقوات المشتركة يحققون انتصارات عظيمة بتحرير منطقة #عطرون الاستراتيجية من قبضةمن محور الصحراء ، أبطالنا في القوات المسلحة والقوات المشتركة يحققون انتصارات عظيمة بتحرير منطقة #عطرون الاستراتيجية من قبضة مليشيا الدعم السريع الإرهابية ، نبشر شعبنا في إقليم دارفور بأن النصر بات وشيكاً ، وقريباً سنحتفل في كل الطرقات تحت شعار " جيش واحد شعب واحد ، مورال فوق مشتركة فوق "

تم النشر بواسطة ‏مني اركو مناوي Mini Arko Minawi حاكم اقليم دارفور Governor of Darfur Region‏ في الأحد، ١٨ مايو ٢٠٢٥

من جانبها، قالت القوات المشتركة للحركات المسلحة في بيان "نعلن بفخر واعتزاز عن تحرير منطقة العطرون الإستراتيجية في صحراء شمال دارفور من قبضة مليشيات الدعم السريع".

إعلان

وأضاف البيان، أن ما وصفه بالإنجاز العظيم جاء نتيجة عملية عسكرية دقيقة ومنسقة، نفذتها القوات المشتركة بالتعاون مع القوات المسلحة السودانية، حيث تم تكبيد "العدو" خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

وحتى الساعة لم يصدر أي تعليق من قوات الدعم السريع على بيان حاكم دارفور.

أهمية العطرون

وتتمتع منطقة العطرون بموقع إستراتيجي، حيث تقع في أقصى شمال ولاية شمال دارفور، على طريق حيوي يربط بين الولاية الشمالية وشمال دارفور، ويمتد باتجاه المربع الحدودي الذي يجمع السودان بمصر وليبيا وتشاد.

وفي 9 أبريل/نيسان الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع استيلاءها على العطرون، بعد مواجهات مع الجيش والقوات المشتركة.

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش، وتمددت انتصارات الأخير في العاصمة الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.

وفي الولايات الـ17 الأخرى في السودان، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يستعيد السيطرة على العطرون الإستراتيجية بشمال دارفور
  • السودان.. مقتل 14 نازحًا في قصف الدعم السريع على سوق في دارفور
  • القوة المشتركة تعلن تحرير منطقة العطرون من قبضة مليشيا الدعم السريع
  • اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين في الفاشر
  • السودان: مقتل 14 شخصا في قصف لميليشيا الدعم السريع على معسكر للنازحين في الفاشر
  • وصول إمدادات عسكرية جديدة لقوات الدعم السريع ..كشف تفاصيل
  • الجيش السوداني يعلن سيطرته على «واحة العطرون» بالقرب المثلث الحدودي مع ليبيا
  • مليشيا الدعم السريع تستهدف معسكر قوات درع السودان بجبل الأبايتور
  • السودان: الأمم المتحدة ترحب باستمرار فتح معبر “أدري” وتحذر من مخاطر في دارفور
  • هل تغير معارك كسر العظم في غرب السودان الخريطة العسكرية؟