إسرائيل والجنائية الدولية.. الإفلات من العقاب دائما
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
تتصاعد الدعوات الدولية لمحاكمة إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في المحكمة الجنائية الدولية، لارتكابها جرائم مختلفة ضد سكان قطاع غزة، لكن الضغوط التي تمارسها إسرائيل تحميها من المحاسبة.
وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية في 17 نوفمبر/تشرين الأول الماضي تقدم 5 دول أعضاء بطلب تحقيق في الهجمات الإسرائيلية على غزة، هي جنوب أفريقيا وبوليفيا وبنغلاديش وجزر القمر وجيبوتي.
ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي تتلقى فيها المحكمة الجنائية الدولية طلبات للتحقيق في جرائم ارتكبتها إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بعد انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية في 2015، مما يعني أن الجرائم التي ترتكب في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، أصبحت ضمن دائرة اختصاص المحكمة.
لكن المفارقة أنه رغم كل المعلومات لدى المحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم إسرائيل التي ارتكبتها خلال حروبها الأخيرة على غزة، لم تدن المحكمة إسرائيل، ولم تصدر أي مذكرة اعتقال بحق أي مسؤول إسرائيلي.
في حين لم يتطلب إصدار الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوى أسبوعين، بعد أن تقدمت 39 دولة أعضاء في المحكمة بطلب التحقيق في الجرائم المرتكبة داخل أوكرانيا.
وهذا ما يجعل كثيرا يتساءلون عن السبب الذي يتيح لإسرائيل الإفلات من العقاب دائما، وعدم محاكمتها بتهم الإبادة وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، الموثقة بالصوت والصورة والشهود، وباعتراف الجناة أحيانا.
ثغرات قانونيةكان انضمام فلسطين لعضوية المحكمة بمثابة أول خطوة رسمية نحو محاكمة إسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، رغم أنه قبل عام 2015، قدمت مئات الدعوى القضائية لدى المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل لارتكابها جرائم في فلسطين، فإنها رفضت جميعها.
وكان أحد الأسباب الرئيسية للرفض، عدم الاختصاص، أو أن عدد الضحايا لا يرقى إلى مستوى جرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب أو جرائم العدوان التي تختص بها المحكمة.
فطبقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، من يحق له فتح تحقيق في هذا النوع من الجرائم هم الدول الأعضاء، ومجلس الأمن الدولي، والمدعي العام للجنائية الدولية.
لكن شروع المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق بالتهم الموجهة لإسرائيل وقادتها السياسيين والعسكريين لم يفتح بشكل رسمي إلا في 2021، أي أنها استغرقت 6 سنوات في جمع المعلومات وتحليلها قبل فتح التحقيق.
ضغوط إسرائيليةويعد عدم انضمام إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية، وعدم اعترافها بالدولة الفلسطينية، ورفضها التعاون مع محققيها الجنائيين، سببا يعرقل فتح تحقيقات.
كما اتهمت إسرائيل المحكمة الجنائية بـ"معاداة السامية" كعادتها في التعامل مع أي انتقاد لممارساتها، وحرضت عدة دول أعضاء بوقف التمويل أو تقليصه عن الجنائية الدولية، وعلى رأسها ألمانيا واليابان.
بينما بررت المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة البطء في إصدار مذكرات اتهام، بأن النظام القضائي الإسرائيلي ينص بالفعل على معاقبة المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وهذا يعني أن المحكمة الجنائية الدولية قد لا تكون مختصة بالانتهاكات الإسرائيلية.
محاكمة إسرائيلوليس من المستبعد أن تنضم دول أخرى أعضاء في الجنائية الدولية إلى الدول الخمس التي قدمت طلب تحقيق بالهجمات الإسرائيلية، على غرار كولومبيا، التي أعلن رئيسها غوستافو بيترو، دعم بلاده دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لرفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية.
كما قدم مئات المحامين والهيئات الحقوقية من مختلف أنحاء العالم بقيادة المحامي الفرنسي الشهير جيل دوفير، دعوى قضائية للمدعي العام للجنائية الدولية، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، تطالب بفتح تحقيق في جرائم الاحتلال في غزة.
وأعلنت النقابة الثانية للمحامين الأتراك، اعتزامها تقديم شكوى قضائية لدى المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم الإسرائيلية في فلسطين.
ومن شأن هذه الضغوط الدولية والشعبية التسريع في محاكمة قادة إسرائيل، لكن ذلك لا يزال يصطدم بموقف متشدد من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الأعضاء في المحكمة، رغم موقف أيرلندا وبلجيكا الداعم لمحاسبة تل أبيب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة فی المحکمة تحقیق فی
إقرأ أيضاً:
مركز: جرائم القتل التي ارتكبتها العصابات المسلحة بغزة تستوجب التحقيق والمساءلة
غزة - صفا
دان مركز غزة لحقوق الإنسان، جريمة الإعدام الميداني التي ارتكبتها عصابة مسلّحة تدعمها "إسرائيل" وتتمركز في منطقة تخضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي شرقي رفح جنوبي قطاع غزة، بحق مواطنين فلسطينيين، ونشر صور مروعة لمقتلهم.
وقال المركز في بيان اليوم الأحد، إنه تابع بقلق ما أعلنته العصابة عن تنفيذ ما سمته حكمًا ثوريًا بحق منتصر أبو سمك ومجاهد أبو صوصين، ونشر صور مروعة للضحايا، مشدداً على أن ما جرى جريمة قتل خارج نطاق القضاء بكل معايير القانون الدولي الإنساني، ولا يمكن تبريره أو إلباسه أي صفة قانونية.
وأشار المركز الحقوقي إلى أن المسؤول الحالي عن هذه العصابة نشر صورًا مروعة لجثتي الضحيتين عبر منصات التواصل دون أي تحقق من ظروف احتجازهما أو معاملتهما، ما يكشف طبيعة الجريمة ويدل على نية واضحة في الترويع وإضفاء طابع احتفائي على القتل.
وذكر أن هذه المرة الثانية التي تنشر فيها العصابات المسلحة صوراً لأشخاص قتلتهم بطريقة مروعة ونشر صورهم في سلوك يشكل انتهاكًا إضافيًا لكرامة الإنسان وحرمة الجسد، ويعد دليلًا على غياب أي رقابة أو ضوابط قانونية.
وأكد المركز أن العصابة المنفذة تتمركز في منطقة تخضع لسيطرة القوات الإسرائيلية وتحظى بحمايتها العسكرية المباشرة، وقد سبق أن تورطت في تنفيذ مهام ميدانية لصالح الاحتلال بما فيها تنفيذ جرائم قتل وسطو وخطف لفلسطينيين وفلسطينيات، ما يجعلها جزءًا من بنية الاحتلال الفعلية في سياق المسؤولية القانونية الدولية.
وشدد على أنه بموجب قواعد المسؤولية عن الأفعال غير المشروعة تتحمل "إسرائيل" المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة، كما تتحمل المسؤولية كل دولة تزوّد هذه العصابة بالسلاح أو العربات أو أي دعم يمكّنها من ارتكاب الانتهاكات.
وقال المركز: "إن ما ارتكبته هذه العصابة يمثل انتهاكًا صارخًا للمادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف التي تحظر الإعدام والتصفية دون محاكمة عادلة، ويُعد جريمة حرب تستوجب المساءلة الفردية والدولية، كما يشكل انتهاكًا مطلقًا للحق في الحياة، وهو حق لا يجوز المساس به حتى في حالات النزاع".
وطالب المركز بفتح تحقيق دولي مستقل وعاجل في هذه الجريمة ومجمل الجرائم التي ارتكبتها هذه العصابات، ومحاسبة جميع الضالعين فيها بمن فيهم الآمرون والمشرفون والداعمون.
وناشد الدول وجميع الجهات بإعلاء صوتها واتخاذ إجراءات لوقف الجرائم التي ترتكبها هذه العصابات ورفع الغطاء عن جميع الجهات التي تدعمها.
ودعا الدول لوقف نقل السلاح والعتاد لهذه التشكيلات، احترامًا لالتزامها القانوني في منع الجرائم الجسيمة وعدم التورط في إدامتها.
وأكد المركز أن السماح لهذه العصابات بالعمل تحت حماية الاحتلال، يكرس بيئة إفلات خطرة ويفتح الباب لمزيد من عمليات التصفية بحق المدنيين الفلسطينيين.