شراع : العدوان على غزة بين رابح وفاضح ومفضوح
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
لَمْ يَزُلْ بعد غبار المعركة الدَّائرة رحاها بَيْنَ قوى الباطل وقوى الحقِّ على أرض فلسطين المحتلَّة، وتحديدًا في كُلٍّ من قِطاع غزَّة والضفَّة الغربيَّة لِتنكشفَ كُلُّ الحقائق والسَّوءات والمُخطَّطات. فأعداء فلسطين والأُمَّتيْنِ العربيَّة والإسلاميَّة لا تزال أصابعهم على أزرار القنابل والصواريخ وجميع الأسلحة الفتَّاكة، ولا يزالون على مُتون طائراتهم الحربيَّة وبوارجهم وحاملات طائراتهم وغوَّاصاتهم النوويَّة، وكذلك لا يزالون مُعْتلِين منابرهم الإعلاميَّة لترويجِ الفِتَنِ والأكاذيب والتَّشويه والتحريض، مُتربِّصينَ بحربهم الشَّعواء ـ على الأرض العربيَّة والإسلاميَّة ـ بإنسانها ودمائها وثرواتها ومقدَّساتها.
ومن بَيْنِ ما يُمكِن ملاحظته عَبْرَ ما أفرزته هذه الحرب الظَّالمة الإرهابيَّة على الشَّعب الفلسطيني في غزَّة، أنَّ الرِّياح جرَتْ عكسَ ما تشتهيه سفنُ معشر التآمر والخيانة والعمالة، فقَدْ خرجت فلسطين من بَيْنِ أنقاض الباطل بقوَّة الحقِّ المُبِين لِتصدحَ به الحناجر، وتتغَنَّى باسم فلسطين الألسنُ على اختلاف لُغاتها ولهجاتها، وتتربَّع على عرش الإعلام، وتتصدَّر أماكن صنع القرار وتطْغَى على كُلِّ حركة وكُلِّ سكنةٍ في شوارع العواصم والمُدُن في قارَّات الكرة الأرضيَّة، والَّتي اتَّخذت من الدِّماء الفلسطينيَّة البريئة ـ المسفوكة ظلمًا وعدوانًا ـ وقودًا لمحرِّكات قوى الحقِّ والخير في مواجهة قوى الشَّرِّ والباطل.
إنَّ هذا الألَقَ للقضيَّة الفلسطينيَّة، سواء داخل فلسطين المحتلَّة أو الإقليم أو العالَم كُلِّه، قَدْ سلَّط أضواءه على مكامن الخُبث والتواطؤ والخيانة والعمالة، مُسْقِطًا الأقنعة من على الوجوه، وسلَّط أضواءه على أماكن الربح والنَّصر. فكما في كُلِّ حرب هناك ربح وخسارة وفاضح ومفضوح.
البكاء والنحيب اللَّذان أتْخَما القنوات الإعلاميَّة التَّابعة لكيان الاحتلال الصهيونيِّ والقنوات الحليفة والعميلة قَدْ كشَفَا ـ حقيقةً ـ عن الكثير من الوجوه التي ظلَّت ردحًا من الزمن تُتاجر بالقضيَّة الفلسطينيَّة، وقدَّمت نَفْسَها على أنَّها مع الحقِّ الفلسطينيِّ فإذا بها اليوم تَسْقُط في الاختبار الكبير. فما يقوله الصهاينة على مختلف مشاربهم؛ مُحلِّلون سياسيون أو أمنيون أو عسكريون أو إعلاميون أو غير ذلك على منابر قنواتهم الإعلاميَّة، مُثيرٌ للانتباه والمتابعة لمعرفة مَنْ هُمْ بَيْنَ ظهراني هذه الأُمَّة، ومحسوبون على العروبة والإسلام؛ ذلك أنَّ ذكْرَ أسماء دوَل بِعَيْنِها وشخصيَّات وقيادات بذاتِها ليس من قبيل المصادفة أو الفراغ المعلوماتيِّ ما لَمْ يكُنْ هناك حقًّا أدوار متواطئة وخيانات تُمالئ هؤلاء الصهاينة وتؤيِّدهم في جرائمهم. ولَمْ يكُنِ الصهاينة مُجبَرِين على الخروج علنًا وعَبْرَ وسائل إعلامهم لفضح عملائهم وأتباعهم من هذه الأُمَّة وخارجها لولا الرَّغبة في المزيد من التواطؤ والخيانة من قِبل هؤلاء المفضوحين.
على الجانب الآخر، أثبتَتْ جرائم الحرب الصهيونيَّة أنَّ منظَّمة الأُمم المُتَّحدة وجميع المؤسَّسات والمنظَّمات والمجالس التَّابعة لها قَدْ أصبحت في موضع غير الموضع الَّذي أُنشِئَتْ من أجْلِه، وبدَلَ أنْ تكُونَ حارسةً لشرعتها وقوانينها ومعاهداتها، انتقلت إلى الضفَّة المضادَّة فباتَتْ حارسةً لقوى الشَّرِّ والباطل والعدوان بصَمْتها وتخاذلها وعجزها.. وليس أدلَّ على ذلك من الهجوم الكبير والشرس وغير الأخلاقيِّ الصهيونيِّ على أنطونيو جوتيريش الأمين العامِّ للأُمم المُتَّحدة حين حاول أنْ يكُونَ متوازنًا في طرحه حيال جرائم الحرب الصهيونيَّة. ومن المؤكَّد أنَّ لسانَ حالِ الأُمَّة يُردِّد اليوم قول الإمام الشافعي:
«جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْر
وإن كانت تُغصِّصُنِي بِرِيقِي
وما شُكْرِي لهَا حمْدًا وَلَكِن
عرفتُ بها عدوِّي من صديقي»
خميس بن حبيب التوبي
khamisaltobi@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
فلسطين والاتحاد الأوروبي يبحثان سبل وقف حرب إسرائيل على غزة
فلسطين – بحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس، امس الاثنين، مع رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا، مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك سبل وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي، جرى بينهما، وفق وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية.
وذكرت الوكالة أن “الجانبان بحثا خلال الاتصال آخر مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وسبل وقف الحرب وإدخال المساعدات بصورة عاجلة إلى قطاع غزة”.
واستعرض عباس وكوستا “أولويات القيادة الفلسطينية، المتمثلة بوقف إطلاق النار، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، ودعم جهود الحكومة الفلسطينية في تولي مهامها المدنية والأمنية في قطاع غزة، والانسحاب الإسرائيلي الكامل”.
كما استعرضا “وقف الاعتداءات الخطيرة المتواصلة في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، من قبل سلطات الاحتلال وإرهاب المستوطنين، والإفراج عن الأموال الفلسطينية المحتجزة (لدى إسرائيل)”.
وتقوم إسرائيل بجمع الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية مقابل واردات الفلسطينيين على السلع المستوردة، وتسميها “أموال المقاصة”، بمتوسط شهري 220 مليون دولار.
وتعتمد السلطة الفلسطينية على أموال المقاصة من أجل دفع رواتب موظفيها، وبدونها لا تكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه فاتورة الأجور، وتجاه نفقات المؤسسات الحكومية.
إلا أن إسرائيل علقت تحويل أموال المقاصة للجانب الفلسطيني عقب الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، فيما قررت استقطاع مبلغ 74 مليون دولار شهريا منها، كانت تحولها السلطة الفلسطينية إلى غزة، رواتب لموظفيها، وجزء يخصص لشركة كهرباء غزة.
وأكد الرئيس الفلسطيني للمسؤول الأوروبي “أهمية الجهود المبذولة مع الأشقاء العرب والأطراف الدولية المعنية في التحالف العالمي لعقد المؤتمر الدولي للسلام المقرر في نيويورك في حزيران/ يونيو المقبل، لحشد الاعتراف بدولة فلسطين، وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، تمهيدا لمسار سياسي ينهي الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية”.
وتترأس السعودية وفرنسا بشكل مشترك “المؤتمر الدولي رفيع المستوى من أجل تسوية سلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين”، والذي سيعقد في مدينة نيويورك الأمريكية، خلال الفترة الممتدة بين 17 و19 يونيو/حزيران المقبل.
وشدد عباس على “أهمية الدعم الأوروبي لهذا المؤتمر الدولي الذي ينسجم مع السياسات التي يعلنها الاتحاد الأوروبي والمتطابقة مع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي”.
وقال: “نقدر عاليا مواقف الاتحاد الأوروبي الثابتة حول دعم حل الدولتين والاستيطان الإسرائيلي، ووقف الحرب وإدخال المساعدات”.
كما عبر عن شكره للاتحاد “على المساعدات التي يقدمها لدعم برنامج الإصلاح للحكومة الفلسطينية، وكذلك المساعدات الإنسانية لغزة، والتي تعبر عن متانة علاقات الصداقة والشراكة الحقيقية بين دولة فلسطين ودول الاتحاد الأوروبي”.
وأعرب عن أمله “في المزيد من الاعترافات للدول الأوروبية وغيرها، وكذلك حشد الدعم الدولي لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية ودعم برامج الإصلاح والتنمية، وتعزيز علاقات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي من خلال بدء مفاوضات رسمية على اتفاقية شراكة كاملة مع فلسطين”.
الأناضول