لجريدة عمان:
2025-07-06@00:57:33 GMT

العوامل المؤثرة في سلوك المستهلك

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

يعد مفهوم سلوك المستهلك أحد المفاهيم الاقتصادية المتداولة بين فترة وأخرى بين أفراد المجتمع، وكثر الحديث عن هذا المفهوم خلال السنوات الماضية نتيجة حدوث بعض المتغيرات الاقتصادية مثل ارتفاع نسبة تضخم بعض السلع والخدمات والامتناع عن اقتناء بعض المنتجات، وذلك بالبحث عن بدائل أخرى تؤدي نفس الغرض وبنفس الجودة، ورغم أن السلوك بات المحرك الأساسي لكثير من الأشخاص في اتخاذ القرارات المرتبطة بإشباع رغباته إلا أن المستهلك أصبح عقلانيا في اتخاذ قرار الشراء من عدمه بسبب ما أحدثته الأزمات الاقتصادية من صعوبات في توفير بعض المنتجات غير الضرورية مما ركّز المستهلك على ضروريات الحياة وابتعد نسبيا عن الكماليات مما أثر أيضا على خطط الشركات التسويقية عند دراسة سلوك المستهلك لوضع الخطط التسويقية المناسبة التي تستهدف تفضيلاته للمنتج دون غيره، فسلوك المستهلك وفقا لكوتلر: «ذلك التصرف الذي يبرزه المستهلك في البحث عند شراء أو استخدام السلع والخدمات، أو الأفكار أو الخبرات التي يتوقع أنها ستشبع رغباته أو حاجاته، وحسب الإمكانات الشرائية المتاحة»، وهو عموما يمكن تعريفه بأنه تصرفات الأفراد أو سلوكياتهم التي تحدد اختيارهم للسلع والخدمات المراد استخدامها حتى تلك التي تسبق عملية اتخاذ القرار، فسلوك المستهلك يمثّل أهمية للشركة وللفرد إذ يساعد الشركة على فهم سلوك المستهلك وكيفية الوصول إليه لتحقيق أكبر قدر من الأرباح.

في المقابل فإن الفرد يستطيع فهم توجهاته تجاه المنتج وتصرفاته عند التفكير في الشراء، وبالتالي يحدد أولوياته وفقا لما يمتلكه من دخل مادي، ولفهم سلوك المستهلك جيدا ينبغي الأخذ في الحسبان العوامل المؤثرة في سلوكه وهي عوامل داخلية مرتبطة بالمستهلك نفسه وغالبا تحدد أولوياته في اختيار السلع من حيث الضروريات أو الكماليات وتحركها عوامل الدافعية والإدراك والتعلم؛ إذ إن المشتغلين في الجانب التسويقي يهتمون لكيفية إدراك المستهلكين واستجابته للمنتجات من الجوانب المختلفة، مثل الجودة، الجمالية، السعر، وصورة المنتج.

وهناك عوامل أخرى مرتبطة بالبيئة المحيطة بالمستهلك وهي عوامل خارجية مثل العوامل الاجتماعية والاقتصادية والحضارية، وهذه العوامل يحددها الوضع الاقتصادي للفرد والأسرة ويتأثر المستهلك برأي أفراد المجتمع المحيطين به في اتخاذ قرار الشراء من عدمه، ورغم أنه لا يتفاعل مع هذه التأثيرات إلا أنه يتأثر بها بصفة غير محسوسة ودائما. وعموما فإن قرار الشراء يمر بعدة مراحل تبدأ بمرحلة قبل الشراء وهي إدراك التحدي أو المشكلة، ثم جمع البيانات والمعلومات حول المنتجات ثم تقييم الخيارات الأخرى للمنتج مرورا بمرحلة الشراء التي يتخذ من خلالها المستهلك قرار الشراء وصولا إلى مرحلة ما بعد الشراء التي يتضح من خلالها سلوك المستهلك.

إن الوضع الاقتصادي لبعض فئات المجتمع ربما يكون سببا في تحديد سلوك المستهلك رغم تحكم رغباته أحيانا في قرار الشراء بل أصبح مستوى علاقة الاقتصاد بالأشخاص يتحكم بمشاعرهم، فمثلا النمو الاقتصادي يحفّز إيجاد فرص عمل جديدة ويساعد في تحسين مستوى دخل الأفراد مما ينعكس إيجابا على سهولة تحقيق رغباتهم ومتطلباتهم الاجتماعية اليومية، فيما الركود الاقتصادي يؤدي إلى حدوث اختلال اجتماعي واقتصادي في المجتمع وعادة ما يصاحبه إنهاء خدمات العمال وضعف الأحوال المعيشية للأفراد، بينما استقرار أسعار السلع والخدمات في السوق يعين الناس على تلبية متطلباتهم الاجتماعية اليومية ويضمن لهم الحفاظ على قوتهم الشرائية عكس ما يحدث خلال فترة ارتفاع معدّل التضخم عن المستوى المقبول الذي يتناسب مع دخل الأفراد، فإنه يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية ومواجهة صعوبات في تلبية المتطلبات اليومية، ونتيجة علاقة الأشخاص بالاقتصاد وتأثر العلاقة بالعوامل الاجتماعية والنفسية للأشخاص إثر الصدمات الاقتصادية المفاجئة دفع الاقتصادي الأمريكي «آرثر أوكون» لإطلاق ما أسماه «مؤشر البؤس» في الستينيات في فترة حكم الرئيس «جونسون»، بهدف قياس ما يمر به عموم الناس اقتصاديا ومعرفة ما إذا كانوا في حالة اقتصادية جيدة أم بائسة، ولذلك من غير المنصف أن نحلل وضع الاقتصاد ومؤشراته بمعزل عن حياة الناس للعلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والناس التي باتت تحرك سلوك الأشخاص عند الاستهلاك وعند اتخاذ قرار الشراء، ولنكن أكثر صراحة بأن استمرار تدفق الأخبار السلبية عن الاقتصاد خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي يمثل هاجسا لدى كثير من مرتادي هذه المنصات من مؤشرات الاقتصاد ورسّخت صورة ذهنية سلبية لدى الجمهور بل عززت انعزالهم عن متابعة أخبار الاقتصاد وإن كانت إيجابية وأفقدتهم الرغبة في متابعة وضع الاقتصاد؛ فالمؤشرات الاقتصادية الكلية أو الجزئية رغم عدم قيامها بتفسير حالة الناس أو وضعهم الاقتصادي الحقيقي ولا يمكن الاعتماد عليها كحقائق إلا أنها تتضمن إشارات نستطيع شرح ما يمر به الأشخاص من تحديات أو محفّزات لكيفية تفاعلهم مع الأوضاع الاقتصادية وربما يتم استخدامها موضوعيا وبصورة متكاملة عن أفراد المجتمع.

ختاما، أرى أن العوامل الاقتصادية أكثر تأثيرا في سلوك المستهلك والمرتبطة بالدخل الشخصي للأفراد، فعندما يزداد دخل الشخص يزداد معدل إنفاقه وتزداد القوة الشرائية، وبتحسن الظروف الاقتصادية للأفراد تتحسن الجوانب النفسية والاجتماعية مباشرة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قرار الشراء

إقرأ أيضاً:

إيكونوميست: خطة ترامب الاقتصادية تهدّد أسس الازدهار الأميركي

في الوقت الذي تنفس فيه الاقتصاد الأميركي الصعداء بعد موجة ذعر أعقبت فرض الرئيس دونالد ترامب رسومًا جمركية تحت عنوان "يوم التحرير" في أبريل/نيسان الماضي، أطلقت مجلة إيكونوميست تحذيرًا واضحا في تقرير حديث لها، من أن مشروع "القانون الكبير الجميل" الذي أُقرّ في مجلسي الشيوخ والنواب مطلع هذا الشهر، لا يُبشّر بازدهار، بل يهدّد بنسف القواعد التي بُني عليها الاقتصاد الأميركي الحديث.

عجز مالي يُذكّر بالحرب العالمية الثانية

أبرز ما في "القانون الكبير الجميل" هو تمديد التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب في ولايته الأولى، والتي كانت من المفترض أن تنتهي قريبًا.

ورغم أن الجمهوريين يروّجون لهذه الخطوة باعتبارها "إبقاءً على الوضع القائم"، إلا أن إيكونوميست تؤكد أن "الوضع القائم غير قابل للاستمرار أصلًا".

وتُشير الأرقام الرسمية إلى أن العجز في الميزانية الأميركية بلغ 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الـ12 الماضية، ومع تطبيق القانون الجديد، من المتوقع أن تستمر هذه النسبة المرتفعة، ليتجاوز الدين الأميركي نسبة 106% من الناتج خلال عامين فقط، وهو ما يعادل أعلى مستوى سُجّل بعد الحرب العالمية الثانية.

ورغم الإيرادات الناتجة عن الرسوم الجمركية، فإنها لا تكفي لوقف تصاعد الدين، ما يعني أن "الانزلاق نحو أزمة مالية سيستمر بلا كوابح"، على حدّ تعبير المجلة.

الدين العام سيتجاوز 106% من الناتج خلال عامين، وهو مستوى تاريخي لم يُسجل منذ الحرب العالمية الثانية (الفرنسية) تقليصات تمسّ الضعفاء

وفي الوقت الذي تتجه فيه معظم الدول المتقدمة إلى رفع سن التقاعد لمواجهة شيخوخة السكان، يختار القانون الأميركي الجديد الاتجاه المعاكس: تخفيضات ضريبية لفئة المتقاعدين، مقابل خفض تمويل "ميديكيد" وهو برنامج التأمين الصحي للفقراء.

وتوقعت التقديرات الرسمية أن يؤدي ذلك إلى حرمان نحو 12 مليون أميركي من التأمين الصحي، في بلد يُفترض أنه الأغنى عالميًا.

إعلان

كما أُدخلت شروط عمل معقدة للحصول على بعض المساعدات، وهي شروط وصفتها المجلة بأنها "متاهة بيروقراطية لا تحقّق نتائج فعلية في رفع نسبة التشغيل".

حنين للوقود الأحفوري

ومن أبرز ما تضمّنه "القانون الكبير الجميل" أيضًا، إلغاء الحوافز الضريبية التي أقرها الرئيس السابق جو بايدن لصالح مشاريع الطاقة النظيفة، تحت ذريعة أن هذه الحوافز كانت مشروطة بسياسات حمائية مثل "صُنِع في أميركا".

لكن إيكونوميست تحذّر من أن هذه الخطوة "تعني عمليًا غياب أي سياسة اتحادية واضحة لتقليل انبعاثات الكربون"، مما سيزيد من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة ويضر بقدرة أميركا على خوض سباق الذكاء الاصطناعي، الذي يعتمد جزئيًا على وفرة الكهرباء.

وكتبت المجلة "العودة إلى الوقود الأحفوري ليست فقط قصيرة النظر، بل تُضعف مكانة أميركا المستقبلية في مجالات التقنية والطاقة".

أزمة ديمقراطية تشريعية

المجلة لم تغفل عن انتقاد الطريقة التي أُقرّ بها القانون، مشيرة إلى أن تمريره عبر ما يُعرف بآلية "التصويت الجماعي" داخل مجلس الشيوخ، كشف عن "اختلال جوهري في قدرة النظام التشريعي الأميركي على التدقيق والإصلاح".

وذكرت أن "أحزاب الحكم لا تحظى بسوى فرصة واحدة في السنة لتمرير قانون ضريبي أو إنفاقي بأغلبية 51 صوتًا فقط، ما يدفعها لتكديس كل شيء في مشروع واحد، بغض النظر عن الجودة والمضمون".

الإنفاق العلمي تراجع تحت إدارة ترامب مما يهدد الابتكار الأميركي (أسوشيتد) نمو اقتصادي بدون أسس

ورغم أن إدارة ترامب تتوقع نموًا بنسبة 5% خلال السنوات الأربع المقبلة، ترى إيكونوميست أن هذه التوقعات "متفائلة بشكل مضلل". فمع ارتفاع أسعار الفائدة إلى 3 أضعاف ما كانت عليه عند التخفيضات السابقة، فإن الحوافز الضريبية المحدودة الحالية لن تُحدث نموًا يُذكر، خصوصًا أن كثيرًا من الإعفاءات الجديدة مجرّد "حِيَل انتخابية"، مثل إعفاءات على الإكراميات والعمل الإضافي.

وتُشير تقديرات بنك "غولدمان ساكس" إلى أنه في حال تأخرت أميركا في الإصلاح المالي 10 سنوات أخرى، فإنها ستضطر حينها إلى تقليص الإنفاق أو زيادة الضرائب بمعدل 5.5% من الناتج المحلي سنويًا وهو مستوى تقشف يفوق ما شهده الاتحاد الأوروبي في أزمته السيادية خلال عقد 2010.

ورغم انتعاش المؤشرات في الأسواق الأميركية، تُنذر مؤشرات أخرى بانزلاق طويل الأمد: فقد تراجع الدولار بنسبة 11% منذ بداية العام، في إشارة إلى "مخاطر حقيقية تتزايد على المدى الطويل".

وتحذّر المجلة من أن هجمات ترامب المتكررة على الاحتياطي الفدرالي، وتقليصه لتمويل البحث العلمي، وتهديده لسيادة القانون، كلها عوامل "تجعل مناخ الاستثمار في أميركا أكثر تقلبًا وخطورة".

واختتمت إيكونوميست تقريرها بتشخيص قاتم، مؤكدة أن "الاقتصاد الأميركي في طريقه إلى أزمة انفجار صامتة، حيث تُخفي الإيجابيات الظاهرة هشاشة عميقة في السياسات والبُنى المالية".

وكتبت المجلة "ترامب لا يهاجم خصومه فقط، بل يهاجم الأعمدة التي جعلت من أميركا دولة عظيمة اقتصاديًا. وإذا استمر هذا النهج، فإن السؤال لن يكون متى تنمو أميركا، بل متى تنهار".

مقالات مشابهة

  • إيكونوميست: خطة ترامب الاقتصادية تهدّد أسس الازدهار الأميركي
  • ترامب يثبت أجندته ويوقع قانون الطفرة الاقتصادية
  • شكوتك أونلاين... حماية المستهلك يكشف طرق التواصل عبر الإنترنت
  • متحدث «المواصفات والمقاييس»: تطبيق «تأكد» يساعد المستهلك على اتخاذ قرار الشراء
  • لتحديد سلوك الأطفال.. مصر تستطيع تستعرض تجربة المارشميلو
  • هذه تفاصيل محاكمة المؤثرة “أحلام عموري” عن تهمة القذف
  • بالتعاون مع حماية المستهلك..مديرية الصحة تضبط وتعدم 700 كجم لسلع منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر بأسوان
  • رسالة رونالدو المؤثرة بعد الوفاة المأساوية لديوغو جوتا مهاجم ليفربول
  • «المواصفات» عن نظام سلامة المنتجات: يضمن الجودة ويحمي المستهلك
  • مارسيليا يضم مدافع الأرجنتين