لجريدة عمان:
2025-05-21@10:44:38 GMT

العوامل المؤثرة في سلوك المستهلك

تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT

يعد مفهوم سلوك المستهلك أحد المفاهيم الاقتصادية المتداولة بين فترة وأخرى بين أفراد المجتمع، وكثر الحديث عن هذا المفهوم خلال السنوات الماضية نتيجة حدوث بعض المتغيرات الاقتصادية مثل ارتفاع نسبة تضخم بعض السلع والخدمات والامتناع عن اقتناء بعض المنتجات، وذلك بالبحث عن بدائل أخرى تؤدي نفس الغرض وبنفس الجودة، ورغم أن السلوك بات المحرك الأساسي لكثير من الأشخاص في اتخاذ القرارات المرتبطة بإشباع رغباته إلا أن المستهلك أصبح عقلانيا في اتخاذ قرار الشراء من عدمه بسبب ما أحدثته الأزمات الاقتصادية من صعوبات في توفير بعض المنتجات غير الضرورية مما ركّز المستهلك على ضروريات الحياة وابتعد نسبيا عن الكماليات مما أثر أيضا على خطط الشركات التسويقية عند دراسة سلوك المستهلك لوضع الخطط التسويقية المناسبة التي تستهدف تفضيلاته للمنتج دون غيره، فسلوك المستهلك وفقا لكوتلر: «ذلك التصرف الذي يبرزه المستهلك في البحث عند شراء أو استخدام السلع والخدمات، أو الأفكار أو الخبرات التي يتوقع أنها ستشبع رغباته أو حاجاته، وحسب الإمكانات الشرائية المتاحة»، وهو عموما يمكن تعريفه بأنه تصرفات الأفراد أو سلوكياتهم التي تحدد اختيارهم للسلع والخدمات المراد استخدامها حتى تلك التي تسبق عملية اتخاذ القرار، فسلوك المستهلك يمثّل أهمية للشركة وللفرد إذ يساعد الشركة على فهم سلوك المستهلك وكيفية الوصول إليه لتحقيق أكبر قدر من الأرباح.

في المقابل فإن الفرد يستطيع فهم توجهاته تجاه المنتج وتصرفاته عند التفكير في الشراء، وبالتالي يحدد أولوياته وفقا لما يمتلكه من دخل مادي، ولفهم سلوك المستهلك جيدا ينبغي الأخذ في الحسبان العوامل المؤثرة في سلوكه وهي عوامل داخلية مرتبطة بالمستهلك نفسه وغالبا تحدد أولوياته في اختيار السلع من حيث الضروريات أو الكماليات وتحركها عوامل الدافعية والإدراك والتعلم؛ إذ إن المشتغلين في الجانب التسويقي يهتمون لكيفية إدراك المستهلكين واستجابته للمنتجات من الجوانب المختلفة، مثل الجودة، الجمالية، السعر، وصورة المنتج.

وهناك عوامل أخرى مرتبطة بالبيئة المحيطة بالمستهلك وهي عوامل خارجية مثل العوامل الاجتماعية والاقتصادية والحضارية، وهذه العوامل يحددها الوضع الاقتصادي للفرد والأسرة ويتأثر المستهلك برأي أفراد المجتمع المحيطين به في اتخاذ قرار الشراء من عدمه، ورغم أنه لا يتفاعل مع هذه التأثيرات إلا أنه يتأثر بها بصفة غير محسوسة ودائما. وعموما فإن قرار الشراء يمر بعدة مراحل تبدأ بمرحلة قبل الشراء وهي إدراك التحدي أو المشكلة، ثم جمع البيانات والمعلومات حول المنتجات ثم تقييم الخيارات الأخرى للمنتج مرورا بمرحلة الشراء التي يتخذ من خلالها المستهلك قرار الشراء وصولا إلى مرحلة ما بعد الشراء التي يتضح من خلالها سلوك المستهلك.

إن الوضع الاقتصادي لبعض فئات المجتمع ربما يكون سببا في تحديد سلوك المستهلك رغم تحكم رغباته أحيانا في قرار الشراء بل أصبح مستوى علاقة الاقتصاد بالأشخاص يتحكم بمشاعرهم، فمثلا النمو الاقتصادي يحفّز إيجاد فرص عمل جديدة ويساعد في تحسين مستوى دخل الأفراد مما ينعكس إيجابا على سهولة تحقيق رغباتهم ومتطلباتهم الاجتماعية اليومية، فيما الركود الاقتصادي يؤدي إلى حدوث اختلال اجتماعي واقتصادي في المجتمع وعادة ما يصاحبه إنهاء خدمات العمال وضعف الأحوال المعيشية للأفراد، بينما استقرار أسعار السلع والخدمات في السوق يعين الناس على تلبية متطلباتهم الاجتماعية اليومية ويضمن لهم الحفاظ على قوتهم الشرائية عكس ما يحدث خلال فترة ارتفاع معدّل التضخم عن المستوى المقبول الذي يتناسب مع دخل الأفراد، فإنه يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية ومواجهة صعوبات في تلبية المتطلبات اليومية، ونتيجة علاقة الأشخاص بالاقتصاد وتأثر العلاقة بالعوامل الاجتماعية والنفسية للأشخاص إثر الصدمات الاقتصادية المفاجئة دفع الاقتصادي الأمريكي «آرثر أوكون» لإطلاق ما أسماه «مؤشر البؤس» في الستينيات في فترة حكم الرئيس «جونسون»، بهدف قياس ما يمر به عموم الناس اقتصاديا ومعرفة ما إذا كانوا في حالة اقتصادية جيدة أم بائسة، ولذلك من غير المنصف أن نحلل وضع الاقتصاد ومؤشراته بمعزل عن حياة الناس للعلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والناس التي باتت تحرك سلوك الأشخاص عند الاستهلاك وعند اتخاذ قرار الشراء، ولنكن أكثر صراحة بأن استمرار تدفق الأخبار السلبية عن الاقتصاد خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي يمثل هاجسا لدى كثير من مرتادي هذه المنصات من مؤشرات الاقتصاد ورسّخت صورة ذهنية سلبية لدى الجمهور بل عززت انعزالهم عن متابعة أخبار الاقتصاد وإن كانت إيجابية وأفقدتهم الرغبة في متابعة وضع الاقتصاد؛ فالمؤشرات الاقتصادية الكلية أو الجزئية رغم عدم قيامها بتفسير حالة الناس أو وضعهم الاقتصادي الحقيقي ولا يمكن الاعتماد عليها كحقائق إلا أنها تتضمن إشارات نستطيع شرح ما يمر به الأشخاص من تحديات أو محفّزات لكيفية تفاعلهم مع الأوضاع الاقتصادية وربما يتم استخدامها موضوعيا وبصورة متكاملة عن أفراد المجتمع.

ختاما، أرى أن العوامل الاقتصادية أكثر تأثيرا في سلوك المستهلك والمرتبطة بالدخل الشخصي للأفراد، فعندما يزداد دخل الشخص يزداد معدل إنفاقه وتزداد القوة الشرائية، وبتحسن الظروف الاقتصادية للأفراد تتحسن الجوانب النفسية والاجتماعية مباشرة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قرار الشراء

إقرأ أيضاً:

الجمعية الاقتصادية العمانية تستعرض انعكاسات السياسات الجمركية الدولية على الاقتصاد الوطني

نظمت الجمعية الاقتصادية العمانية جلسة المجلس الاقتصادي "السياسات الجمركية الدولية وانعكاساتها على الاقتصاد العماني" وذلك بالمبنى الرئيسي لـ"عمانتل".

وشارك في الجلسة صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد، رئيس اللجنة الاقتصادية بغرفة تجارة وصناعة عمان، وخالد بن سعيد الشعيبي، رئيس البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية "نزدهر" وأدار الجلسة الدكتور خالد بن سعيد العامري، رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية.

واستعرضت الجلسة الإطار العام للسياسات الجمركية الدولية، وتطورات السياسات الجمركية العالمية، وتأثير النزاعات التجارية والتكتلات الدولية على الاقتصاديات الناشئة، بالإضافة إلى تحليل تأثير السياسات الجمركية على الاقتصاد العُماني، والعلاقة بين التحليل الاقتصادي والسياسات الجمركية، وكذلك التحديات التي تواجه القطاع الخاص في التكيّف مع التغيرات الجمركية، وأهمية اتفاقيات التجارة الحرة.

كما استعرضت الجلسة اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، والفرص غير المستغلة في الاتفاقيات الدولية، وتعظيم الاستفادة من السياسات الجمركية لصالح الاقتصاد الوطني، وكيفية استفادة القطاع الخاص العُماني بشكل أكبر من الاتفاقيات الدولية، بالإضافة إلى أدوات وسياسات لتفعيل الاستفادة، والنظرة المستقبلية بتعزيز موقع سلطنة عُمان في خارطة التجارة العالمية، والربط مع مستهدفات رؤية عُمان 2040، ودور الحكومة والقطاع الخاص في خلق بيئة داعمة.

وقال الدكتور خالد بن سعيد العامري، رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية: تلقي الخلافات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بظلالها على الاقتصاد العالمي، إذ لا تزال تداعيات توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً بفرض رسوم جمركية على 60 دولة حول العالم مستمرة على الاقتصاد العالمي رغم تأجيلها لأشهر معدودة، مع استمرار ضبابية بوصة أداء الاقتصاد العالمي، وتستخدم العديد من الدول التعرفة الجمركية كأداة اقتصادية والتي تمثل نوعاً من الضرائب على الواردات، وربما مثل هذه التحديات الاقتصادية ينظر إليها على أنها فرص وليس عائقاً في حد ذاتها للاقتصاد الوطني من خلال دعم الصناعات الوطنية وتشجيع الابتكار لبناء اقتصادي وطني أكثر صلابة لمواجهة التقلبات العالمية.

وأكد أننا لمسنا تراجع في أسعار النفط وانخفاض في مؤشر بورصة مسقط إلا أن ذلك لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي بل استغلال مثل هذه التقلبات العالمية بتسهيل التجارة في الأسواق المستهدفة، وإيجاد سلاسل توريد جديدة، وتوسعة الأسواق وتنويعها، وإيجاد منتجات جديدة، ومن مثل هذه التحديات تولد الفرص.

وذكر أن المجلس الاقتصادي ناقش في نسخته الأخيرة "السياسات الجمركية الدولية وانعكاساتها على الاقتصاد العماني" مما يدلل على مواكبة الجمعية الاقتصادية العمانية ترسيخ حضورها في المشهد الاقتصادي العماني لمناقشة مثل هذه القضايا وتقديم مشورتها للحكومة فيما يتعلق بتعزيز أداء الاقتصاد الوطني وتحقيق رؤية عمان 2040 في خلق اقتصاد وطني أكثر صلابة وقدرة على مواجهة التقلبات في الأسواق العالمية.

مقالات مشابهة

  • التجارة غير المشروعة.. كيف يساهم وعي المستهلك في حماية الاقتصاد والصحة العامة؟
  • برلماني: الإصلاح الاقتصادي لا يقاس بالأرقام فقط بل بتأثيره على حياة المواطنين
  • وزير الاقتصاد والتخطيط يناقش تعزيز التعاون الاقتصادي مع قطر
  • المشاط: نسعى إلى تحقيق تغير نوعي في نموذج النمو الاقتصادي
  • بالفيديو.. مختص يوضح أبرز العوامل التي تؤدي لانتشار الصداع بين الأطفال والمراهقين
  • الجمعية الاقتصادية العمانية تستعرض انعكاسات السياسات الجمركية الدولية على الاقتصاد الوطني
  •  الإبراهيم يستعرض رحلة التحول الاقتصادي للمملكة مع رئيس مجموعة HSBC
  • تراجع التخضم.. رئيس الوزراء يكشف أبرز مؤشرات الأداء الاقتصادي
  • وزيرة التخطيط تلقي بيان مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية أمام الشيوخ
  • تاجر يوضح الأسباب المؤثرة بأسعار الأضحية