أمريكا تطلب من إسرائيل هذا الطلب إذا هاجمت جنوب غزة
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
قال مسؤولان أمريكيان إن الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بتقليص منطقة القتال وتوضيح الأماكن التي يمكن أن يلجأ إليها المدنيون الفلسطينيون بحثا عن الأمان خلال أي عملية إسرائيلية في جنوب قطاع غزة لمنع تكرار ما حدث في الشمال من سقوط حصيلة هائلة من القتلى والجرحى في الهجمات الإسرائيلية.
وأوضح المسؤولان لرويترز، الأربعاء، أن واشنطن تتفهم رغبة إسرائيل في القضاء على مقاتلي حماس في جنوب غزة لكنها تعتقد أن هناك حاجة لمزيد من الحذر في المنطقة المكتظة بالسكان.
وزعم أحد المسؤولين أن العديد من المخططين الرئيسيين لهجمات حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، موجودون في الجنوب.
وتابع المسؤول "لكن بالنظر إلى أن مئات الآلاف من المدنيين فروا إلى الجنوب، بناء على طلب إسرائيل، فإننا نعتقد أنه لا ينبغي لإسرائيل أن تمضي قدما إلا بعد أن يأخذ التخطيط العملياتي في الاعتبار وجود العديد من الأبرياء".
اقرأ أيضاً
جنوب غزة.. هكذا سيكون شكل عدوان إسرائيل وموقف أمريكا
ولفت إلى أن التخطيط يجب أن يشمل استخلاص الدروس من العمليات التي أجريت في الشمال لتعزيز حماية المدنيين الأبرياء "بما في ذلك أمور مثل تقليص منطقة القتال وتوضيح المناطق التي يمكن للمدنيين اللجوء إليها".
وقال المسؤول الثاني إنه عندما كانت إسرائيل تخطط لهجومها على شمال غزة، نصح المسؤولون الأمريكيون الإسرائيليين باستخدام قوة أصغر مما كان مخططا له، وتوخي الحذر فيما يتعلق بالتكتيكات والتحركات وحجم الوحدات وقواعد الاشتباك.
وأوضح المسؤول أنهم "ما زالوا في مرحلة التخطيط للجنوب. ونحن نحثهم على أخذ ذلك في الاعتبار في تخطيطهم".
وأشار المسؤولان إلى أن الولايات المتحدة ترغب في أن يتأكد الإسرائيليون من أنهم يعرفون أماكن تواجد المدنيين، والتركيز على أهداف بعينها تكون عالية القيمة، والتأكد من أنهم يستهدفون مواقع محددة وليس القيام بضربات عشوائية.
ويطالب المسؤولون الأمريكيون، بدءا من الرئيس جو بايدن، وبما يشمل وزارتي الخارجية والدفاع، إسرائيل بتبني نهج أكثر حذرا إذا ما وسع الجيش الإسرائيلي هجومه لجنوب القطاع.
وفر ثلثا سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة جنوبا لتجنب منطقة الحرب في الشمال.
وأثارت العملية الإسرائيلية في الشمال انتقادات دولية حادة، وتعرض بايدن لانتقادات في الداخل بسبب دعمه واسع النطاق لإسرائيل، وفقا لرويترز.
وشنت إسرائيل عدوانا على القطاع المحاصر، توقف مع بدء الهدنة، الجمعة، وأسفر عن نحو 15 ألف شهيد بينهم نساء وأطفال.
وبدأ تطبيق هدنة مؤقتة، يوم الجمعة الماضي، وتم تمديدها عدة مرات، تقوم خلالها إسرائيل بالإفراج عن أسرى فلسطينيين، مقابل إطلاق سراح أسرى لدى حماس في غزة.
المصدر | رويترزالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة إسرائيل حماس أمريكا فی الشمال
إقرأ أيضاً:
بعد حرب غزة.. إسرائيل تواجه منطقة جديدة
في الوقت الذي تقترب فيه حرب غزة من نهاية هشة (ويحتمل أن تكون مؤقتة)، فإن الحكمة تقتضي تقييم البيئة الجيوستراتيجية التي سوف يتعين على إسرائيل أن تواجهها في المستقبل المنظور.
تبدو الصورة للوهلة الأولى وردية. فبرغم أن الصراع الإقليمي الذي عجلت به أهوال السابع من أكتوبر يعد أطول حروب إسرائيل، فقد جاء بمنجزات عسكرية كبيرة.
فمن خلاله تمكنت إسرائيل من القضاء على أغلب الخطر المباشر الذي كان يمثله حزب الله في لبنان. إذ استطاعت حملة خريف 2024 التي قام بها الجيش الإسرائيلي في لبنان أن تزعزع بشدة استقرار الجماعة وتقضي على الآلاف من مقاتليها وأغلب ترسانتها الصاروخية التي كانت هائلة الحجم. كما هيأت المسرح لهجمة الشتاء التي قام بها «متمردون» في سوريا المجاورة أدت إلى الإطاحة بنظام الأسد الحاكم والقضاء من ثم على حليف أساسي لإيران (وكذلك على الجسر البري التابع للجمهورية الإسلامية والمفضي إلى لبنان).
وبعد ذلك، أدت حرب الاثني عشر يوما في يونيو 2025 إلى انتكاسات كبيرة لبرنامج النظام الإيراني النووي وجهوده لحشد الصواريخ الباليستية. وفي حين أن إسرائيل لاقت عنتا كبيرا في هجمتها البرية على حماس في قطاع غزة، نجح التهديد المقنع بشن هجوم نهائي على مدينة غزة في أكتوبر 2025 مع الضغط الدبلوماسي الأمريكي غير المسبوق في إعادة الرهائن الإسرائيليين الأحياء إلى الوطن وإقامة وقف لإطلاق النار وإن يكن غير مستقر تماما.
ولا شك في بقاء بعض المشكلات الكبيرة. فلا تزال حماس قائمة في غزة بشكل كبير، وتبدي علامات على إعادة بناء قواتها وإعادة تأسيس سيطرتها على أجزاء من القطاع. فضلا عن أن إسرائيل توشك على مواجهة ضغط أمريكي ودولي كبير من أجل الفصل بين قضيتي إعادة إعمار غزة ونزع سلاح الجماعة، وذلك أمر إن لم تجر معالجته فإنه سوف يكون مخالفا لأهداف إسرائيل الاستراتيجية (ناهيكم بالصدمة الجماعية الناجمة عن السابع من أكتوبر).
في الوقت نفسه يعارض حزب الله في لبنان بوضوح قرار الحكومة اللبنانية بتفكيك قدرات الجماعة العسكرية، فضلا عن أن ضربات إسرائيل المتجددة لبنية الجماعة الأساسية وعناصرها في لبنان قد تفضي عما قريب إلى تصعيد أكبر على جبهة إسرائيل الشمالية. ومع ذلك فإن إسرائيل عاقدة العزم على عدم تكرار أخطائها السابقة بالسماح بتكوين قدرات عسكرية على حدودها مهما بدت منهكة في الوقت الراهن. في الوقت نفسه، يستعد النظام الحاكم في طهران ـ برغم ما مني به من أضرار ـ لحرب ثانية مع إسرائيل ويستثمر بشدة في دعم قدرات الحوثيين في اليمن وغيرهم من العناصر في شبكة الوكلاء الواسعة التي لا تزال قائمة على حالها.
ومع ذلك، يبقى التقييم الإيجابي ممكنا، طالما بقي موقف إسرائيل الاستراتيجي في المنطقة الآن أشد أمنا وأعلى مزايا من أي وقت مضى منذ يوم السابع من أكتوبر الأسود. غير أن الحرب أدت إلى نتائج غير مقصودة أيضا، أبرزها صعود محور جديد شديد العداوة هو محور الإخوان المسلمين.
وبالطبع لم ينشأ هذا التجمع من العدم، فقد كان سمة حاضرة في المنطقة منذ عقد من الزمن على الأقل، وذلك بدعم من سياسية خارجية عثمانية يتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بما لديه من عداء راسخ لإسرائيل، وكذلك بدعم مالي عميق من قطر لحماس ولغيرها من المتطرفين السنّة. لكن هذه الاتجاهات تتلاقى الآن، وتستشري.
فللمرة الأولى تواجه تركيا احتكاكا مباشرا مع إسرائيل من خلال الدولة التابعة التي تأسست حديثا في سوريا. وهذا أمر مثير للغاية للقلق لأن إسرائيل الآن في مواجهة عدو معلن العداء يدعو علنا إلى تدميرها، وهو في الوقت نفسه عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) كما أنه حليف مقرب للولايات المتحدة. ومن الأمور الإشكالية أيضا ذلك الدور المزدوج الذي تلعبه قطر بوصفها وسيطا مع الجماعات المتطرفة ومساعدا لها، مع حظوتها في الوقت نفسه بدرجة غير مسبوقة من التقارب السياسي مع واشنطن.
وهكذا تجد إسرائيل الآن نفسها في مواجهة تحالفين معاديين معلنين وليس تحالفا واحدا: المحور الإيراني في الشرق الذي قد يكون تضرر ولكنه لم ينقصم والمحور الإخواني العثماني الجديد الرامي إلى السيطرة على شرق المتوسط وإقامة حضور دائم له في غزة. وفي ما بين الاثنين ثمة جماعة من الدول القومية والممالك الرامية إلى اجتناب الهيمنة العدائية لكلا المعسكرين. وواقع الأمر هو أن احتواء كلا الجانبين المتطرفين هو الأساس الحقيقي والدائم للتطبيع النهائي بين السعودية وإسرائيل.
لكن كالعادة ثمة مشكلة، وهي تتمثل في الفسطينيين. فقد أظهرت السنتان الماضيتان مرارا أنه ما دام النشطاء الفلسطينيون ـ سواء كانوا إسلاميين من حماس أم قوميين علمانيين من فتح ـ قادرين على تصور تدمير نهائي لإسرائيل، فليس من المرجح النظر في تسوية تتضمن قبولا حقيقيا بالدولة اليهودية. وبهذا، سوف تكون القضية الفلسطينية حتما سلاحا لدى كلا المحورين لإضعاف التنسيق لدى ما يمكن وصفه بكتلة مناصرة الاستقرار في المنطقة (وتتألف من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر وإسرائيل وغيرها) وربما لمنع هذا التنسيق تماما إذا أمكن.
نعم، ثمة منافسة بين المحور السني بقيادة أنقرة والدوحة والمحور الشيعي بتوجيه طهران. لكن المحورين يشتركان في مصلحة تتمثل في إضعاف التيار السياسي المعتدل في المنطقة، وفي تقويض إسرائيل بصفة خاصة. وفي حين أن تركيا ـ خلافا لإيران ـ لن تخاطر بصراع مباشر مع الدولة اليهودية، فإن بوسعها رغم ذلك أن تمثل تحديا كبيرا لها، سواء من خلال دعم حماس وما ماثلها من المنظمات أو من خلال تهديد الممر الجوي الإسرائيلي فوق سوريا إلى إيران.
وفي ضوء الاحتمالية الواردة تماما لقيام صراع إيراني إسرائيلي ثانٍ، فإن تلك الإمكانية مزعجة للغاية. وفي الوقت الذي يستقر فيه نظام الرئيس أحمد الشرع الجديد ويرسخ سلطته، سوف تكسب تركيا أيضا القدرة على التحرش بإسرائيل في مرتفعات الجولان مما يثير شبح شيء لم نشهده من قبل: أي مناوشات مباشرة بين الجيش الإسرائيلي وقوات تابعة لتركيا. وثمة بالطبع منفعة لا يمكن إنكارها في مسألة خروج الإيرانيين من سوريا، وهي أن حزب الله الآن بات معزولا في لبنان، وفي أن بعض مخاوف إسرائيل على الأقل في ما يتعلق بغزة قد تنتهي إلى التلاشي. لكن لا يجب لشيء من هذا أن يخفي الصورة الكبرى، وهي أن كتلة الدول المعتدلة سياسيا في المنطقة محاطة الآن بمحورين متطرفين طموحين لا محور واحد. وهذه البنية الإقليمية الجديدة لم تظهر إلا لتبقى، وهؤلاء الخصوم ما ظهروا لكي يختفوا.