أحمد مراد (القاهرة)
52 عاماً من مسيرة «الاتحاد والاستدامة»، حجزت الإمارات خلالها لنفسها موقعاً متميزاً في الصفوف الأولى بين دول العالم المتقدم، ولعبت دوراً رائداً وفاعلاً في منطقة الشرق الأوسط بنموذج عصري للاستدامة بمختلف أشكالها وأنواعها، لا سيما في القطاعين الاقتصادي والبيئي، وهو ما يجسد قصة نجاح وطن مستدام.


ومع توليه رئاسة الدولة في منتصف مايو 2022، دشن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عهداً جديداً في مسيرة «الاتحاد والاستدامة» في دولة الإمارات، وتجلى ذلك بوضوح عندما أعلن سموه تخصيص 2023، وهو العام الثاني في عهد سموه، ليكون عاماً للاستدامة تحت شعار «اليوم للغد»، بهدف تسليط الضوء على تراث الإمارات في مجال الممارسات المستدامة، ونشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية، والتعريف بجهود الدولة في تعزيز العمل الدولي لمعالجة تحديات الاستدامة، مؤكداً سموه، بهذه المناسبة، أن الاستدامة قضية جوهرية في مجتمع الإمارات منذ القدم، مشيراً إلى أن الدولة قدمت منذ إنشائها نموذجاً متميزاً في مجال الحفاظ على البيئة وصيانة الموارد.
وأضاف «إن الشعار الذي جرى اختياره لعام الاستدامة (اليوم للغد) يجسد نهج الإمارات وأهدافها ورؤيتها في مجال الاستدامة ومسؤوليتها في مواجهة التحديات، فمن خلال عملنا وجهودنا ومبادراتنا اليوم، نصنع غداً أفضل لنا ولأبنائنا وأحفادنا، لنترك إرثاً إيجابياً للأجيال المقبلة، كما ترك لنا الآباء والأجداد». وأكد سموه، أن ما يكسب «عام الاستدامة» أهمية خاصة أنه عام تستضيف فيه دولة الإمارات أكبر حدث دولي في مجال العمل المناخي، وهو مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28»، حيث نعمل على جعله حدثاً فارقاً في مسيرة العالم نحو التصدي لخطر التغير المناخي.

أجندة رائدة
وتحظى فكرة الاستدامة باهتمام خاص من صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، وهو ما ظهر بوضوح خلال مشاركته في الجلسة الرئيسية للقمة الـ17 لرؤساء دول مجموعة العشرين التي عُقدت في إندونيسيا في نوفمبر 2022، فقد أكد خلالها إيمان دولة الإمارات بأن النهج المتوازن هو الأنجح لتحقيق الاستدامة، وعاود التأكيد على التزام الدولة المسؤول في أسواق الطاقة وأجندتها الرائدة في قطاع الطاقة النظيفة، وجسدت الإمارات هذا الالتزام من خلال استثمارات بقيمة 50 مليار دولار في مجال الطاقة النظيفة في أكثر من 40 دولة حول العالم، إضافة إلى تعهد سموه ببذل أقصى الجهود لضمان استدامة سلاسل الغذاء والدواء، وتسخير إمكانيات الإمارات وموانئها وطيرانها لدعم مبادرات وأهداف الأمن الغذائي.

برامج طموح 
وتستمر الإمارات بتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، في تنفيذ مشروعاتها وبرامجها الطموحة في مجال الاستدامة، ومن المقرر أن تصل نسبة استخدام الطاقة المتجددة في مجال توليد الكهرباء بالإمارات بحلول 2030 إلى 5%، إضافة إلى 12% للطاقة النووية، و12% للفحم النظيف، والنسبة الباقية باستخدام الغاز، ومن المقرر أيضاً أن تستثمر الدولة 600 مليار درهم حتى عام 2050 لضمان تلبية الطلب على الطاقة، واستدامة النمو في اقتصاد دولة الإمارات. وفيما يتعلق بشركة «مصدر»، فإنها تستهدف محفظة مشاريع تتجاوز قدرتها الإنتاجية الإجمالية 100 غيغاواط بحلول 2030، مع تطلعات بمضاعفة ذلك في السنوات التالية، في حين تستهدف «مصدر للهيدروجين الأخضر» إنتاج مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، حيث تعمل الشركة على تطوير برامج متطورة تدعم بناء اقتصاد الهيدروجين الأخضر.

صياغة مستقبل
ووجَّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتنفيذ العديد من الاستراتيجيات والمبادرات الاتحادية التي تهدف إلى صياغة مستقبل أكثر استدامة لجميع إمارات الدولة، ومن بينها رؤية الإمارات 2030، والإمارات 2071، واستراتيجية الطاقة 2050 التي تحدد 50 هدفاً للطاقة النظيفة في الدولة.
وتأتي هذه الجهود لتستكمل مسيرة حافلة بالإنجازات في طريق الوصول إلى مدن مستدامة بشكل كامل، ومن بينها إنشاء 46 محطة لمراقبة جودة الهواء، وإنشاء 33 محطة تحلية لتوفير احتياجات الماء، والقضاء نهائياً على استهلاك مركبات الكلوروفلوركربونات بحلول 2040، مع العلم أنه يوجد نظامان رئيسيان في أبوظبي ودبي يعملان على توحيد مشاريع البناء لتعزيز الاستدامة في الإمارات، خاصة في قطاع العقارات.

أخبار ذات صلة الإمارات تدعو مجلس الأمن إلى بحث تطورات الأوضاع في غزة زايد.. دولة «الاتحاد» أساس الاستدامة

نهج الدولة 
ومن بين أبرز الإنجازات في مجال الاستدامة، إطلاق طيران الإمارات في 30 يناير الماضي رحلتها التجريبية الأولى باستخدام وقود مستدام، في خطوة هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعكس اهتمام الإمارات بتحقيق أهداف الاستدامة.  وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أكد خلال استقباله فريق عمل «COP28» الشهر الماضي، أن الاستدامة جزء أصيل من نهج الدولة وجهودها لدعم العمل المناخي، وتعزيز التكاتف والتعاون الدولي سعياً إلى إيجاد حلول عملية لتحديات تغير المناخ، موضحاً أن الإمارات من خلال استضافتها هذا المؤتمر تبني على إرثها الراسخ في حماية البيئة والمحافظة عليها الذي أرساه القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

حماية المناخ 
يولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، اهتماماً كبيراً للمحافظة على البيئة وصيانة الموارد، وحماية مناخ الأرض، وفي هذا الشأن تبنت الإمارات خلال قمة «COP27» التي عُقدت في مصر العام الماضي، مبادرة تحالف القرم من أجل المناخ، بالشراكة مع إندونيسيا، لتطرح حلاً قائماً على الطبيعة لمواجهة التغير المناخي، لا سيما أن غابات القرم تلعب دوراً كبيراً في امتصاص وعزل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، وتعاونت أدنوك مع هيئة البيئة بأبوظبي في زراعة 2.5 مليون شتلة من أشجار القرم ضمن خطة طموحة تستهدف زراعة 10 ملايين شجرة قرم بحلول 2030. 

الابتكار الزراعي
الإمارات أطلقت مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، وبمشاركة 30 دولة بهدف تسريع العمل على تطوير أنظمة غذائية وزراعية ذكية مناخياً على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، وتعهدت الإمارات باستثمار إضافي قيمته مليار دولار كجزء من هذه المبادرة. 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: رئيس الدولة محمد بن زايد عيد الاتحاد الاستدامة الإمارات دولة الإمارات رئیس الدولة حفظه الله بحلول 2030 فی مجال

إقرأ أيضاً:

الإمارات تُشارك في اجتماع وزراء الطاقة لمجموعة “بريكس” بالبرازيل

 

شاركت الدولة في اجتماع وزراء الطاقة لدول مجموعة “بريكس” الذي عُقد أمس في العاصمة البرازيلية برازيليا برئاسة البرازيل، وذلك بهدف تعزيز التعاون المشترك بين الدول الأعضاء في دعم تحول قطاع الطاقة واستدامته وأمنه.
ترأس وفد الدولة سعادة المهندس شريف العلماء، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون الطاقة والبترول، وقال في كلمته أمام ممثلي الدول الأعضاء والشركاء في مجموعة “بريكس”: ” نعيش لحظة فارقة في مسيرة التحول العالمي لقطاع الطاقة، حيث يواجه العالم تحديين رئيسيين؛ هما ضمان الوصول الآمن والميسور للطاقة للجميع، مع خفض كبير في الانبعاثات لتحقيق الأهداف المناخية. وبالنسبة لدولة الإمارات، لا يُعد هذا التحدي معضلة، بل يمثل فرصة لقيادة التحول من خلال الابتكار، والتعاون، واتخاذ إجراءات حاسمة.”
وأضاف أن الإمارات جعلت من توفير الطاقة إنجازاً وطنياً، إذ تم تحقيق نسبة 100% في الوصول إلى الكهرباء، وحلول الطهي النظيف، وخدمات التدفئة والتبريد الميسورة التكلفة، كما تتصدر الدولة المؤشرات العالمية في الوصول إلى الطاقة وتكلفتها.
وتابع :”إدراكاً منا بأن هذه الإنجازات لا تكتمل إلا بتحقيقها على مستوى العالم، نستثمر في مشاريع الطاقة المتجددة في أكثر من 70 دولة، خاصة في أفريقيا، ومنطقة الكاريبي، والدول الجزرية الصغيرة النامية. كما نلتزم بأمن الطاقة العالمي ودعم تحول القطاع واستدامته، إضافة إلى نقل خبراتنا في تمويل الطاقة، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتطبيق التكنولوجيا لتحقيق العدالة في الحصول على الطاقة عالمياً.”
ودعا سعادته دول وشركاء “بريكس” للانضمام إلى “تحالف كفاءة الطاقة العالمي” الذي أطلقته دولة الإمارات بهدف تحقيق تحسين جذري في كفاءة استهلاك الطاقة في مختلف القطاعات، بما في ذلك المباني النقل، والصناعة، والعمل على مضاعفة معدلات كفاءة الطاقة سنوياً بحلول عام 2030، بما يتماشى مع “اتفاق الإمارات” التاريخي الذي أُعلن خلال مؤتمر الأطراف COP28، ويهدف التحالف أيضاً إلى تعزيز تبادل المعرفة ودعم بناء القدرات المشتركة، حيث أكد سعادته أن دول “بريكس” قادرة على لعب دور محوري في تسريع جهود توفير الطاقة عالمياً وتعزيز مسيرة خفض الانبعاثات بشكل جماعي.
كما أكد أن دولة الإمارات، بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة، تحرص على تعزيز التعاون مع دول مجموعة “بريكس” وفتح آفاق جديدة لتنمية الشراكات في مجالات الطاقة، وكفاءة الطاقة، وتقنيات خفض الانبعاثات، بما يسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز تبادل الخبرات والمعرفة، وترسيخ مكانة الدولة وجهة رائدة عالمياً في هذا المجال، بما يتماشى مع مستهدفات “رؤية نحن الإمارات 2031”.
وأشار سعادته إلى أن الإمارات ترتبط بدول مجلس التعاون الخليجي عبر هيئة الربط الكهربائي لدول الخليج، ما يعزز استقرار الشبكة وأمن الطاقة على المستوى الإقليمي، كما تواصل الدولة العمل على شراكات ثنائية ومتعددة الأطراف لتعميق التكامل الإقليمي والدولي في قطاع الطاقة.
كما شهد الاجتماع تقديم الرئاسة البرازيلية تقرير منصة التعاون البحثي في مجال الطاقة لدول “بريكس”، والذي ركز على ضمان الوصول إلى طاقة ميسورة وموثوقة وحديثة، لا سيما للمجتمعات المحرومة، إضافة إلى استعراض خارطة طريق التعاون في مجال الطاقة للفترة 2025-2030، التي تقدم رؤية إستراتيجية لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة النظيفة، والوقود المستدام، وربط الشبكات، والابتكار.وام


مقالات مشابهة

  • الإمارات تُشارك في اجتماع وزراء الطاقة لمجموعة “بريكس” بالبرازيل
  • مشاركون في «اصنع في الإمارات» لـ«الاتحاد»: الإمارات وجهة عالمية للاستثمارات الصناعية
  • عهود الرومي: تمكين الكوادر الحكومية بمهارات المستقبل
  • «أبوظبي للخلايا الجذعية» يعلن مشاركته في «إكسبو أوساكا 2025»
  • الإمارات تحقق نسبة 100% في الوصول للكهرباء
  • ثاني الزيودي: اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة تواصل المساهمة في نمو القطاع الصناعي
  • الإمارات تُشارك في اجتماع وزراء الطاقة لمجموعة «بريكس»
  • ايدج: الإمارات ترسخ مكانتها على خارطة التصنيع العالمي بقيادة الذكاء الاصطناعي
  • «اصنع في الإمارات» يكشف عن النموذج التقني لمركبة دوريات الشرطة «ماغنوس»
  • إطلاق «مبادلة بايو» المتخصّصة في مجال الصناعات الدوائية