فن الدبلوماسية إتيكيت المقابلات الصحفية «2»
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
تطرَّقنا الأسبوع الماضي حَوْلَ أهمِّ سِمات وكاريزما الصحفي من ناحية إتيكيت إدارة الحديث بالمقابلات الرسميَّة، وكيفيَّة تسلسل الأفكار واختيار الكلمة المناسبة معتمدًا على عِلم النَّحْو والوظيفة، وكلاهما يؤدِّي دَوْرًا جوهريًّا لدى الطرف الآخر، لتدلِّل على ثقافة وحِرفيَّة الصحفي أو الإعلامي.
أمَّا مقال اليوم فسوف نعرِّج فيه على مفاهيم وفنِّ الإتيكيت الواجب على كُلِّ صحفي إعلامي التسلُّح بأكبر عددٍ ممكنٍ من المفردات الَّتي تعكس كاريزما الصحفي بصورة خاصَّة، وكذلك كونه مرآة يعكس اسم جهته ووزارته وحكومته بصورة عامَّة، وهناك أمثلة كثيرة لا مجال لسردها في هذا المقال المتواضع.
تؤكِّد المدارس الدبلوماسيَّة والإعلاميَّة الاحترافيَّة والَّتي لها باع وخبرة طويلة في مجال الإعلام والصحافة بمختلف أنواعها وجنسيَّاتها على لُغة الجسد المهذَّبة بمختلف المناسبات والفعاليَّات، بالإضافة إلى تناسق مستوى نبرة الصوت مع الجملة المركَّبة ولُغة الجسد من خلال سياقات الحديث ونوعه في المقابلات الصحفيَّة بمختلف الأنواع (المرئيَّة، المسموعة، المكتوبة وأخيرًا المرئيَّة المسموعة)، كما أنَّ لُغة الجسد تتناغم مع الخلفيَّة الثقافيَّة والأكاديميَّة والاجتماعيَّة لدى الصحفي أو الإعلامي أيْنَما حلَّ، سواء في مقابلة صحفيَّة أو حضور مؤتمرات، ندوات، حلقات تدريبيَّة داخل البلد أو خارجه.
إنَّ من أهمِّ مفردات فنِّ إتيكيت المقابلات الصحفيَّة الَّتي لها أهمِّية جوهريَّة والَّتي تعتمد على نوع المقابلة ومدَّتها ومكانها، وتبقى هناك نقاط مشتركة في أغلب هذه المقابلات، وأهمُّها هي: بداية حديث المقابلة ومهارة نهايته، إتيكيت الجلوس مع الضَّيف أو المستقبِلين وكذلك إتيكيت المشي أثناء الدخول إلى موقع المقابلة أو الخروج مِنْها، تسلسل الأفكار بالطرح، مهارة إدارة المقابلة الصحفيَّة، إتيكيت الهندام الخارجي (نهارًا أو ليلًا)، طبيعة ونوع المقابلة مكتوبة أو مسجَّلة، إتيكيت مستوى نبرة الصوت، ولُغة الجسد.. وغيرها من فنون إتيكيت المقابلات الصحفيَّة.
وتؤكِّد مفاهيم فنِّ الإتيكيت أنَّه على الصحفي أو الإعلامي الاهتمام بما يلي: عدم وضع عطور نفَّاثة كالعود والزعفران الزَّيتي وغيرها الَّتي لا يعرفها الضَّيف؛ وبالتَّالي تُعدُّ نشازًا أو غريبة بالنسبة له، وإنَّما يُفضَّل العطور الهادئة سواء الأجنبيَّة أو المحليَّة الصنع، يحمل دفترًا مخصَّصًا للمقابلات كان فيه شعار وزارته أو شركته مع قلم ذي ماركة ثمينة وغالية وليس قلمًا رخيصًا بـ(20 بيسة)، أمَّا لوْنُ المَصَر (تكُونُ خامته من مشتقَّات اللَّون البيج والفواتح مع ترك الخيار له بلون النَّقشة، هذا إذا كان أثناء النَّهار أمَّا ليلًا فيكُونُ ذا ألوان غامقة متماشيًا مع لَون الدشداشة، لا يُفضَّل أبدًا ارتداء الدشداشة البيضاء مع وجود ألوان فيها وإنَّما تكُونُ بيضاء خالصة، كذلك يُفضَّل لبسُ النعال بلَوْن الدشداشة أو مقارب إلى لَوْن المَصَر، الابتعاد عن لبسِ الخواتم الكثيرة أو الكبيرة في اليد، الاستئذان من الضَّيف بخصوص طبيعة المقابلة والتصريح (مكتوب أم مسجَّل أم الاثنين مع بعض)، إتيكيت المشي على الصحفي أن يكُونَ على يمين الضَّيف أو المستقبلين لحين الوصول إلى مكان المقابلة؛ لأنَّه في ذلك اختبار لَهُم حَوْلَ مدى استيعابهم لمفاهيم فنِّ إتيكيت المقابلات، الجلوس أيضًا على يمين الضَّيف وأن يكُونَ الجلوس على نصف مقعد الكرسي وعدم الاتِّكاء ووضع الظهر على ظهر الكرسي، عدم المزح مع المستقبِلين أو الضَّيف، عدم تبادل الأحاديث في مواضيع خارج موضوع المقابلة وتجنُّب كثيرًا الحديث عن السِّياسة، الدِّين، المذاهب والشؤون الماليَّة وهذا يحدث غالبًا قَبل إجراء المقابلة وهو الهدف الرئيس المبطّن للمقابلة، عدم قَبول الهدايا المقدَّمة من قِبل الضَّيف، أثناء الضيافة عدم طلب عصائر غير متوافرة منعًا لإحراج الضَّيف ويُفضَّل فقط طلب الماء أو ما هو متوافر، عدم التطرُّق لأحاديث شخصيَّة بحتة خارج موضوع اللقاء بحُكم الوقت وشرب الشَّاي وسحب معلومات عفويَّة من الصحفي الَّذي ليس لدَيْه خبرة كافية، عدم قَبول دعوات عشاء أو غداء بعد انتهاء اللقاء الصحفي، عدم الاجتهاد في تحرير الخبر استنادًا للحديث قَبل إجراء المقابلة أم بعده، عدم وضع الرِّجلَيْنِ الواحدة فوق الأخرى، عدم وضع اليدَيْنِ على ذراعَي الكرسي، النظر مباشرة إلى عَيْن الضَّيف والابتعاد عن النظر يمينًا ويسارًا لغرفة الضَّيف وما تحتويه من مقتنيات، اختيار الكلمات الرقيقة والجميلة والابتسامة المتواضعة وعدم المبالغة بالضحك، المشي الهادئ والبطيء جدًّا مع تقاطع الأقدام أثناء السَّير بحيث تكُونُ قَدَم أمام قَدَم وبمسافة لا تزيد عن 10 سم. أمَّا زميلاتنا الصحفيَّات على مختلف وظائفهن (محرِّرة، مصوِّرة.. وغيرهما) عَلَيْهن الاهتمام بعدد المفردات، سواء بالملابس أم المكياج أم لُغة الجسد أم طبيعة المقابلة.. وهذا ما سوف نتناوله بالمقال القادم إن شاء الله.
د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
معاريف: مقابلة الوزيرة غولان مع مورغان تتحول إلى إحراج جديد لإسرائيل
ذكرت صحيفة معاريف العبرية إن ظهور وزيرة المساواة الاجتماعية في حكومة الاحتلال، ماي غولان، في مقابلة على قناة “توك تي في” البريطانية تحول إلى عرض محرج ومثير للشفقة، يعكس مجددًا فشل الوزراء الإسرائيليين في إدارة الخطاب الإعلامي أمام العالم.
وقالت الصحيفة، إن "المقابلات التي يجريها المسؤولون الإسرائيليون في وسائل الإعلام الدولية أصبحت في الفترة الأخيرة مصدرًا دائمًا للإحراج الوطني، في ظل ما وصفته بعجز متكرر عن ضبط المواقف وتقديم خطاب متماسك".
وتابعت، "بعد السقطة التي تعرض لها وزير الشتات عميحاي شيكلي في ظهوره مع الصحفي بيرس مورغان، جاء الدور هذه المرة على الوزيرة غولان، التي لم تنجح في السيطرة على مجريات الحوار، رغم محاولتها الظهور بمظهر الحزم والدفاع عن سياسات حكومتها".
ووفق معاريف، فقد كانت المقابلة مع مورغان مواجهة صعبة بدأت بتصريحات مثيرة من غولان حاولت فيها تبرير دعوات وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش لمواصلة الحرب واحتلال غزة، وادعت أن "قلبه أكثر حزنًا من قلوب كل من حضروا جنازات في حياتهم".
وقاطع المذيع البريطاني الشهير حديث الوزيرة مباشرة وسألها: "كيف عرفتِ؟"، قبل أن يواجهها بسلسلة طويلة من اقتباساتها القديمة التي حملت تصريحات عدوانية وتحريضية ضد الفلسطينيين.
كما عرض مورغان على الهواء حديث غولان عندما قالت إن "فخورة بالدمار في غزة"، وإنها "تريد لكل طفل فلسطيني أن يتذكر ما فعله به اليهود"، وأشار إلى دعواتها السابقة لـ"نكبة أخرى" و"العنف ضد الفلسطينيين عموما".
وحاولت الوزيرة الإسرائيلية الدفاع عن نفسها قائلة إن تصريحاتها كانت موجهة ضد "حماس فقط"، لكن مداخلتها بدت مرتبكة، ما جعل المقابلة تخرج عن سيطرتها بشكل كامل، وفق الصحيفة.
ووصفت الصحيفة، المشهد بأنه "سقوط دعائي مدو"، وأشارت إلى أن المقابلة التي كان من المفترض أن تكون جزءا من حملة علاقات عامة تخدم صورة إسرائيل في الغرب، تحوّلت إلى مادة للتندر والانتقاد، وأثارت مجددا تساؤلات حول أهلية الوزراء الإسرائيليين للظهور الإعلامي الدولي، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا حساسة كالحرب على غزة.
واختتمت الصحيفة تقريرها بانتقاد لاذع للمؤسسة السياسية الإسرائيلية، مشيرة إلى أن ما حدث يجب أن يدق ناقوس الخطر قائلة، "متى ستدرك إسرائيل أن المقابلة الإعلامية باللغة الإنجليزية ليست مجرّد استعراض، بل هي ساحة معركة سياسية ودبلوماسية حقيقية تتطلب مسؤولين مؤهلين وخطابا محسوبا؟".