إطلاق حركة "حماس" لفصيل "طلائع طوفان الأقصى" في لبنان يحملُ الكثير من الالتباسات رغم مُسارعة الحركة إلى نفي الكلام القائل بإنَّ المجموعة الجديدة تُعدّ فصيلاً مسلحاً يهدّد السيادة اللبنانية، والتأكيد على أن إطارها مدنيّ وشعبي.     ما يتبين هو أنَّ مسار "حماس" في لبنان لم يكُن "مضبوطاً" نوعاً ما خلال الآونة الأخيرة، وما يحصلُ هو أنَّها تتحرك في إطارٍ غير عادي بات يُثير شكوكاً حول الأهداف والمسارات.

. فماذا جرى.. وماذا فعلت الحركة حتى جعلت القلق يُرافقها؟    أحداث عين الحلوة 
قبل نحو 4 أشهر، شهد مخيم عين الحلوة إقتتالاً عنيفاً بين حركة "فتح" من جهة وتنظيمات مسلحة توزّعت على جولات قتاليّة عديدة. ما حصل شهد تدخلاً لـ"حماس" التي ظهرت وكأنها تريد إنكسار "فتح" داخل المخيّم وبالتالي إنتقال أمنه إليها. الأمر الأكثر إثارة للريبة هو أنّ "حماس" كانت على تواصلٍ مع الجماعات المسلحة، فهي التي كانت تنسق إطار التفاوض معهم لإنهاء التوتر وتسليم المطلوبين الموجودين في صفوفهم والذين تم اتهامهم باغتيال القائد العسكري في "الأمن الوطني الفلسطيني" اللواء أبو أشرف العرموشي أواخر تموز الماضي.     المُفارقة الأكثر خطورة هي أنّ "حماس" كانت تعمل على تشكيل مواجهة واضحة ضد "فتح"، وهذا الأمر تعلم الأخيرة به تماماً، حتى أن هناك إتهامات سيقت ضد "حماس" وتقول بأنها شاركت في إشتباكات عين الحلوة وتدخلت بها فعلياً.     وبمعزلٍ عن الحيثيات الميدانية للإشتباكات التي حصلت، فإنّ سلوك "حماس" ترك تساؤلاتٍ عن أهدافها بـ"تغيير وجه الأمن في المخيمات". حينها، كانت تحاول الحركة أن تسير وفق مسارٍ يعزّز قوتها، حتى جاءت عملية "طوفان الأقصى" في غزة يوم 7 تشرين الأول الماضي وجمّدت كل المحاولات التي كانت تحصلُ في الداخل اللبناني حتى موعد إعلان "طلائع طوفان الأقصى" يوم الثلاثاء الفائت.   من ناحية أو بأخرى، يمكن أن تكون "حماس" من السَّاعين إلى "إختزال" المقاومة في غزة بها فقط، من خلال تخطي الفصائل الأخرى ونسب إنجاز "الطوفان" إليها حصراً، علماً أن هناك أطرافاً أخرى داخل غزة تقاتل إسرائيل وليس "حماس" فقط. الأمرُ هذا يتجلى بشكلٍ غير مباشر، وما يتبين هو أن الحركة حاولت "تسييد" نفسها في لبنان عبر عين الحلوة، والآن داخل غزة أيضاً على حساب أطرافٍ أخرى مساندة لها.    عمليات "كتائب القسام – لبنان" 
ومنذُ 8 تشرين الأول الماضي، تاريخ اندلاع أحداث الجنوب بين "حزب الله" والعدو الإسرائيلي، برز إلى الواجهة تنظيم "كتائب القسام – لبنان"، وهو الجناح العسكري لـ"حماس" – الفرع اللبناني. مسألة وجود هذا التنظيم تركت إنطباعاً خطيراً من الناحية الأمنية، لاسيما أنّ هذا الفصيل كانت له عمليات عسكرية في الجنوب ضد الإسرائيليين.     لا أحدَ يُنكر دور "القسام" في مجابهة إسرائيل، فالعمليات التي حصلت بطولية من دون أدنى شك، لكن الداخل اللبناني سيطرح تساؤلات حول مدى توسع هذا التنظيم في الجنوب وقدرته على التحرّك عسكرياً ومسألة استغلاله لأرض لبنانية لتنفيذ عمليات عسكرية. في الأساس، يعد ما حصل إنتهاكاً للقرار 1701 الذي يتوجب على "حماس" احترامهُ بالحد الأدنى كونها خاضعة لقوانين السلطة اللبنانية، علماً أن الخروقات التي طالت القرار الدولي المذكور كثير ولا تُحصى خلال الآونة الأخيرة. 
وبغض النظر عن "أحقيّة" المقاومة بالنسبة لـ"حماس"، فإنّ وجود تنظيم مسلّح بهذا الشكل العلني سيعني أنّ لبنان بات مقراً لها أيضاً، وإذا كانت إسرائيل تريدُ فعلاً إنهاء "القسام" في غزة، عندها ستُبادر إلى ضرب هذا التنظيم في لبنان أيضاً، وبالتالي إدخال البلاد في "معمعة أمنية وعسكرية" أكثر من اللازم.     استناداً إلى كل هذه المسارات والأحداث، يتبين أن ما تقوم به "حماس" قد ينقلبُ عليها في لبنان، فهي تعي تماماً أن أي مغامرة ستخوضها ستعني إرتداداتٍ سلبية ضدها. أحد المصادر السياسية يقول لـ"لبنان24" على "حماس" إستخلاص العبر من الماضي وعدم العودة إلى الأخطاء السابقة التي شكلت إستباحة للسيادة اللبنانية من البوابة الفلسطينية.    المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: عین الحلوة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية

في الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة توقف نزيف الدم في قطاع غزة، تكشف المقترحات المتبادلة بين الأطراف المعنية عن حجم الهوة التي تفصل بين مواقف كل من حركة "حماس" وإسرائيل، برعاية ومتابعة أمريكية مباشرة. 

ومع كل اقتراب من نقطة الاتفاق، تظهر الشروط المتبادلة كحواجز أمام تحقيق اختراق سياسي حقيقي، مما يُبقي المشهد مفتوحًا على مزيد من التعقيد والمعاناة الإنسانية.

خلافات تُجهض التقدم

كشفت تقارير إعلامية، الإثنين، أن حركة "حماس" وافقت مبدئيًا على مقترح هدنة تقدّم به المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يقضي بوقف إطلاق النار لمدة 70 يومًا مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء على دفعتين، إلى جانب إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين، بينهم محكومون بأحكام عالية ومؤبدات.

غير أن متحدثًا باسم ويتكوف نفى هذه الموافقة، مشيرًا إلى أن المفاوضات لا تزال مستمرة، وسط تضارب في الروايات. ووفق صحيفة "إسرائيل هيوم"، فإن مسؤولًا إسرائيليًا رفيعًا – لم يُكشف عن اسمه – وصف المقترح بأنه لا يعكس "نية حقيقية من قبل حماس للمضي قدمًا"، مشددًا على أن "أي حكومة مسؤولة في إسرائيل لا يمكن أن تقبل بهذا الطرح"، ما يعكس موقفًا إسرائيليًا رافضًا للعرض الأمريكي – أو على الأقل لبعض بنوده.

مطالب جديدة تثير الجدل

المقترح الذي طُرح عبر وسطاء تضمن بنودًا غير مسبوقة من قبل حركة حماس، من بينها طلب مصافحة علنية بين خليل الحية، القيادي في الحركة ورئيس وفدها المفاوض، والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، كرمز لضمانة بعدم استئناف القتال عقب فترة التهدئة. كما تضمن الإفراج التدريجي عن 10 رهائن، 5 منهم في اليوم الأول من الهدنة، والباقون بعد شهرين.

هذه البنود – بحسب الصحافة العبرية – تتناقض مع الخطة الأصلية التي قدمها ويتكوف، والتي تنص على إطلاق سراح جميع الرهائن على مرحلتين: الأولى مع بداية التهدئة، والثانية في نهايتها. كما شملت مطالب حماس انسحابًا واسعًا للقوات الإسرائيلية من المناطق التي سيطرت عليها في قطاع غزة، إضافة إلى إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، وهو ما تعتبره إسرائيل "تنازلات مفرطة".

غضب إسرائيلي داخلي

ردًا على هذه التطورات، أصدر "منتدى عائلات الرهائن" بيانًا غاضبًا، انتقد فيه استمرار الحرب ورفض الاتفاقات الجزئية، واصفًا إياها بأنها "خسارة إسرائيلية يمكن، بل يجب، تجنبها". وطالب المنتدى بعقد اتفاق شامل يعيد جميع الأسرى الـ58 وينهي الحرب، مشيرًا إلى أن "الحكومة يمكنها التوصل إلى مثل هذا الاتفاق صباح الغد إذا اختارت ذلك"، في إشارة إلى وجود دعم شعبي واسع لهذا الخيار.

مقترح "بحبح" بين التفاؤل والتشكيك

في خضم هذا التوتر، كشفت تقارير إعلامية عن وثيقة جديدة يُبحث فيها حاليًا، قدمها الوسيط الفلسطيني–الأمريكي بشارة بحبح، بالتنسيق مع ويتكوف، تقضي بوقف شامل للحرب خلال فترة الهدنة، وتعهد من حماس بعدم تنفيذ هجمات أو تهريب أسلحة أو تطوير ترسانتها العسكرية خلال هذه الفترة.

لكن هذه الوثيقة لم تُعلن رسميًا، وتُقابل بقدر من التشكيك في إسرائيل، خصوصًا في ظل تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة، والتي جدّد فيها التزامه بإعادة جميع الرهائن "أحياء وأموات"، تزامنًا مع مواصلة جيشه قصفه المكثف على القطاع.

وفي ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتفاقم الكارثة الإنسانية، انتقد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، موقف المجتمع الدولي، وخصوصًا الإدارة الأمريكية، مؤكدًا أنها لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل لوقف إطلاق النار أو إدخال المساعدات. 

أمريكا لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على الاحتلال

وأضاف الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن ما تفعله إدارة ترامب لا يتجاوز الضغط السياسي، عبر مقترحات مثل تلك التي تقدم بها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، والتي رفضتها إسرائيل رغم قبول حماس بها، في محاولة لإفشال الجهد الأمريكي.

وأوضح الرقب أن واشنطن، رغم قدرتها على التأثير الفعلي، تكتفي بتصريحات سياسية لا ترقى إلى مستوى الأفعال، مضيفًا: "لو أرادت الإدارة الأمريكية وقف العدوان لعلّقت إمدادات السلاح والذخيرة، لكنها تتواطأ ضمنيًا مع حكومة نتنياهو المتطرفة". ولفت إلى أن تصريحات ترامب المتناقضة توحي برغبته في وقف الحرب، دون أي تحرك عملي يجسد هذه الرغبة، معتبرًا أن ما يصدر عن واشنطن ليس سوى "دغدغة مشاعر" ومحاولة لتبرئة الذات من الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وفي ما يخص الموقف الأوروبي، أشار الرقب إلى وجود تحول نسبي في الخطاب الأوروبي نتيجة الجرائم المتواصلة في غزة، واستخدام الاحتلال لسياسة التجويع، وهو ما بدأ يحرج الاتحاد الأوروبي. 

وأوضح أن دولًا مثل فرنسا تتحرك فعليًا لعقد مؤتمر دولي للسلام، بينما ما تزال دول أخرى كالمجر والنمسا ترفض أي ضغط على الاحتلال.

 وأكد أن أوروبا تمتلك أوراق ضغط مهمة، لكنها لم توظفها بعد بشكل مؤثر.

وفي ختام تصريحاته، شدد الرقب على أن واشنطن وبروكسل قادرتان على وقف الحرب وإنهاء معاناة غزة، لكن غياب الإرادة السياسية واستمرار سياسة الكيل بمكيالين، يمنحان الاحتلال مزيدًا من الوقت لارتكاب مجازره دون رادع، وسط تصريحات دولية شكلية لا تغير من واقع المعاناة اليومية للفلسطينيين.

وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف هجومها على غزة، يتبيّن أن الطريق نحو هدنة حقيقية ما زال طويلًا، وأن أي تقدم مشروط بقبول تنازلات مؤلمة من الطرفين. 

ومع تعنّت الحكومة الإسرائيلية، ومطالب حماس التي تعكس عمق معاناة الشعب الفلسطيني، يبقى أفق التهدئة رهينًا بإرادة سياسية غير متوفرة بعد، ما ينذر باستمرار الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يقبع تحت نار الحرب منذ أكثر من 19 شهرًا.

طباعة شارك غزة قطاع غزة حماس إسرائيل

مقالات مشابهة

  • ما هي خطة صنع في الصين 2025 التي أقلقت أميركا؟
  • الرئيس الشرع: نلتقي اليوم على ثرى حلب الشهباء هذه المدينة التي ما انحنت لريح ولا خضعت لعاصفة بل كانت القلعة وكانت الجدار وكانت الشاهد على الصمود
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
  • تضارب في الأنباء حول تفاصيل مقترح ويتكوف التي وافقت عليه حماس
  • كاتبة إسرائيلية: الدولة التي تتخلى عن مختطفيها لدى حماس ليست بلدي
  • لماذا سكتت الأبواق، التي كانت تعارض المقاومة الشعبية فى نوفمبر 2023م
  • “القسام” تكشف تفاصيل إجهازها على جنود صهاينة بغزة وسرايا القدس تفتك بآخرين في كمين بالشجاعية
  • الجزيرة نت تحصل على رسالة لشقيق شهيد بالقسام يطلب الانضمام لقوات النخبة
  • قتـ لى وجرحى.. القسام تعلن استهداف قوة من جنود الاحتلال بخان يونس
  • عبد الله: الناجح الأكبر في الإنتخابات كانت الدولة