“ليلة عاللبناني”.. ميشال فاضل في حفل استثنائي هذا الشهر!
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
متابعة بتجــرد: 2U2C و Star System يقدّمان الموسيقي اللبناني المتألّق ميشال فاضل على مسرح كازينو لبنان في حفل موسيقي مميز تحت عنوان “ميشال فاضل ليلة عاللبناني”، وذلك يومي 27 و28 كانون الأول.
سيرافق ميشال فاضل في هذا الحفل أكثر من ثلاثين موسيقيًا مع ظهور العديد من الضيوف، وسيؤدي جميع الأغاني الرائعة وخاصة الأغاني الوطنية.
ويأتي هذا الحفل بالتزامن مع زخم النشاط الفني للموسيقي ميشال فاضل الذي تولى مؤخراً التوزيع الموسيقي لأحدث إصدارات قيصر الغناء العربي كاظم الساهر. ولطالما عُرف فاضل ببصمته المميزة والمختلفة في عالم الموسيقى إذ ينقل الجمهور دائماً لعالم آخر مليء بسحر الإبداع.
مع الإشارة إلى أنّ تذاكر البيع لحضور الحفل المذكور متوفرة في Ticketing Box Office.
وهو برعاية إعلامية ل LBCI و Nostalgie وأغاني أغاني.
main 2023-12-07 Bitajarodالمصدر: بتجرد
إقرأ أيضاً:
الحنين والهوية: كيف تصبح الأغاني والذكريات وطنا بديلا
بقلم: عمر سيد أحمد
O.sidahmed09@gmail.com
مايو 2025
في زمن الحرب والشتات، تصبح الأغنية بيتًا مؤقتًا، وتغدو الذكريات وطنًا يُحمل في القلب. فهل الحنين عائق، أم بوابة لبناء واقع جديد؟
قالت الكاتبة والفنانة والأكاديمية السودانية، التي تعيش في بلد آخر، باستغراب: لماذا السودانيون يبكون على ماضٍ يمتد إلى سبعة عقود وأكثر ، بينما نحن بالكاد نلتفت إلى ما مضى عليه عقدان؟ كانت دهشتها صادقة، وسألت بتعجب: لماذا نحن نغرق في الذكريات؟ لماذا هذا الحنين الذي لا يفارقنا؟
أعتقد أن الإجابة تكمن في الفرق الكبير بين من يملك تاريخاً ضارباً في القدم، وبين من لا يزال يصنع بدايات تاريخه المعاصر. لا نغرق في الحكايات لأننا عالقون في الماضي، بل لأننا أبناء ذاكرة عميقة يعيش تاريخها فينا. ما عشناه وما بناه الأوائل لم يكن حدثًا عابرًا، بل هو أساس هويتنا وسودانيتنا.
في السودان، كل أغنية قديمة، وكل مشهد يجسد طيبة ينبض فينا شيء يعيد الحياة إلى أرواحنا. الحنين ليس ترفًا، بل وسيلة للمقاومة والانتماء في واقع تمزقه الأزمات.لكنه في ذات الوقت ليس مجرد عاطفة، بل استجابة واقعية لفشل الحاضر وضبابية المستقبل، في ظل الحرب وفشل الدولة المستمر منذ الاستقلال. أنظمة شمولية فاسدة أنتجت فقراً وحروباً وتشظياً، انتهت بانفصال جزء عزيز من الوطن. واستمرت الحروب التي تُصنع على يد الأنظمة نفسها، لتسهيل نهب الثروات وإضعاف البلاد لصالح فئة قليلة.وحين فاض الكيل، خرجت الملايين في أعظم ثورة أعادت الأمل. ثورة الأجيال الشابة الواعية والجسورة التي صنعت ضوءًا في عتمة الفشل، واكتسبت احترام العالم. لكن القوى الشمولية من عسكر ومدنيين تكالبت لإجهاض التغيير، فبلغنا الحرب الشريرة التي تلتهم الماضي والحاضر، وتهدد بجعل المستقبل أكثر ظلامًا.
النوستالجيا – أو الحنين – هي رد فعل طبيعي لفقدان الأمان والاستقرار. نهرب من الحاضر إلى الماضي لأن الحاضر لا يقدم لنا بديلاً مقنعاً. وهذا أمر مفهوم. لكن الخطورة أن يغدو الحنين حاجزًا يمنعنا من رؤية حاضرنا أو السعي لبناء مستقبل أفضل.
ولا يمكن الحديث عن النوستالجيا بمعزل عن فشل الحاضر. فجزء التمسك بالماضي ينبع من إخفاقات حكم ما بعد الاستقلال، بدءًا من الانقلابات العسكرية، مرورًا بغياب المؤسسات، وتسييس الهوية، وصولًا للحرب اللعينة التي لا تزال تلعب دورًا قاتلاً في واقعنا. عقود من الحكم الفاشل حولت السودان من بلد واعد إلى دولة تعاني الحروب والفشل وسوء الإدارة.
ومع ذلك، لا يعود الزمن الجميل بالأغاني فقط. نحتاج إلى فعل، إلى شباب يؤمنون بقدرتهم على التغيير، يصنعون حاضرًا يليق بالكرامة، ومجتمعًا لا يُدار بالعنف أو الفشل، بل بالمؤسسات والعدالة والحرية.
حين يلتقي الحنين بالفعل، يولد مشروع حياة. تصبح الذكريات وقودًا لا قيدًا. نستمد من الماضي ما يُلهم، لا ما يُعيق. وهنا يبدأ التغيير الحقيقي.
في السودان، الأغاني القديمة ليست فقط موسيقى، بل وثائق هوية. هي حكايات البيوت، ودفء الحنين، وأصوات الذاكرة. وسيلة للانتماء، حتى لمن عاش بعيدًا عن الوطن.
الحنين للماضي ليس عابرًا. إنه أسلوب حياة للكثير من السودانيين. لكنه يصبح خطرًا حين يمنعنا من رؤية الحاضر، أو يسجننا في انتظار ماضٍ لا يعود. نلجأ إليه لأن الحاضر لا يقدم بديلاً مقنعًا. الحنين رد فعل لفقدان الأمان، لكنه لا يجب أن يكون عذرًا للجمود.
الانتماء ليس مكانًا بل فعل. هل من لم يعش في السودان ينتمي؟ نعم، إن أحب السودان، وفكر فيه، وشارك همومه، ودافع عن كرامة إنسانه وحقه في الحياة، فهو منتمٍ بحق. الأغنية تذكرنا، لكن الفعل هو ما يصنع الوطن.
اما تجربتي الشخصية فهي احدي وجوه هذا الواقع المؤلم. كالملايين، أجبرتني الحرب على ترك بيتي وإنهاء حياتي كما عرفتها مغادرًا أمام الموت، تاركًا خلفي كل شيء: عملي، مكتبتي، لوحاتي، وألبومات صوري. ، ونهبت الحرب ذاكرتي فقد عبث المحتلون ببيتي لعام ونصف بكل شيء: تكسيرا ونهبا، بعثرة وحرقا للكتب والصور واللوحات. حتى الكهرباء نُزعت أسلاكها، والمطابخ أُفرغت من كل شيء ، وخزانات المياه انتُزعت. أعيش الأسي والحزن على الذكريات والذاكرة التي سرقتها الحرب و تلاشت بين أنقاض الخراب في انتظار انتهاء الحرب اللعينة والعودة التي لا أراها قريبة وأعاني مغتربا عن البيت والوطن قسوة التشتت والانتظار والحنين أسمع أغنية تعيدني إلى السودان، يعود معي مشهد القتال، الحرق، والتدمير الذي يسد أفق الإعلام مما يثقل القلب ، لكنه في الوقت نفسه يولد في داخلي أملًا لا يخبو بأن أعود واعمر حياة جديدة من بين براثن الظلام وطنا يستحق أن يُغنى له ، هذه ليست مجرد أحداث شخصية، بل بوصلة توضح لنا كيف يرتبط الحنين بالمأساة ومع ذلك يولد قوة الإصرار.
كل هذا الخراب لاحقني في صحوي ومنامي. ومع ذلك، هناك أغنية تعيدني إلى بلدي، تمنحني أملًا بالعودة. هذه ليست قصة فردية، بل بوصلة توضح كيف يولد الإصرار من رحم المأساة.
رغم الحرب والدمار، يبقى الأمل شعلة لا تنطفئ. تستمد أجيالنا قوتها من جذورنا، ومن إرادة شعب لا يرضى بالهزيمة.
وفي النهاية، لا يُعاد الزمن الجميل بترديد الأغاني أو استحضار الماضي فقط، بل بصنع واقع جديد نعتز به. المستقبل ينادي شبابنا لأن يكونوا صناع التغيير، يؤمنون بقدراتهم، يعملون من أجل مؤسسات ومجتمع يليق بآمال الأجيال، ووطن يحفظ كرامة أهله ويحتضن أحلامهم.
المستقبل ينادي شبابنا لأن يكونوا صناع التغيير، يؤمنون بقدراتهم، يعملون من أجل مؤسسات ومجتمع يليق بآمال الأجيال، ووطن يحفظ كرامة أهله ويحتضن أحلامهم. لهذا، لا نستنشق الماضي الجميل هروبًا، بل نستلهمه كمصدر إلهام لبناء مستقبل مختلف. لنعلّم أبناءنا الانتماء والإخلاص ، ونزرع فيهم قيم الصدق و العدل والحرية، ليقودونا إلى وطن جديد. وطن ترفرف فيه رايات السلام، وتنبض فيه الحياة. وطن يبنيه شباب يعرفون أن الحلم لا يكفي، بل يجب أن يتحوّل إلى فعل.
هذا هو السودان الذي نحلم به: وطن الحنين، والهوية، ووعد المستقبل الذي لن ينكسر. وحين يلتقي الحنين بالعمل، وننسج من هذا اللقاء خيوط الأمل، يصبح الحاضر أرضًا للنماء، ليشرق السودان من جديد