المصطلحات مهمة.. مسؤول أممي سابق: السجناء الفلسطينيون رهائن أيضا
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقالا لمسؤول سابق في الأمم المتحدة، أكد فيه أهمية المصطلحات في الحرب بين إسرائيل وفلسطين، مشيرا إلى أن "السجناء" الفلسطينيين رهائن أيضا.
وقال منصف خان إن هناك معركة أخرى غير متوازنة قائمة بالتوازي مع الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، وإن كانت ليست قاتلة لكنها خبيثة لأنها تشكل التصورات التي توجه السياسة.
وأوضح خان، الذي عمل في مجالات حقوق الإنسان والشؤون السياسية في مكتب الأمين العام السابق كوفي عنان، أن الحكومة الإسرائيلية ووكلاءها دأبوا على تعقب استخدام اللغة التي يعتبرونها ضارة بإسرائيل وسردية احتلالها، ويمكن للمرء أن يجادل بأن هذا جزء من الدبلوماسية.
وقال إن حرب المصطلحات التي تشنها إسرائيل أصبحت شاملة مثل هجومها على غزة؛ وعندما يتعلق الأمر بالحرب على الكلمات، فإنها تشبه سخافة التنمر في المدرسة.
وضرب مثلا بانتقاد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الأخير لرئيس وزراء أيرلندا ليو فارادكار، مغردا "يبدو أنك فقدت بوصلتك الأخلاقية و(..) تحاول شرعنة الإرهاب وتطبيعه. عار عليك".
ووصف خان الهجوم بأنه كان فظّا على رئيس وزراء إحدى دول الاتحاد الأوروبي لجرأته على استخدام كلمات مقطع توراتي من العهد الجديد "طفلة بريئة كانت "مفقودة" وعثر عليها الآن"، في إشارة إلى الطفلة إيميلي، البالغة 9 سنوات، والتي تحمل الجنسية الأيرلندية والإسرائيلية وكانت رهينة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولم يقل فارادكار إنها كانت "مخطوفة" في قطاع غزة.
وقارن الكاتب هذه الواقعة التي وصفها بزوبعة في فنجان، بالاستخدام الواسع النطاق لمصطلح "سجناء" لتعريف الفلسطينيين، بما في ذلك مئات الأطفال، بعضهم في عمر إيميلي، والذين اعتقلوا تعسفيا ويقبعون في السجون العسكرية الإسرائيلية لأشهر أو سنوات أو عقود.
وذكر أن إسرائيل اعتقلت مليون فلسطيني في الأراضي المحتلة، وفقا للأمم المتحدة، من بينهم عشرات الآلاف من الأطفال، لفترات زمنية مختلفة منذ عام 1967.
كسر الإرادة الفلسطينيةوعلق خان أنه بموجب قواعد لاهاي واتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة والبروتوكول الإضافي الأول، فضلا عن القانون الإنساني الدولي العرفي، لا يُسمح باحتجاز الأفراد في حالات الاحتلال الحربي إلا "للضرورة القصوى" لأمن سلطة الاحتلال أو "لأسباب أمنية حتمية"، وبعد محاكمة عادلة ونزيهة لهؤلاء "الأشخاص المحميين".
لكن بموجب القانون الإسرائيلي، يمكن الحكم على طفل فلسطيني بالسجن 20 سنة بتهمة رشق حجر. وفي عام 2011 نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بيانات عسكرية داخلية تظهر أن 99.74% من المحاكمات أسفرت عن 9542 إدانة مقابل 25 حكما بالبراءة.
وتابع المسؤول الأممي السابق أنه وفقا لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فإن كل الأسرى المحتجزين لديها هم بحكم تعريفهم رهائن. وأيضا العسكريون منهم، الذين يسمون أسرى حرب، هم كذلك رهائن، وفقا لحماس.
وفي هذا الصدد، من الواضح أن الفلسطينيين المحتجزين تعسفا، صغارا وكبارا، ذكورا وإناثا مثل إيميلي، هم أيضا رهائن. وليسوا مجرد سجناء أو سجناء سياسيين أو أشخاص محتجزين تعسفيا بموجب القانون الدولي، بل رهائن. والثمن هو كسر الإرادة الفلسطينية في مقاومة الاحتلال.
وبما أن النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ العسكرية والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يعدّان أخذ الرهائن في صراع دولي أو داخلي جريمة حرب، يمكن مقاضاة مرتكبيها في محكمة وطنية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.
فلهذا السبب سوف يلاحقك وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ليتنمر عليك ويسكتك بعبارة "عار عليك"، إذا تعرضت لسوء حظك لتسمية رهينة فلسطينية "رهينة"، وهذا ما يجعل الكلمات مهمة في الحرب.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
شهادات حية.. الأسرى المبعدون يفضحون جرائم الاحتلال الممنهجة بحق السجناء الفلسطينيين
نظّمت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، اليوم الثلاثاء، بالتعاون مع مندوبية فلسطين لدى الجامعة، ندوة موسّعة تناولت معاناة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وواقع الأسرى المحررين المبعدين، بمشاركة عدد من الأسرى المحررين المتواجدين في مصر، وبحضور وفود رسمية تمثل الدول العربية الأعضاء في الجامعة.
وجاءت الفعالية برعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وبمشاركة الأمين العام المساعد لشؤون الإعلام السفير أحمد خطابي، ومندوب فلسطين الدائم لدى الجامعة السفير مهند العكلوك، إلى جانب عدد كبير من ممثلي المنظمات الدولية والحقوقية، وسفراء عرب وأجانب معتمدين بالقاهرة، ومديري الدوائر بالأمانة العامة، ومؤسسات المجتمع المدني، ونخبة من الشخصيات الاعتبارية المصرية والعربية من رجال القانون والأكاديميين والنواب والوزراء السابقين.
شهادات حية للأسرى المحررينوتضمنت الندوة عدة جلسات من بينها شهادات حيّة قدّمها أسرى محررون وصلوا إلى مصر مؤخراً، حيث سلطوا الضوء على ما يتعرض له الأسرى داخل السجون من تعذيب وحشي وتجويع وإهمال طبي ممنهج، إضافة إلى ممارسات الاحتلال التي تستهدف كسر إرادة المعتقلين، مؤكدين أهمية تعزيز الدعم في مختلف المجالات.
وأكد الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة السفير فائد مصطفى، التزام الأمانة العامة الثابت بقضية الأسرى الفلسطينيين ودعمهم حتى تحريرهم وإعادة إدماجهم في المجتمع الفلسطيني بكافة السبل السياسية والدبلوماسية والقانونية والإعلامية.
وشدد على أن الجامعة العربية تولي قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب اهتماماً بالغاً انطلاقاً من كونها جزءاً أصيلاً من القضية الفلسطينية، لافتاً إلى أن القرارات المتعاقبة لمجلس الجامعة كرّست أنّ قضية الأسرى هي قضية حق وعدالة تستمد شرعيتها من النضال المشروع للشعب الفلسطيني.
وأضاف السفير مصطفى، أن الجامعة تتابع يومياً قضايا الأسرى، وخاصة المضربين عن الطعام، مؤكداً أن ما يتعرضون له يمثّل "سرقة علنية لأعمار الأطفال والشباب" ويتطلب تحركاً عربياً ودولياً عاجلاً.
من جانبه، طالب مندوب فلسطين الدائم السفير مهند العكلوك اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الأممية والحقوقية كافة اتخاذ مواقف تتجاوز البيانات، والضغط الفوري على إسرائيل لوقف الانتهاكات داخل السجون، والكشف عن أماكن المختفين قسرياً، وضمان الحماية الدولية للأسرى ولا سيما الأطفال والنساء والمرضى، مؤكدا رفضه مشروع الإعدام الذي تروج له سلطات الاحتلال باعتباره مخالفة خطيرة للقانون الدولي.
وشدد العكلوك على ضرورة مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على خلفية الجرائم المرتكبة بحق الأسرى الفلسطينيين، باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأوضح أن الرئيس محمود عباس يؤكد باستمرار أنه لا يمكن إبرام أي اتفاق سلام نهائي دون الإفراج الكامل عن جميع الأسرى الفلسطينيين الذين يصفهم بـ"مقاتلي الحرية"، مشيراً إلى أن ما يحدث داخل السجون هو "إعدام بطيء" بحق الأسرى، نتيجة الإهمال الطبي المتعمّد الذي أدى إلى استشهاد عدد منهم خلال العامين الماضيين.
إعدام بطيء بحق الأسرىوأضاف مندوب فلسطين أن هذا اليوم يحمل رمزية خاصة بمشاركة أسرى محررين لأول مرة داخل مقر الجامعة العربية وعلى أرض مصر، التي وصفها بـ"بيت فلسطين الدائم وسندها القومي"، معرباً عن تقديره لجهود القاهرة في الإفراج عن أسرى ودعم حقوقهم في المحافل الدولية.
وفي كلمته، دعا وزير الأسرى السابق هشام عبدالرازق إلى تبني استراتيجية عربية شاملة لإسناد الأسرى، مؤكداً أن التحديات التي تواجه الحركة الأسيرة ازدادت في عهد الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، ما يستدعي خطة عمل حقيقية بمشاركة الجميع.
وقدّم الأسرى المحررون أحمد سليم ونادر صدقة شهادات مفصلة حول واقع الأسرى قبل وبعد السابع من أكتوبر، وكيف فرضت إدارة السجون عقوبات قاسية منذ الساعات الأولى للعدوان على غزة.
ورووا ما يتعرض له الأسرى من تجويع متعمّد وانعكاساته الصحية الخطيرة، وصولاً إلى القتل داخل السجون، وعمليات تعذيب قاسية، وحملات تفتيش متواصلة، وإغلاق الأقسام لساعات طويلة، وفرض غرامات وعقوبات جماعية تهدف إلى إنهاكهم نفسياً ومعنوياً، مشيدا بالدور المصري الريادي في دعم الأسرى في مختلف المحافل.
وبدوره، تحدث الأسير المحرر محمد الطوس الذي قضى 40 عاماً في سجون الاحتلال، مؤكداً أن الأوضاع داخل المعتقلات تدهورت إلى الأسوأ من حيث الاكتظاظ ونوعية الغذاء وشح المقتنيات وقلة النظافة.
وأشار إلى أن "كل دقيقة داخل السجن باتت تعادل عاماً كاملاً من العذاب"، محذراً من أن الاحتلال يسعى إلى استمرار سياساته العنصرية ضد المعتقلين، مشدد على ضرورة تعزيز البعد المعنوي للأسرى وذويهم.
وأكد الطوس، أن الفعالية اليوم تأتي لدعم حقوق الأسرى والأسيرات والأشبال الذين يتعرضون لـ"أبشع أنواع التعذيب"، في ظل دعم واضح من وزيري حرب الاحتلال سموتريتش وبن غفير، مطالبا الدول العربية باحتضان الأسرى لضمان توفير حياة كريمة لهم.
أما الأسير محمد نايفة فأكد أن السجون الإسرائيلية تشهد تشديداً استثنائياً في العقوبات، بدءاً من تقليص الطعام ومنع إدخال الملابس، وحرمان المرضى من العلاج، مشيراً إلى كارثة إنسانية تهدد الأسرى المرضى جراء الإهمال الطبي وتردّي التغذية وسوء المياه ومنع التواصل مع العائلات.
استهداف للأحياء والأمواتوأوضح الأسير رمزي عبيد أن سياسة الاحتلال تقوم على "معادلة مدروسة" تهدف إلى تجريد الأسرى من احتياجاتهم اليومية لإبقاء الضغط المستمر عليهم، في مخالفة واضحة لاتفاقيات جنيف وقواعد القانون الدولي الإنساني.
وكشف عبيد أن عدد المعتقلين ارتفع من نحو 4 آلاف قبل السابع من أكتوبر إلى 10 آلاف معتقل بعده، معظمهم موقوفون وإداريون، إضافة إلى 3 آلاف أسير من غزة، دون احتساب المحتجزين في المعسكرات كما بلغ عدد الأطفال الأسرى أكثر من 350 طفلاً، وارتفع عدد المعتقلين الإداريين إلى 3368، فضلاً عن استشهاد 81 أسيراً منذ بدء الحرب ممن تم التعرف على هوياتهم، في ظل استمرار سياسة الإخفاء القسري.
وأكد الأسير ماجد المصري، أن الاحتلال خلق عمداً خلال العامين الماضيين بيئة مرضية داخل السجون عبر الاكتظاظ والإهمال الطبي، داعياً إلى توحيد المسارات للدفاع عن المعتقلين.
وتحدث الأسير عمار الزبن عن أشكال التعذيب التي يتعرض لها الأسرى، مؤكداً أن إسرائيل هي "الدولة الوحيدة التي شرعنت التعذيب بقوانين انتخابية"، في محاولة لكسر إرادة الأسرى التي تعكس حالة النضال الفلسطيني.
بدوره، شدد الأسير رائد عبدالجليل على أن القيادة الفلسطينية تعتبر قضية الأسرى قضية مركزية، مشيراً إلى خطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة، الذي أكد فيه أنه لا سلام ولا استقرار دون الإفراج الكامل عن الأسرى.
وقال الأسير نهاد صبيح أن كل قضية "شهيد أسير" تكشف سياسات الاحتلال التي تستهدف الفلسطينيين أحياءً وأمواتاً، بما في ذلك احتجاز الجثامين وسرقة الأعضاء ومنع العائلات من دفن أبنائها.
ودعا الأسير منصور شريم المجتمع الدولي إلى معاقبة إسرائيل على جرائمها بحق الأسرى، مؤكداً أن ما يتعرضون له منذ السابع من أكتوبر ليس مفاجئاً، بل امتداد لنهج الاحتلال، مطالبا بتشكيل لجنة عربية دولية لكشف الانتهاكات بحق الأسرى المبعدين.
كما دعا الأسير كميل أبو حنيش إلى تكثيف جهود الإعلام وتوثيق كل شهادات المعتقلين ورفع تقارير رسمية إلى الهيئات الدولية، بما فيها الصليب الأحمر ومجلس حقوق الإنسان والمقررين الخاصين بالأمم المتحدة، للمطالبة بفتح تحقيق فوري وعلني في الانتهاكات.
وتخللت الندوة عروضاً لوثائقي حول الأسرى، ونقاشات تفاعلية أكدت أهمية دعم الأسرى باعتبارهم جزءاً من الحالة النضالية الفلسطينية. كما شدد المشاركون على الدور المركزي للجامعة العربية في دعم الأسرى وقضاياهم وحقوقهم، مؤكدين أن قضية الأسرى حاضرة دوماً على أجندة الجامعة وفعالياتها.
واختتم المشاركون بالتشديد على مكانة منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، مؤكدين أن الحرب التي تشنها حكومة الاحتلال لن تكسر إرادة الشعب، وأن الأسرى سينتصرون على السياسات الفاشية كما فعلوا في محطات سابقة، مجددين رفضهم لقانون الإعدام الذي تسعى إسرائيل إلى فرضه.