السياسة الإيرانية تحمل ثنائيات متناقضة لا يخطئها الحصيف ولكن كان تناقضها مخفياً عن البعض
هل النظام الإيراني لديه ذكاء سياسي مفرط؟ وهل أصحاب الذكاء السياسي ممكن أن يقعوا في شر أعمالهم؟ لدى تصفح كتاب وزير الخارجية الإيراني الحالي السيد حسين أمير عبداللهيان والمعنون بـ«صُبح الشام» والصادر في بيروت من منشورات «المحجة البيضاء» يقف القارئ متعجباً لماذا يصدر هذا الكتاب في هذا الوقت؟ واصفاً جهود الجمهورية الإيرانية الحثيثة في الجوار العربي المباشر، العراق، سوريا، لبنان، الخليج وما حول هذا الإقليم، بأنها «سياسية تدخلية»!البعض يرى أن نقد السياسة للجمهورية الإيرانية هو نقد «للمذهب الشيعي»، وقد آن الأوان لأهل العقل أن يقتنعوا بان السياسة الإيرانية ليست«مذهبية» بقدر ما هي «قومية» مع الاعتراف بأن معظم سكان إيران هم من الطائفة الشيعية، ولكن في المقابل ليس كل الشيعة إيرانيين او موالين لإيران، ونقد السياسة «للعقلاء» بالتأكيد ليس نقد المذهب!!!
ما بين يدينا هو بعض من ملامح مشروع إيراني قومي للتوسع في الجوار، هكذا يتوجب أن يفهم، مع الموافقة أنه يستخدم ذكاءً في الخطاب يمرره على الكثيرين بأنه «يدافع عن الشيعة»، وأن عدوه في المنطقة هو «الشيطان الأكبر الولايات المتحدة وتابعتها إسرائيل»، وما يحلو للنظام أن يسميهم تابعين لذلك المعسكر، وغير المنتمين إلى «محور المقاومة»!، والأخير لا مانع «بين فترة وأخرى» أن يتعامل مع الشيطان الأكبر إذا اقتضت المصلحة!!
من حق إيران أن تصنف ما تريد، وتتبنى من المفاهيم ما يناسبها، وأيضاً من حق الآخرين أن يضعوا سياستها تحت منظار التحليل الفطن، لذلك يكشف لنا الوزير في كتابه الكثير من محاولات «التربيط» بين النقيض والنقيض، فيصف مثلاً محاولاته الصعبة مع رئيس مجلس النواب التونسي السابق «الغنوشي» بأن يدعم الوضع في سوريا، والأخير يعارض منطلقاً من موقفه الآيديولوجي الرافض للشمولية السياسية والمتعاطف مع الثورة السورية، هنا «المصالح الإيرانية» هي البوصلة وليس الحق في مواجهة الظلم، كما يشير إلى أن «الربيع العربي» هو ثورة في وجه المشروع الأميركي والإسرائيلي، وهو ثورة إسلامية على غرار الثورة الإيرانية، ما عدا الثورة السورية فهي «ثورة مضادة»!!
يتبين للقارئ أن هناك «انسداداً نظرياً في الخطاب الإيراني، يخلط الدين بالسياسة».
التفوق الذي يشعر به عبداللهيان لا يخفى، فقد تمثل في قمة بغداد التاريخية في صيف عام 2021 التي دعا إليها مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق وقتها، ورئيس الجمهورية الفرنسية، وحضرها كثير من قادة الإقليم، إذ أصر حسين أمير عبداللهيان على الوقوف في الصف الأول عند التقاط الصورة التذكارية، وكل وزراء الخارجية نظرائه الذين حضروا كانوا في الصف الثاني، كما يلزم البروتوكول، ولم يستطع أحد من الرسميين العراقيين أن يتخذ موقفاً من تصرفه، لقد كان ذلك إشارة إلى ما اعتقده «هيمنة» على السيادة العراقية. الوزير يشير في كتابه إلى جهد قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في إنشاء ورعاية ميليشيات مسلحة في كل من العراق وسوريا خصوصاً من أجل حماية «الأماكن المقدسة»! في البلدين، مع العلم بأن تلك الأماكن لم تكن مهددة في أي وقت في التاريخ الحديث!
السياسة الإيرانية تحمل ثنائيات متناقضة لا يخطئها الحصيف، ولكن كان تناقضها مخفياً عن البعض، حتى أحداث غزة الأخيرة، فكشفت الأزمة تلكم الثنائيات للعامة، حيث إن بوصلة السياسة الإيرانية هي مصلحة إيران، لا بأس من استخدام بعض الأذرع العربية التابعة، ولكن من دون اشتباك مباشر، وتبين أن وظيفة أفكار «الثورة» هي وظيفة تضليلية، فما ينتمي إلى عالم «الأقوال» عندهم، ليست له علاقة بعالم «الأفعال».
يصف عبداللهيان قاسم سليماني بصفات «خارقة»، ويحمل له امتناناً واضحاً عندما أصر سليماني أن يبقى عبداللهيان في مكانه منسقاً للشؤون العربية، عندما قرر جواد ظريف وزير الخارجية وقتها إزاحته من ذلك المنصب، ويصف علاقات سليماني السياسية والعسكرية بل وحتى الثقافية، بأنها واسعة ومتشعبة، وأنه كان الشخص الذي أقنع فلاديمير بوتين بالتدخل العسكري في سوريا؛ لأن «العدو مشترك»، يقصد الولايات المتحدة! أما قتل سليماني فيراه المؤلف بأنه كان «لقطع الطريق» على تفاهم سعودي - إيراني! يبدو أن بطل عبداللهيان هو سليماني، ويرغب في أن يقوم بدوره!!
اللافت في الكتاب ذكر عبارة لها دلالاتها وهي الإشارة إلى البحرين، والتي عانت من التدخل الإيراني في شؤونها الداخلية إلى درجة أنه في سبتمبر «أيلول» عام 2015 طُرد القائم بالأعمال الإيراني من المنامة بسبب تدخلاته في النسيج الاجتماعي المحلي، ويشير إلى البحرين، البلد المعترف باستقلاله من الأمم المتحدة، وحتى من إيران الجمهورية، بإشارة ملتبسة وهي «جزيرة صغيرة انفصلت عن إيران عام 1971 بسبب سوء تدبير النظام البهلوي»! مثل هذا التصريح من رأس الدبلوماسية الإيرانية الحالية، أقل ما يقال فيه أنه يبين نيات التوسع القومي الإيراني في الجوار.
الكتاب أيضاً يكشف أن «الهوية الإيرانية» في نصف القرن الماضي تتنازع بين الفارسية القومية والمذهبية الشيعية، وهو ما يؤسس لنزاعات مستقبلية من السذاجة عدم التحوط لها.
الأزمة التي يعانيها الخطاب الإيراني اليوم نابعة من الموقف في ما يحدث في غزة، فقد وعدت وشجعت وسلحت وصعدت في الخطاب المناوئ، وعند الاشتباك نأت بنفسها عن كل مفردات الخطاب السابق، بصرف النظر عما يبرره التابعون لها في اللسان العربي، بل حتى بعض الفلسطينيين، أما الجمهور العام الفطن فقد سقطت ورقة التوت أمام عينه، وما المحاولات التي نسمعها إلا تدارك ما قد لا يتدارك!
هل مجمل سردية الوزير عبداللهيان يدل على ذكاء سياسي؟ في كتاب «صُبح الشام» أما كان من المفترض أن يسمى الكتاب بتفاصيل ما جاء فيه «ظلمة الشام»، حيث فضل بقاء فرد لتحقيق مصالح إقليمية على موت بلد، وفناء مجتمع!
آخر الكلام: لا يمكن الخروج من المستنقع السياسي الهائل الذي تمر به منطقة الشرق الأوسط إلا من خلال هدم الآيديولوجيا القائمة على الشعارات اللاعقلانية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة إيران
إقرأ أيضاً:
خوفًا من استغلال الحزب للعواصف والضباب.. تمرين عسكري إسرائيلي على حدود لبنان
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيُجري الأحد تمريناً عسكرياً في مزارع شبعا وجبل الشيخ قرب الحدود مع لبنان، يتخلله نشاط مكثف للقوات والآليات وسماع أصوات انفجارات، مؤكداً للإسرائيليين أن هذه الأصوات لن تكون نتيجة حدث أمني. ونقلت صحيفة "معاريف" عن مصدر عسكري أن الهدف هو رفع الجهوزية واليقظة لدى القوات في المنطقة، في إطار الاستعداد لاحتمال استهدافها من قبل حزب الله، خصوصاً بعد اغتيال القائد العسكري في الحزب هيثم علي الطبطبائي في 23 تشرين الثاني الماضي في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.وبحسب الصحيفة، يأخذ الجيش الإسرائيلي في الحسبان أن العواصف والضباب قد يتيحان ظروفاً مناسبة لمحاولة عناصر حزب الله تنفيذ هجوم في المناطق الجبلية، لذلك يُجرى التمرين تحديداً في جبل الشيخ ومزارع شبعا. مواضيع ذات صلة كاتس يأمر الجيش الإسرائيلي بإعلان المنطقة المُتاخمة للحدود مع مصر منطقة عسكرية Lebanon 24 كاتس يأمر الجيش الإسرائيلي بإعلان المنطقة المُتاخمة للحدود مع مصر منطقة عسكرية 07/12/2025 10:22:33 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 باسيل من بكركي: الخوف من تسوية أو مؤامرة تعيدنا الى ما قبل إقرار قانون انتخاب المنتشرين Lebanon 24 باسيل من بكركي: الخوف من تسوية أو مؤامرة تعيدنا الى ما قبل إقرار قانون انتخاب المنتشرين 07/12/2025 10:22:33 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي: بدأنا سلسلة غارات على أهداف عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان Lebanon 24 الجيش الإسرائيلي: بدأنا سلسلة غارات على أهداف عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان 07/12/2025 10:22:33 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 طقس لبنان: ارتفاع في درجات الحرارة وضباب على المرتفعات Lebanon 24 طقس لبنان: ارتفاع في درجات الحرارة وضباب على المرتفعات 07/12/2025 10:22:33 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان عربي-دولي القائد العسكري علي الطبطبائي حدود لبنان الإسرائيلي جبل الشيخ حزب الله هيثم علي إسرائيل قد يعجبك أيضاً مرض "الحمى القلاعية" يضرب مزارع المواشي في لبنان.. وبيان يكشف Lebanon 24 مرض "الحمى القلاعية" يضرب مزارع المواشي في لبنان.. وبيان يكشف 03:05 | 2025-12-07 07/12/2025 03:05:34 Lebanon 24 Lebanon 24 البحر الأسود تحت الضغط: تداعيات على الأمن الغذائي العالمي فماذا عن لبنان؟ Lebanon 24 البحر الأسود تحت الضغط: تداعيات على الأمن الغذائي العالمي فماذا عن لبنان؟ 03:00 | 2025-12-07 07/12/2025 03:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 فتح دعوى تطويب يوسف بك كرم: بين قداسة السيرة وإشراقة الإعجوبة Lebanon 24 فتح دعوى تطويب يوسف بك كرم: بين قداسة السيرة وإشراقة الإعجوبة 02:30 | 2025-12-07 07/12/2025 02:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما يقوم به رئيس الجمهورية لإعادة الدولة إلى الدولة Lebanon 24 هذا ما يقوم به رئيس الجمهورية لإعادة الدولة إلى الدولة 02:00 | 2025-12-07 07/12/2025 02:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مراقبة طريق ضهر البيدر قبل القرار النهائي Lebanon 24 مراقبة طريق ضهر البيدر قبل القرار النهائي 01:45 | 2025-12-07 07/12/2025 01:45:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بعد انتشار فيديوهات سخر فيها من جنوده.. هذه هوية من صوّر بشار الأسد ولونا الشبل؟ Lebanon 24 بعد انتشار فيديوهات سخر فيها من جنوده.. هذه هوية من صوّر بشار الأسد ولونا الشبل؟ 11:35 | 2025-12-06 06/12/2025 11:35:54 Lebanon 24 Lebanon 24 خطاب قاسم يكرّس ثبات "الحزب" على موقفه من السلاح والتفاوض Lebanon 24 خطاب قاسم يكرّس ثبات "الحزب" على موقفه من السلاح والتفاوض 12:00 | 2025-12-06 06/12/2025 12:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 3 رسائل تلقاها "حزب الله".. تقريرٌ تركي يكشفها Lebanon 24 3 رسائل تلقاها "حزب الله".. تقريرٌ تركي يكشفها 14:00 | 2025-12-06 06/12/2025 02:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 معركة خصوم "حزب الله" لتحشيد القوى صعبة Lebanon 24 معركة خصوم "حزب الله" لتحشيد القوى صعبة 10:00 | 2025-12-06 06/12/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 سابقة في تاريخ الاعلام اللبناني Lebanon 24 سابقة في تاريخ الاعلام اللبناني 11:20 | 2025-12-06 06/12/2025 11:20:46 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 03:05 | 2025-12-07 مرض "الحمى القلاعية" يضرب مزارع المواشي في لبنان.. وبيان يكشف 03:00 | 2025-12-07 البحر الأسود تحت الضغط: تداعيات على الأمن الغذائي العالمي فماذا عن لبنان؟ 02:30 | 2025-12-07 فتح دعوى تطويب يوسف بك كرم: بين قداسة السيرة وإشراقة الإعجوبة 02:00 | 2025-12-07 هذا ما يقوم به رئيس الجمهورية لإعادة الدولة إلى الدولة 01:45 | 2025-12-07 مراقبة طريق ضهر البيدر قبل القرار النهائي 01:43 | 2025-12-07 لمنع اندلاع حرب في لبنان.. ترامب يدخل على خطّ الوساطة فيديو محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! 05:09 | 2025-12-06 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) 04:00 | 2025-12-06 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بث مباشر.. البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء Lebanon 24 بث مباشر.. البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء 09:14 | 2025-12-01 07/12/2025 10:22:33 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24