هنري كسنجر…قرن من العمر والدبلوماسية
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
غيب الموت مطلع هذا الشهر بعد أن بلغ الدبلوماسي ومنظر السياسات الخارجية الأميركية والاستراتيجية الأشهر هنري كسنجر عامه المائة 1923-2023 قضى ثلثها متربعاً على عرش الدبلوماسية والقضايا الدولية وأزماتها العالمية الممتدة عبر قارات العالم. وقد احتفل الدوائر ذات الاهتمام في العالم قبل مدة بمئوية ساحر الدبلوماسية على نطاق واسع خاصة وأن هنري كسنجر لم يتوقف عن لعب الدور المرجعي لكافة الإدارات الرئاسة الأميركية منذ دخوله شاباً إلى دائرة الأمن القومي ومن ثم قيادة دفة الدبلوماسية الأميركية في إدارتي فورد ونيكسون ومستشاراً في إدارة ملفات ولجان سياسية داخلية إلى عهد ريغان وجورج بوش الأبن.
وكانت حياة الدبلوماسي المئوي الراحل الذي ينحدر من عائلة يهودية ألمانية فرت من جحيم النازية في الحرب العالمية الثانية إلى الولايات المتحدة التي عمل في جيشها جندياً في جيشها أقل إثارة من دوره في تأجيج والتحكم في حروب العالم وصراعاته؛ وصكه لمصطلحات رافقت مرحلة الحرب الباردة من حرب محدودة التوتر إلى الدبلوماسية المكوكية في الشرق الأوسط. وقبلها بالطبع سياسات الاحتواء والردع النووي في مواجهة الاتحاد السوفيتي السابق. ولم تكن الصين القوة الصاعدة في مواجهة الولايات المتحدة بعيدة عن تفكير الرجل وهو من كسر جدار العزلة بترتيب زيارة الرئيس الأميركي نيكسون للصين منتصف السبعينات مدشناً سياسة انفتاح جديدة بل وخصّها بكتاب يحمل اسم ها (الصين).
فقد كانت لحياته وما مرّ به من تجربة تحولات عميقة التي حدثت في حياته الجديدة في اميركا وصعوده اللامع وتقاطع معتقداته الدينية كيهودي اوربي يحمل اسم هاينريش تحول لاحقاً إلى هنري وحصوله على الجنسية الأميركية بعد انتهاء الحرب والتحاقه بجامعة هارفرد المرموقة؛ كلها اثرت في تكوين شخصية هذا الغول الدبلوماسي. ويكاد هوسه بالتاريخ وتاريخ الدبلوماسية ملازماً لكل كتاباته منذ أن قدَّم أطروحتيه في الماجستير والدكتوراه (معنى التاريخ، تأملات في شبلنغر وتونيبي، وكانت)، و (عالم تمت استعادته، مترنيخ وكاستليرج ومشكلات السلام) وقد اعيد طبع الثاني بعد سبعين عاماً من صدوره بالإضافة إلى عدد من المؤلفات والمذكرات. فكان مدار التاريخ واحداثه مدخله إلى تفسير الوقائع وسياسية الدبلوماسية ورؤية تشكل نظم العالم على ضوء المؤثرات التاريخية التي صاغت خارطة التوازنات الاستراتيجية. وتبقى القوة نقطة محورية في تصورات كسنجر للسلام والحرب معًا، وهي بالتفسير السياسي -برأيه- السياسية الواقعية Realpolitik وهي ربما جعلت تركيزه على قوة توازن النظام العالمي منذ حروب أوربا في مرحلة ما بعد الدولة القومية إلى انهاء حرب فيتنام التي قاد مفاوضاتها ومنح جائزة نوبل للسلام. وطالما مزج بين رؤيته للتاريخ وممارسته وتصوراته فيما بعد لحلول التفاوض والدبلوماسية من خلال مؤلفاته في الدبلوماسية والقوة النووية ومباحثات السلام والاستراتيجية.
ولعل الذاكرة السياسية العربية تسترجع دوره في المنطقة في صلب أزمة القضية الفلسطينية حين ظهر هنري كسنجر على مسرح الأحداث في حرب أكتوبر بين العرب وإسرائيل والمفاوضات التي عرفت فيما بسياسة فك الاشتباك De-engagement أي وقف إطلاق النار بين مصر (العرب) وإسرائيل وهو ما قاد في نهاية المطاف إلى ما عرف باتفاقية سلام كامب ديفيد والاعتراف بدولة إسرائيل. واتبع كسنجر دبلوماسية عرفت بالمكوكية بين القاهرة، والرياض وتل ابيب محاولاً اقناع الأطراف بالتوصل إلى سلام دائم يضمن أمن إسرائيل؛ ويضمن أيضا امداد النفط العربي بعد حظر النفط الشهير الذي هدد الاقتصاديات الغربية. تدخل اميركا في سياسات الشرق الأوسط أدى الى خروج الاتحاد السوفيتي من المنطقة وأصبح الفضاء اميركياً بالكامل في سياق السياسات الأميركية الخارجية وعلاقتها بإسرائيل، وهذا ما عدَّ انجازاً لوزير الخارجية الأميركي البارز. فقد تأثرت إدارته لملف الصراع العربي الإسرائيلي بخلفياته اليهودية، وانحياز سياسات الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل مما عزّز ما دعم أميركي غربي مفتوح لإسرائيل للممارسة سياساتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتسريع وتيرة التطبيع مع الدول العربية بإسناد أميركي.
واجهت سياساته الخارجية التي عكست المصالح الأميركية كأولوية قصوى اثناء توليه لمنصبه وزيراً للخارجية ومستشارا لأمن القومي الأميركي وبعد أن غادره هجوماً شرساً لم يخل بوصفه مجرم حرب تجب محاكمته بحسب خصومه وخاصة دوره في انقلابات اميركا اللاتينية في سبعينات القرن الماضي بذريعة محاربة التمدد الشيوعي، دور المؤامرات التي نفذتها المخابرات الأميركية. وكما يقول عنه المؤلف البريطاني الأميركي كرستوفر هيتشنز صاحب كتاب (محاكمة كسنجر). وهو يرى أن كسنجر لا يختلف عن الديكتاتورين ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية تجب محاكمته. وظل شبح هذه الاتهامات يطارد عجوز الدبلوماسية الأميركية في حياته، ولكن من دون أن تطاله العدالة كما رغب خصومه.
إن مسار حياة الراحل هنري كسنجر في الحياة الدبلوماسية والسياسة الدولية تستدعي التوقف خاصة وأن الرجل عاش احداثها على مدى السنوات التي أطلق عليها سنوات الفوران، وبكل ما لعب فيه وأثر بشكل أو اخر في صراعاتها وأزماتها مختلف بؤر العالم الملتهبة. ولم تعد سيرته بعد عامه المئة تعكس جديداً بعد أن تناولها الكثيرون وما كتب عنه من المؤلفات العامة والأكاديمية ككاتب السير الذاتية الأميركي والتر ايزاكسون بقدر دوره الذي لعبه خلال سياسيات القرن العشرين. ومنذ أن غادر منصبه لعقود خلت لم تغادره الأضواء كمنظر ومؤرخ للسياسات الدولية والتطورات الإنسانية الأخرى كالعولمة وغيرها من ظواهر عالمية. ومهما يكن من أمر التناقضات التي أثارها الرجل في حياته الممتدة يبقى أحد أهم دبلوماسي ومهندسي سياسات القرن العشرين وأزماته.
nassyid@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
البابا الأميركي اللاتيني.. كيف تتفاعل البيرو مع ليو الرابع عشر؟
المشهد المصور غير واضح كثيرا. إطار الكاميرا غير ثابت. وفي لحظة ما، يظهر هاتف محمول آخر في مجال الرؤية ليلتقط المشهد.
لكن ذلك الفيديو انتشر كالنار في الهشيم في بيرو لسبب واحد وجيه: إنه يصور لحظة عفوية ومرحة للرأس الجديد للكنيسة الكاثوليكية البابا ليو الرابع عشر، الذي بدأ مؤخرا قيادته للكنيسة بقداس تنصيبي في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ضم وتهويد.. إسرائيل تسابق الزمن لابتلاع "سبسطية" الأثرية بالضفةlist 2 of 2"مفكرة عابر حدود".. حكايات مأساوية وسخرية سوداء من واقع الهجرةend of listلقد غيرت بابويته التاريخ. وُلد ليو الرابع عشر في شيكاغو، وهو أول بابا على الإطلاق ينحدر من الولايات المتحدة. ولكن بالنسبة لسكان بيرو في مدينة تشيكلايو الشمالية فهو بطل محلي، والفيديو المنتشر من عام 2014 هو دليل على جذوره اللاتينية.
في ذلك المقطع، يترنم ليو الرابع عشر -المعروف آنذاك باسم روبرت بريفوست- بأغاني عيد الميلاد في مكبر صوت محمول باليد تحت أضواء الفلورسنت وديكورات متناثرة.
يغني "فيليز نافيداد! فيليز نافيداد" (Feliz Navidad = أغنية إسبانية تعني "عيد ميلاد مجيد")، مدعومًا بفرقة من شباب تشيكلايو تعزف على الغيتار، متمايلاً على الإيقاع "أتمنى لكم عيد ميلاد مجيدا".
في الفترة التي سبقت بابويته، لعبت تشيكلايو، خامس أكبر مدينة في بيرو، دورًا محوريا في صعود ليو الرابع عشر في مراتب الكنيسة الكاثوليكية.
إعلانمنذ عام 1985، خدم ليو في بعثات كاثوليكية مختلفة في جميع أنحاء شمالي البلاد. ولكن على مدى العقد الأخير من حياته المهنية، كانت تشيكلايو قاعدته الرئيسية. شغل منصب أسقف هناك من 2015 إلى 2023، وخلال تلك الفترة أصبح أيضًا مواطنًا بيروفيا.
قال الأب خوسيه أليخاندرو كاستيو فيرا، وهو زعيم كنسي محلي التقى ليو الرابع عشر لأول مرة عام 2014، "لقد كسب محبة الناس".
وبينما احتضنت المنطقة بحرارة "بابا تشيكلايانو" -أي باباها القادم من تشيكلايو-، يعكس الوضع في أميركا اللاتينية أيضًا الصراعات التي تواجه منصب ليو الجديد.
بطل محلييُعتقد أن الكاثوليكية في تراجع في أميركا اللاتينية. وجد استطلاع أجرته شركة استطلاعات الرأي العام "لاتينوباروميترو" (Latinobarometro) أنه في الفترة من 1995 إلى 2024، انخفض عدد الكاثوليك المصرحين عن أنفسهم من حوالي 80% إلى 54%.
وفي بيرو، تضررت صورة الرأي العام في أعقاب فضيحة اعتداء جنسي ظهرت عام 2015.
ومع ذلك، يسود التفاؤل في تشيكلايو بأن قيادة ليو الرابع عشر يمكن أن تعيد الحيوية إلى المؤمنين الكاثوليك نظرًا لسجله الحافل في الخدمة العامة.
قالت يولاندا دياز، وهي معلمة تبلغ من العمر 70 عامًا في تشيكلايو ومستشارة وطنية للاتحاد الوطني للطلاب الكاثوليك، "أعتقد أنه يمكنه تعزيز مساحة للحوار".
وتعتقد أن ليو الرابع عشر سيساعد في "دفع التغييرات التي نريد أن نراها في الكنيسة إلى الأمام، شيئًا فشيئًا".
حدد ليو الرابع عشر ملامح بابويته في وقت مبكر. في أول تصريحات له بعد انتخابه، انتقل من الإيطالية إلى الإسبانية لمخاطبة مدينته التي تبنته مباشرة.
وقال "إذا سمحتم لي بكلمة، تحية للجميع وبشكل خاص لأبرشيتي الحبيبة تشيكلايو، في بيرو، حيث رافق شعب مؤمن أسقفه، وشارك إيمانه وقدم الكثير، الكثير، لمواصلة كونها كنيسة وفيّة ليسوع المسيح".
إعلانسرعان ما أشار مراقبو الفاتيكان إلى أنه اختار عدم مخاطبة الولايات المتحدة، بلد مولده، أو التحدث بلغته الأم الإنجليزية.
في الأيام التي تلت ذلك، تدفق آلاف الأشخاص إلى الساحة الرئيسية في تشيكلايو للاحتفال بالبابا الجديد، يرقصون ويتناولون القربان المقدس في ظل كاتدرائيتها ذات اللون الأصفر الزبدي.
في خضم هذا الحماس، لمحت الشركات المحلية فرصة اقتصادية. اقترح رئيس الرابطة الوطنية لوكالات السفر والسياحة "إبافيت" (APAVIT) ريكاردو أكوستا إنشاء مسار سياحي تحت عنوان "البابا".
وعلقت المطاعم في تشيكلايو لافتات خارج أبوابها "أكو كوميو إل بابا" أي: "البابا أكل هنا".
مواجهة فقر بيرويؤثر الفقر في المنطقة الشمالية من بيرو على ما يقرب من ربع السكان. وقد جادل المدافعون المحليون بأن المدينة والمناطق المحيطة بها تعاني من عدم كفاية البنية التحتية العامة.
برزت تلك المشكلة بشكل صارخ خلال جائحة كورونا خلال عام 2020 وما تلاه عندما أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من ألف عائلة في تشيكلايو كانت تفتقر إلى مياه الشرب.
كما كانت موارد الرعاية الصحية تحت ضغط شديد. سجلت بيرو أعلى معدل وفيات للفرد، حيث قُدّر بـ665.8 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص.
يتذكر الأب كاستيو الأمين العام لمنظمة "كاريتاس تشيكلايو" (Caritas Chiclayo)، وهي منظمة إغاثة كاثوليكية، أن ليو الرابع عشر لعب دورًا حاسما في جمع الأموال لشراء الأكسجين الطبي لعلاج المرضى.
أوضح الأب كاستيو "لقد توصل إلى فكرة إطلاق حملة لدعم المجتمع للحصول على محطة أكسجين".
من خلال جهودهم الجماعية، تم جمع أكثر من 380 ألف دولار أميركي لشراء أنظمة توليد الأكسجين.
قال الأب كاستيو "لقد ناشد جميع السكان والسلطات ورجال الأعمال أيضًا". "في النهاية، كان الله الإله عظيما ولم يكن هناك مال لمحطة واحدة فحسب، بل لبناء محطتي أكسجين".
إعلانومع ذلك، تم إغلاق كلتيهما منذ ذلك الحين بسبب نقص الأموال اللازمة للصيانة. ومع ذلك، قال الأب كاستيو للجزيرة الإنجليزية إنه يأمل أن يواصل البابا ليو الرابع عشر دفاعه عن الفقراء أثناء وجوده في الفاتيكان.
وقال "كلنا نأمل أن يستمر في كونه ذلك الصوت، ليس فقط لنا نحن البيروفيين، ولكن للجميع". وأضاف "الكثير من الناس بحاجة للخروج من البؤس، من الفقر".
من مهاجر إلى آخربالنسبة لدياز، المعلمة، كانت إحدى أعز ذكرياتها عن البابا الجديد هي العمل معًا على قضية ملحة أخرى تواجه بيرو: الهجرة.
منذ عام 2018، أصبحت بيرو واحدة من الوجهات الرئيسية للمهاجرين وطالبي اللجوء من فنزويلا، حيث دفع القمع السياسي وعدم الاستقرار الاقتصادي أكثر من 7.9 ملايين شخص إلى الخارج.
تقدر الأمم المتحدة أن بيرو استوعبت ما يقرب من مليوني شخص من هؤلاء المهاجرين. وهذا يجعلها ثاني أكبر مستقبل للفنزويليين في أميركا اللاتينية.
قالت دياز للجزيرة الإنجليزية إنها شهدت تأثير تلك الموجة من الوافدين في تشيكلايو. عملت هي وليو الرابع عشر معًا في لجنة جديدة أسسها كأسقف لمعالجة الهجرة والاتجار بالبشر.
تذكرت دياز "شهدنا تدفقًا كبيرًا". "رأينا ما يصل إلى 20 ألف شخص يصلون إلى تشيكلايو، أكثر من 3 آلاف عائلة، بما في ذلك الأطفال والشباب. كان بإمكانك رؤيتهم ينامون في الساحة الرئيسية، وفي الشوارع، وفي مداخل الكنائس، وخارج شركات السفر".
أثار هذا التدفق مشاعر معادية للمهاجرين بين بعض البيروفيين، ووردت تقارير عن تعرض اللاجئين للتمييز.
لكن دياز لاحظت أن ليو الرابع عشر حاول إزالة وصمة العار عما يعنيه أن تكون أجنبيا في بيرو عندما زار مجتمعات المهاجرين.
تتذكر دياز قوله: "أنا مهاجر.. أعرف ماذا يعني أن تصل كمهاجر إلى أرض مجهولة بثقافة مختلفة".
رأت ذلك دليلا على قدرته على رأب الصدع في دوره الجديد بوصفه بابا، "إنه يفهم أن هناك تنوعًا في الكنيسة".
إعلان مواجهة فضائح الاعتداء في الكنيسةولكن بينما يُنظر إلى البابا ليو الرابع عشر إلى حد كبير على أنه شخصية موحدة في تشيكلايو، أعادت بابويته إشعال بعض الجدل العالق داخل الكنيسة الكاثوليكية.
من بين أكثر الاتهامات إدانة مزاعم الاعتداء الجنسي في الأبرشيات الكاثوليكية في جميع أنحاء العالم، من الولايات المتحدة إلى تشيلي إلى أيرلندا.
الكنيسة الكاثوليكية في بيرو ليست استثناءً. تركز الكثير من التدقيق على مجموعة واحدة على وجه الخصوص، وهي "سوداليتيوم كريستياناي فيتاي" (Sodalitium Christianae Vitae – SCV)، أي جماعة حياة مسيحية.
تأسست في بيرو عام 1971 ونمت لتشمل أعضاء في جميع أنحاء أميركا اللاتينية.
ولكن في عام 2011 بدأت الكنيسة الكاثوليكية في تلقي شكاوى رسمية حول مؤسسها لويس فرناندو فيغاري وقادة آخرين في تلك الحركة.
في عام 2015، بعد سنوات من التحقيق، نشر الصحفيان بيدرو ساليناس وباولا أوغاز كتابًا عن الشكاوى صدم المجتمع البيروفي، ولفت انتباه العالم إلى القضية.
الكتاب، الذي يحمل عنوان "نصف رهبان نصف جنود"، فصل أكثر من 30 حالة اعتداء، بما في ذلك مزاعم الاعتداء النفسي، والإجبار على اللواط، وأضرار أخرى ارتُكبت.
قالت أوغاز للجزيرة إن البابا ليو المستقبلي كان داعمًا لجهودها في التحقيق.
وقالت في بيان مكتوب: من بين الأساقفة الذين دعمونا حتى النهاية روبرت بريفوست، وهو شخص متعاطف يدرك أن هذه القضية حاسمة لبابويته.
نفى فيغاري باستمرار ارتكاب أي مخالفات. لكن سلف ليو في الفاتيكان البابا فرانشيسكو أرسل في النهاية مبعوثين إلى بيرو، بما في ذلك رئيس أساقفة، للتحقيق في المجموعة.
في عام 2024، أصدرت سلطات الكنيسة في بيرو بيانًا يؤكد أن التحقيق وجد حالات "اعتداء جسدي بما في ذلك السادية والعنف"، بالإضافة إلى إجراءات أخرى تهدف إلى "كسر إرادة المرؤوسين".
إعلانفي نهاية المطاف، تم طرد فيغاري وأعضاء بارزين آخرين من المنظمة. ولاحقًا، اتخذ البابا فرانشيسكو خطوة نادرة بحل المجموعة بالكامل. دخل مرسوم الحل حيز التنفيذ قبل أسبوع واحد فقط من وفاة فرانشيسكو في أبريل/نيسان الماضي، مما ألغى المجموعة فعليًا.
لكن البابا ليو نفسه واجه تدقيقًا بشأن ما إذا كان قد فشل في التصرف بناءً على الشكاوى التي تلقتها أبرشية تشيكلايو أثناء توليه منصب الأسقف.
في مارس/آذار الماضي، على سبيل المثال، أصدرت مجموعة تسمى شبكة الناجين ممن تعرضوا للاعتداء من قبل الكهنة "إس إن إيه بي" (SNAP) رسالة تزعم أن ثلاث نساء في عام 2022 أبلغن الأبرشية عن تعرضهن للاعتداء الجنسي، ليواجهن صمتا مؤسسيا.
كتبت "إس إن إيه بي": هناك سبب جدي للاعتقاد بأن الكاردينال بريفوست لم يتبع الإجراءات التي وضعها الكرسي الرسولي (Holy See= السلطة البابوية) لإجراء التحقيقات بعد ورود بلاغات الاعتداء.
ومع ذلك، صرح ليو الرابع عشر لصحيفة "لا ريبوبليكا" (La Republica) البيروفية في الماضي بأنه يرفض "التستر والسرية". وفي الأسبوع الماضي، نفى الأب جوردي برتوميو فارنوس، وهو محقق بالفاتيكان، هذه التقارير.
قال برتوميو فارنوس لوسائل الإعلام البيروفية في روما "روبرت بريفوست لم يتستر على أي شيء.. لقد فعل كل شيء وفقًا للبروتوكولات المعمول بها لدينا في الفاتيكان".
تقول الصحفية أوغاز إنها لا تزال متفائلة بقدرة ليو الرابع عشر على تنفيذ الإصلاح.
وأشارت إلى أنه في أيامه الأولى بوصفه بابا، عقد ليو الرابع عشر اجتماعًا مع الكاردينال شون أومالي، الذي يرأس لجنة بالفاتيكان لحماية الأطفال من الاعتداء. كما ذكرت كلمات التشجيع التي قدمها لها مؤخرًا ولشريكها الصحفي.
إعلانوقالت "لقد طلب منا مواصلة عملنا، وأن نتوقع أخبارًا عن بيرو قريبًا".