ردود فعل عنيفة بسبب تسليح بايدن للاحتلال مع تزايد ضحايا المجازر في غزة
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن الضغوط المتزايدة التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن تزويد الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة وسط ارتفاع عدد القتلى في غزة، مما يؤدي إلى تعميق التساؤلات حول ما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة، باعتبارها الداعم العسكري الرئيسي للبلاد، بذل المزيد من الجهد لضمان سلامة المدنيين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن جماعات حقوق الإنسان تعمل إلى جانب كتلة متنامية من داخل الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه الرئيس بايدن على تكثيف التدقيق في تدفق الأسلحة إلى الاحتلال، الذي شمل عشرات الآلاف من القنابل منذ بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
مساعدات عسكرية إضافية للاحتلال
وبينما يسعى بايدن للحصول على مساعدات عسكرية إضافية بمليارات الدولارات لعملية الاحتلال في غزة، تنص قواعد الإدارة الخاصة لتسليح الدول الأجنبية على أن عمليات نقل الأسلحة يجب ألا تتم عندما ترى الحكومة الأمريكية أن هناك انتهاكات للقانون الدولي، وهي "أكثر احتمالًا من عدم حدوثها".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولي الإدارة، الذين يقدمون أول وصف تفصيلي لنهجهم في التعامل مع هذه المبادئ التوجيهية، أنهم أجروا مناقشات مكثفة مع نظرائهم الإسرائيليين للتأكد من فهمهم لالتزامات البلاد بموجب القانون الإنساني الدولي، لكنهم يقرون بأن الولايات المتحدة لا تجري تقييمات فورية لمدى التزام الاحتلال الإسرائيلي بقوانين الحرب.
وحسب مسؤول أمريكي رفيع المستوى، فإن الإدارة لم تكن قادرة على إجراء تقييم معاصر لامتثال إسرائيل جزئيًا لأن المسؤولين لا يستطيعون الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية التي تستخدمها القوات الإسرائيلية للتخطيط لعملياتها ومعرفة نوايا القادة. وقال هذا المسؤول "ما يمكننا القيام به من هنا في الوقت الحقيقي، بشكل عملي ولكن بحزم، هو الحديث عن الإطار والمبادئ القانونية، وحتى الحديث عن بعض النقاط المحددة الدقيقة للغاية فيه"، في إشارة إلى المعايير الدولية التي تحكم الصراع.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولي الإدارة طرحوا، في بعض الحالات، أسئلة محددة على الإسرائيليين، كما فعلوا بعد غارة تشرين الأول/ أكتوبر التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص في مخيم للاجئين.
وفي مثل هذه الحالات، تبادل المسؤولون الإسرائيليون المعلومات حول استهدافهم والتحليل القانوني، مما يؤكد استنتاج المسؤولين الأمريكيين بأن الاحتلال يشاطر فهمهم لالتزاماتها.
وأوضحت الصحيفة أن بعض الخبراء القانونيين يقولون إن هذه المناقشات يجب أن يتبعها مراقبة أكثر نشاطًا لما يحدث مع الأسلحة الأمريكية قبل توفير أسلحة إضافية.
دعم غير مشروط لأقرب حليف لواشنطن
حيال هذا الشأن، قال بريان فينوكين، المحامي السابق في وزارة الخارجية الذي يعمل الآن مستشارًا كبيرًا في مجموعة الأزمات الدولية، "هذه مجرد خطوة أولى.وحتى لو اتفقت الولايات المتحدة وإسرائيل على نفس القواعد الراسخة، في هذه الحالة القواعد ذات الصلة بسير الأعمال العدائية والاستهداف، فإن ذلك لا يزال يترك السؤال مفتوحًا حول كيفية تفسير هذه القواعد".
وذكرت الصحيفة أن التركيز المتزايد على إمدادات الأسلحة الأمريكية يأتي في الوقت الذي يكثف فيه الاحتلال عملياته في جنوب غزة، بهدف ضمان عدم قدرة المقاومة مرة أخرى على شن ذلك النوع من الهجوم الذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 1200 شخص.
وتعهد بايدن بتقديم دعم غير مشروط لأقرب حليف لواشنطن في الشرق الأوسط، الذي ظل على مدى عقود يحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول المتلقية للمساعدات الأمنية الأمريكية. هذا الأسبوع، اتخذت إدارته خطوة غير عادية تتمثل في تفعيل إعلان الطوارئ لتسريع بيع قذائف الدبابات لإسرائيل رغم المخاوف المتزايدة في الكونغرس.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأسلحة أمريكية الصنع لعبت دورًا مركزيًا في الحرب. وفي الشهر والنصف الأول، أسقط الاحتلال أكثر من 22 ألف قنبلة موجهة وغير موجهة على غزة زودتها بها واشنطن، وذلك وفقًا لأرقام استخباراتية لم يتم الكشف عنها سابقًا قُدمت إلى الكونغرس.
وخلال تلك الفترة، نقلت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 15 ألف قنبلة، بما في ذلك 2000 رطل من القنابل الخارقة للتحصينات، وأكثر من 50 ألف قذيفة مدفعية عيار 155 مليمتر.
غزة تعاني أزمة إنسانية حيث يبحث الملايين عن مأوى من الغارات الجوية الإسرائيلية والهجوم البري بينما تحولت مختلف المباني إلى أنقاض على مساحات شاسعة من القطاع الفلسطيني.
نظامًا جديدًا في البنتاغون
وحذرت الأمم المتحدة من وقوع كارثة إذا لم تتم زيادة شحنات الإمدادات الحيوية بشكل كبير. بات الوضع يمثل معضلة متفاقمة لبايدن، الذي تعهد بتقديم الدعم المطلق لأمن الاحتلال، لكنه وعد أيضًا بوضع حقوق الإنسان في قلب السياسة الخارجية الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة بايدن أنشأت نظامًا جديدًا في البنتاغون للحد من الوفيات بين المدنيين في العمليات العسكرية الأمريكية وأطلقت مبادرة منفصلة في وزارة الخارجية لتتبع الأضرار التي يسببها الحلفاء الذين يستخدمون الأسلحة الأمريكية. وفي العام الماضي، صادقت الولايات المتحدة على إعلان عالمي يهدف إلى الحد من استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق الحضرية.
أدت المعاناة في غزة إلى تحذيرات علنية غير عادية من كبار المسؤولين، بما في ذلك وزير الدفاع لويد أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي ضغط على المسؤولين الإسرائيليين للمضي قدمًا بمزيد من الحذر.
ومنذ استئناف القتال بعد وقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام في الأول من كانون الأول/ ديسمبر، أعرب مسؤولو الإدارة عن أسفهم لاستخدام الاحتلال للقنابل القوية بالقرب من المناطق المكتظة بالسكان - وهي ممارسة رفض المسؤولون الأمريكيون تشجيعها بشكل عاجل في المحادثات والاجتماعات الخاصة في الاحتلال الإسرائيلي، وذلك حسب ما قاله مسؤولان أمريكيان.
ويوم الخميس، قال بلينكن "لا تزال هناك فجوة بين ما قلته بالضبط عندما كنت هناك، أي نية حماية المدنيين، والنتائج الفعلية التي نراها على الأرض".
وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين الذين التقوا بنظرائهم الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة استشهدوا بالعملية التي تستخدمها القوات الإسرائيلية لحساب قيمة الأهداف المسلحة الفردية وعدد المدنيين الذين يُعتبرون أضرارًا جانبية مقبولة، لكنهم قالوا أيضًا إن المعيار الذي تفرضه إسرائيل أعلى بكثير من نظيره في الولايات المتحدة.
إدارة بايدن لم ترفض أي طلب من الاحتلال
صرّح المسؤولون الأمريكيون علنًا بأنه من السابق لأوانه الحكم على ما إذا كان سلوك الاحتلال يتوافق مع قوانين الحرب، وأن الإدارة تقوم بجمع المعلومات لضمان عدم استخدام المساعدات الأمريكية بطرق تنتهك القوانين الأمريكية، وهي عملية يمكن أن تستمر إلى ما بعد الصراع الحالي.
ونقلت الصحيفة عن ميرا ريسنيك، نائب مساعد وزير الخارجية المسؤولة عن عمليات نقل الأسلحة، أن "هذا المجال مليء بالتحديات للغاية حيث يوجد ضباب الحرب، وحيث توجد تحديات أمام قدرتنا على الحصول على المعلومات الصحيحة. ليس لدينا معلومات تشير إلى أننا تجاوزنا تلك العتبة الأكثر احتمالا".
وقال المسؤولون إن إدارة بايدن لم ترفض أي طلب من الاحتلال، ولم يتم النظر في أي قطع للمساعدات العسكرية أو الإبلاغ عنه.
وشدد المسؤولون على أن الإدارة تعتقد أن بإمكانها التأثير بشكل أفضل على معاملة الاحتلال للمدنيين إذا حافظت على دعم قوي للدولة اليهودية.
وحذّر المسؤول الأمريكي الكبير من أن وجهة نظر إدارة بايدن قد تتطور مع استمرار الصراع. وأضاف أنه "لا توجد إجابة نهائية على هذا السؤال ولا توجد لحظة للانتظار والنظر في ما يفعله الممثلون الآخرون في العالم، خاصة أولئك الذين نقدم لهم الدعم. نحن نقوم دائمًا بتقييم وإعادة تقييم مستمر ومتكرر لفهمنا لما يفعلونه ومدى اتفاقنا معه".
وأفادت الصحيفة بأن هذا الوضع يذكر بلحظات سابقة عندما واجهت واشنطن قرارات صعبة بشأن تسليح الحلفاء، كما فعلت في سنة 2016، عندما علقت إدارة أوباما مبيعات أسلحة معينة إلى السعودية بسبب قصفها المتكرر لمواقع مدنية في اليمن. وجاء القرار بعد تحذيرات من محامي وزارة الخارجية الذين أعربوا عن قلقهم من أن الولايات المتحدة تخاطر بالتواطؤ في جرائم الحرب السعودية المحتملة في اليمن لأنها تزود الرياض بالأسلحة.
وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة كانت قد علقت بالفعل، في عهد إدارة ريغان، شحنات الأسلحة إلى الاحتلال بسبب مخاوف من استخدام الذخائر العنقودية في لبنان المجاور.
وفي هذا الصدد، تساءلت آني شيل، مديرة المناصرة الأمريكية في مركز المدنيين في الصراع، عن كيفية تحقيق موقف بايدن لهدفه المعلن المتمثل في حماية سكان غزة الأبرياء.
وأضافت: "من ناحية، يقول المسؤولون الأمريكيون إنه على إسرائيل أن تفعل المزيد لحماية المدنيين، بينما من ناحية أخرى تقدم بشكل أساسي شيكًا على بياض، دون شروط، لكيفية استخدام إسرائيل فعليًا للمساعدات الأمريكية. فأين النفوذ في ذلك؟".
من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة قادرة على تهدئة المخاوف المتزايدة في الكونغرس. وقد أشار الديمقراطيون إلى احتمال استخدام الأسلحة الأمريكية في الهجمات المميتة التي تستهدف المدنيين، بما في ذلك عندما تم استخدام القنابل الأمريكية فيما وصفته منظمة العفو الدولية بضربة غير قانونية أسفرت عن مقتل 43 مدنيًا في غزة.
افتقار إدارة بايدن للشفافية بشأن الأسلحة المقدمة للاحتلال
كما أعربت جماعات المجتمع المدني عن مخاوفها من إمكانية استخدام قذائف المدفعية الأمريكية بطريقة تعرض سكان غزة للخطر.
وذكرت الصحيفة أن السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيو مكسيكو مارتن كونديريتش كان قد كتب هذا الأسبوع، أن خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ استأنفوا طلب بايدن.
ويشكوا المشرعون أيضًا من افتقار الإدارة للشفافية بشأن الأسلحة المقدمة للاحتلال، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع كيفية حساب المساعدات لأوكرانيا.
فالإجراء الذي قدمه هذا الأسبوع السيناتور الديمقراطي عن ولاية ماريلاند كريس فان هولين يتطلب من الإدارة التحقق من استخدام الأسلحة وفقًا للقانون الدولي.
وحسب السيناتور الديمقراطية عن ولاية ماساتشوستس إليزابيث وارن فإن الحكومة الأمريكية ملزمة بربط المساعدة بالامتثال للقوانين الأمريكية والعالمية، مضيفة أنه "من المهم للغاية أن نتابع في الوقت الفعلي ما إذا كان أولئك الذين يتلقون مساعداتنا يقومون في الواقع بحماية أرواح المدنيين".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن الاحتلال غزة الحرب غزة الاحتلال بايدن حرب الاسلحة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأسلحة الأمریکیة الولایات المتحدة إدارة بایدن الصحیفة أن ما إذا کان فی ذلک إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
قوى سياسية سودانية لـ”المحقق”: العقوبات الأمريكية على السودان محاولة للتغطية وعلى الحكومة التعامل مع آثارها
عادت الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدام سلاح العقوبات من جديد على السودان، وذلك باتهامها للجيش السوداني باستعمال أسلحة كيماوية في الحرب الحالية.
فرض عقوبات
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها ستفرض عقوبات على السودان بعد التوصل لنتيجة مفادها، استخدام حكومته أسلحة كيماوية عام 2024 خلال صراع الجيش مع قوات الدعم السريع، وقالت المتحدثة باسم الوزارة تامي بروس، في بيان، إن العقوبات ستتضمن قيوداً على الصادرات الأميركية وخطوط الائتمان الحكومية الأميركية، وستدخل حيز التنفيذ في موعد قريب من السادس من يونيو المقبل، بعدما تم إخطار الكونغرس أمس الأول “الخميس”. وأضافت بروس أن الولايات المتحدة تدعو حكومة السودان إلى وقف استخدام كل الأسلحة الكيماوية والوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية التي تحظر استخدام مثل هذه الأسلحة.
ابتزاز سياسي
من جانبه رفض السودان هذه الخطوة، ووصف الاتهامات بأنها باطلة، و«ابتزاز سياسي لا يستند إلى أي دليل». وقال المتحدث باسم الحكومة، وزير الإعلام، خالد الإعيسر أمس “الجمعة” إن هذه التدخلات التي تفتقر إلى الأساسين الأخلاقي والقانوني، تُفقد واشنطن ما تبقى لها من مصداقية، وتُغلق أمامها أبواب التأثير في السودان بفعل قراراتها الأحادية والمجحفة، كما نفت وزارة الخارجية السودانية، الاتهامات الأميركية، مستنكرة الإجراءات التي أعلنت الإدارة الأميركية أنها ستتخذها ضد السودان بناء على هذه الاتهامات، وعبرت الوزارة عن استغرابها للنهج الذي اتبعته الإدارة الأميركية في هذه القضية، إذ بدأت بتسريبات مجهولة المصدر للصحافة الأميركية قبل شهور تحمل هذه المزاعم، لكنها تجنبت تماماً أن تطرحها عبر الآلية الدولية المختصة والمفوضة بهذا الأمر في لاهاي.
تقرير صحفي
جاءت هذه الاتهامات على خلفية تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”، ذكرت فيه في يناير الماضي، نقلاً عن أربعة مسؤولين أميركيين كبار، أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيماوية مرتين على الأقل خلال الصراع، ونشر هذه الأسلحة في مناطق نائية من البلاد، ونقلت الصحيفة حينها عمن أسمتهما “مسؤولين مطلعين” قولهما إن الأسلحة الكيماوية استخدمت على ما يبدو غاز الكلور الذي يسبب أضراراً دائمة للأنسجة البشرية.
شكوك حول دوافع القرار
وآثارت هذه الاتهامات الأمريكية ردود فعل واسعة حول حيثيات الولايات المتحدة في هذا الاتهام الذي استندت فيه على تقرير صحفي، دون استنادها على أدلة وبراهين مقنعة، ما أعطى انطباعاً بأن هذه القرارات خلفها ضغوط سياسية، ربما تحاول الولايات المتحدة من خلالها الضغط على السودان وقواته المسلحة المنتصرة على الأرض للجلوس إلى مائدة تفاوض تكون هي المتحكمة فيها، إضافة إلى تفسيرات قد تكون في صالح الشريك الإقليمي للمليشيا، أو أن الولايات المتحدة قد رأت استعمال الضغوط على السودان لعدم توجهه شرقاً نحو روسيا والصين… كلها تفسيرات جاءت على خلفية قرار غير مسنود ببراهين، ما أدى إلى شكوك حول دوافع إصداره. فماهي دلالات توقيت هذا الاتهام، وماهي أسبابه، وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر على السودان، وماهو المطلوب من الحكومة السودانية في التعامل مع تداعياته.
دون ضوابط
رئيس قوى الحراك الوطني الدكتور التيجاني سيسي أوضح حين استفسرناه أن هذه الاتهامات جاءت على خلفية تقارير غير موثقة قدمهتا بعض العناصر المحسوبة على تحالف “صمود” العام الماضي. وقال سيسي لـ “المحقق” إن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بفرض عقوبات على السودان دون التقيد بالضوابط وقواعد التحقيق التي تقوم بها المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية، مضيفاً: “لم نسمع بأن المنظمة قد قامت بالتحقيق والبحث عن إستخدام القوات المسلحة السودانية للأسلحة الكيميائية في مواجهة التمرد”.
هوامش المناورات
ورأى رئيس قوى الحراك الوطني أن توقيت إعلان العقوبات جاء عند تعيين رئيس وزراء بكامل الصلاحيات، للعمل على ترسيخ دور السودان الإقليميى والدولي والتوجه نحو التحول المدني الديمقراطي، وقال إن إتهام السودان باستخدام الأسلحة الكيميائية، وفرض هذه العقوبات الجائرة يعني أن واشنطن لن تتخلى عن مشروعها الذي يهدف إلى إعادة تقسيم السودان عبر محاولة إضعاف الحكومة، مضيفاً أنه في المقابل تقدم الدعم السياسي والعسكري للمليشيا، ويتضح ذلك جلياً من المخزونات الضخمة للأسلحة الأمريكية الصنع التي ضبطت في منطقة الصالحة بأم درمان بعد تحريرها بواسطة القوات المسلحة الأسبوع الماضي، مشددا على ضرورة التعامل بجدية مع هذا الأمر وهو ما يتطلب من الحكومة الإستفادة من هوامش المناورات الخارجية المتاحة في هذا الظرف الدقيق الذي يواجه الوطن.
محاولة للتغطية
من جهته رأى الأمين السياسي للحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل، معتز الفحل، أن هذه الاتهامات محاولة للتغطية على جرائم مليشيا الدعم السريع. وقال الفحل لـ “المحقق” إن الأسلحة الأمريكية التي تم ضبطها في السودان ترد على هذه القرارات، مضيفاً أن أمريكا تتجنى على الشعب السوداني وقواته المسلحة، لافتاً إلى أن محاولات الإدانات وسياسة التجريم للمؤسسة الوطنية بالبلاد لا يساعد في تقديم حلول بل يزيد من تعقيد المشهد، وقال من المفروض أن تستمر العقوبات على مليشيا الدعم السريع التي تمارس انتهاكات وصلت إلى الإبادة الجماعية واستمرار القصف العشوائي للمناطق الآمنة بأسلحة تم استجلابها من الخارج، وهي أسلحة خارج المنظومة القانونية.
الوقوف ضدها
وأشار الأمين السياسي للإتحادي الديمقراطي إلى الأدلة والبراهين التي قدمها السودان للأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية، حول انتهاكات المليشيا، وقال يجب على الحكومة السودانية أن تقف بشدة ضد هذه القرارات، داعياً إلى مزيد من التكاتف والتضامن بين المنظمات الوطنية والحكومة لرفض هذه الدعاوى والآثار المترتبة على هذا القرار، مضيفاً أن هذه القرارات سيكون لها تأثير على الشعب السوداني واقتصاده، مشدداً على ضرورة التعامل مع هذه القرارات وتفنيدها، مؤكداً أن القوات المسلحة تعمل وفق القانون الدولي، وأنها لم يسبق أن استخدمت مثل هذه الأسلحة المتطورة من قبل.
بينة ضعيفة
بدوره أكد الناطق الرسمي لحركة العدل والمساواة الدكتور محمد زكريا أن هذه الاتهامات الأمريكية للجيش السوداني لاتستند على أدلة وبراهين حقيقية. وقال زكريا لـ “المحقق” إن التقرير الذي تناول ذلك لم يوضح كثير من التفاصيل، بل استند إلى شهادة 4 من الضباط، وهذه بينة ضعيفة، متسائلا كيف للويات المتحدة الأمريكية وهي تلعب دور الوسيط في الأزمة أن تتعامل مع هذه المسألة بهذه الطريقة، وقال إنه لا يخفى على المراقبين أن هذه الاتهامات تزامنت مع الانتصارات الكبيرة للجيش في مختلف الجبهات، وأصبحت المعارك في حدود كردفان ودارفور، مؤكدا أن المليشيا تلفظ أنفاسها الأخيرة في الحرب، معتبرا أن هذه الاتهامات هي طوق نجاة للمليشيا بعد انتصارات الجيش والقوات المشتركة، وقال إنها تزامنت أيضا مع تعيين رئيس وزراء مدني بصلاحيات كاملة، وهو مايؤكد أن القوات المسلحة جادة في التحول المدني الديمقراطي، مضيفا ربما رأت الولايات المتحدة أن هذه الخطوة تأتي بمعزل عن مخططاتها، لافتا إلى أن أمريكا تفضل أن تكون مجموعات “تقدم” و “صمود” جزءا من المعادلة السياسية، وقال إنه ربما رأت أن هذا التعيين لرئيس الوزراء دون استصحاب هذه المجموعة، ما أقلق الولايات المتحدة، وقد تكون هذه القرارات اعتراضا على هذا التعيين.
امتصاص الصدمة
كما رأى الناطق الرسمي للعدل والمساواة أنها ربما تكون رسالة ضد حملة الترحيب بتعيين رئيس وزراء مدني بكامل الصلاحيات من جانب الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، مشددا على ضرورة تسريع وتيرة العمليات العسكرية بتحرير كافة المناطق في دارفور وكردفان وفك الحصار على الفاشر، داعيا إلى مزيد من تقوية الجبهة الداخلية، ومداواة آثار الحرب والتحول المدني الديمقراطي، وقال أما بالنسبة للآثار الإقتصادية المترتبة على هذه القرارات، فإن المؤسسات الاقتصادية السودانية قادرة على امتصاص هذه الصدمة وكيفية التعاطي البناء مع هذه العقوبات، مضيفا لابد من تسريع خطوات الانتقال الديمقراطي بعد حسم المليشيا عسكريا، والتعاطي مع هذه الاتهامات وتقليل الخسائر أو أي آثار سالبة مترتبة عليها، وتابع ربما تنظر الحكومة في إدارة حوار بناء مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل ضحد هذه الاتهامات.
القاهرة – المحقق – صباح موسى
إنضم لقناة النيلين على واتساب