نيابة عن صاحب السمو الأمير الوالد.. ثاني بن حمد يُكرّم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
نيابة عن صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، توج سعادة الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني، الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في دورتها التاسعة لعام 2023، في حفل أقيم مساء أمس بفندق جراند حياة.
حضر الحفل عدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء، وعدد من أعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة، وضيوف الحفل من الأدباء والمترجمين والباحثين.
وفاز بالمركز الأول في فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإسبانية خايمي سانشيث راتيا، عن ترجمة كتاب «أخبار أبي تمام» لمحمد بن يحيى الصولي، وبالمركز الثاني نويمي فييرو بانديرا، عن ترجمة كتاب «جمهورية كأن» لعلاء الأسواني، وجاء في المركز الثالث بيدرو بوينديا بيريث، عن ترجمة كتاب «التربيع والتدوير» للجاحظ، وبالمركز الثالث مكرر، أنجلينا غوتييريث ألمانيرا عن ترجمتها لكتاب «النسوية في شعر المرأة القطرية» لحصة المنصوري.
وفي فئة الترجمة من اللغة الإسبانية إلى اللغة العربية توج بالمركز الأول نادية العشيري ومحمد برادة عن ترجمة كتاب «الأدب السري لمسلمي إسبانيا الأواخر، الأدب السري للموريسكيين»، للكاتب لوثي لوبيث بارالت، وبالمركز الأول مكرر فاز أيضا مارك جمال عن ترجمة كتاب «خريف البطريرك» لغابرييل غارسيا ماركيز.
وفي فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية حجب المركز الأول، ويتوج بالمركز الثاني لحسن اليازغي الزاهر عن ترجمة كتاب «تلخيص الخطابة» لابن رشد، وبالمركز الثاني مكرر كل من صوفيا فاسالو وجيمس مونتجومري، عن ترجمة كتاب «الهوامل والشوامل» لأبي حيان التوحيدي وأبي علي مسكويه، وجاء في المركز الثالث كل من أليساندرو كولومبو وميريا كوستا، عن ترجمة كتاب «الحصرم» لزكريا تامر. وبعد حجب المركز الأول، توج بالمركز الثاني في فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية، المترجم أحمد محمود إبراهيم عن ترجمة كتاب «قال رسول الله، شرح الحديث في ألف عام» لجويل بليشر، وجاء في المركز الثاني مكرر محمود محمد الحرثاني عن ترجمة كتاب «مبادئ القانون الدولي العام لبراونلي» لجيمس كروفورد، فيما حصل على المركز الثالث الدكتور إبراهيم الفريح عن ترجمة كتاب «نشأة الكتاب العربي» لبياتريس غروندلر، وجاءت في المركز الثالث مكرر الدكتورة يمنى طريف الخولي عن ترجمة كتاب «الإسلام والمواطنة الليبرالية بحثا عن إجماع متشابك» لأندرو ف. مارش.
وتوج سعادة الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الفائزين بالجائزة في فئة الإنجاز للغة الإسبانية، حيث فاز بها كل من: خوسيه ميغيل بويرتا، مؤسسة الثقافة الإسلامية ، وبسام البزاز، دار ممدوح عدوان للنشر، ومركز دراسات آسيا وإفريقيا التابع لـ «الكوليخيو دي ميخيكو»، مدرسة طليطلة للمترجمين.
وتوج بجائزة الإنجاز في اللغة الإنجليزية عبد الله بن ناصر الوليعي، وبجائزة الإنجاز في اللغة السندية المركز الإسلامي للبحوث العلمية وعبد الحي أبرو، فيما توج بجائزة الإنجاز في اللغة الصومالية فارح محمد أحمد، وعبد العزيز حسن يعقوب، وبالجائزة ذاتها في اللغة البلغارية تزفيتان ثيوفانوف، قسم الدراسات العربية والسامية بجامعة صوفيا، فسيلينا رايجيكوفا. ومنحت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي جائزة تشجيعية لكل من: مدارات للأبحاث والنشر، والمترجمة الدكتورة عائشة يكن من إندونيسيا.
د. النعمة: الجائزة تساهم في تعزيز التفاهم والسلام العالمي
أكد الدكتور حسن النعمة، رئيس مجلس أمناء جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، أن الجائزة إطلالة مشرقة من الدوحة تساهم في تعزيز التفاهم الدولي والسلام العالمي.
وتقدم الدكتور النعمة في كلمة له مساء أمس في الحفل الختامي للجائزة في دورتها التاسعة بأطيب التهاني والتقدير للفائزين بالجائزة مشيدا بجهودهم في تجسير الهوة بين الثقافات.
وأكد أن الجائزة تقدم جهودا متواصلة لنقل منارات الثقافة العربية وإسهاماتها في الحضارة الإنسانية أخذا وعطاء، مشيرا إلى أنها تمثل عبر مسيرتها المتواصلة جسرا للعبور إلى عوالم أخرى، نستلهم منها بريق التقدم والفكر الإنساني الذي يلهم البشرية.
كما تقدم الدكتور النعمة بالشكر الجزيل إلى صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على مكرمته ورعايته للجائزة التي تتابع مسيرة الحضارة الإنسانية لتحقيق مزيد من التقدم والتفاهم الدولي منوها بأنها تزرع في دروب الإنسانية جمعاء سنابل مثقلة بالسلام ولغة الحوار العالمي لرعاية الترجمة بين اللغة العربية ومختلف لغات العالم.
وفي كلمة عن ضيوف الجائزة قدمتها المترجمة والباحثة الإسبانية كارمن رويث أكدت فيها أن جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تؤكد على مواصلة المساعي الجادة الرامية لتأسيس العلاقات الدولية القوية الراغبة في تغيير الواقع نحو الأفضل.
وشددت على أن كلما كانت الترجمة سليمة فإنها تساهم في تحقيق ثراء فكري عالمي، معربة عن شكرها للجائزة التي وصفتها بكونها تساهم في صنع مستقبل أفضل عبر تنشيطها للتفاهم والمثاقفة.
وأضافت أن الجهود المبذولة من قبل الجائزة تضع حجر الأساس لبناء علاقات دولية متينة، وتفتح نافذة على الإنسانية بحرصها على النهوض بمجالات الترجمة على النحو الصحيح، لافتة إلى انها استطاعت ان تجمع عددا كبيرا من أصحاب الفكر الراقي والمتحمسين لإنعاش التفاهم الفكري، واستعرضت في هذا المجال بعضا من ذكرياتها حيث حماسها منذ بدايات ولوجها إلى مجال الترجمة للغة العربية، وكيف كانت متعطشة مع زملائها للغة العربية ورموزها من جعلهم يبحرون في أدبها.
وُوزعت الجوائز على الفائزين ضمن فئتين هما: فئة الإنجاز التي تبلغ قيمة الجائزة في كلّ فرع منها 100 ألف دولار، وفئة الكتب المفردة التي تبلغ قيمة جوائز المراكز الثلاثة في كلّ فرع منها 200 ألف دولار.
وشهد حفل التتويج للفائزين عرض فيلم وثائقي عن جهود الجائزة وجولاتها في دول العالم التي ارتبطت بلغات الجائزة في دورتها التاسعة.
وكانت الجائزة قد استقبلت هذا العام مشاركات تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة من 38 دولة، من بينها 19 دولة عربية.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر جائزة الشيخ حمد للترجمة الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني بالمرکز الثانی المرکز الثانی اللغة العربیة المرکز الثالث المرکز الأول إلى اللغة فی المرکز تساهم فی فی اللغة آل ثانی
إقرأ أيضاً:
سياسات اللغة العربية وآفاقها
ترتبط اللغة بالإبداع الثقافي والعلمي، من حيث قدرتها على تجليها وتقديمها باعتبارها نتاجًا إنسانيًا؛ ولهذا فإن اللغة العربية واحدة من تلك اللغات الإنسانية التي قدمت للعام عبر تطوراتها المختلفة أهم الآداب والعلوم، التي سعى العالم إلى التعرُّف إليها عبر وسائل مختلفة سواء عن طريق الترجمات، أو المراجعات، أو التحليل، أو غير ذلك؛ الأمر الذي جعلها دائما في صدارة اللغات المرتبطة بالإبداعات الحضارية.
فاللغة العربية قدَّمت خلالها تاريخها محتوى مرتبطًا بالابتكار والاستكشاف. ولعل ما تكشفه مصادر الكتب المتخصصة في العلوم الطبية والعلمية المختلفة إضافة إلى الفلسفة والآداب والفنون وغيرها، تقدِّم أدلة واضحة عن قدرة هذه اللغة وإمكاناتها الإبداعية واللغوية التي مكَّنتها من أن تكون جسرا حضاريًا معرفيًا يربط بين العالم العربي والعوالم الحضارية الأخرى، وأن تقدِّم هذا العالم كما يستحق وأن تضعه في مكانته بين الحضارات الإنسانية.
ولأن التحولات التقنية المتسارعة وأنماط الحياة المعاصرة تفرض على اللغات الإنسانية عموما واللغة العربية بشكل خاص، اتخاذ سبل مغايرة بُغية تحقيق التوازن بين أصالة الدور الحضاري الذي تؤديه، والمتغيرات التقنية الحديثة التي انحازت إلى لغات دون أخرى، الأمر الذي يدفع الدول إلى اتخاذ إجراءات تُعزِّز من دور لغتها الرسمية في أداء دورها الإنساني ليس فقط لأنها تمثل تاريخها الحضاري بل لأنها سُلطة تمثل سيادة الدول وهُويتها الوطنية المستقلة.
ولهذا جاء الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية للعام 2025، الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام تحت عنوان (آفاق مبتكرة للغة العربية. سياسات وممارسات ترسم مستقبلا لغويا أكثر شمولا)؛ بهدف استكشاف (قدرة الابتكار والشمول على رسم ملامح مستقبل اللغة العربية)، وفق مقتضيات التحولات المتسارعة، التي من شأنها تعزيز مكانة اللغة اعتمادًا على إمكانات الإبداعات والابتكارات التي تقدمها للعالم؛ فالابتكار يُسهم إسهاما مباشرا في تمكين اللغة وتأسيس أنماط تطوراتها.
إن التحولات التقنية المعاصرة، وما يواكبها من ثورة معرفية في مجالات الابتكار تمثِّل فضاءً واسعا للغات عموما وللغة العربية خاصة، من خلال ما تفرضه من إمكانات ومعطيات، ولهذا فإنها تحتاج إلى ممكنات تساعدها على مواكبة تلك التحولات والاستفادة منها؛ فاللغة العربية تحتاج اليوم إلى مراجعة السياسات والممارسات التي تجعلها أكثر قدرة على مواكبة تلك التحولات، من حيث المهارات التعليمية وأساليب تدريسها من ناحية، وترسيخ دور الإعلام الحديث في النظر إليها باعتبارها ممكنِّا حضاريا لمهارات الإبداع والابتكار من ناحية أخرى.
إضافة إلى ذلك فإن سياسات التقنيات الحديثة تقدِّم اللغة باعتبارها قوة للتحولات الاجتماعية، تقود العديد من الممارسات وتوجِّهها نحو الأفكار الجديدة وفق مقتضيات ذات أبعاد عالمية، لا تؤثر على المفاهيم المجتمعية والحضارية وحسب، بل تغيِّر تلك المفاهيم نحو أخرى تحت مسميات تبدو أكثر جاذبية، غير أنها تسعى إلى تنميط المجتمعات وفق أنماط عامة لا تراعي الخصوصيات بل حتى الهُويات المجتمعية المتمايزة.
إن أهمية تحديث السياسات والممارسات الخاصة باللغة العربية ومراجعتها وفق المقتضيات المعاصرة، له أهمية كبرى في إدارة التحولات الاجتماعية، وتحقيق الأهداف الوطنية الساعية إلى حفظ اللغة العربية وتنميتها وتطوير أنماطها؛ الأمر الذي يعزِّز حضورها المتجدِّد في الأنظمة التعليمية بما يتوافق مع التطورات الحديثة، مما يجعلها قادرة على تلبية احتياجات فئات الناشئة والشباب بشكل خاص، إضافة إلى أهمية حضورها في المنصات الرقمية والبرامج الإلكترونية، بما يدعم اتخاذها أداة أساسية للإبداع والابتكار.
ولهذا فإن تخصيص الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية لمناقشة هذه السياسات والممارسة يمثِّل أهمية كبرى، في ظل تلك التطورات التي جعلتها أقل حضورا بالمقارنة مع لغات أخرى اتخذتها البرامج والمنصات التقنية أساسا لها.
إن مراجعة السياسات بما يتواكب مع مستقبل اللغة العربية وما تنشده الدول لتعزيز حضورها يرسِّخ مبدأ المساواة بين اللغات، وهو أمر مهم انطلاقا من أهمية اللغة للمجتمعات وتمثيلها لهُويتها الوطنية وسيادتها المستقلة.
من هذا المنطلق فإن السياسات والممارسات الممكِّنة للغة العربية، تُسهم في تمكين المجتمعات وضمان الحفاظ على هُويتها المتميِّزة وقدرتها على مواكبة التطلعات والتكيُّف معها من ناحية، والحفاظ على ثقافتها وتراثها الحضاري من ناحية أخرى. فالمكانة الحضارية التي تمثلها اللغة العربية في مجتمعنا، تحتاج إلى ترسيخ للأجيال حاضرا ومستقبلا، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه سوى عن طريق مواكبتها لاحتياجاتهم التقنية والإبداعية، وتوفيرها باعتبارها معطى أساسيا للابتكار.
إننا نحتاج لمراجعة وتأسيس سياسات وممارسات لغوية تساعد وتعين التطورات التقنية، للكشف عن مكنونات هذه اللغة، وقدرتها اللغوية والثقافية على إيجاد مساحات واسعة للإبداع؛ فما تقدمه المعجمات اللغوية التقنية وبرامج التطبيقات اللسانية وحدها لا يكفي لقيادة تلك التحولات المتسارعة، إذ تحتاج إلى دعم تقني ومحتوى معرفي يتواكب مع تطلعات الإبداع والابتكار، وتعزيز وجود اللغة العربية باعتبارها خيار متاح وأساسي في برامج الابتكار في كافة المجالات التطبيقية.
إن اللغة العربية اليوم ليست لغة مجتمعية محلية خاصة، بل لغة عالمية تمثِّل إمكانات ذات قدرات هائلة يتوجَّب إبرازها في التخطيط الاستراتيجي وإدارة الموارد التقنية، بما يُحقِّق التوازن بين التأصيل اللغوي الذي يمثَّل الهُوية والتنوُّع اللغوي على مستوى العالم، والتقدم العلمي والتقني الذي يعكس التطورات الحضارية المتسارعة، ولهذا فإن استكشاف التأثير المتبادل وإيجاد مناطق التوازن بينهما ضرورة تنموية، خاصة في ظل تطورات برامج الذكاء الاصطناعي، التي عزَّزت مفاهيم عدم المساواة بين اللغات، الأمر الذي دفع الكثير من دول العالم إلى مراجعة سياساتها اللغوية وتعزيز لغاتها المحلية في تلك البرامج.
فبرامج الذكاء الاصطناعي الخاصة بالمحتوى الثقافي والحضاري على سبيل المثال تواجه إشكالات عدة في ظل هيمنة بعض الدول والشركات المبرمجة من حيث توجيهها وإدارة سياستها، مما جعلها أداة لإدارة التحولات الاجتماعية في العالم، من خلال السيطرة اللغوية عبر لغات بعينها تحمل ثقافة ذات أيديولوجية موجَّهة، إلاَّ أن عدم توفُّر لغة أخرى بذات الإمكانات التقنية، دفع الدارسين والمبدعين إلى اتخاذها لغة للتعاملات التقنية والإبداع والابتكار، وهكذا الحال في البرامج التقنية المتخصصة بالترجمات والمحتويات المعرفية، فحجم المادة التي توفرها منصات ومواقع البحث باللغة الإنجليزية مثلا لا يمكن الحصول عليها باللغة العربية.
إن إثراء المحتوى الثقافي الرقمي باللغة العربية، وتوفيرها في البرامج والمنصات والمواقع باعتبارها خيارًا للإبداع والابتكار، إضافة إلى دعم ممكناتها اللسانية والاجتماعية وغير ذلك، لا يمكن أن يتحقَّق سوى بإيجاد سياسات وممكنات وممارسات قائمة على تعزيز دور اللغة العربية الحضاري، الذي يتواكب مع التطورات التقنية والرقمية من ناحية، والتحولات الاجتماعية من ناحية أخرى، بما يبرز إمكاناتها ويقدمها باعتبارها لغة قادرة على مواكبة تلك التطورات والمتغيرات.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة