عربي21:
2024-06-12@09:46:06 GMT

فشل حرب العدوان على غزة

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

العدوان العسكري الذي تعرض له قطاع غزة بعد التاسع أو العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ابتدأ بحربٍ وحشية ضد المدنيين ودور السكن والمستشفيات. وما زالت مستمرة حتى اليوم، باستثناء توقف لهدنة إنسانية لمدة أربعة أيام، مدّدت لسبعة أيام. ولم تعبأ أو تتردد في انتهاك القوانين الإنسانية الدولية، واتفاقات جنيف الرابعة.

مما جعلها تعتبر حرب إبادة بشرية، وجريمة حرب.

ولهذا ضجّ كل صاحب ضمير في العالم، بإدانة الكيان الصهيوني، وداعميه وشركائه الدوليين، ولا سيما أمريكا أولاً، ثم بريطانيا. بل اعتبرت بسبب تغطية أمريكا وأوروبا لها، عاراً في جبين الحضارة الغربية.

لقد أسقطت قناع الإختباء وراء ادّعاء الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، والقوانين الدولية. وهذا ما سيبين أثره السلبي على الحضارة الغربية لاحقاً، في المواجهة العالمية بين أمريكا ـ أوروبا من جهة، والصين وروسيا وبلدان العالم الثالث كذلك من جهة ثانية حيث فقد الفريق الأول سلاح المعركة الفكرية والأخلاقية.

على أن العدوان العسكري الموجّه ضد المدنيين رافقه، بعد حوالى عشرة أيام، شن حرب برية لاحتلال قطاع غزة. وقد حمل هدف القضاء على حماس (وطبعاً على سرايا القدس، وكتائب أبو علي مصطفى، وكل فصائل المقاومة). وقام هذا العدوان على مشاركة أمريكية ودعم بريطاني وألماني وأوروبي عموماً.

وبهذا تكون الحرب البريّة هي الأخطر على مستقبل الحرب ومآلاتها، لأنها هي التي تقرر لِمن النصر، فيما الحرب على المدنيين تقتل وتدمر بلا حساب، وبتفوّق عسكري مطلق، إلاّ أنها لا تحقق نصراً من الجو، فالنصر لا بد من أن يمشي على قدميه فوق الأرض المعنية.

فعلى الرغم مما يمتلكه الجيش الصهيوني من قوّة آلية وجويّة ومدفعية، وما يمتلكه من شروط الإعداد المستمر، والتعويض المتواصل، لما يخسره في الميدان، وما يحظى به من جسر جوي أمريكي إلاّ أن الحسم في هذه الحرب يتم مواجهة بين الجيش الصهيوني والمقاومة.

والمقاومة هنا فرضت على هذه الحرب أن تكون المعارك فيها صفرية بمعنى من مسافة قصيرة تتراوح بين صفر مسافة، كما لو كانت كباشاً بالأيدي، من جهة وبين مائة متر، أو ما هو في مُتناول قذيفة تطلق من الكتف (الياسين 105 أو الآر.بي.جي. مثلاً).

أما الميزة الأهم فتتمثل في ما تتمتع به المقاومة، من مستوى قيادة مركزية على أعلى مستوى من حيث الذكاء والكفاءة، والتخطيط والتنفيذ الحربي، كما مستوى الفرد المقاوم، والكوادر الوسطى، مما يصل أعلى مستوى أيضاً. وهاتان السمتان أكدتهما تجربة المقاومة البريّة نفسها، كما تجربة السابع من أكتوبر إياه منذ الساعة السادسة والربع منه، لحظة انطلاقته.

على أن ثمة خاصية أخرى، لا تقل أهمية، أو تكمل الأهميتين السابقيتين، وهي ما أُعدّ من أنفاق. يقال أنها بلغت مئات الكيلومترات، إن لم تتعدّاها. الأمر الذي يعني أن ثمة قطاع غزة تحت الأرض، أي تحت قطاع غزة الذي فوق الأرض. وقد تم حفره وترتيبه وإعداده، على مدى خمسة عشر عاماً من الجهد المضني، والعمل الشاق الدؤوب، ومن شهداء، ارتقوا وهم يعملون فيه.

وبهذا تكون سمة الحرب البريّة جديدة كل الجدّة، من حيث هي حرب لاحتلال مدينة من جهة، والدفاع عنها من جهة أخرى. أما جدتها أو، في الأدق، فرادتها الاستثنائية فتتمثل في ما تحتها من أنفاق "تغطي" ما تحتها، فلا يعرف المهاجم بدقة كيف هي موزعة، أو أين هي مركّزة، وكيف هندستها، وما يمكن أن تخبئه في أحشائها" من مصانع سلاح، أو "مخازن"، تسمح لمن في داخلها، بإقامة طويلة فيها، لا يعرف أحد كم تطول ألِسنة أم سنتين، او أكثر، أو أقل.

هذه المعادلة فرضت على الدبابات المهاجِمة وطائرات الحماية والتمهيد أن تدخل المدينة، في عماء شبه مطلق من ناحية "مواقع" الدفاع أو تحصيناته، عكس ما هو الحال في تجارب حرب المدن. فالهجوم هنا يدخل ولا يجد، أمامه "دشمة" أو تحصيناً" لاستقباله أو لضربه. فهو يدخل ولا يعرف، إلاّ الطريق الخارجي الذي سيمر منه، ولا يعرف غير النقطة التي سيتوقف عندها، بانتظار الخطوة الثانية التي ستجيء من المدافع، الذي سيهاجم الدبابة، أو البيت الذي لجأ إليه بضعة جنود. فرتل الدبابات، أو الموقع الذي تحصّن فيه بعض الجنود، يتحولان من الهجوم إلى الدفاع، ولم يطلقا بعد رصاصة أو قذيفة على مدافع أو موقع دفاع. ومن ثم يأتي الهجوم من مقاوم أو بضعة مقاومين يحملون السلاح الخفيف (أثقلها صاروخ الياسين 105)، يخرجون من نفق، لتبدأ المعركة، حيث انقلب فيها المهاجم إلى مدافع، والمدافع إلى الهجوم، وأصبح هو المهاجم.

أصبحت المقاومة في الحرب البريّة هي التي تملك زمام المبادرة، وتحديد لحظة المواجهة، وكيفيتها، ومن ثم هي صاحبة اليد العليا، على مستوى الاشتباك العسكري التكتيكي.الأمر الذي يسمح بالقول إن في الحرب البريّة في العدوان على قطاع غزة، انقلب فيها المهاجم إلى مدافع، والمدافع إلى مهاجم، كما وقع فعلاً في كل الاشتباكات التي تواجَهَ فيها جيش العدوان مع قوات عز الدين القسّام، وسرايا القدس والمقاومين.

ولهذا أصبحت المقاومة في الحرب البريّة هي التي تملك زمام المبادرة، وتحديد لحظة المواجهة، وكيفيتها، ومن ثم هي صاحبة اليد العليا، على مستوى الاشتباك العسكري التكتيكي.

أما قرار الاستمرار في حرب العدوان على المدنيين، وفي الحرب البريّة، أو قرار وقف إطلاق النار فهو بيد أمريكا. فهي التي أشرفت ووافقت وشاركت بعد 7 أكتوبر مع قادة الكيان الصهيوني في إطلاق العدوان. وهي التي سعت إلى الهدنة الإنسانية. وذلك نتيجة عدة عوامل فرضت عليها أن تسعى لتلك الهدنة القصيرة، وتمديدها لثلاثة أيام أخرى. وهي التي، وبلسان وزير خارجيتها بلينكن بعد اجتماعه مع مجلس الحرب قررت البدء بها من جديد.

ومن ثم ما زالت هي المسؤولة عن استمرارها وتوقفها. لأن نتنياهو ومجلس الحرب أصبحا مأسورين لها، أكثر بكثير من أي مرحلة سابقة. لأنها هي التي انتشلتهما من هزيمة 7 أكتوبر. وهي التي راحت تغطي كل خسائر الحرب، لا سيما القذائف التي أسقطتها طائراتها على المدنيين. فضلاً عن حشد الدول الداعمة سياسياً ومادياً، لحرب العدوان.

ولهذا فإن وقف إطلاق النار، أو العودة إلى هدنة إنسانية، يتوقف على مدى تصاعد العوامل الضاغطة على الرئيس الأمريكي جو بايدن لإجباره على "الضغط" آمراً نتنياهو وزمرته في مجلس الحرب لوقف إطلاق النار أو الرضوخ لهدنة إنسانية طويلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العدوان غزة فلسطين غزة عدوان رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الحرب البری ة العدوان على على مستوى هی التی لا یعرف من جهة ومن ثم

إقرأ أيضاً:

الكشف عن تصور آيزنكوت لحرب غزة الذي أفشله نتنياهو

كشف الكاتب الإسرائيلي بن كسبيت، في مقال له بصحيفة معاريف، أن الوزير السابق في حكومة الحرب الإسرائيلية غادي آيزنكوت والذي انسحب مع زميله من حزب معسكر الدولة  بيني غانتس  من مجلس الحرب، كان قد قدم مجموعة مطالب لرئيس الوزراء الإسرائيلي  بنيامين نتنياهو ، أهمها البدء بمهاجمة مدينة رفح جنوبي قطاع غزة ، ولكن الأخير لم يفعل ذلك رغبة منه في إطالة أمد الحرب.

وأشار الكاتب إلى الوثيقة السرية التي سربها الصحفي في القناة الـ12 الإسرائيلية يرون أبراهام في فبراير/شباط الماضي، والتي تضمنت تصور آيزنكوت لمسار الحرب بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسلط الضوء على ما قال إنها بنود لم يتم كشفها من قبل من هذه الوثيقة والتي تدل على عمق الخلاف بينه ونتنياهو.

وأثار كشف الوثيقة آنذاك ضجة في إسرائيل لكونها صادرة من رئيس أركان سابق لجيش الاحتلال، بالإضافة لشعبيته والتعاطف معه إثر مقتل ابنه في السابع من ديسمبر/كانون الأول عندما فجر مقاومون فلسطينيون نفقا مفخخا في قوة إسرائيلية بضواحي جباليا شمالي قطاع غزة.

رفح والمعسكرات الوسطى

وقال الكاتب إن مضمون الوثيقة الأساسي، وهي واحدة من 8 وثائق قدمها آيزنكوت، كان أن "حكومة نتنياهو ومجلس الحرب لا يتخذان القرارات الإستراتيجية اللازمة لأجل إدارة الحرب والوصول إلى إنجازات"، مشيرا إلى أن آيزنكوت لم يتحدث عن نصر مطلق، إدراكا منه لاستحالة ذلك في المدى القصير.

وقال الكاتب إن آيزنكوت يدرك الزمن اللازم لتحقيق إنجاز يذكر، ويعرف منذ اللحظة الأولى أن نتنياهو اختلق هدفا وهميا هو "النصر المطلق" واختلق بعده هدفا آخر "أكثر غباء يسمى رفح" وفق تعبيره.

وأشار إلى أن الأجزاء التي لم تنشر من الوثيقة، أكدت أن آيزنكوت وغانتس يعتقدان أنه "يجب تشديد الضغط العسكري والسعي إلى الاشتباك في رفح وفي المعسكرات الوسطى أيضا. هذه الوثيقة كتبت في 15 فبراير/شباط. ورغم هذا الطلب واصل نتنياهو جرَّ الأرجل لأسبابه الخاصة، ربما لأنه أراد تمديد الحرب إلى ما لا نهاية".

مهما يكن من أمر يقرر آيزنكوت في الوثيقة أن "القرارات الواجب اتخاذها لا تتخذ، لذلك يظل الجيش الإسرائيلي يراوح مكانه، وتضيع الإنجازات هباء وتخسر الدولة ذخائر إستراتيجية وفرصا تاريخية".

وكشف الكاتب الإسرائيلي أن الوثيقة تكشف أن آيزنكوت طالب بـ5 مواقف حاسمة منذ بداية الحرب، وهي حسب التوقيتات التالية في العام 2023:

7/10 إعلان الحرب.

11/10 القرار للجهد الأساس في الجنوب، والثانوي في الشمال.

28/10 الخروج إلى المناورة (الحرب البرية).

24/11 الدخول إلى منحى إعادة المخطوفين (صفقة تبادل شاملة).

1/12 القرار بمواصلة المناورة.

وأكد بن كسبيت أن وثيقة آيزنكوت التي قدمت لمجلس الحرب منذ أكثر من 4 أشهر، تضمنت عددا من الخطوات التي يفترض أن تستدرك على الخطة السابقة، وهي:

استنفاد خطوة خان يونس وتكثيف المعركة في رفح ومناورة في معسكرات الوسط.

بدء منحى لإعادة "المخطوفين" حتى رمضان (صفقة شاملة).

التوصل لحل إنساني أولي بدون حركة حماس ، تشارك فيه أطراف دولية وعربية والاستعانة في ذلك بعناصر مدنية في غزة من خارج حماس.

تقدم منحى تسوية في لبنان، بإبعاد حزب الله عن الحدود، وتعزيز دور قوات اليونيفيل، وانتشار الجيش اللبناني، وفرض حظر سلاح على لبنان ومنع تدهور الأوضاع في الجبهة الشمالية قبل التوصل لتسوية.

اتخاذ خطوات فورية للتهدئة بالضفة الغربية و القدس انطلاقا من الرغبة في منع حماس من تحقيق أهدافها هناك.

نتنياهو يناور ويفشل

وقال الكاتب إنه بعد 4 أشهر من هذه الوثيقة، لم يتخذ مجلس الحرب معظم ما ورد فيها، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح وفي معسكرات الوسط تأخرت كثيرا، وتمت المبالغة في جدواها.

ورأى الكاتب أن نتنياهو لم يبد استعدادا لاتخاذ قرار بشأن المقترح الأميركي، الذي يرى الكاتب أنه خطوة إستراتيجية من شأنها المساهمة في تحسين الوضع الأمني في إسرائيل خلال السنوات المقبلة.

كما رأى أن نتنياهو غير مستعد للحديث عن "اليوم التالي" للحرب، كما أنه لا يعترف بأهمية السلطة الفلسطينية، ولا يسعى لاتخاذ خطوات لتخفيف الضغط عنها.

وتوقع الكاتب أن يحاول نتنياهو أن يعرض وزارة الحرب على غدعون ساعر، مشيرا إلى أنه كان قد انسحب من حكومة الطوارئ وأسس حزبا مستقلا عن حزب المعسكر الذي كان ينتمي إليه.

كما توقع أن يرفض ساعر عرض نتنياهو، مشيرا إلى أنه "لن يعود إلى حكومة تركها لتوه دون ضمانات حقيقية"، وأعرب عن اعتقاده بأن نتنياهو في وضعه الحالي لم يعد قادرا على توفير إغراءات لساعر تقنعه بالعودة للحكومة.

وختم بن كسبيت مقاله بالقول إن نتنياهو سيستيقظ بعد أن ينقشع غبار انسحاب غانتس وآيزنكوت، ليجد نفسه محاطا بالمتطرفين الذين جمعهم حوله في حكومته، والذين لا يرون حلا غير خيار الحرب المدمرة، ويجرون إسرائيل لأن تكون دولة منبوذة.

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • هيئة المحامين بتطوان تستنكر العدوان الإسرائيلي وتجدد تضامنها مع قطاع غزة - فيديو
  • الكشف عن تصور آيزنكوت لحرب غزة الذي أفشله نتنياهو
  • أبو الغيط: الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسة ممنهجة لتجفيف منابع تمويل الأونروا
  • الأزهر يرحب بقرار مجلس الأمن بوقف الحرب في غزة: يعيد الثقة بالمجتمع الدولي
  • قراءة في معركة استرجاع أربعة أسرى
  • على حافة الغابة البدائية: الحلقة (22)
  • الولايات المتحدة قد تتّجه نحو حرب أهلية قد تُنهي وجودها
  • محللون: الاستقالات ضربة لنتنياهو وإقرار بهزيمة مرتقبة للاحتلال في غزة
  • خبراء اقتصاد:الحرب الاقتصادية على اليمن تدارُ من الرياض بإشراف أمريكي
  • اقتصاديون: الحربُ الاقتصادية على اليمن تدارُ من الرياض بإشراف أمريكي بريطاني