يوسف عبد الله محمود النظام الطبقي “في المجتمعات العربية” قائم على الاستغلال والتحكم في الطبقات الفقيرة. ثمة اسياد وثمة كادحين حياتهم معتمدة على الفتات الذي يقدمه لهم الأسياد. الاستغلال ينسحب على الاقتصاد والسياسة والعلاقات الاجتماعية. “قلة” قريبة من السلطان او اولي الامر هي التي تتحكم في رقاب عباد الله الكادحين.

تنتهك كرامتهم وتفقرهم روحياً وفكرياً. وقد أجاد عالم الاجتماع د. حليم بركات وصف حالة القهر والاذلال التي تتعرض لها الجماهير المسحوقة حين شبه “الكادح المسحوق والمغلوب على أمره بالفتاة التي يجبرها أهلها على الزواج من رجل لا تحبه”. القهر هو العنوان البغيض. الاستغلال الناجم عن النظام الطبقي العربي لا يقيم وزناً لإنسانية الانسان العربي العادي المغلوب على أمره. انه يولّد الكراهية والحقد والنفور. لماذا تشيع “الجريمة” في المجتمعات العربية؟ لماذا تكثر السرقات فيها والتي تؤدي في أحيان كثيرة الى القتل؟ السبب “الصراع الطبقي”. هناك “أيديولوجية طبقية نخبوية” على حد تعبير د. حليم بركات تفرض هيمنتها على الطبقات الكادحة، تهزأ بها وكأنها ليست من البشر. “الايديولوجية الطبقية النخبوية” هي التي تجرد الكادحين من الكرامة، تسوقهم كالأغنام، وان تمردوا “فالعنف” والمزيد من الافقار هما الوسيلة لاجبارهم على الخنوع. “الايديولوجية الطبقية النخبوية” تدمر المجتمعات. النظام الطبقي العربي يعادي القيم الإنسانية مُعاداة لا مثيل لها. ومع الأسف فالسلطة السياسية في غالبية بلداننا العربية والإسلامية، تغمض اعينها عما يجري وكأن ما يجري ليست هي المسؤولة عنه. انه الاستهتار. هذا الواقع الذي نشهده اليوم شهدته عصور عربية قديمة حين كان السلطان او الحاكم تعتبر نفسه فوق القانون ما شاء فعل دون مناقشة. اما الذين يُبررون لهذا السلطان سلوكه الشائن هذا فهم بعض فقهاء عصره. فالامام الغزالي –رحمه الله- يقول في احدى مؤلفاته “الحضرة الإلهية لا تفهم الا بالتمثيل على الحضرة السلطانية”. أليس هذا القول تسويقاً للظلم، أليس هذا شططاً؟ وهذا أبو جعفر المنصور يقول باستعلاء: “أيها الناس إنما أنا سلطان الله في ارضه اسوسكم بتوفيقه وتسديده. وانا خازنه على فيئه، اعمل بمشيئته واقسمه بإرادته واعطيه بإذنه قد جعلني الله عليه فُعلاً اذا شاء ان يفتحني لأعطياتكم وقسم فيئكم وارزاقكم فتحني، وان شاء ان يقفلني اقفلني”. هو اذن يعتبر نفسه ليس مجرد حاكم بل خليفة الله على الجميع تقديسه. في عصرنا الحاضر اختلفت صيغة الحاكم هم لا يقولون هذا الكلام نفسه، ولكنهم يمارسون القمع والاستغلال بدبلوماسية ودهاء. يقيمون الحدّ على الفقير الغلبان بينما ينجو الفاسد الذي سرق ونهب الملايين. معايير مزدوجة يتم ممارستها دون خجل. ان هذه الأيديولوجية المتوارثة آن لها ان تنتهي، لا يجوز ان تتحكم في الفقير الكادح. لا يجوز تبرير فقر الفقير. تبريراً ساذجاً كالزعم انه كسول وغير طموح. لا يجوز استغلال واستثمار أقوال بعض الفقهاء والمشايخ من خدم هذا الحاكم او ذاك. علينا ان نساير روح العصر، فهو عصر المعرفة. القيم القديمة التي سادت في العصور الإسلامية السابقة ينبغي إعادة النظر فيها. ما تناسب مع روح هذا العصر وقضاياه يتم الإبقاء عليه، وما خالف هذه الروح يجب تجاوزه. علينا ان نحسن التعايش مع عصر المعرفة بما يتفق ورح الإسلام. انعدام “تكافؤ الفرص” السائد عربياً هو الذي يحول دون مقاربة العدالة الاجتماعية. توفير “الرفاهية” لنخبة قليلة في المجتمع على حساب حرمان مجموع الشعب منها خطيئة لا تغتفر. لماذا لا يكون القانون هو الفيصل الذي يخضع له الحكام والمحكومين؟ لماذا يرثه زيد، ولا يرث عمرو! لماذا لا يتم توفير الاحتياجات الإنسانية المادية والروحية للأفراد دون تمييز؟ المناصب العُليا لماذا يحتكرها فئة محسوبة على الحاكم او السلطان تُسبح بحمده في كل المناسبات؟ “الزلفى” للأقوى متى تنتهي؟ youseffmahmouddd34@gmail.com

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

“البلديات والإسكان”: نظام رسوم الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة يُسهم في زيادة المعروض العقاري

أكدت وزارة البلديات والإسكان أن نظام رسوم الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة، الذي أُقرت تعديلاته مؤخرًا، يُسهم في زيادة المعروض العقاري وتحقيق التوازن في السوق، إلى جانب رفع كفاءة استخدام الأصول غير المستغلة وتعزيز المنافسة العادلة.

وأوضحت أن النظام الجديد يتكون من خمس عشرة مادة، تتضمن التعريفات الأساسية وتفاصيل الرسوم السنوية على الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة، ويمنح الوزارة صلاحية تحديد نطاق التطبيق، والمساحات الخاضعة للرسوم، بشرط ألا تقل مساحة الأرض أو مجموع الأراضي المشمولة عن 5,000 م2، وذلك وفقًا لما تحدده اللوائح.

وأشارت إلى أن اللوائح التنظيمية -التي يجري العمل على إعدادها حاليًّا- ستتضمن الشروط والضوابط والمعايير اللازمة لتطبيق النظام، بما في ذلك تحديد معايير الإخضاع والإعفاء، وآليات احتساب الرسوم، وطرق تبليغ الملاك أو من في حكمهم، إلى جانب ضوابط منع التهرب وضمان العدالة في التطبيق.

وأكدت الوزارة أن المالك يُعد الجهة المسؤولة عن سداد الرسوم أو الغرامات، ما لم يقم من في حكمه بالسداد، مبينة أن النظام ينص على معاقبة المخالفين بغرامات لا تتجاوز مقدار الرسم المستحق، دون أن يعفي ذلك من التزامهم بالسداد، ويتيح النظام للمالك أو من في حكمه التظلم من قرارات الإخضاع أو التقدير خلال 60 يومًا من تاريخ التبليغ عبر القنوات الرسمية وفق آليات تفصيلية ستحددها اللوائح.

اقرأ أيضاًالمملكةانطلاق أعمال الجناح السعودي في معرض أثينا الدولي للدفاع والأمن

وشددت على أن تطبيق الرسوم سيعتمد على قواعد بيانات دقيقة وموحدة لضمان الشفافية والعدالة، لافتة الانتباه إلى أن إيرادات الرسوم والغرامات ستخصص لدعم مشاريع الإسكان، بما يحقق أهداف النظام في تعزيز استدامة المدن والحد من الاحتكار.

وبينت أن إقرار التعديلات يأتي امتدادًا للجهود المستمرة لتنظيم القطاع العقاري وتحقيق تنمية عمرانية متوازنة ومستدامة تخدم المواطنين، مشيرة إلى أن لائحة رسوم الأراضي البيضاء ستُعلن خلال 90 يومًا من تاريخ نشر النظام في الصحيفة الرسمية، فيما ستصدر لائحة رسوم العقارات الشاغرة خلال عام من تاريخ نشر النظام.

يُذكر أن قرار الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء نُشر في جريدة أم القرى، اليوم الاثنين، وذلك بعد صدور موافقة مجلس الوزراء على تعديل النظام خلال جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 1 ذو القعدة 1446هـ الموافق 29 أبريل 2025م.

مقالات مشابهة

  • ما الثمن الذي ستدفعه سوريا مقابل التقرب من “ترامب” 
  • “حماس” تنعى زهران الذي اغتالته أجهزة السلطة في طوباس
  • شاهد بالفيديو| هدّد اليمن بـ “الجحيم” ثم تراجع.. ما الذي بدّل حسابات ترامب؟
  • لماذا قررت “طالبان” حظر “الشطرنج” في أفغانستان؟
  • جامعة فاس المغربية تمنح الدكتوراة بدرجة “مشرف جداً” للباحث اليمني يوسف الشماري
  • لماذا أعلن ترامب فجأة “النصر” على الحوثيين؟.. نيويورك تايمز تجيب
  • الجزائر تتهم فرنسا بإحتلال شبه جزيرة “بريتاني”
  • “البلديات والإسكان”: نظام رسوم الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة يُسهم في زيادة المعروض العقاري
  • شمس البارودي تفتح قلبها: هكذا كان حسن يوسف.. الزاهد العابد الذي لم يرد سائلًا يومًا
  • السوداني يطلع على فندق ” قلب العالم” في بغداد الذي سيستضيف وفود القمة العربية