واشنطن بوست: انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي يلقي بظلاله على جميع الدول الأعضاء
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
أكد مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن انضمام أوكرانيا لعضوية الاتحاد الأوروبي سوف يلقي بظلاله على جميع الدول الأعضاء.
وأشار المقال، الذي شارك في كتابته كل من إيميلي راوهالا وبيتريز ريوس، إلى القرار الذي توصل إليه أول أمس الخميس قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمتهم في بروكسل بالموافقة على البدء في مباحثات انضمام أوكرانيا للاتحاد، وهو القرار الذي يلبي طموحا طالما راود الجانب الأوكراني، وذلك على الرغم من المخاوف التي تنتاب الدول الأعضاء بسبب المشاكل والتحديات التي قد تلوح في الأفق جراء تلك الخطوة.
ويوضح المقال أنه في حالة قبول عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي سوف تكون في الترتيب الخامس بين الدول الأعضاء من حيث عدد السكان والدولة الأشد فقرا بين الدول الأوروبية في نفس الوقت وهو ما يعني حصولها على مبالغ طائلة من الدعم المادي الذي يقدمه الاتحاد للدول الأعضاء.
ويشير المقال إلى أن الشعور السائد داخل الاتحاد الأوروبي هو أن انضمام أوكرانيا سوف يحدث تغييرات جوهرية في ميزان القوى داخل الاتحاد وسوف يلقي بظلاله على جميع الدول الأعضاء كما أنه سوف يؤثر بما لا يدع مجالا للشك على سوق الحاصلات الزراعية الأوروبية وكذلك إعادة تشكيل ميزانية الاتحاد.
ويوضح المقال في هذا السياق أن الاتحاد الأوروبي تشكل بادئ الأمر من دول أوروبا الغربية إلا أنه بعد انهيار سور برلين عام 1989 بدأ في ضم دولا أخرى من شرق أوروبا، مشيرا إلا أن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا في فبراير من العام الماضي عززت فكرة التوسع وضم دولا أخرى من شرق أوروبا لمواجهة النفوذ الروسي.
ويشير المقال إلى أن هناك توجه داخل الاتحاد للسعي لضم دولا أخرى من شرق أوروبا مثل جورجيا ومولدوفا وألبانيا وهو ما يعني أنه في حالة قبول عضوية تلك الدول سيرتفع عدد الدول الأعضاء لما يربو على 30 دولة وهو ما سوف يغير موازين القوى داخل الاتحاد لصالح دول أوروبا الشرقية.
وينوه المقال في هذا الصدد إلى أن العديد من الدول الأعضاء يعتقدون أنه في حال انضمام أوكرانيا للاتحاد يجب إجراء تعديلات على مؤسسات الاتحاد الأوروبي بما فيها البرلمان الأوروبي لاستيعاب الوافد الجديد.
ويلفت المقال كذلك إلى أن انضمام أوكرانيا سوف يتطلب تغيير سياسة الاتحاد بشأن السياسات الزراعية المتبعة في الوقت الحالي حيث أن مزارعي الدول الأعضاء يحصلون على دعم يصل إلى 200 دولار عن كل هكتار يقومون بزراعته وهو ما يعني أن أوكرانيا سوف تحصل على مليارات من الدولارات على ضوء المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية لديها.
ويشير المقال في الختام إلى أن الحرب الحالية في أوكرانيا دمرت اقتصادها بالكامل وهو ما يستدعي دعما ماديا طائلا من جانب الاتحاد، مضيفا أن المفوضية الأوروبية والبنك الدولي والأمم المتحدة أصدروا بيانا مشتركا يؤكدون فيه أن التكلفة الأولية لإعادة إعمار أوكرانيا في مرحلة ما بعد الحرب قد تصل إلى مايربو على 400 مليار دولار.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أوكرانيا شرق أوروبا الاتحاد الأوروبي الاتحاد الأوروبی انضمام أوکرانیا الدول الأعضاء داخل الاتحاد إلى أن وهو ما
إقرأ أيضاً:
الاعتراف الأوروبي بفلسطين.. شيك بلا رصيد في مواجهة الفيتو الأميركي
في مواجهة حصار دبلوماسي خانق فرضته تل أبيب بدعم أميركي، تسعى بعض العواصم الأوروبية إلى كسر الصمت الدولي عبر الاعتراف بدولة فلسطين، في ما يبدو أشبه بمحاولة رمزية لإعادة الحياة إلى حل الدولتين.
غير أن هذه الاعترافات، التي كان آخرها ما أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تصطدم بواقع جيوسياسي جامد، تتحكم في مفاصله واشنطن وتمنع أي تحوّل جوهري يُفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية فعليا.
وبينما وعدت فرنسا بإعلان رسمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، ربطت مبادرتها بـ"الالتزام التاريخي بتحقيق السلام العادل"، لكن الرد الأميركي جاء حاسما وساخرا في آن معا، إذ وصف الرئيس دونالد ترامب خطوة باريس بأنها "بلا وزن".
هذا الموقف اعتبره المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث" امتدادا للرؤية الأميركية الثابتة، وهو أنه لا اعتراف بدون شروط مسبقة، على رأسها الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، ورفض ما تسميه واشنطن بـ"التحريض على تدمير الدولة اليهودية".
ويتجاوز هذا الموقف الخلافات السياسية العابرة، إذ يعكس تحالفا عضويا بين واشنطن وتل أبيب يحول دون أي خطوة دولية منفردة تتعلق بإقامة دولة فلسطينية.
واللافت أن فرانكو لم ينف وجود تطلعات فلسطينية مشروعة، لكنه أعاد تدوير "الذرائع الكلاسيكية"، وهي غياب الوحدة الفلسطينية، وأن تكون هناك جهة تمثيلية موحدة، و"عدم وجود جغرافيا واضحة"، ليبقى الموقف الأميركي حارسا لمصالح إسرائيل، وضامنا لاستمرار الوضع القائم.
ضرورة أخلاقيةفي المقابل، ترى السيدة إميلي سورينبري، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، أن الاعتراف بفلسطين لم يعد ترفا سياسيا، بل ضرورة أخلاقية تفرضها المجازر في غزة والشلل السياسي الدولي.
وبحسبها، فإن "الاعتراف يجب أن يكون غير مشروط، وأن يُنفذ الآن"، مؤكدة أن بريطانيا تمتلك أدوات ضغط حقيقية، أبرزها العقوبات على المستوطنات والشركات المتورطة في البناء غير الشرعي، إضافة إلى إمكانية التأثير على واشنطن عبر علاقاتها الوثيقة مع الرئيس الأميركي.
إعلانلكن هذه المبادرات، رغم ما تحمله من جرأة أخلاقية، تبقى معزولة في ظل غياب قرار أوروبي موحد وخطة تنفيذية قادرة على فرض الاعتراف كأمر واقع لا مجرد ورقة دبلوماسية.
فكما حذّر النائب الفلسطيني الدكتور حسن خريشة، فإن الاعتراف إذا لم يُرفق بخطوات عملية مثل وقف التعاون العسكري مع إسرائيل، أو تجميد الاتفاقات الاقتصادية، فسيظل مجرد فعل رمزي، أو أسوأ من ذلك، "رشوة دبلوماسية" تستهدف كسب ود بعض الدول العربية في مسار التطبيع.
ويرى خريشة أن التحركات الأوروبية قد تكون منسقة مع الإدارة الأميركية، حتى إن بدت واشنطن معترضة علنا، مستدلا على ذلك بتاريخ فرنسا التي زودت إسرائيل بالمفاعل النووي، مشيرا إلى أن باريس تحاول الآن ترميم دورها التاريخي في المنطقة عبر ملف الاعتراف.
لكنه نبّه إلى أن "جوهر المشكلة" لا يكمن فقط في غياب الاعتراف، بل في الاحتلال المستمر، والاستيطان المتسارع، والانقسام الفلسطيني، وصمت عربي يكرّس الهيمنة الإسرائيلية.
إجماع إسرائيلي
أما المشهد في الداخل الإسرائيلي، فيكشف عن إجماع نادر بين مكونات الطيف السياسي الصهيوني ضد أي اعتراف أوروبي بفلسطين.
فقد أكد الدكتور مهند مصطفى، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن المعارضة كما الائتلاف يتشاركون موقفا رافضا لحل الدولتين، مشيرا إلى أن البرامج الانتخابية الإسرائيلية منذ 2015 لم تأتِ على ذكر هذا الحل إطلاقا، ما يدل على تحوّل بنيوي في الوعي السياسي الإسرائيلي يُقصي فكرة التسوية من أساسها.
ويضيف مصطفى أن إسرائيل تعتبر أي اعتراف خارجي "إرهابا دبلوماسيا"، وتتعامل معه كتهديد وجودي، لأنها تدرك أن مجرد طرح الدولة الفلسطينية يعيد فتح الملف الفلسطيني دوليا، وهو ما تسعى إسرائيل إلى طمسه منذ سنوات.
ويؤكد أن الرد الإسرائيلي العنيف لا علاقة له بأحداث غزة أو السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بل هو موقف مبدئي مستقر، يعود إلى ما قبل هذه الوقائع.
في الوقت نفسه، يُصرّ فرانكو على أن غياب دولة فلسطينية يعود إلى "انعدام الجهة التمثيلية الموحدة"، معتبرا أن منظمة التحرير لا تمثل جميع الفلسطينيين، وأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تظل عائقا رئيسيا أمام أي حل، كونها -وفق القانون الأميركي- "منظمة إرهابية".
رؤية متماسكةلكنّ هذا الطرح يُقابل برؤية أكثر تماسكا من داخل البيت الفلسطيني، إذ يذكّر خريشة بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأنها قدمت اعترافا صريحا بإسرائيل منذ عقود، ومع ذلك لم تلقَ أي استجابة.
ويضيف أن الفصائل الأخرى، بما فيها حماس، لا تعارض تمثيل المنظمة، ما يدحض ذريعة "الانقسام التمثيلي"، ويؤكد أن المشكلة في الطرف الرافض وليس الطرف المطالب بالدولة.
وإذا كانت بعض الأصوات تراهن على تغيرات داخلية محتملة في إسرائيل، فإن مصطفى يحسم الموقف، مؤكدا أن غياب معارضة فاعلة، وهيمنة خطاب غيبي يميني مسياني، وافتقار الموقف العربي لأي صلابة أو تأثير، كلها عوامل تضمن استمرار رفض حل الدولتين إلى أجل غير مسمى.
بهذا، يصبح الاعتراف الأوروبي أشبه بإعلان نوايا حسن، لكن من طرف أعزل، يفتقر إلى وسائل التنفيذ، ويواجه جدارا من الرفض المحصّن بالتحالف الأميركي الإسرائيلي.
إعلانوبينما يراهن الأوروبيون على التأثير الأخلاقي والضغط الرمزي، تسير واشنطن وتل أبيب في اتجاه معاكس، يُعيد تدوير المعادلة ذاتها: لا دولة فلسطينية ما لم توافق إسرائيل، ولا موافقة من إسرائيل ما دام الرفض هو القاعدة، والغطاء الأميركي حاضر بقوة.