هل من حق الزوج منع زوجته من زيارة أهلها ؟، لعله استفهام عن أحد حقوق الزوجات وواجبات الأزواج التي أقرها الشرع الحنيف وحددها في نصوص الكتاب العزيز والسُنة النبوية الشريفة ، وحيث إن كثير من الأزواج والزوجات لا يزالون لا يعرفون ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات ، يظل الاستفهام عن هل من حق الزوج منع زوجته من زيارة أهلها ؟، من الأمور المطروحة ، التي تهم الكثيرون.

هل يجب أن تتزين المرأة لزوجها؟.. 10 حقائق لا تعرفها الزوجات فانتبهن لماذا حذر رسول الله الزوجات من وصف غيرها لزوجها؟.. منعا لـ9 مصائب هل من حق الزوج منع زوجته من زيارة أهلها

قالت دار الإفتاء المصرية ، إنه يحق للزوجة أن تزور أبويها ومحارمها وأقاربها في حدود المعروف وبما لا يخلُّ بالواجبات والحقوق الزوجية.

وأوضحت " الإفتاء" في إجابتها عن سؤال: ( هل من حق الزوج منع زوجته من زيارة أهلها ، أي هل من حقّ الزوج أن يمنع زوجته من زيارة أبويها وأخواتها ومحارمها؟)، أن الأولى أن يُعينها الزوج على هذا البر لا أن يكون حائلًا بينها وبين فعله، مع الإقرار بحقِّه في تنظيم هذه الزيارات بما يتوافق مع مصالحهما جميعًا.

وتابعت: إذ الحقوق الزوجية إنما شُرعت لتنظيم الحياة بين الزوجين على أساس من التراحم والتوادِّ، لا التعسُّفِ والعنادِ، هذا، مع ما قد تقرر من أن الفضل والإحسان في العلاقة الزوجية هما المقدمان دومًا؛ خاصة في واقع الأُسرِ المصرية التي دَرَجت على التعاون والتكامل بين الزوجين.

وأضافت أننا لم نجد إثارة لمثل هذا الأمر الحقوقي إلا عند التنازع، وهذا مما يُحمد للواقع المصري الذي انغرست فيه القيم وصارت جزءًا أصيلًا من العلاقات الاجتماعية في إطار الحياة الزوجية المستقرة.

حق الزوجة في زيارة أهلها

وأشارت إلى أنه من جملة الحقوق المحفوفة بالفضل والمودَّة: زيارة المرأة لأبويها وإخوتها ومحارمها وأقاربها؛ فحقُّ الزوجِ على زوجته أن تستأذنه في تلك الزيارة، وحقُّ الزوجة على زوجها ألَّا يمنعها من ذلك.

وأفادت بأنه لقد جاءت السُّنَّة النبوية المطهرة بحثِّ النساء على أخذ الإذن مِن أزواجهن للخروج للشعائر والعبادات وحضور الصلاة في المسجد، وحثِّ الرجال على السماح لهنَّ بالخروج؛ فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ إِلَى الْمَسَاجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ» متفقٌ عليه.

واستطردت: وإذا كان ذلك مطلوبًا شرعيًّا فيما يتعلق بالمساجد والعبادات: ففي مطلوبيَّته فيما يتعلق بغيرهما أولى وآكد؛ ففي الحديث عن أُم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟" متفقٌ عليه.

واستشهدت بما قال الحافظ ولي الدين ابن العراقي في "طرح التثريب" (8/ 58، ط. دار الفكر العربي): [قولها: «أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟» فيه: أنَّ الزوجة لا تذهب إلى بيت أبويها إلَّا بإذن زوجها] اهـ، وأورد المفسرون -منهم الإمام الواحدي والإمام الطبري- أنَّ أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها استأذنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في زيارة أبيها وفي يوم قِسمتها، فأذن لها.

واستندت لما جاء عن أمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خرجت سودة بنت زمعة ليلًا، فرآها عمر فعرفها، فقال: إنك والله يا سودة ما تخفين علينا، فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكرتْ ذلك له، وهو في حجرتي يتعشى، وإن في يده لعَرَقًا، فأنزل الله عليه، فرفع عنه وهو يقول: «قَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ» أخرجه البخاري في "الصحيح".

ودللت بما قال العلامة ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (7/ 364، ط. مكتبة الرشد): [فى هذا الحديث: دليل على جواز خروج النساء لكلِّ ما أبيح لهنَّ الخروج فيه من زيارة الآباء والأمهات وذوي المحارم والقرابات، وغير ذلك مما بهنَّ الحاجة إليه، وذلك في حكم خروجهنَّ إلى المساجد] اهـ.

وأردفت: وحينما خصَّ اللهُ تعالى الزوجَ بدرجةٍ تجعله قائمًا على أمر زوجته ومسؤولًا عنها؛ كما قال سبحانه: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: 228]، استوجب ذلك مزيدَ الحرص منه على نجاتها وسعادتها في الآخرة؛ بمعاونتها على أداء حقوق الله تعالى التي عليها وعدم قطع رحمها.

وأكدت قائلة : ولا يخفى أن بر الزوجة وصِلتها بوالديها أو أحدهما هو أداء لحقوقٍ واجبة عليها أيضًا لا تقل أهمية عن حقوق الزوجية؛ فحقوق الأبوين من آكد الحقوق وأعظمها، وهي منظومة في سِلك حقوق الله تعالى؛ حيث يقول الله عزَّ وجلَّ في بيان الأحكام المتعلقة بحقوق الوالدين والأقاربِ ونحوِهم على إثرِ بيانِ الأحكامِ المتعلقةِ بحقوق الأزواج.

واستشهدت بما قال الله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: 36].

ضوابط زيارة الزوجة لبيت أهلها

ونبهت إلى أن مرد الأمر في تنظيم تلك الزيارة إنَّما يرجعُ إلى الاتفاق بين الطرفين، وإلى أعراف كلِّ بيئةٍ ومجتمعٍ وإلى المصلحة المُتَوَخَّاةِ فيها، متى أمنت المرأة على نفسها الخروج، ومتى أذِنَ له زوجها في ذلك (سواء كان بالإذن العام، أو بالإذن في كلِّ مرة)، حسب ما يتفق عليه الزوجان ويتراضيانه، خاصَّة وأنها مسألة تتعلق بالأحوال الشخصية، وأنَّ المطالبة بذلك إنما تكون عند التنازع وتعارض الحقوق والمصالح بين الزوجين، وهو على خلاف الأصل.

وواصلت : ومن مبادئ القضاء التي سارت عليها المحاكم المصرية في مسائل الأحوال الشخصية: أن العرف معتبر إذا عارض نصًّا منقولًا عن صاحب المذهب، وأن لكلِّ زمن أعرافَه وعاداته، وأن التخصيص بالعرف والعادة قولًا أو فعلًا حجة عند الحنفية، وأن العرف كما يختلف باختلاف الزمان والمكان فإنه يختلف أيضًا باختلاف الناس أنفسهم؛ كما في "مبادئ القضاء في الأحوال الشخصية" للمستشار أحمد نصر الجندي (ص: 867-868، ط. نادي القضاة).

وأكملت : ولا يخفى تغير كثير من الأعراف التي بُنِيَت عليها بعض هذه الأحكام؛ فواقع المرأة المعاصر يشهد أنها لم تَعُدْ مقصورة على بيتها، بل فرضت عليها طبيعةُ العصر أن تشارك الرجال في الخروج للتعلم والتعليم والعمل وتقلد الوظائف وقضاء المصالح، وصارت موجودةً في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية، ولم يعد خروجها لزيارة أبويها أو محارمها بخصوصها مظنة فتنة بعد أن خرجت بالفعل لكلِّ مناحي الحياة، ومن ثَمَّ يدخل خروجها لزيارة أبويها ومحارمها في معنى الإذن العام لها بالخروج.

وأفادت بأنه ما استنبطه الإمام ابن عبد البر أن خروج المرأة لزيارة الأبوين والمحارم داخلة في الأذن لها لشهود الصلاة في المسجد؛ أخذًا من حديث بسر بن سعيد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ صَلَاةَ الْعِشَاءِ، فَلَا تَمَسَّنَّ طِيبًا» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" -واللفظ له-، والنسائي في "السنن"؛ حيث قال في "الاستذكار" (2/ 466، ط. دار الكتب العلمية): [في هذا الحديث من الفقه: جواز خروج المرأة إلى المسجد لشهود الجماعة..

ولفتت في معنى الإذن لها في شهود العشاء وغيرها دليلٌ على أن كلَّ مباحٍ وفضل حكمه بحكمه في ذلك، وفي خروجهم إليه مثل زيارة الآباء والأمهات وذوي المحارم من القرابات وما كان مثله؛ لأن الخروج إلى المسجد ليس بواجب على النساء؛ لأنه قد جاء أن صلاتهن في بيوتهن خيرٌ لهن فما ندبن إليه من صِلات الرحم أحرى بذلك وأولى] اهـ.

حكم منع الزوج زوجته من زيارة أهلها

وبينت أنه بناء على ذلك: فإن للزوجة أن تزور أبويها ومحارمها وأقاربها في حدود المعروف وبما لا يخلُّ بالواجبات والحقوق الزوجية، والأولى في ذلك أن يكون الزوج مُعينًا لها عليه لا أن يكون حائلًا دونه، مع الإقرار بحقِّه في تنظيم هذه الزيارات بما يتوافق مع مصالحهما مجتمعة؛ إذ الحقوق الزوجية إنما شُرعت لتنظيم الحياة بين الزوجين على أساس من التراحم والتشفُّعِ والتوادِّ، لا التعسُّفِ والتَّشَاحِّ والعنادِ.

ونوهت بأن هذا، مع ما قد تقرَّر من أنَّ الفضل والإحسان في العلاقة الزوجية هما المقدمان دومًا؛ خاصة في واقع الأُسرِ المصرية التي دَرَجت على التعاون والتكامل بين الزوجين، ولم نجد إثارة لهذا الأمر الحقوقي إلا عند التنازع، وهذا مما يُحمد للواقع المصري الذي انغرست فيه القيم وصارت جزءًا أصيلًا من العلاقات الاجتماعية في إطار الحياة الزوجية المستقرة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم حقوق الزوجیة بین الزوجین رضی الله ه وآله ى الله ع

إقرأ أيضاً:

آداب الرجوع من الحج.. الإفتاء توضح

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها مضمونه: "ما هي آداب الرجوع من الحج؟ فوالدي سافر إلى الحج هذا العام، وطلب مني أن أسألكم عن أهم الآداب التي تُراعى لمن هو عائد من الحج.

لترد دار الإفتاء، موضحة: الآداب التي تُراعى للعائد من الحج كثيرة، من أهمها: أن يُعجِّل بالرجوع إلى أهله، والدعاء، وعمل النقيعة، وإخبار أهله بموعد قدومه، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي، ومداومة التعلق بالدار الآخرة، حتى يحافظ على نقائه الذي عاد به من الحج، فيكون حاله بعد الحج أفضل منه قبله.

بيان فضل الحج، وتأثيره على الحاج

حج بيت الله الحرام نفحة ربانية فارقة في حياة المسلم؛ فالإنسان إذا أتمَّ حجه ولم يرفث أو يفسق، رجع من ذنوبه إلى بلاده كيوم ولدته أمه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» متفق عليه. وفي رواية: «خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده".

دعاء الرسول لقضاء الديون.. ردده الآن يفرجها الله عليكدعاء تيسير الأمور المُعطلة .. ردّده يفرج الله همك ويريح بالك

والناس ينظرون إلى من أتم الله عليه النعمة بأداء هذه الفريضة نظرة إكبار وتبجيل وتوقير؛ لقرب عهده ببيت الله الحرام، ولِمَا لفريضة الحج في نفوسهم من مكانة عظيمة؛ ولذلك ينبغي على الحاج أن يكون على قدر هذه المنزلة، وأن تتغير أخلاقه وتتحسن سلوكياته، فقد رُوي أنَّ مِنْ عَلَامَةِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ أَنْ يَكُونَ الْمَرْءُ بَعْدَ حَجِّهِ خَيْرًا مِنْهُ قَبْلَهُ. ذكره الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (4/ 199، ط. دار الكتب العلمية)، كما ينبغي عليه التعلق بالله سبحانه وتعالى، وطلب الدار الآخرة، بملازمة العمل الصالح، فقد قيل للحسن البصري: ما الحج المبرور؟ قال: "أن ترجع زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة" أورده الشجري في "ترتيب الأمالي"، بحيث يُري الله من نفسه خيرًا؛ حتى تظهر عليه أنوار الحج التي تفضل الله تعالى عليه بها في معاملة خالقه جلَّ وعلا وفي معاملة الناس، فإن ذلك مما يحبه الله تعالى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» رواه الترمذي، وأحمد، والبخاري في "التاريخ الكبير".

آداب الرجوع من الحج

هناك مجموعةٌ من الآداب التي ينبغي أن يراعيها مَنْ حج البيت المعظم، وهي مأخوذة من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبمراعاتها يَعْظُم أجره، وتحصل له بعد الحج بركته، ومن هذه الآداب:

- أن يتعجل في الرجوع إلى بلده وأهله: فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ حَجَّهُ فَلْيُعَجِّلِ الرِّحْلَةَ إِلَى أَهْلِهِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأَجْرِهِ» رواه الدارقطني، والبيهقي، والحاكم.

- أن يقرأ دعاء السفر أثناء ركوبه، ولفظه: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ۝ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَليفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ، وإذا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: آيِبُونَ، تائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» رواه الإمام مسلم.

- أن يدعو بالدعاء الوارد في خصوص ذلك في السنة المطهرة: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قَفَلَ من غزو أو حج أو عمرة، يُكَبِّرُ على كل شَرَفٍ من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» متفق عليه؛ وذلك تعظيمًا لله ومواظبةً على ذكره وإظهارًا لكلمته، وإنما كان يَخُصُّ بذلك الشرف؛ لأن منه يرى من الأرض ما يقع عليه بصره، فكان يستحب أن يفعل ذلك أول ما يرى من الأرض مما فتحه الله عليه ويستقبله بالتكبير والتعظيم، ولأن ما شُرِعَ فيه الإعلان من الذكر فالأحق به ما علا من الأرض كالأذان والتلبية؛ لأن في ذلك إظهارًا للذكر، وفي تخصيص المطمئن به من الأرض ضرب من التَّسَتُّرِ، كما قال الإمام الباجي في "المنتقى" (3/ 77، ط. مطبعة السعادة).

- أن يُخبر أهله بموعد قُدُومه: قال الإمام النووي في "الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" (ص: 514، ط. دار البشائر الإسلامية): [يُستحب إذا قَرُبَ من وطنه أن يبعث قُدَّامَهُ من يخبر أهله؛ كي لا يقْدَم عليهم بغتة؛ فهذا هو السنة] اهـ، ومعلوم أن الإخبار يكون في كل زمان بحسبه.

- أن يدعو بالدعاء المستحب عند الإشراف على بلده ووطنه: فإذا أشرف على بلده فَحَسَن أن يقول: اللهم إني أسألك خيرها، وخير أهلها، وخير ما فيها، واستحب أن يقول: اللهم اجعل لنا بها قرارًا، ورزقًا حسنًا، اللهم ارزقنا جَنَاها، وأعذنا من وبالها، وحببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا. كما أفاد الإمام النووي في "الإيضاح" (ص: 514).

- أن يجمع الناس على الطعام، كما هو الحال في كل عائد من سفر، ويسمى نقيعة، وعمل النَّقِيعَةِ ودعوة الناس إليها عند قدوم المسافر من حج وغيره هو صنيع مُستحسَنٌ أقرَّه الشرع وجاءت بأصله السنة النبوية المشرفة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ "لَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً" أخرجه البخاري، وبوَّب له بـ(باب الطعام عند القدوم). وفيه: استحباب الضيافة والإطعام عند القدوم من السفر... وهو من فعل السلف، كما في "شرح صحيح البخاري" للإمام ابن بطال (5/ 243، ط. مكتبة الرشد).

قال الإمام بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (15/ 16، ط. دار إحياء التراث): [وهذا الطعام يسمى النَّقِيعة، بفتح النون وكسر القاف: مشتق من النقع، وهو الغبار؛ لأن المسافر يأتي وعليه غبار السفر] اهـ.

وقال المُلَّا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/ 2516، ط. دار الفكر) عند شرح حديث جابر رضي الله عنه السابق: [السُّنَّةُ لمن قَدِم من السفر: أن يُضيِّفَ بِقَدْر وُسْعِهِ، ذكره الطيبي، وقال ابن الْمَلَكِ: الضيافة سُنَّةٌ بعد القُدوم] اهـ.

- جلب الهدايا والهبات وما يُدخل به السرور على نفوس الأهل وغيرهم، ويبعث في نفوسهم الشوق إلى زيارة بيت الله الحرام، كالثياب والسواك والمسبحة والطيب وسجادة الصلاة، وغير ذلك.

وفي الجملة: فإن الأنفع للعائد من الحج أن يتخلق بكل أدب يتوافق مع إتمام هذه الشعيرة العظيمة، وبما يحافظ له على البركة التي شملته من خلال الشعائر والمناسك والبقاع الطاهرة.

الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الآداب التي تُراعى للعائد من الحج كثيرة، من أهمها: أن يُعجِّل بالرجوع إلى أهله، والدعاء، وعمل النقيعة، وإخبار أهله بموعد قدومه، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي، ومداومة التعلق بالدار الآخرة، حتى يحافظ على نقائه الذي عاد به من الحج، فيكون حاله بعد الحج أفضل منه قبله.

طباعة شارك آداب الرجوع من الحج الحج ماذا نفعل بعد الحج

مقالات مشابهة

  • آداب الرجوع من الحج.. الإفتاء توضح
  • الأزهر: الإسلام دعا إلى الإحسان للكائنات ورتب عليه الأجر والثواب
  • أمن الدقهلية يكثف جهوده لضبط الزوج المتهم بقتل زوجته في قرية شها بالمنصورة
  • موقف الرئيس بري يُعَّول عليه
  • وفاة طالبة توجيهي في المزار الجنوبي
  • عاجل | وفاة طالبة ” توجيهي” بالأردن .. تفاصيل
  • هل صيام أول يوم من السنة الهجرية بدعة؟ .. دار الإفتاء تُوضح
  • زوج يلاحق زوجته بدعوى نشوز.. ويتهمها بابتزازه فى رؤية أولاده
  • ليبي يُعثر عليه متوفيًا في منزله بتركيا
  • زوج يلاحق زوجته بدعوى نشوز ويتهمها بالتخلى عن أولادها.. التفاصيل