ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير الاثنين أن الاقتصاد الأميركي يُنهي العام الجاري في وضع أفضل بشكل ملحوظ، متجاوزا كل التوقعات المتشائمة.

وأشاد الاحتياطي الفدرالي الأميركي بتباطؤ التضخم في الولايات المتحدة، وأبقى معدلات الفائدة بين 5.25 و5.5 بالمئة في اجتماعه الأخير للعام الجاري، رغم أن المعركة في مواجهة ارتفاع الأسعار لم تحسم بعد، وفقا لوكالة "فرانس برس".

ووفقا للصحيفة، انخفض معدل التضخم إلى 3.1% بعد أن كان 9.1%. ويبلغ معدل البطالة 3.7%، ونما الاقتصاد بوتيرة جيدة في الربع الأخير. ومن المحتمل أن يكون بنك الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة ويتطلع إلى إجراء تخفيضات في العام المقبل.

كما وصلت الأسواق المالية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق أو بالقرب منها، ومن الممكن أن يسجل مؤشر "ستاندرد آند بورز" 500 رقماً قياسياً جديداً أيضاً، الأسبوع الجاري.

وأكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم بأول، في مؤتمر صحفي، أن "التضخم انخفض منذ بلوغه الذروة بدون زيادة ملحوظة في البطالة. إنها أخبار جيدة للغاية"، لكنه اشار إلى أن "التضخم لا يزال مرتفعا للغاية" وأن "المسار لا يزال غير مؤكد".

وكانت حماسة باول الذي عادة ما يكون في غاية الحذر، مفاجئة، إلا انه لم يستبعد احتمال رفع معدل الفائدة أكثر إذا لزم الأمر.

واعتبرت خبيرة الاقتصاد لدى هاي فريكوينسي إيكونوميكس، روبيلا فاروقي، أن "الرئيس باول كان لديه لهجة متفائلة".

في الواقع، "انخفض معدل التضخم إلى ما دون توقعات الاحتياطي الفدرالي بكثير، مما يفتح الباب أمام احتمالات جديدة في 2024"، بحسب كريشنا غوها الخبير الاقتصادي في شركة "ايفركور"، المتخصصة في تقديم الخدمات المصرفية والاستثمارية.

وتمثل هذه القوة والاستقرار في الاقتصاد، التي تتحدى حتى العديد من التوقعات الأكثر تفاؤلاً، بحسب الصحيفة، تطوراً ملحوظاً بعد الأزمات الاقتصادية المتعددة والتي بدأت مع جائحة فيروس كورونا عام 2020 واستمرت من خلال ارتفاع التضخم الذي كان البنك الفيدرالي والبيت الأبيض بطيئين في إدراكه.

وأوضحت أن بنك الاحتياطي الفيدرالي والبيت الأبيض حاربا التضخم على مسارين مختلفين باستخدام أدوات مختلفة تماما. لكن الآن، يشير محافظو البنوك المركزية، ووزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، والخبراء الاقتصاديون للرئيس الأميركي، جو بايدن، بحذر إلى أن البيانات والتطورات التي تم رفضها باعتبارها مستحيلة تقريبًا حتى وقت قريب جدًا، قد تم تبريرها. وفي ديسمبر الجاري، وجهت وزيرة الخزانة توبيخا مباشرا على نحو غير عادي، حيث قالت للصحفيين إن الاقتصاديين الذين توقعوا أن انخفاض التضخم سيتطلب تسريح العمال على نطاق واسع، "الآن يرجعون في كلامهم".

وقالت يلين في حديث لـ "وول ستريت جورنال"، الأسبوع الماضي: "كان الكثير من الاقتصاديين يقولون إنه لا توجد طريقة لعودة التضخم إلى طبيعته دون أن ينطوي ذلك على فترة من البطالة المرتفعة أو الركود".

وأضافت: "قبل عام، أعتقد أن العديد من الاقتصاديين كانوا يقولون إن الركود أمر لا مفر منه ولم أشعر قط بوجود أساس فكري متين للقيام بمثل هذا التنبؤ".

لكن الصحيفة ترى أنه لا يزال هناك الكثير من الجدل حول كيفية تحقيق "الهبوط الناعم" للاقتصاد، وينكر البعض حدوث ذلك، أو أن باول أو يلين يستحقان الثناء.

وذكرت أنه على سبيل المثال، لم يأت الكثير من الانخفاض في التضخم من أسعار الفائدة المرتفعة التي أقرها بنك الاحتياطي الفيدرالي، بل من سلاسل التوريد التي قامت بتصفية الأعمال المتراكمة وتراجع أسعار الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، لا يزال العديد من الجمهوريين يتهمون بنك الاحتياطي الفيدرالي وإدارة بايدن بتفاقم التضخم المرتفع في العام الماضي، وهي أسرع زيادات في الأسعار منذ أربعة عقود، وبتدخلات السياسة النقدية التي تلت ذلك.

ويقولون إنه رغم أن الأسعار لن ترتفع بهذه السرعة بعد الآن، لكنها لا تزال مرتفعة، وقد أدت الزيادات المرتفعة في أسعار الفائدة إلى جعل حلم ملكية المنازل بعيد المنال بالنسبة للملايين، وهي نقطة حديث رئيسية للحزب الجمهوري قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: بنک الاحتیاطی الفیدرالی لا یزال

إقرأ أيضاً:

مصر تحقق أعلى معدل نمو اقتصادي في 3 أعوام والصناعة تقود الانتعاش

سجّل الاقتصاد المصري نموًا قدره 5.3% خلال الربع الأول من العام المالي 2025-2026، وهو أعلى معدل يحققه الاقتصاد منذ أكثر من ثلاثة أعوام، بحسب التصريحات الصادرة عن رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.

ويأتي هذا الأداء في لحظة دقيقة يتقاطع فيها الاقتصاد المحلي مع تحولات إقليمية ودولية متسارعة، ما يجعل القراءة الاقتصادية للنمو الراهن أبعد من مجرد رقم نمو ربع سنوي، بل مؤشر على تحوّل دوري في مسار الاقتصاد المصري.

وفق بيانات الوزارة، جاء تسارع النمو مدعومًا بـتحسّن الأداء الصناعي وارتفاع الطاقة التشغيلية تدريجيًا، وزيادة الاستثمارات العامة المرتبطة بالمشروعات الإنتاجية، وانتعاش القطاعات الخدمية وعلى رأسها الاتصالات والسياحة والنقل، إلى جانب الاستقرار النسبي في سلاسل التوريد العالمية بعد عامين من الاضطرابات.

ويمثل هذا النمو انعكاسًا لتحسّن المزاج الاقتصادي بعد خطوات إصلاحية تصحيحية اتخذتها الحكومة خلال العامين الماضيين، خصوصًا ما يتعلق بإعادة هيكلة أولويات الإنفاق وإعادة توجيه موارد الدولة نحو القطاعات المنتجة.

ويأتي أداء الاقتصاد المصري الجيد على المستوى الدولي في وقت تتعرض فيه العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة لضغوط مزدوجة: ارتفاع تكلفة الاقتراض عالميًا من جهة، وتباطؤ التجارة الدولية من جهة أخرى، وفي ظل بيئة مالية عالمية شديدة التقييد، يُعد وصول دولة بحجم مصر إلى معدل نمو يتجاوز 5% إشارة إلى مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على التقاط فرص النمو رغم التحديات الخارجية.

كما أن هذا الأداء ينسجم مع اتجاهات اقتصادات إقليمية أخرى بدأت في تجاوز صدمات الأعوام الماضية، مثل دول الخليج التي تستثمر بكثافة في التنويع الاقتصادي، ودول آسيوية مثل الهند وفيتنام التي تقود موجة جديدة من نمو الأسواق الصاعدة.

لكن ماذا يعني هذا النمو للاقتصاد المصري؟

أولًا: الاقتراب من التوازن الجديد في مكونات الاقتصاد، فتسارع النمو يعكس بداية خروج الاقتصاد من مرحلة الانكماش غير الرسمي التي سادت منذ 2022 بفعل التضخم، ونقص النقد الأجنبي، وتباطؤ الواردات، وتُظهر البيانات أن القطاعات القادرة على توليد قيمة مضافة أعلى بدأت تستعيد قدرتها على النمو، ما يشير إلى اقتراب الاقتصاد من توازن جديد قائم على الإنتاج والتصدير.

ثانيًا: تحسّن بيئة الاستقرار الكلي حيث إن عودة النمو إلى مستويات ما قبل الأزمات، ولو جزئيًا، تدعم تخفيف الضغط على سوق العمل، وتحسّن قدرة الدولة على خفض عجز الموازنة، وزيادة إيرادات الحكومة دون زيادة ضرائب.

والأهم هو تعزيز القدرة التفاوضية مع المؤسسات الدولية، فتوقيت إعلان النمو بالغ الأهمية، خاصة في ظل استمرار الحوار بين مصر والمؤسسات الدولية حول وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والتمويل التنموي، فأداء اقتصادي قوي يمنح صانع القرار مساحة أوسع للمناورة عند التفاوض على برامج التمويل أو شروط الدعم.

إن نجاح مصر في الحفاظ على وتيرة نمو مرتفعة خلال الأرباع المقبلة سيعتمد على سرعة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتحقيق التوازن بين الاستثمارات الحكومية وإتاحة مساحة أكبر للقطاع الخاص.

الأهم أن تحقيق مصر لنمو 5.3% في الربع الأول من العام المالي 2025/2026 يمثل نقطة تحول مهمة تضع الاقتصاد على مسار تعافٍ واضح، وتبعث رسالة طمأنة للأسواق الدولية، لكن القيمة الحقيقية لهذا النمو ستُحدد بمدى قدرة الاقتصاد على تحويله إلى نمو مستدام يدعم القدرة التنافسية للقطاعات الإنتاجية.

اقرأ أيضاًزيارة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر خلال أيام

ستاندرد آند بورز تتوقع تخفيض البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 6% وتراجع التضخم لـ 7.8%

المركزي يعدّل تعليمات اجتماعات مجلس الإدارة في البنوك

مقالات مشابهة

  • الدولار الكندي يسجل أكبر مكسب أسبوعي منذ مايو مع تجاوز الناتج المحلي الإجمالي التوقعات
  • ترقب لاجتماع الفيدرالي الأمريكي.. ما هي سيناريوهات أسعار الذهب المتوقعة؟
  • مصر تحقق أعلى معدل نمو اقتصادي في 3 أعوام والصناعة تقود الانتعاش
  • اليورو يرتفع لأعلى مستوى في أسبوعين قبل صدور بيانات التضخم الأوروبية
  • الاقتصاد التركي ينمو بأقل من التوقعات في الربع الثالث وسط ضغوط التشديد النقدي
  • تحليل أسعار الذهب عالمياً
  • ستاندرد آند بورز تتوقع تخفيض البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 6% وتراجع التضخم لـ 7.8%
  • الاقتصاد الهندي يقفز 8.2% متجاوزاً التوقعات
  • ارتفاع معدل التضخم في فرنسا بنسبة 0.8% خلال نوفمبر
  • الذهب في طريقه لتحقيق مكاسب شهرية وسط توقعات خفض الفائدة الأمريكية