كتبت سابين عويس في" النهار":في المواقف المعلنة، هدفُ زيارة وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا محدد ومحصور بالوضع في الجنوب وبضرورة سحب فتيل التفجير ووقف التصعيد على نحو يستدرج فريقا المواجهة، اي إسرائيل وحزب الله الى الحرب. ولكن في الغرف المغلقة، يذهب الحديث ابعد، اذ تتولى كولونا مهمة التوسط بين اسرائيل والحزب من اجل التفاوض على آلية تطبيق القرار الدولي 1701، وتحديد الأرضية الصالحة لبدء المفاوضات التي لن تحلّ ساعتها الصفر إلا بعد التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار في غزة، وفق ما تكشف المعلومات المتوافرة.

ذلك ان كولونا بدأت هذه المهمة بتكليف من الرئيس الفرنسي، وتتصرف برغبة مجموعة الدول الخمس، بحسب توصيف مصدر ديبلوماسي، وليس بتكليف رسمي منها، وهي تعمل على خط إسرائيل - بيروت وسط معلومات معلنة عن تنسيق بينها وبين الجانب الاميركي، في حين ترددت معلومات مناقضة تماماً تعكس استغراباً أميركياً للدور الفرنسي الذي يقفز على الدور الاميركي. فواشنطن التي عادت بقوة إلى الساحة الاقليمية، كلّفت الموفد الرئاسي آموس هوكشتاين القيام بالوساطة وفتح قنوات التفاوض مع لبنان، من اجل تحقيق امرين: اولهما تنفيذ القرار 1701، وانجاز الترسيم البري، من حيث توقفت المفاوضات قبل حرب غزة. وتدرك واشنطن ان اي تحرك اليوم في هذا السياق لن يؤتي نتيجته قبل وقف النار في غزة، لأن إسرائيل لن تلتزم وقف اعتداءاتها على الحدود الجنوبية، كما ان "حزب الله" لن يوقف ما يصفه بالأعمال المساندة للفلسطينيين في غزة. وبالتالي، لا يُنتظر ان تتبلور أي آلية اليوم قبل ان يتضح مسار الحرب على الجبهة الاسرائيلية - الفلسطينية. وهذا ما أخّر زيارة هوكشتاين إلى بيروت.

رسائل كولونا واضحة إلى السلطات اللبنانية، لجهة تجنب التصعيد وتأكيدها امام مَن التقتهم أن الضغط الذي تمارسه باريس على لبنان من اجل عدم الانزلاق في الحرب بسبب تقديرات او حسابات خاطئة يمكن ان تفتح المجال امام ذلك، هو عينه الذي أبلغته إلى الجانب الإسرائيلي من اجل حضّه على وقف الاعتداءات وتطبيق القرار الدولي. لكن باريس تدرك تماماً ان تحركها الديبلوماسي لن يكون كافياً ما لم يحظَ برعاية او مباركة أميركية، كما لن يكون كافياً لتثبيت الحضور الفرنسي في لبنان والمنطقة، انطلاقاً مما وصفه المصدرعينه بالأفضلية للتعاطي مع واشنطن. لكن باريس لا تيأس من المحاولة، خصوصاً انها تلاقي تجاوباً في تل ابيب، يأتي انطلاقاً من تمني إسرائيل بأن يتمكن الفرنسيون من استعادة حرارة التواصل مع الحزب، كما كانت قبل السابع من تشرين الاول الماضي، وان يؤمّنوا هذا الخط، وقد عبّر عن ذلك نظيرها الاسرائيلي إيلي كوهين عندما قال انه "يمكن لفرنسا اداء دور إيجابي وهام لمنع حرب في لبنان"، من دون ان يغفل الاشارة الى ان "بلاده لا ترغب في فتح جبهة جديدة على حدودها الشمالية لكنها ملزمة حماية مواطنيها، والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي اجبار الحزب على الانسحاب الى شمال نهر الليطاني، وليس هناك إلا طريقتان للقيام بذلك، إما بالديبلوماسية وإما بالقوة". وهذا الكلام يؤشر إلى الرسالة التي نقلتها كولونا إلى المسؤولين اللبنانيين، في مسعى إلى تحقيق ذلك بالديبلوماسية، اي بتنفيذ القرار الدولي، وإلا، فإن إسرائيل لن تتراجع عن تهديداتها حتى تؤمّن ضمان حدودها الشمالية. ومعلوم ان هذه الرسالة لن تلقى استجابة من "حزب الله" الذي لا يزال يرفض حتى الآن اي تنازل، او تطبيق حرفي للـ 1701 الذي لا يقتصر على انسحابه من جنوب الليطاني، وانما تسليم سلاح عناصره.

في المقابل، تتحرك الدوحة بقوة في اتجاه غزة، وسط معلومات مفادها ان لبنان سيكون الوجهة المقبلة للتحرك القطري فور انجاز الوساطة في غزة والتوصل إلى وقف إطلاق النار.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: من اجل فی غزة

إقرأ أيضاً:

«الوطني للإعلام» ينظم طاولة مستديرة في لندن تحضيراً ل «بريدج»

نظّم المكتب الوطني للإعلام طاولة عمل مستديرة بحضور عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، على هامش أسبوع لندن للتكنولوجيا.
شهدت الطاولة عدداً من الجلسات والورش التفاعلية التي ناقشت تعزيز التعاون وتبادل الخبرات مع المؤسسات العالمية ورواد الإعلام في العالم بما يخدم منظومة الإعلام.
أكد عبدالله آل حامد أن دولة الإمارات، تواصل جهودها لترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للابتكار الإعلامي عبر قمة بريدج العالمية التي تقام في أبوظبي خلال ديسمبر المقبل وتسعى إلى تمكين منظومة إعلامية مرنة وفعالة، قادرة على مواكبة التحولات المتسارعة وصياغة روايات ملهمة تعكس قيم التسامح والانفتاح والتقدم وتدعم الصحافة المسؤولة في العصر الرقمي.
وقال: «سنعمل من خلال قمة بريدج العالمية على طرح حلول عملية وشراكات استراتيجية تعود بالنفع على الجميع وترسخ نموذجاً إعلامياً يقوم على الشفافية والمسؤولية والإبداع، نموذجاً يحترم التنوع الثقافي ويعزز قيم التسامح والتعايش السلمي».
ونوّه بأن هذه الطاولة المستديرة تمثل خطوة مهمة ضمن سلسلة اللقاءات العالمية الهادفة إلى الإعداد الشامل لقمة بريدج، عبر حوارات بناءة تعزز العمل المشترك وتوحد الرؤى نحو بناء إعلام متكامل ومتفاعل مع مختلف التخصصات والقطاعات.
منصة استراتيجية
وبدأت فعالية الطاولة بكلمة لدكتور جمال محمد عبيد الكعبي، المدير العام للمكتب الوطني للإعلام تحدث فيها عن قمة بريدج العالمية، التي تعد منصة استراتيجية تهدف إلى تطوير منظومة الإعلام، وتوسيع نطاق التعاون بين المؤسسات الإعلامية على مستوى العالم.
وأوضح أن القمة تعمل على تعزيز تبادل المعرفة والخبرات، وفتح آفاق جديدة أمام الابتكار الإعلامي من خلال دمج التقنيات الحديثة ومواكبة المتغيرات المتسارعة، مشيراً إلى أن هذه الجهود تنسجم مع رؤية دولة الإمارات الساعية لترسيخ مكانتها شريكاً رئيسياً في صياغة مستقبل الإعلام القائم على التعاون والتكامل.
وأكد الدكتور جمال الكعبي، أن قمة بريدج تسعى لتأسيس شبكة عالمية من الخبراء والمبتكرين في مجال الإعلام لاستشراف التوجهات المستقبلية ودعم صناعة القرار في المؤسسات الإعلامية وتحفيز ريادة الأعمال الإعلامية من خلال دعم الشركات الناشئة والمشاريع المبتكرة في قطاع الإعلام، وإيجاد بيئة تدعم تطوير منصات إعلامية جديدة ومستدامة.
بناء الثقة.
وفي جلسة بعنوان «القيادة الإعلامية: إعادة بناء الثقة في العصر الرقمي»، شارك فيها عبدالله آل حامد، ونخبة من الإعلاميين وصناع الفكر واستعرضت تراجع الثقة في المحتوى الإعلامي في العصر الرقمي أكد المشاركون أن المؤسسات الإعلامية بحاجة إلى تطوير استراتيجيات جديدة تجمع بين الابتكار التقني والمعايير المهنية الراسخة، مشيرين إلى أن الشفافية والمساءلة تمثلان حجر الأساس في استعادة ثقة الجمهور، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها سرعة انتشار المعلومات المضللة عبر المنصات الرقمية.
وقال رئيس المكتب الوطني للإعلام خلال مداخلته: «نواجه اليوم أزمة ثقة حقيقية بعد أن تداخلت الحقائق مع المعلومات المضللة، وتنامت الشكوك حول المصداقية».
وأضاف:«نعيش اليوم في عصر تتسارع فيه المعلومات بوتيرة لم نشهدها من قبل، وبينما فتحت التقنيات الرقمية آفاقاً واسعة للتواصل والمعرفة، إلا أنها في الوقت ذاته خلقت تحدياً حقيقياً يتمثل في تآكل الثقة بين المؤسسات الإعلامية والجمهور».
وقال إن التحدي الأكبر الذي نواجهه اليوم ليس في كمية المعلومات المتاحة، بل في جودتها ومصداقيتها، فالمعلومات المضللة تنتشر بسرعة، والخوارزميات تخلق فقاعات معلوماتية تكرس التضليل بدلاً من توسيع المدارك.
وأضاف:«يكمن الحل في الجمع بين الابتكار والأصالة، بين التقنية والقيم الإنسانية، علينا أن نستثمر في الذكاء الاصطناعي المسؤول، وأن نطور منصات إعلامية تتسم بالشفافية والمساءلة، وأن نعيد تعريف دور الإعلامي ليصبح حارساً للحقيقة ومرشداً للجمهور في متاهة المعلومات».
مستقبل الأخبار
وفي جلسة بعنوان «المؤسسات الخيرية والمؤسسات: تمويل مستقبل الأخبار»، شارك فيها الدكتور جمال الكعبي، ناقش المشاركون التراجع في سوق الإعلانات وتغير سلوكيات الجمهور، إلى جانب بحث وسائل الإعلام عن طرق جديدة للبقاء والازدهار.
وقارنت النقاشات بين نماذج التمويل والربح التقليدية والحديثة، بدءاً من البث العام والعمل الخيري، وصولاً إلى منصات مثل«سابستاك» و«يوتيوب».
فيما تناولت جلسة بعنوان «الترفيه والقوة الثقافية: الجغرافيا السياسية للثقافة الشعبية»، شاركت فيها مريم بن فهد المستشارة في المكتب الوطني للإعلام إلى جانب مجموعة من الإعلاميين وصناع الترفيه.. دور الإعلام كقوة ناعمة قادرة على تعزيز الصور النمطية، وتشكيل الثقافة، والتأثير في كل شيء من الدبلوماسية إلى الرأي العام.
واستكشفت جلسة بعنوان «المؤسسات الأكاديمية: مناهج إعلامية مستقبلية»، شاركت فيها الدكتورة آمنة الحمادي المستشارة في المكتب، سُبل إعداد قادة الإعلام لمواجهة بيئة إعلامية مستقطبة ومعززة بالتكنولوجيا وركزت على تأثير المحتوى المدعوم بالذكاء الاصطناعي والمنصات الرقمية.
جلستان حول الأتمتة ومستقبل الإعلام
في جلسة بعنوان «الإعلام والابتكار: الأتمتة والذكاء الاصطناعي في غرفة الأخبار»، شاركت فيها علياء بن الشيخ القائمة بأعمال المدير التنفيذي للتطوير والاتصال الاستراتيجي بالمكتب وعدد من قادة الإعلام وخبراء التكنولوجيا، تناولت كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي والأتمتة تشكيل سير عمل وسائل الإعلام على جميع المستويات.فيما ناقشت جلسة بعنوان«مستقبل الإعلام: أصوات تشكل المستقبل»، شارك فيها عمر الحميري، مدير مشروع التطوير المؤسسي في المكتب، سبل سرد قصص إعلامية أفضل، وتغيير التأثير، ومواجهة التحديات الأخلاقية والتقنية والمؤسسية التي تشكل مستقبل الإعلام في المرحلة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى: إلغاء الاحتفال لمناسبة عيد الغدير
  • في الجنوب.. هذا ما فعلته دورية من اليونيفيل
  • في بعبدا.. الإسراع في تنفيذ الإصلاحات واعادة الاعمار بين الرئيس عون ووفد من البنك الدولي
  • إلى الحكومة.. نداء من مزارعي الجنوب
  • إيران تبلغ الوسطاء رفضها التفاوض على وقف إطلاق النار مع إسرائيل
  • تحضيراً لآسيا.. تايكواندو العراق يبدأ معسكراً تدريبياً في أربيل
  • فيديو متداول لإطلاق غواصات إيرانية صواريخ في اتجاه إسرائيل.. هذه حقيقته
  • بيروت تنتظر باراك واليونيفيلمتمسكة بوجودها في الجنوب وبمهماتها
  • «الوطني للإعلام» ينظم طاولة مستديرة في لندن تحضيراً ل «بريدج»
  • الخارجية الإيرانية: إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء ولا معنى لاستمرار التفاوض