مدير «نادي الأسير الفلسطيني»: الاحتلال يتنكر لكل القوانين الدولية في تعاملاته مع الأسرى (حوار)
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
قال عبدالله الزغارى، مدير عام نادى الأسير الفلسطينى، إن الاعتقال الإدارى طال أكثر من 100 ألف مواطن فلسطينى منذ انتفاضة الأقصى، وهناك 700 حالة مرضية بين الأسرى بحاجة إلى رعاية وأدوية فى أوقات محدّدة ومرضى سرطان لا يتلقون علاجهم.. وإلى نص الحوار:
فى البداية حدِّثنا عن أوضاع الأسرى داخل سجون الاحتلال.
- منذ 7 أكتوبر والاحتلال ينفّذ جرائم مكثّفة ومتصاعدة بحق المعتقلين الفلسطينيين وعائلاتهم، وتُعتبر حملات الاعتقال التى نفّذها الاحتلال بحق الفلسطينيين هى الأخطر منذ عقود، إذ إن الاعتداءات تبدأ من اللحظة الأولى للاعتقال، مروراً بمراكز التوقيف والتحقيق، وصولاً إلى سجون الاحتلال الإسرائيلى، وكذلك أوضاع المعتقلين الفلسطينيين «كارثية»، فمنذ 7 أكتوبر الماضى بدأ الاحتلال فى تنفيذ حملة واسعة من الإجراءات القمعية والتنكيلية بحق المعتقلين، وتحوّلت السجون إلى أقسام للعزل بعد قطع المياه والكهرباء ومصادرة كل المتعلقات الشخصية المتعلقة بالمعتقلين وكتبهم وملابسهم وكتاباتهم وذكرياتهم وصورهم وكل شىء، وأعيدت السجون إلى سابق عهدها فى بداية الاحتلال.
وماذا عن الأطفال والنساء؟
- هناك تصعيد لسياسة احتجاز بعض أفراد العائلة من النساء والأطفال كرهائن من أجل الضغط بهم لتسليم الأفراد فى ما يندرج ضمن سياسة العقاب الجماعى المتواصل، التى يمارسها الاحتلال وتشكّل جريمة ضد الإنسانية، وبعد السابع من أكتوبر شرعت إدارة مصلحة السجون فى فرض الكثير من الإجراءات القمعية والانتقامية الفردية بحق المعتقلين فى تصاعد هو الأشد والأخطر منذ عقود إذ تعرّض العشرات للضرب والتحطيم والتكسير بشكل وحشى غير مسبوق، فضلاً عن عدم تقديم العلاج والرعاية الطبية بعد ضربهم وتكسيرهم وإطلاق الرصاص المطاطى عليهم داخل أقسام السجون والغازات المسيلة للدموع والقنابل الصوتية، التى أدت إلى إصابة العشرات من المعتقلين داخل السجون دون أن يُقدم لهم أى نوع من الرعاية الطبية، وهم يعيشون الآن فى ظروف كارثية فى ظل عدم وجود أى معلومات عن أوضاعهم.
حدّثنا عن زيارات ذوى الأسرى لأبنائهم فى المعتقلات.. وهل هناك مقابلات أجريت منذ 7 أكتوبر؟
- أوقف الاحتلال زيارات الأهالى لأبنائهم داخل المعتقلات، كما أوقف زيارات المحامين، ومنع منظمة الصليب الأحمر الدولى من التواصل مع الأسرى داخل السجون، وبالتالى هناك صعوبة كبيرة فى معرفة مصير الأسرى داخل السجون فى ظل الاستفراد والاستهداف المباشر من قِبل حكومة الاحتلال الإسرائيلى، ولدينا تحفّظات كبيرة على دور منظمة الصليب الأحمر الدولى، كونها منظمة حقوقية إنسانية دولية لم تستطع حتى اليوم زيارة المعتقلين داخل السجون وكشف أوضاع الأسرى الذين يتعرّضون لجملة كبيرة وواسعة من الانتهاكات بحق الإنسانية.
إذن كيف تتواصلون مع الأسرى؟
- عملية التواصل تتم الآن فقط من خلال المحامين الموجودين فى محاكم الاحتلال العسكرية، ولكن يبدو أن الاحتلال أصدر بعض الأوامر العسكرية المتعلقة برفع فترة توقيف الأسير، كما وضع الكثير من العراقيل والطلبات أمام المحامين، ومن ضمن الجهود التى يبذلها المحامون التقدّم بالتماسات إلى المحاكم العليا الإسرائيلية، حتى تمكنوا من زيارات نادرة وقليلة جداً فى سجون عوفر والأسيرات وعيادة سجن الرملة التى يوجد فيها 14 أسيراً مريضاً بأمراض مزمنة، تحديداً الأورام السرطانية.
عبدالله الزغارى: الاعتقال الإدارى طال أكثر من 100 ألف مواطن فلسطينى منذ انتفاضة الأقصىما أعداد الأسرى المصابين بأمراض مزمنة فى معتقلات الاحتلال؟
- الاعتقال الإدارى طال أكثر من 100 ألف مواطن فلسطينى منذ انتفاضة الأقصى، وهناك نحو 700 حالة مرضية بين الأسرى بحاجة إلى رعاية وأدوية فى أوقات محدّدة، ويوجد مرضى سرطان لا يتلقون علاجهم، بل يتعرّضون لتجويع وتعطيش، إذ أفاد معتقلون بأن الاحتلال قطع المياه والكهرباء، وقطع محطات التلفاز المتاحة قبل 7 أكتوبر، وجرّدهم من كل متعلقاتهم، والغرف التى تتسع لـ6 و8 أفراد أصبح يزج فيها بـ15 أسيراً.
هل هناك غطاء قانونى لممارسات الاحتلال ضد الأسرى؟
- هناك غطاء قانونى واحد، وهو الغطاء الاحتلالى، إذ يتنكر الاحتلال لكل القوانين والمواثيق الدولية واتفاقية جنيف واتفاقية حقوق الطفل والاتفاقيات التى تنص على احترام حقوق المعتقلين فى أى دولة كانوا، لكن الاحتلال يتنكّر لكل هذه الاتفاقيات ويقوم بسن قوانين عسكرية بحق المعتقلين ويصادر حقوقهم.
امتهان كرامة الأسيريتعرّض الأسرى لسلسلة متواصلة من الهجمات التى تشوبها النزعة الانتقامية من خلال الاعتداءات الوحشية التى تمارَس بشكل يومى تجاه المعتقلين، سواء من خلال التنقل المتواصل من سجن إلى آخر أو الأسرى الذين يتم اقتيادهم من منازلهم بعد الاعتداء عليهم بشكل وحشى وهم مقيدو الأيدى ومعصوبو الأعين بعد أن يقوم الاحتلال بتحطيم المنازل والعبث بمحتوياتها، حيث يقتحم الاحتلال المنازل بعد منتصف الليل، بأعداد كبيرة من الجنود والكلاب البوليسية، لبث الرعب فى قلوب النساء والأطفال ويتم الاعتداء على مختلف أفراد الأسرة وامتهان كرامة الأسير من خلال الاعتداءات الوحشية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل بحق المعتقلین داخل السجون من خلال
إقرأ أيضاً:
الحرية المنقوصة| تفاصيل معاناة الأسرى المبعدين.. عالقون بلا أورق ودول تغلق أبوابها
بعد أسابيع على الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل وإبعادهم إلى مصر، ما يزال عدد من الأسرى الفلسطينيين يواجهون سلسلة جديدة من التعقيدات التي بدأت فور خروجهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم انتهاء سنوات الاعتقال، وجد العديد من الأسرى المبعدين أنفسهم أمام واقع غير مستقر: بلا أوراق رسمية تثبت هويتهم، وبعيدين عن أسرهم التي لا يسمح لها بالسفر إليهم، ودون دولة مستعدة لاستقبالهم رغم أن ذلك كان جزءا من التفاهمات المعلنة.
ومع غياب أي إطار واضح ينظم وضعهم القانوني أو الإنساني، يتحول الإفراج الذي كان يفترض أن يفتح لهم بابا لحياة جديدة إلى مرحلة أخرى من المجهول والمعاناة اليومية.
حرية مبتورة ومعاناة ممتدة
من القاهرة إلى جنين وغزة ونابلس، تتشابك أصوات العائلات الفلسطينية مع أنين أسرى محررين وجدوا أنفسهم وقد خرجوا من أبواب الزنازين إلى أبواب منفى جديد، يفتقدون فيه الأوراق والهوية والحرية والوجهة.
وبعد أن أعلن الاحتلال الإسرائيلي إبعاد مئات الأسرى المحررين إلى مصر ضمن تفاهمات دولية وصفقة التبادل، عاش هؤلاء داخل فنادق مغلقة الأبواب، لا يملكون بطاقة هوية، ولا حرية تنقل، ولا دولة تقبل استقبالهم كما نصت الاتفاقات، وتحولت القاهرة بالنسبة إليهم إلى محطة في المنفى، لا يعرفون إن كانت عابرة أم ستدوم سنوات.
وأكد نادي الأسير الفلسطيني أن ما يتعرض له هؤلاء ليس مجرد ترتيبات لوجستية أو فراغ قانوني، بل سياسة "انتقام جماعي" ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى المبعدين وعائلاتهم، وتحرمهم من الحق في اللقاء، حتى لأولئك الذين يعانون أوضاعًا صحية حرجة تستدعي وجود عائلاتهم بجوارهم في اللحظات الأصعب من حياتهم.
إفراج منقوص
كان من المفترض أن يكون يوم الإفراج هو اللحظة التي يتنفس فيها الأسرى أول نسمة حرية حقيقية، لكن الكثير منهم فوجئ بأن ما ينتظرهم ليس بوابة العودة إلى الوطن، بل رحلة جديدة عنوانها المنفى.
وكشف نادي الأسير إن ما يقرب من 383 أسيرا تم إبعادهم إلى مصر منذ تشرين الأول / أكتوبر 2023، بعضهم أمضى عشرين وثلاثين عامًا خلف القضبان، ليخرجوا إلى حياة لا يستطيعون فيها مغادرة الفندق إلا بإذن أمني، ولا يحملون فيها أي أوراق رسمية تثبت وجودهم.
في شهادته لوكالة الصحافة الفرنسية، قال الأسير المحرر مراد أبو الرب (49 عامًا)، الذي أمضى 20 عامًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إن خروجه من السجن لم يكن إلا انتقالًا من "قيد إلى قيد"، "ولم أر أمي منذ عشرين عامًا، والآن ما زلت لا أستطيع رؤيتها" بسبب منع الاحتلال لسفرها ويضيف أنه لم يتعرف على شقيقته عبر مكالمة الفيديو، بعدما غادرها وهي في الخامسة عشرة.
وتعكس هذه اللحظات المعنى الحقيقي لـ"الحرية الناقصة"، فمن بين من خرجوا، من قضى عقوبة امتدت لسنوات قبل أن ينتقل إلى مكان لا يعرف إن كان سينتمي إليه أم سيغادره، ولا يعرف إن كانت الحرية هنا هبة أم عبئا جديدا.
منع العائلات من السفر
لا تتوقف المعاناة عند حدود الإبعاد، بل تمتد إلى العائلات التي تتابع أبناءها من خلف الشاشات، عاجزة عن رؤيتهم أو الوصول إليهم.
وقال رئيس نادي الأسير عبد الله الزغاري: "الاحتلال يعاقب الأسير مرتين: مرة حين يعتقله، ومرة حين يحرمه من حضن عائلته وهو مريض أو في المنفى".
ومن بين الحالات التي ذكرها، الأسير المحرر عبد الرحمن صلاح (71 عامًا) من جنين، الذي أمضى 23 عامًا في السجون، ويرقد الآن في أحد مستشفيات مصر منذ الإفراج عنه، دون أن يسمح لزوجته أو أولاده بالسفر إليه.
ويضيف الزغاري أن الاحتلال بذلك "يواصل سياسة الانتقام الجماعي"، ويضرب مثالًا مؤلمًا حين يستشهد بحالة الأسير معتصم رداد، الذي توفي في مصر دون أن يسمح له الاحتلال برؤية عائلته ولو للحظة واحدة قبل وفاته.
بلا أوراق هوية
ويعد من أصعب ما يعانيه المبعدون في القاهرة هو غياب أي وثيقة تثبت وجودهم، فالاحتلال الإسرائيلي سلمتهم دون أوراق، والسلطة الفلسطينية لم تزودهم بوثائق بديلة، ما جعل حياتهم اليومية سلسلة من العوائق.
ولا يستطيع معظم هؤلاء التسجيل في أي نظام صحي رسمي، ولا العمل، ولا استئجار منزل خارج الفندق، ولا حتى الحصول على شريحة هاتف باسمهم، في انتظار الانتهاء من الوثائق كما وعدتهم السلطة الفلسطينية
هذا الوضع يجعلهم غير قادرين على التخطيط للمستقبل، فحتى من يحتاج إلى العلاج لا يملك الكثير من الخيارات، ومن يريد الزواج أو بناء حياة جديدة يقف أمام أسئلة بلا إجابات.
لا دولة تستقبلهم.. اتفاقات بلا تنفيذ
وتعد هذه الأزمة هي الأكبر التي يعيش فيها الأسرى المبعدين والأكثر خطورة، لأنه يضع الأسرى المحررين في مأزق بلا مخرج، فالاتفاقات التي رافقت التبادل، نصت على إيجاد دولة تستقبل الأسرى المبعدين بشكل دائم، لكن هذا لم يحدث.
وبحسب شهادات عدة، فإن عددًا من قادة حركة حماس أبلغوا الأسرى أن "لا دولة عربية توافق على استقبالكم"، وهو ما أكدته تقارير دولية من بينها تقارير فرانس برس ومونت كارلو الدولية.
بحسب أحد الأسرى المبعدين الذي فضل "عدم ذكر اسمه"، الذى أكد في تصريحات خاصة لـ" عربي21" أنه كانت هناك خطط أولية لإعادة توزيع الأسرى المحررين على دول عربية وإسلامية فور الإفراج عنهم، ضمن تفاهمات دولية، لكن هذه الخطط اصطدمت بمماطلات وتعقيدات سياسية كبيرة.
تغيير الشروط
وأوضح الأسير أن المرحلة الأولى من عملية الإبعاد كان من المفترض أن تشمل 50 أسيرا إلى تركيا و50 آخرين إلى قطر، إلا أن تركيا استلمت الأسرى على دفعات، وحسب قوله وضعت شروطًا بأن يكون من بينهم من يحمل هوية القدس، وأن لا يكون لديه أي قضية مرتبطة بمقتل مواطن إسرائيلي يحمل جنسية مزدوجة.
وأضاف أن الدفعات الثانية والثالثة واجهت اعتراضات غير مبررة على بعض الأشخاص رغم أن ملفاتهم كانت واضحة، وأن بعض الأسرى من حركة فتح أو فصائل أخرى تم استبعادهم أو تبديل أسمائهم، بينما تم اختيار آخرين وفق شروط محددة.
وأشار إلى أن قطر كانت مستعدة لاستقبال الأسرى، وقد كانت مساكنهم جاهزة، لكن التأجيلات والمماطلات حالت دون تنفيذ ذلك، ما جعل العديد منهم معلقين في القاهرة بدون أوراق رسمية، ولا أي قدرة على الانتقال إلى دولة أخرى.
وأوضح أن مصر كانت مستعدة لاستقبال مجموعة محدودة من الأسرى، لكنها لم تتمكن من استيعاب العدد الكامل، حيث كان يمكنها استضافة نحو 40 شخصًا فقط من حركة فتح، وبذلك أصبح الأسري غير التابعين لفصائل معينة لا يجدون من يستقبلهم وأكد أن الأسرى بلا إقامة رسمية، ولا توجد آلية لتسهيل انتقالهم، وهم الآن في حالة انتظار طويلة وسط فندق مؤقت، ما يضاعف من معاناتهم النفسية والاجتماعية.
وتطرق الأسير إلى الصعوبات الشخصية التي يواجهها المبعدون، قائلاً: "هؤلاء الناس قضوا عشرين وثلاثين عامًا في السجون، وهم كبار في السن، ومعظمهم لديهم عائلات وأطفال، وعندما يطلب منهم الانتقال فجأة إلى دول بعيدة مثل فنزويلا أو البرازيل، وهما الدول التي عرضت استقبال الأسري فإنهم يواجهون مشاكل تأقلم مركبة تشمل اللغة، الثقافة، تربية الأطفال، وحتى حياتهم اليومية."
وأضاف أن أفضل الحلول الممكنة كانت الدول العربية والإسلامية القريبة، التي لديها جاليات فلسطينية واسعة، وتستطيع تسهيل عملية التأهيل والتأقلم، لكن للأسف، حتى الآن لا يزال معظم الأسرى في حالة انتظار، مع تهديدات أو تخوفات من ترحيلهم إلى دول أخرى دون تنسيق أو حماية مناسبة.
وختم الأسير بالتأكيد على أن هؤلاء المبعدين دفعوا حياتهم من أجل فلسطين، وقدموا التضحيات الكبرى في "الخندق الأمامي"، وأن وضعهم الحالي يعكس تجاهلًا لحقوقهم ولمساهماتهم، ولرسالتهم الوطنية والإنسانية.