خبراء: العدوان الإسرائيلي على غزة الأكثر تدميرا في التاريخ
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
قال خبراء إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من بين أكثر الحملات العسكرية دموية وتدميرًا في التاريخ، إذ أحدث، في ما يزيد قليلاً عن شهرين، قدراً من الدمار أكبر مما جرى في حلب السورية بين عامي 2012 و2016، أو ماريوبول في أوكرانيا، أو قصف الحلفاء لألمانيا في الحرب العالمية الثانية.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن محققين سابقين ومؤرخين عسكريين قولهم إن القوات الإسرائيلية قتلت مدنيين أكثر مما قتله التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في حملته التي استمرت 3 سنوات ضد تنظيم الدولة.
وأضافت الوكالة الأمريكية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الجيش الإسرائيلي لم يذكر سوى القليل عن أنواع القنابل والمدفعية التي يستخدمها في غزة، ولكن تحليل شظايا الانفجار التي تم العثور عليها في غزة يعزز ثقة الخبراء في أن الغالبية العظمى من القنابل التي أسقطت على الجيب المحاصر هي أمريكية الصنع، وتشمل 2000 رطل (900 كيلوجرام) من قنابل "التحصينات الخارقة" التي قتلت المئات في المناطق المكتظة بالسكان.
ومع تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين في غزة الـ 20 ألفا، يدعو المجتمع الدولي إلى وقف إطلاق النار، بينما تصر إسرائيل على المضي قدما، قائلة إنها تريد تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس.
وبينما واصلت إدارته بهدوء توريد الأسلحة إلى إسرائيل، اعترف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في الأسبوع الماضي، علناً بأن إسرائيل تفقد الشرعية الدولية بسبب ما أسماه "قصفها العشوائي".
دمار خان يونس
يأتي ذلك فيما أدى العدوان الإسرائيلي إلى تدمير أكثر من ثلثي المباني في شمال غزة وربع المباني في المنطقة الجنوبية من خان يونس، وفقًا لتحليل بيانات القمر الصناعي "كوبرنيكوس سنتينل-1" الذي أجراه، كوري شير، من مركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك، وجامون فان دن. هوك، من جامعة ولاية أوريغون، وهما خبيرين في رسم خرائط الأضرار أثناء الحرب.
وأضاف الخبيران أن نسبة المباني المتضررة في منطقة خان يونس تضاعفت تقريبا خلال الأسبوعين الأولين فقط من الهجوم الإسرائيلي على جنوب قطاع غزة، وشمل ذلك عشرات الآلاف من المنازل بالإضافة إلى المدارس والمستشفيات والمساجد والمتاجر.
وقال مراقبو الأمم المتحدة إن نحو 70% من المباني المدرسية في أنحاء غزة تعرضت لأضرار، بينها 56 مدرسة، بمثابة ملاجئ للمدنيين النازحين، وأشاروا إلى أن الغارات الإسرائيلية دمرت 110 مساجد و3 كنائس.
اقرأ أيضاً
إنترسبت: الإبادة الإسرائيلية لمدنيين غزة لن تهزم حماس.. وبايدن أجرم ويجب محاسبته
وفي السياق، قال كوري شير: "غزة الآن بلون مختلف عن الفضاء المحيط من حلب إلى ماريوبول: إنها نسيج مختلف".
وقال روبرت بيب، المؤرخ العسكري الأمريكي، إنه بين عامي 1942 و1945، هاجم الحلفاء 51 مدينة وبلدة ألمانية كبرى، ودمروا حوالي 40-50% من مناطقهم الحضرية، مشيرا إلى أن الدمار في غزة تجاوز قصف الحلفاء لألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.
وأوضح أن قصف الحلفاء شمل 10% من المباني في جميع أنحاء ألمانيا، مقارنة بأكثر من 33% في جميع أنحاء غزة، وهي منطقة ذات كثافة سكانية عالية التي تبلغ مساحتها 360 كيلومتراً مربعاً فقط.
وأضاف: "إن غزة هي واحدة من أشد حملات العقاب المدني في التاريخ. إنها تقع الآن بشكل مريح في الربع الأعلى من حملات القصف الأكثر تدميراً على الإطلاق".
وأشار إلى أن الهجوم الذي شنه التحالف بقيادة الولايات المتحدة عام 2017 لطرد تنظيم الدولة من مدينة الموصل العراقية، أحد أكثر الهجمات كثافة على المدينة منذ أجيال، إذ أدت تلك المعركة التي استمرت 9 أشهر إلى مقتل نحو 10 آلاف مدني، ثلثهم بسبب قصف التحالف، وفقاً لتحقيق أجرته "أسوشيتد برس" في ذلك الوقت.
وخلال حملة 2014-2017 لهزيمة تنظيم الدولة في العراق، نفذ التحالف ما يقرب من 15000 ضربة عسكرية في جميع أنحاء البلاد، وفقًا لـ Airwars، وهي مجموعة مستقلة لتتتبع الصراعات، مقرها لندن.
وبالمقارنة، أعلن الجيش الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، إنه نفذ 22 ألف غارة في غزة، دون أن يحدد ما يستخدمه من أسلحة. وقال كبير المتحدثين باسم الجيش الأدميرال، دانييل هاغاري: "نختار الذخيرة المناسبة لكل هدف".
اقرأ أيضاً
تسريب وثيقة سرية إسرائيلية لمستقبل غزة.. لا سلطة فلسطينية وخطط لاستمرار سيطرة جيش الاحتلال
جدام وسبايس
غير أن خبراء الأسلحة تمكنوا من استخلاص النتائج من خلال تحليل شظايا التفجيرات في غزة وصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي توثق العثور على شظايا قنابل "جدام"، أمريكية الصنع، وفقًا لبرايان كاستنر، محقق الأسلحة في منظمة العفو الدولية.
وهذه القنابل خارقة للتحصينات وموجهة بدقة بوزن 1000 و2000 رطل (450 و900 كيلوجرام)، وتحول الأرض التي تقع عليها إلى "سائل"، أي تدمر مبان بأكملها، حسبما قال مارك جارلاسكو، المسؤول السابق في البنتاجون، والمحقق في جرائم الحرب لدى الأمم المتحدة.
وأضاف جارلاسكو أن انفجار قنبلة تزن 2000 رطل في العراء يعني "الموت الفوري" لأي شخص على بعد حوالي 30 مترا (100 قدم)، مشيرا إلى أن شظاياها المميتة يمكن أن تمتد إلى مسافة تصل إلى 365 مترًا (1200 قدم).
وفي ضربة بتاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول على مخيم جباليا للاجئين في المناطق الحضرية، يقول الخبراء إن قنبلة تزن 2000 رطل قتلت أكثر من 100 مدني.
وحدد الخبراء أيضًا شظايا قنابل "سبايس" زنة 2000 رطل، وهي مزودة بنظام توجيه GPS لجعل الاستهداف أكثر دقة.
وقال كاستنر إن هذه القنابل من إنتاج شركة الدفاع الإسرائيلية العملاقة "رافائيل"، لكن بيان لوزارة الخارجية الأمريكية، أظهر لأول مرة أن بعض تكنولوجيا هذه القنابل تم إنتاجها في الولايات المتحدة.
ويقوم الجيش الإسرائيلي أيضًا بإسقاط قنابل "غبية" غير موجهة، وفق تحليل خبراء لصورتين نشرتهما القوات الجوية الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي في بداية الحرب تظهران طائرات مقاتلة محملة بقنابل غير موجهة.
وبعد مرور 11 أسبوعا على الحرب في غزة، تقول إسرائيل إنها دمرت العديد من مواقع حماس ومئات من فتحات الأنفاق وقتلت 7 آلاف من مقاتلي حماس من بين ما يقدر بنحو 30.000 إلى 40.000 مقاتل. ويقول القادة الإسرائيليون إن الضغط العسكري المكثف هو السبيل الوحيد لتحرير المزيد من الأسرى.
لكن بعض عائلات هؤلاء الأسرى تشعر بالقلق من أن القصف يعرض أحبائهم للخطر، إذ روى بعض الأسرى المفرج عنهم خلال وقف إطلاق النار، الذي استمر أسبوعا في الشهر الماضي، أن خاطفيهم نقلوهم من مكان إلى آخر لتجنب القصف الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً
إيكونوميست: موقف إسرائيل في التعامل مع أسراها بغزة غامض
المصدر | أسوشيتدبرس/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل غزة حماس تنظيم الدولة جو بايدن خان يونس فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
ليبرمان يتحضر للانتخابات الإسرائيلية القادمة ويطرح مواقف متناقضة من غزة والأسرى
فيما بدأت أصوات إسرائيلية تتحدث عن إمكانية الشروع في تحضيرات انتخابات مبكرة، شرع قادة المعارضة بالتحضر لهذا الموسم الساخن، لاسيما أفيغدور ليبرمان زعيم حزب "يسرائيل بيتنا"، الطامح لأن يكون رئيس الوزراء القادم، ومبدأه العام "قدم ونصف إلى اليمين، ونصف قدم إلى اليسار"، وهو ما كان يفعله أريئيل شارون، لكن ليبرمان ليس شارون، ومشكلة ليبرمان تتكرر مرارًا وتكرارًا أنه لا يمكن الوثوق بما يقوله.
شالوم يروشالمي المحلل الإسرائيلي السياسي لموقع "زمان إسرائيل"، ذكر أن "ليبرمان يعلق على صدره علما أصفرا في إشارة لعودة المختطفين من غزة، مغرّدا لن نحظى باستقلال حقيقي حتى يعود الجميع لديارهم، مع أن تحقق هذا الهدف يتطلب وقف الحرب، والانسحاب من غزة، لكن ليبرمان لا يقول ذلك بوضوح، لأنه يعلم أن من يعوّل على دعم اليمين ورئاسة الوزراء لا يمكنه الحديث علانية عن وقف الحرب، والانسحاب لحدود عام 1967، بل عليه أن يصطف مع غالبية الجمهور التي تريد إطلاق سراح المخطوفين، حتى لو كلّف وقف إطلاق النار".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أن "هذا هو نهج ليبرمان: خطوة ونصف إلى اليمين، ونصف خطوة إلى اليسار، يقف على الحياد، لكنه يواجه جمهور الليكود، حتى وإن أدار رأسه أحيانًا، هكذا كان شارون أيام تأسيسه حزب كاديما، وانطلاقه في عملية فك الارتباط عن غزة، لكن شارون، أبو المستوطنات، سيطر على محور السياسة الإسرائيلية، أما ليبرمان فهو ليس شارون، ولن يصل لمستواه، لكنه يسعى جاهدًا نحو هذا التوجه من خلال سياسات مماثلة وغامضة".
وأشار إلى أنه "في غضون ذلك، نجح في الإيقاع بالعديد من الصحفيين والمعلقين المهمين الذين لم يكونوا على صلة به من قبل، فقد كتب مؤخرا أنه "لا يزال 59 مختطفًا يشهدون محرقة يومية، أولًا، سنعيدهم جميعًا، ثم سنصفي حساباتنا مع حماس"، رسالة ليبرمان جديرة بالترحيب، وإن كانت مبهمة".
وأكد أنه "منذ السابع من أكتوبر لم يُبدِ ليبرمان الكثير من التصريحات حول قضية المختطفين، أكثر ما تحدث عنه هو ثقته بفريق التفاوض، الذي تغير منذ ذلك الحين: ديفيد بارنيع، رونين بار، ونيتسان ألون، عمل بنصف قوته أو أقل من أجل قضية المختطفين، ولم يُرسل أنصاره للمظاهرات من أجلهم، ولم يُلقِ خطابات حماسية في الكنيست".
وأشار أن "ليبرمان طلب من محيطه الصمت الإعلامي، على عكس الضجيج الذي يحاول إيجاده، والأعلام التي يلوح بها اليوم في منزله بشأن قضية المختطفين، بزعم أنه لا يجوز الحديث عنهم في الإعلام، لأن هذا يرفع ثمن استعادتهم فحسب، وهو ما كرره في السنة الأولى من الحرب، لكن مشكلة ليبرمان التي تتكرر مرارًا وتكرارًا أنه لا يمكن الوثوق بما يقوله، ويستغلّ قصر الذاكرة العامة، وتتناقض مواقفه".
وأضاف أن "ليبرمان مواقفه متناقضة، فهو يقول لا ينبغي إيصال المساعدات الإنسانية لغزة، لكن إذا أردنا إطلاق سراح الرهائن، وتصفية الحسابات مع حماس لاحقًا، فعلينا وقف الحرب، والسماح بوصول هذه المساعدات، ولإرضاء اليمين، أعلن أنه "لا يوجد ما يوقف الحرب، بل يُصعّدها"، مما يدفعني للتساؤل عما سيقوله غدًا، ففي النهاية، على الجيش تجنيد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، وتصعيد الحرب في غزة، ولكن هل سنراه يقف مع نشطاء حزبه، ويوقف الدبابات على حدود غزة، مستحيل".
وأوضح أن "ليبرمان صرّح قبل أسبوعين أنه سيشكّل الحكومة القادمة، وبعدها سيعيد الأمن للجميع، حيث لديه العديد من المؤيدين البارزين في وسائل الإعلام، لكن السؤال هو: كيف سيعيد الأمن؟ هل تُشكّل المواقف المُلتبسة بشأن قضايا الحرب، ومحور فيلادلفيا، والمساعدات الإنسانية، وقضية الرهائن، وحتى الانقلاب القانوني، أساسًا موثوقًا به لشخصٍ يُفكّر جديًا بالترشح لرئاسة الوزراء، هل لا يزال من عارض وقف إطلاق النار في لبنان في نوفمبر 2024 مُصرًا على موقفه، وهل سيُجدّد الحرب إذا انتُخب".
وختم بالقول إن "ليبرمان هل لا يزال يؤيّد حكم مصر في غزة، كما دعا سابقًا، وما موقفه للمرحلة التالية، رغم أن المصريين يرفضون رفضًا قاطعًا قبول السيطرة على القطاع، لكن ليبرمان يُقصي السلطة الفلسطينية رفضًا قاطعًا، مع العلم أنه لو شاء، لكان ليبرمان وزيرا للحرب في هذه الولاية الحكومية، فقد عرض عليه نتنياهو كل شيء، بما في ذلك وزارة المالية، لكنه رفض لأنه يريد خلافته، ومن يريد ذلك، عليه أن يُدرك ما يُريد فعله".