بيان قحت حول الهجوم على مدني: الحرب تتمدد بفعل فاعل (1-2)
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
كان هجوم قوات "الدعم السريع" على عاصمة ولاية الجزيرة مدينة ود مدني (120 ميلاً جنوب الخرطوم)، المسماة على مأثرة ولي صوفي من القرن الـ16 هو محمد الأمين ود مدني السني، منعطفاً منذراً بتوسيع الحرب التي اقتصرت حتى يومنا على الخرطوم، إلى السودان الأوسط والنيلي. وبالطبع وسعت "قوات الدعم السريع" حربها في السودان الغربي، فحصدت مدناً عدة.
كان أول ما جاءنا مفهوم التصعيد في هذه الحرب في مناسبة هجوم "الدعم السريع" على بلدة ود عشانا بشرق ولاية كردفان في أول أيام أكتوبر الماضي. ونبهت بريطانيا دون غيرها إلى الخطر على مآلات الحرب في السودان الذي حملته سيطرة قوات "الدعم السريع" على هذه البلدة نظراً إلى موقعها الاستراتيجي. فإن تمكنت "الدعم السريع" منه انفتح أمامها باب الهجوم على ولايات أخرى حتى تنتهي في الخرطوم. وجاء مفهوم التصعيد إلى خطاب حرب اكتفت أطراف مدنية فيها مثل قوى الحرية والتغيير (قحت) بمطلب وقف الحرب. فلا وقف للحرب وهي تستشري في مناطق توسمنا فيها أمن من نزحوا إليها في انتظار نهايتها للعودة لديارهم. فالمهجرون أمانة في عنق داعية وقف الحرب. فلم يقل مثله لا في وجه الحرب حيال من قال نعم إلا شفقة بالخَلق السودانيين الذين يتكبدون حرباً "عبثية"، في قولهم، لا ناقة لهم فيها ولا بعير، ضحية جنرالين استبدت بهما شهوة الحكم.
وتساءل الناس بعد احتلال ود عشانا إن كانت دعوة "لا للحرب"، التي تشتغل بها "قحت"، تحولت إلى طاقة سياسة وثقافية بإمكانها مناطحة وحوش الحرب وفرض إرادة السلم عليهما بصورة أو بأخرى. ولم تكن الإجابة مما تسعد به "قحت". فلا تجد للدعوة أثراً في الشارع يعبئ الناس لا حول معنى وقف الحرب فحسب، بل في تجاوز ويلات نقص الثمرات من جرائها وسد الحاجات أيضاً. ووقع التصعيد في الأسبوع الماضي في ولاية الجزيرة واحتلال عاصمتها ود مدني. وصدر بيان من "قحت" في هذا الخصوص (الـ16 من ديسمبر) لم يقنع أحداً حتى بعض ممن بين صفوفها. عبرت "قحت" في بيانها عن قلقها، والحرب تدخل شهرها التاسع، حيال "تمدد الحرب في مناطق جديدة في عدة مدن أبرزها الفاشر ومدني والأضية (تصغير أضاءة)" إلى جانب ضرب المدنيين بالقصف المدفعي والجوي في مناطق سكنية في نيالا والخرطوم. وتمسكت "قحت" برفض الحرب وتوسيع نطاقها وتحويلها إلى حرب أهلية تترتب عليها زيادة حجم المعاناة الإنسانية. فهي ترى توسع نطاق العمليات العسكرية وشمولها مناطق مأهولة بالنازحين الهاربين من الحرب. وحملت "قحت" القوات المشاركة في القتال من الطرفين، والمجموعات المرتبطة بهما المتواجدة في تلك المناطق والخاضعة لسيطرتهما، كامل المسؤولية الأخلاقية والسياسة والجنائية.
واستغرب كثيرون صمت بيان "قحت" عن ذكر أحد طرفي الحرب، "الدعم السريع"، الذي من وراء "تمددت" إلى ود مدني ومدن أخرى. وهذا ما أخذه عليها الناشط الثقافي عمر عشاري القريب منها. فوصف تحرك "الدعم السريع" نحو ود مدني بأنه "بربري وغبي ومتعد مثل انتهاكات صارخة كانت أبشعها عملية الإبادة للمساليت في دارفور". وقال إن "هذا التحرك تحرش بالمواطنين لا الجيش". وعبر عن مآخذه على بيان "قحت". فأثنى على توقيته، ولكنه أخذ عليه صمته عن ذكر من وراء الهجوم على ود مدني. ورأى في هذا عَرَضاً "لضعف المكون المدني وخشيته الواضحة من إثارة غضب الدعم السريع. فلا ينبغي لدعوة "لا للحرب"، في قوله، أن تصبح "حالاً من دفن الرؤوس في الرمال". وعاب عشاري على البيان أنه لم يتناول الهجوم على المدينة كحدث مستقل. فجاءت مدني فيه عرضاً في سياق "تمدد الحرب" إلى مدن منها الفاشر التي توقفت فيها المواجهة بين الجيش و"الدعم السريع" لأسابيع وإن بقي وضعها متوتراً.
ولأن وضع ود مدني كان مستقلاً وفي الواجهة ساعة كتابة البيان، انتظر عشاري من "قحت" أن تدين الهجوم عليها بصورة منفصلة عن الانتهاكات السابقة من الطرفين.
ونواصل
• وصدر بيان من "تقدم" قبل يومي طابق بيان قحت حيث بنى تمدد الحرب إلى مدني على المجهول.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع الهجوم على وقف الحرب ود مدنی
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع يقصف الفاشر والجيش يتقدم في غرب كردفان
الجديد برس|
قال مصدر عسكري إن قوات الدعم السريع قصفت بالمدفعية مدينة الفاشر شمال دارفور (غربي البلاد) صباح اليوم الثلاثاء، وإن عددا من القذائف استهدفت مواقع سكانية مكتظة بالنازحين وأوقعت عدة إصابات.
وبحسب مصدر ميداني فإن الجيش وقوات الدعم السريع تبادلا القصف المدفعي بحي الصالحة جنوب أم درمان صباح اليوم.
وأشار إلى أن الجيش بعد تقدمه في حي الصالحة -آخر معاقل الدعم السريع في العاصمة الخرطوم– قام صباح اليوم بقصف مدفعي على دفاعات الدعم السريع أقصى جنوب الصالحة، بينما ردت قوات الدعم السريع على قصف الجيش بالمدفعية الثقيلة.
كما قال مصدر آخر إن الجيش أحرز تقدما جديدا في ولاية غرب كردفان بعد استعادته مدينة الخوي، كما استعاد أيضا بلدة عنكوش بغرب كردفان.
وأشار المصدر إلى أن الدعم السريع استخدم الطيران المسير صباح الثلاثاء لإيقاف تمدد الجيش في ولاية غرب كردفان، وأضاف أن طيران الدعم السريع استهدف كذلك ليلة أمس مدينة الأبيض (عاصمة ولاية شمال كردفان) وضواحي الخوي صباح اليوم.
وفي ظل التطورات العسكرية الجارية، أعلنت منظمة الهجرة الدولية -أمس الاثنين- نزوح أكثر من 7 آلاف أسرة سودانية من مدينتي الخوي والنهود بولاية غرب كردفان جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الأول والثاني من مايو/أيار الجاري.
وأفادت المنظمة الدولية -في بيان- بأن الفرق الميدانية لتتبع حركات النزوح قدرت نزوح 7204 أسر من الخوي والنهود بسبب تفاقم انعدام الأمن في الأول والثاني من مايو/أيار الجاري.
وأوضحت المنظمة أن الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة النهود أدت إلى نزوح 5451 أسرة، بينما نزح ما يُقدر بـ1678 أسرة من الخوي.
وذكرت أن معظمهم نزحوا إلى داخل ولاية غرب كردفان وإلى ولاية شمال كردفان، مشيرة إلى استمرار عمليات النزوح وأن الوضع على الأرض لا يزال متقلبًا وغير قابل للتنبؤ إلى حد كبير.
ولا تزال قوات الدعم السريع تستخدم المسيرات في كثير من عملياتها ضد الجيش السوداني.
وقبل ذلك، استهدفت قوات الدعم السريع بالطائرات المسيرة مستودعاتٍ للوقود في بورتسودان، اشتعلت فيها النيران لمدة 5 أيام قبل أن تتمكن قوات الدفاع المدني من السيطرة بشكل كامل على الحرائق الأحد الماضي.
وتتهم السلطات السودانية قوات الدعم السريع بشن هجمات بطائرات مسيّرة على منشآت مدنية، بينها محطات كهرباء وبنية تحتية بمدن البلاد الشمالية، مثل مروي ودنقلا والدبة وعطبرة.
ويخوض الجيش السوداني والدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدّر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.