لوس أنجليس "د.ب.أ": تتألق الأضواء في المكان، وتلمع سترات الرجال، وتهادت امرأة تضع قرطا تتدلى منه كاميرات صغيرة للغاية، بينما ظهر رجل مكتوب على قلنسوته عبارة "مغطى بالحب".

وسرعان ما اختلط مبعوثون من كوكبين مختلفين، عالم البرمجيات وكوكب السنيما، في قاعة دار سنيما كاري جرانت، مساء يوم خميس من بداية شهر نوفمبر الماضي، وهم ينتظرون بدء العرض، وفي الأحاديث المتبادلة بينهم، تذكر البعض حكايات من مهرجان كان السنيمائي، بينما تجادل آخرون حول مزايا منصات الذكاء الاصطناعي المختلفة، وتحدثوا عن مستقبل الأجهزة التي يحملها الأشخاص معهم، وتعمل بالذكاء الاصطناعي.

وذكرت صحيفة لوس أنجليس تايمز أن هذه المجموعة الكبيرة من الأشخاص، ومئات منهم تجمعوا في استديو تابع لشركة سوني بيكتشرز، لحضور مهرجان للفيلم يهدف إلى تسليط الضوء، على العالم الناشئ لصناعة الأفلام بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وعلى الرغم من أن المزاج العام في المكان، تختلط فيه مشاعر الحماس وحب الاستطلاع، فإنه جاء في لحظة حافلة بالتطورات، بشكل فريد للكوكبين أو بالأحرى للصناعتين المتشابكتين.

فقبل بضعة أسابيع فقط، أنهى كتاب السيناريو في هوليوود، إضرابا استمر لفترة طويلة، اعتصموا خلاله أمام مقر شركة سوني، وغيرها من الاستوديوهات الكبرى، احتجاجا –من بين أمور أخرى- على التهديد الذي يشكله الذكاء الاصطناعي لمصادر دخلهم.

ونجح اتحاد الكتاب في النهاية، في الحصول على عقد، يتضمن لوائح جوهرية بشأن استخدام أدوات التكنولوجيا، في كتابة السيناريو وإخراج الأفلام، غير أن زملاءهم في العمل السنيمائي، الأعضاء بنقابة الممثلين لا يزالون مضربين عن العمل، للإعراب عن قلقهم بشأن تأثير التكنولوجيا على عملهم.

غير أن المهرجان المدعوم من شركة "أدوبي" للبرمجيات، وتم فيه عرض ستة أفلام قصيرة، تم صنعها بمجموعة متنوعة من وحدات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، أدت وجهات النظر المتباينة فيه، إلى أن يكون هناك ضجيج كبير في الخلفية خلال الفاعلية.

وبدلا من ذلك كان التركيز على الأبواب، التي يمكن أن يفتحها الذكاء الاصطناعي، لمخرجي الأفلام المستقلين والهواة.

وفي كلمة تمهيدية قال مايك جيويا، وهو أحد منظمي الفعالية، والمؤسس المشارك في شركة "بيكاكسي" الناشئة لأدوات الذكاء الاصناعي، "ستسمعون الليلة الكثير عن الذكاء الاصطناعي، غير أن هذه الليلة في الحقيقة، ستتحدث أساسا عن الأشخاص، عن صناع الأفلام، وبالنسبة لأي شخص يعمل مخرجا في لوس أنجليس، فإن الواقع الذي يتعامل معه، يتمثل في أن هناك الكثير من الأطواق التي يتعين عليه القفز من خلالها، لتخرج الفكرة من رأسه إلى حيز التنفيذ على الشاشة".

وأضاف "في أفضل السيناريوهات، فإن ما يفعله الكاء الاصطناعي، هو أن يجعل الأمور أكثر بساطة".

أكد كثير من المخرجين المشاركين، على ما تعنيه تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بالنسبة للمبدعين الأصغر حجما في الإمكانات، وهم الأشخاص الذين توجد بشكل عام مشروعاتهم الفنية، التي تصنع بدافع الشغف، خارج النظام البيئي لهوليوود، وهو النظام الذي يتعرض الآن لإضرابات من جانب العاملين في نطاقه.

بينما قالت آنا آبتر المخرجة التي وضعت صورا أنتجها تطبيق للذكاء الاصطناعي، لحفلات أعياد ميلاد الأطفال في مونولوج عن الوحدة، في إطار فيلمها القصير "إيماجن" أي تخيل، "أردت في هذا الفيلم أن أصنع شيئا وأنا داخل غرفتي، دون أن اضطر إلى الانتظار أسبوعين أو ثلاثة، حتى يقول شخص ما، حسنا دعينا نفعل هذا أو ذاك".

وأضافت في كلمة مسجلة لها من باريس قبل الفعالية، التي لم تتمكن من حضورها، "أعلم أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يهدد، كل هذه الوظائف بالاختفاء، ولكني أشعر أنه يعطي الأشخاص الذين ليست لديهم ميزانيات كبيرة، الفرصة لإنتاج مشروعاتهم الفنية، وبالتالي لن يكون لديهم أية أعذار لكي يبدعوا وينتجوا، والخلاصة هي أننا نستطيع فعل أي شيء".

ومن جانبه قال كوين هاليك الذي استخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، في مختلف مراحل إخراج فيلمه القصير "سيجما_001"، المستوحي من قصة واقعية لمهندس يعمل بشركة جوجل، اعتقد أن روبوت الدردشة للشركة، الذي يعمل بتطبيق الذكاء الاصطناعي ربما أصبح واعيا، إن "الفكرة برمتها هي أنه كيف نواصل العمل، بالنموذج التقليدي في الإخراج، وفي نفس الوقت لا نخشى أدوات الذكاء الاصطناعي، وأن نكتشف وسيلة استراتيجية، تجعل هذه الأدوات تساعد كل فنان مشارك".

ويتم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، التي تم عرضها في فاعلية يوم الخميس، على نطاق واسع في أغراض التأثيرات الخاصة المصاحبة للأفلام، ولكن ليس لتحل محل الممثلين باستبدالهم بشخصيات رقمية مثيلة لهم، وذكرت نشرة تم توزيعها خلال الفعالية، أن بعض صناع الأفلام يستخدمون الذكاء الاصطناعي، في أغراض كتابة أو تطوير السيناريوهات، كما عرضت بضعة أفلام وجوها أو أصواتا ولدها الذكاء الاصطناعي.

وأقر بعض حضور الفاعلية، بأنهم يشعرون بقدر من التردد، إزاء الاستعانة بالذكاء الاصطناعي.

وحذر صناع الأفلام الذين شاركوا في الأمسية، من أن هذه التقنية لا زالت مقيدة بحدود، ويقولون إنه على سبيل المثال، يكون من الصعب للغاية الحفاظ، على اتساق مظهر الشخصيات بين اللقطات، حيث أن مقلة العين للشخصيات التي يولدها الذكاء الاصطناعي تستمر في إرباك التطبيق.

وعلق بول تريللو وهو مخرج آخر قائلا، "من المستحيل في الوقت الحالي، أن يكتب الذكاء الاصطناعي قصة جيدة، وأضاف وسط تصفيق من الحضور، "أعتقد أن الأمر متروك لما يختار الناس فعله".

ومع ذلك أكد صناع الأفلام، أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تتقدم بسرعة، وتحدث العديد من الحضور عن الخطوات السريعة التي تقطعها هذه التقنية، وقال بعضهم إنهم بعد أن يقطعوا شوطا في إخراج فيلم ما، يضطرون إلى العودة وإعادة إخراج الأجزاء التي انتهوا منها، والدافع لذلك هو ظهور أداة جديدة للذكاء الاصطناعي، تكون أفضل في منتصف عملية إخراج الفيلم.

وعقب تريللو قائلا إنه في عالم صناعة الأفلام، باستخدام الذكاء الاصطناعي، تكون كلمة "مستحيل" اصطلاح مؤقت لا يلبث أن يزول.

غير أن التفاؤل ليس هو الشعار الذي يرفعه الجميع، فيما يتعلق بالمواجهة بين قطاعي التكنولوجيا والفن، مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی صناع الأفلام غیر أن

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يقلل إشعاع التصوير الطبي بنسبة 99%

طوّر باحثون في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا (HKUST) تقنية ذكاء اصطناعي جديدة تعيد بناء نماذج ثلاثية الأبعاد دقيقة للعظام والأعضاء اعتماداً على عدد محدود من صور الأشعة السينية، مما يقلل تعرض المرضى للإشعاع بنسبة تصل إلى 99% مقارنة بالتصوير المقطعي (CT).
وتعزز التقنية سلامة المرضى، وتقلل التكاليف وفترات الانتظار، وتُستخدم في تخطيط الجراحات، التصوير الفوري، والغرسات المخصصة.
ويتعاون فريق الجامعة مع شركات منها "Koln 3D" المتخصصة بطباعة العظام لتطبيق التقنية في المستشفيات العامة.

- انظر أيضاً: هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء؟.. رئيس "ChatGPT" يجيب

تصوير ذكي بأقل إشعاع
تُستخدم الأشعة المقطعية عادةً لتشخيص الحالات المعقدة، مثل التشوهات والكسور والأورام، لكنها تعرض المرضى لمستويات عالية من الإشعاع، مما يشكل خطورة خاصة على الأطفال والحوامل وكبار السن، وفقاً لموقع "ميديكال إكسبريس" المتخصص في الأبحاث الطبية.
ويقود المشروع البروفيسور لي شياومينغ، أستاذة مساعدة في قسم الهندسة الإلكترونية والحوسبة، ومديرة مشاركة لمركز التصوير والتحليل الطبي بالجامعة، وقد طوّر خوارزمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنتاج صور ثلاثية الأبعاد باستخدام أقل من 1% من لقطات الأشعة المطلوبة في التصوير المقطعي.
وتشمل مزايا التقنية:
- أمان أعلى: تقليل الإشعاع بنسبة 95%–99%.
- سرعة: إنشاء صور عالية الجودة في أقل من دقيقة باستخدام 2 إلى 4 صور أشعة فقط.
- خفض التكاليف: الأشعة المقطعية تكلفتها أعلى من الأشعة السينية بـ 6 إلى 8 مرات.
- تقليل فترات الانتظار: المواعيد في المستشفيات العامة قد تتطلب 3 أسابيع للتصوير المقطعي، مقابل ساعات للأشعة السينية.

- قد يعجبك أيضاً: الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في قرارات العناية الحرجة

حلول جراحية مخصصة
يتعاون الفريق مع "Koln 3D" لتطبيق التقنية في نمذجة العظام حسب الطلب، الزرعات الشخصية، والتوجيه الجراحي الفوري.
وأوضحت البروفيسورة لي أن الاستخدامات لا تقتصر على طباعة العظام، بل تشمل تحسين دقة التصوير ثلاثي الأبعاد، والتي تبلغ حالياً أكثر من 97% مقارنة بالتصوير المقطعي، مع السعي إلى رفع هذه النسبة مستقبلاً.
كما أشارت إلى نية التوسع في مجالات مثل التخطيط العلاجي الشخصي والتوجيه الجراحي الفوري.
وقال إدموند ياو، مؤسس "Koln 3D"، إن التقنية حلت مشكلة الوقت: "كنا نحتاج لأيام من التصوير والنمذجة، أما الآن فيمكن إنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد من صورتين أشعويتين خلال 30 ثانية فقط، مما يسرّع التدخلات العاجلة ويقلل التكاليف بنسبة 50%–70%".
وأضاف الدكتور تسه لونغ فونغ، استشاري العظام في مستشفى خاص: "على مدى 30 عاماً، عاينت مرضى يتعرضون مراراً للأشعة المقطعية لمتابعة التعافي. هذه التقنية تقلل الإشعاع بأكثر من 90% مع دقة غير مسبوقة، وتتيح تصميم زرعات شخصية في دقائق، مما يسرّع التعافي".

- اقرأ أيضاً: نموذج ذكاء اصطناعي جديد يكشف مؤشرات السرطان مبكراً

توسّع مرتقب
سيبدأ اختبار التقنية خلال الأشهر القادمة في أحد المستشفيات العامة، وقد تعتمد رسمياً في النظام الصحي العام بحلول العام المقبل.
كما يجري الفريق محادثات مع مستشفيات أخرى لتوسيع استخدام التقنية إلى تصوير القلب والرئتين، بهدف تحسين جودة التشخيص وسرعة التخطيط الجراحي.

أمجد الأمين (أبوظبي)

أخبار ذات صلة أداة ذكاء اصطناعي مجانية تعد تقارير طبية مثل الأنظمة التجارية الذكاء الاصطناعي يساعد في تحليل النقوش اللاتينية وتأريخها

مقالات مشابهة

  • دعوة لمقاربة شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي
  • عالم الديناصورات: إحياء… حين تصبح العودة إلى الماضي موتًا لسلسلة سينمائية
  • الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5
  • الذكاء الاصطناعي يفضّل الاستشهاد بالمحتوى الصحفي
  • فيديو.. مباراة تنس بلا نهاية بين روبوتات غوغل لتدريب الذكاء الاصطناعي
  • البشر يتبنون لغة الذكاء الاصطناعي دون أن يشعروا
  • الذكاء الاصطناعي يساعد على توقع الخصائص الكيميائية
  • أهم ما يميز أداة الذكاء الاصطناعي نوت بوك إل إم من غوغل
  • كشف دليل داعش السري: كيف يستخدم التنظيم الذكاء الاصطناعي؟
  • الذكاء الاصطناعي يقلل إشعاع التصوير الطبي بنسبة 99%