قانون اللغة العربية بدرج البرلمان.. إلى أين وصلت لغة الضاد في مصر؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
القاهرة – كان الشاب المصري خالد كمال (32 سنة) محظوظا بين أقران جيله، فقد كان والده يعدّ يوم الجمعة من كل أسبوع يوما للحديث بالعربية الفصحي، مما أكسبه طلاقة في استخدام لغة الضاد، وفق حديثه للجزيرة نت، في وقت تواجه اللغة العربية تحديات كثيرة بمصر، خاصة بين الأجيال الصاعدة والشباب.
ووسط تأخر تشريعي لإقرار قانون لحماية اللغة العربية، يتجمع كبار حماة لغة الضاد بمصر في احتفالين كبيرين باليوم العالمي للغة العربية؛ أولاهما: اليوم الاثنين 25 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بمجمع اللغة العربية المعروف باسم "مجمع الخالدين"، يعقبه الأربعاء 27 ديسمبر/كانون الأول الحالي، احتفال اتحاد المجامع اللغوية العربية باليوم الدولي ذاته، وسط آمال بتعزيز اللغة الوطنية، التي يبدو أنه تحدّ صعب، حسب مراقبين تحدثوا للجزيرة نت.
ويتزامن الاحتفال هذا العام مع الذكرى السنوية الـ50 لإعلان اللغة العربية لغة رسمية في منظمة الأمم المتحدة في 18 ديسمبر/كانون الأول 1973، التي دعت للاحتفاء الدولي به في اليوم نفسه من كل عام.
امتحانات المدارس والجامعاتيقول الشاب خالد كمال للجزيرة نت "ما صنعه أبي في بيتنا من تعليمنا اللغة العربية خاصة الفصحى، لا أستطيع أن أفعله اليوم مع طفلي؛ بسبب منافسة الهواتف المحمولة لأي برنامج قد أُعدّه حتى لو لساعتين، وليس يوما كما كان يفعل أبي".
وأضاف أن العامّيّة هي السائدة بمصر، ينافسها الإنجليزية بين الشباب، التي باتت تعدّ -والحديث له- علامة على التحضر الشبابي بإدخال بعض الكلمات الإنجليزية بجانب العربية منها.
ويشير خالد إلى أن حفلات الغناء الشعبى "المهرجانات" التي تستخدم لغة عامية سوقية، ضربت اللغة العربية كذلك، لكنه يرى أن وجود الأزهر وشبابه يشكلان صيانة للعربية، بجانب الشباب المهتم بالتاريخ وحفظ القرآن الكريم.
وفي السياق نفسه يرى الطالب الجامعي محمد حسن في حديث للجزيرة نت، أن اللغة العربية الفصحى لا تزال مصانة بامتحانات المدارس والجامعات، لكن العامية الدارجة هي الأكثر انتشارا بين الشباب، بينما يشير إلى أن بعض الشباب يكتب على مواقع وتطبيقات الحوار "الشات" باستخدام "الفرانكو أراب" (كتابة كلمات اللغة العربية بالنطق نفسه، ولكن بحروف لاتينية).
ترقب في المجمع لحماية اللغةويرى الخبير بمجمع الخالدين وأستاذ الدراسات اللغوية بكلية الآداب بجامعة المنوفية، د.خالد فهمي، أنه لا يليق بمصر ألا يكون لديها قانون لحماية اللغة العربية، في حين أن الدساتير المصرية منذ 1882 حتى دستور 2014، تحمي اللغة العربية لأنها "اللغة الرسمية أو الوطنية أو القومية"، وتضعها موضعا مرموقا بوصفها واحدة من أسس مقومات الدولة المصرية، ولكن التشريع لم يقنّن ذلك في قانون بعدُ.
ويدعو د. خالد -في حديثه للجزيرة نت- مجلس النواب إلى إصدار التشريع الخاص بالنهوض باللغة العربية في أقرب الآجال، مشيرا إلى أنه منذ 2020 انتهت مناقشات القانون المجتمعية التي شارك فيها، ثم أعقبها المناقشات البرلمانية بمشاركة قيادات المجمع، مع وعدهم بتمرير القانون تشريعيا منذ 2021، ولم يحدث رغم الحاجة الملحّة لذلك.
ويشير الخبير بمجمع الخالدين إلى أن اللغة العربية تلقى تراجعا بمصر في المستويات التنفيذية الرسمية والمخاطبات الداخلية، وأسماء الشوارع والمحال، باستثناء بعض الإدارات العريقة؛ مثل: مجلس النواب، وكذلك مصلحة سَكّ العملة، التي طلبت من مجمع اللغة العربية خبراء لاعتماد قراراتها اللغوية، بالتزامن مع عدم وجود تقدير شعبي حاليا للغة العربية، الذي يُرجعه لأسباب عدة غير مسئول عنها الشعب المصري، في ظل أن فرص العمل المهمة -على سبيل المثال- باتت تتطلب اهتماما فائقا باللغات الأجنبية.
تأخر برلمانيوتقدم 60 نائبا بمجلس النواب المصري بمشروع قانون حماية اللغة العربية في 2021 بعد تنسيق مع مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وذلك بعد محاولات فردية لم تمرّر من نواب في 2018، بينما لم يقر البرلمان الموافقة النهائية منذ أكثر من عامين، منذ وافق عليه مبدئيا فقط.
وتنص المادة الثانية من الدستور المصري على أن اللغة العربية لغة البلاد الرسمية، بينما يلزم القانون المقترح المكون من 18 مادة، جميع الهيئات باستخدام اللغة العربية فى نشاطها الرسمي، ويقرر غرامات على المخالفين.
وفي حديث للجزيرة نت أعربت عضو مجلس النواب وأحد مقدمي القانون سولاف درويش عن تطلعها لتمرير القانون في الفترة المقبلة لأهميته، وفي ظل الحاجة الشديدة له، مؤكدة أنها سوف تسعى لتحريك مشروع القانون من جديد، من أجل وضعه على قائمة (الأجندة) التشريعية الحالية على مجلس النواب.
وفي السياق نفسه، أوضح مصدر مطّلع بمجمع اللغة العربية –تحفّظ على ذكر اسمه- أن مشروع قانون النهوض باللغة العربية المقدم من المجمع، محلّ إجماع في مجلس النواب ومؤسسات الدولة، ولكن لا أحد يعرف موعد تمريره، في "ظل ضغوط تشريعية أخرى مرتبطة بسياسات الدولة"، وفق قوله.
وضع اللغة العربية متردّبدوره يشعر الأكاديمي والناقد الأدبي البارز حلمي القاعود بخيبة أمل تجاه وضع اللغة العربية في مصر، خاصة بين الأجيال الجديدة والنخب الأدبية بصفة عامة، الذي وصفه في حديث للجزيرة نت بأنه "غير جيد ومتردي".
ويُرجع حلمي القاعود ذلك إلى ارتباط اللغة بالوضع العام الذي تحكمه "معايير فاسدة في المدارس والجامعات والصحافة والدعاية والمنابر الثقافية والمؤسسات الفكرية، بالإضافة إلى ما فرضته الشبكة الضوئية من قصور لغوي، وترويج مصطلحات وتعبيرات أجنبية، وتغوّل التعليم في المدارس الأجنبية، وتراجع الاهتمام بالكتاتيب"، حسب رأيه.
ويحمّل الأكاديمي -والناقد الأدبي البارز- التيار الواقعي في الأدب بمصر ما "جرى من استسهال للأداء اللغوي، والترويج لمزاعم أن العامية أقرب للقارئ العادي، يفهم بها أكثر من الفصحى، رغم أن بعضهم الآخر يفتقد العلم باللغة، ويرى أن مناخ الواقعية يشرعن له الأخطاء والقصور اللغوي"، وفق قوله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اللغة العربیة مجلس النواب للجزیرة نت إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترجيحات بصدوره خلال شهر.. موعد إقرار قانون الإيجار القديم
بدأ العد التنازلي لانتهاء المهلة التي منحتها المحكمة الدستورية لمجلس النواب لإصدار تشريع بشأن الإيجار القديم، يوازن بين القيمة الإيجارية للوحدات السكنية والقيمة الإيجارية السوقية، وذلك بعد حكمها بعدم دستورية ثبات الأجرة للوحدات المؤجرة لغرض السكنى.
وكانت لجنة الإسكان قد عقد تجلسات استماع على مدار ثلاثة أسابيع للاستماع للجهات ذات الصلة بمشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة، وآخر هذا الأسبوع، حيث عقدت اللجنة اجتماعين، الأول مع محافظي أكثر المحافظات بها إيجار قديم "القاهرة ـ الإسكندرية ـ الجيزة ـ القليوبية".
ويتساءل الملاك والمستأجرون عن موعد صدور مشروع قانون الإيجار القديم المعروض على البرلمان، والذي قدمته الحكومة متضمنًا زيادة الأجرة للوحدات السكنية والإدارية لتكون بحد أدنى 1000 جنيه في المدن و500 جنيه في القرى، مع زيادة عشرين مثلا تطبق بصدور القانون، على أن تنتهي عقود الإيجار بمرور خمس سنوات من تطبيق القانون.
البرلمان يؤكد الالتزام بحكم المحكمة الدستوريةوبحسب حكم المحكمة الدستورية، فإن نهاية دور الانعقاد الحالي "الخامس" الذي ينتهي في شهر يوليو المقبل، وهو ما يطرح تساؤل: هل يقوم البرلمان بإصدار مشروع قانون الإيجار القديم قبل نهاية دور الانعقاد أم يتم تجاوزه؟
في هذا الصدد، كشف مجلس النواب والحكومة عن موقفهم من دصور القانون، فأكد مجلس النواب التزامه بصدور مشروع قانون الإيجار القديم قبل نهاية دور الانعقاد الخامس والذي ينتهي في شهر يوليو، ما يعني أنه خلال حوالي شهر سيكون هناك قانون جديد متعلق بـ الإيجار القديم.
وهذا الأمر أكده أيضًا النائب محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، والذي أكد خلال اجتماعات لجنة الإسكان الخاصة بالاستماع لذوي الشأن بـ قانون الإيجار القديم، أن البرلمان ملتزم بحكم المحكمة الدستورية العليا.
الحكومة تؤكد الجدية لإصدار القانونالحكومة كذلك أكدت أنها جادة لتطبيق مشروع قانون الإيجار القديم المقدم منها، مع تأكيدها على مراحعته فيما يخص المادة السابعة من مشروع القانون الخاصة بتوفير وحدات بديلة للمستأجرين بعد انتهاء عقد الإيجار مع مراجعة قيمة الحد الأدنى لقيمة الأجرة.
وقال المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، إنه "من غير المعقول في ظل هذه المناقشات الجادة في البرلمان ومع ترؤس قامة دستورية وقانونية "المستشار حنفي جبالي" ولا يصدر مشروع القانون الذي نلتزم به تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية العليا".
ترجيحات بإصدار القانون خلال شهروفي ضوء ما كشف عنه البرلمان من تأكيد على التزامه بتطبيق حكم المحكمة الدستورية العليا بصدور مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة قبل نهاية دور الانعقاد الخامس، ومع تأكيد الحكومة أنها جادة في تطبيق مشروع القانون المقدم منها ـ بغض النظر عن التعديلات التي ستدخل عليه ـ فمن المرجح أن يصدر القانون قبل نهاية دور الانعقاد الخامس أي قبل حوالي شهر باعتباره أن القانون دو الانعقاد الخامس ينتهي في شهر يوليو.
وقد أكد النائب طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، أنه يرجح أن يصدر مشروع قانون الإيجار القديم قبل نهاية شهر يونيو، ما يعني أن الأيام المقبلة سوف تشهد مناقشة لمشروع قانون الإيجار القديم من حيث المواد الموضوعة وأمام الجلسة العامة تمهيدًا لإصداره.