فازت جامعة الملك سعود بالمركز الأول في مؤشر الأداء الرئيس في التصنيف العربي للجامعات بالدول العربية.

جاء ذلك خلال الاجتماع الذي نظمته جامعة الدول العربية، عبر تقنية الاتصال المرئي حول إعلان نتائج التصنيف العربي للجامعات 2023، بصفتها رئيس مجلس إدارة لجنة التصنيف العربي للجامعات بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، واتحاد مجالس البحث العلمي العربية.


وأكدت الجامعة العربية في بيان، اليوم، على أهمية الحدث العلمي بإعلان نتائج التصنيف العربي للجامعات، الذي يرعى الرؤية العربية، ويسهم في تحسين مخرجات التعليم العالي والبحث العلمي لتمكينه من قيادة التطور العربي، وبناء القدرات التنافسية للجامعات العربية.

وأوضحت أن عدد الجامعات التي تقدمت للتقييم، بلغت 208 جامعات، أدرج منها في التصنيف 115 جامعة، ممثلة لـ16 دولة من إجمالي 22 دولة من دول جامعة الدول العربية.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: جامعة الملك سعود جامعة الدول العربية البحث العلمي مؤشر الأداء للجامعات التصنیف العربی للجامعات

إقرأ أيضاً:

هل تتجاوز الدول العربية أوروبا في أهميتها للصين؟

حسين العسكري **

ألقى الرئيس الصيني شي جينبينغ  في يوم 30 مايو، كلمة الافتتاح في الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي في بكين، وبينما يعتبر الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية، إلّا انه انضم إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس تونس قيس سعيد.

تأسس المنتدى في عام 2004، لكن أهميته زادت منذ ألقى الرئيس شي خطابًا تاريخيًا في عام 2016 في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة. ومرة أخرى، في ديسمبر 2022، شهدت العلاقات "الصينية- العربية" دفعة كبيرة خلال القمة الصينية العربية الأولى في الرياض بالمملكة العربية السعودية. كما أدّت مبادرة الحزام والطريق دورًا مُهمًا في تعزيز العلاقات الصينية العربية. وقد انضمت جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية البالغ عددها 22 دولة إلى مبادرة الحزام والطريق، وأصبح المنتدى ذاته منذ عام 2018 تحت مظلة مبادرة الحزام والطريق.

أكد الرئيس شي في كلمته على أهمية التعاون الصيني العربي لبناء "مستقبل مشترك". وبينما أكد مجددا على أهمية الاستقرار في الشرق الأوسط (غرب آسيا)، وإنهاء الصراع في فلسطين، ودعم إنشاء دولة فلسطينية كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، وعقد مؤتمر دولي للسلام لحل القضية الفلسطينية، فإنه ركز شي على الجوانب الرئيسية للتعاون الناشئ عالي الجودة بين الصين والدول العربية. وبعض العناصر الأساسية لهذا التطور هي جزء من نتائج قمة 2022.

إن الناحية المهمة في اجراءات التعاون الجديدة هذه هي التركيز على التكنولوجيا الفائقة والابتكار. وستبني الصين مع الجانب العربي عشرة مختبرات مشتركة في مجالات مثل علوم الحياة والصحة، والذكاء الاصطناعي، والتنمية الخضراء ومنخفضة الكربون، والزراعة الحديثة، وتكنولوجيا الفضاء والمعلومات. وأكد شي أن مركز مراقبة الفضاء ومركز تطوير تطبيقات نظام الملاحة بيدو وتعزيز التعاون في المهام الفضائية المأهولة وطائرات الركاب من بين هذه المشاريع.

ويعد التعاون المالي عنصرًا جديدًا آخر في العلاقات الصينية العربية؛ حيث سيتم إنشاء منتدى للتعاون الصناعي والاستثماري، وتوسيع الرابطة بين البنوك الصينية وبنوك الدول العربية، بما في ذلك تسريع وتيرة مشاريع التعاون التي يتم تمويلها من خلال القروض الخاصة لدعم التصنيع وتوطين الصناعات في الشرق الأوسط، وكذلك من خلال خط الائتمان للتعاون المالي الصيني العربي. وقال الرئيس شي إن الصين تدعم تعاونًا أوثق بين المؤسسات المالية من الجانبين، وترحب بإصدار الدول العربية سندات الباندا في الصين، وترحب بانضمام البنوك العربية إلى نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود. كما إن الصين مستعدة لتعميق التبادلات والتعاون في مجال العملة الرقمية للبنك المركزي مع الجانب العربي بالعملات الرقمية المحلية. وكانت مصر أول دولة عربية تحصل على تمويل في الصين من خلال إصدار "سندات الباندا" بقيمة 3.5 مليار يوان (478.7 مليون دولار أمريكي) في عام 2023. وقد أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة بالفعل ترتيبات تجارية ثنائية بالعملات الرقمية المحلية. وفي قمة 2022، اقترح الرئيس شي استخدام اليوان الصيني بدلًا من الدولار الأمريكي في تجارة النفط والغاز بين الصين ودول الخليج من خلال بورصة شنغهاي للبترول والغاز الطبيعي، لكن هذه الخطوة تعد خطوة جريئة وحسّاسة لأنها تقلب نظامًا ماليًا عالميًا عمره 50 عامًا.

تعد دول الخليج أكبر موردي النفط للصين، حيث تتصدر المملكة العربية السعودية القائمة، بمتوسط ​​1.7 مليون برميل يوميًا، فيما يحتل العراق المركز الثاني بـ800 ألف برميل يوميًا. ولذلك، فإن أمن إمدادات الطاقة له أهمية قصوى بالنسبة للصين من منطقة تقوم فيها الولايات المتحدة وقواتها البحرية وأيران بعمليات عسكرية متكررة وهجمات بحرية انتقامية متبادلة على ناقلات النفط. وأشار شي في كلمته إلى خطط "تعزيز التعاون الاستراتيجي مع الجانب العربي في مجال النفط والغاز ودمج أمن الإمدادات مع أمن السوق". والصين مستعدة للعمل مع الجانب العربي في مجال البحث والتطوير في مجال تكنولوجيا الطاقة الجديدة وإنتاج المعدات. ومن المتوقع أن تمارس الصين دورًا مهمًا في تطوير الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية في الدول العربية، كما سيتم مناقشته في السطور التالية.

وتقع الدول العربية على بعض أخطر نقاط الاختناق في التجارة العالمية وطرق سلاسل التوريد، مثل: مضيق هرمز ومضيق باب المندب وقناة السويس. ولسوء الحظ، فقد تم استغلال هذا الأمر وكانت له عواقب مدمرة لعقود من الزمن. وقد تم الترويج لاستراتيجيات لاستخدام هذا العامل كأداة ابتزاز ضد الصين.

تعد الصين نموذجا للتنمية الزراعية في المناطق القاحلة وفي مجال مكافحة التصحر. يعاني العالم العربي من نقص مزمن في الأمن الغذائي ومن التدهور البيئي الناجم عن التصحر والجفاف والافتقار إلى البنية التحتية والتكنولوجيا الفعالة لإدارة المياه. والصين رائدة عالميًا في هذا المجال الآن، وقد حققت إنجازات كبيرة داخل الصين، كما أوضحنا في تقرير خاص عن منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم مؤخرًا.

كما تناول الرئيس شي التواصل بين الشعوب، وهو أحد الركائز الخمس لمبادرة الحزام والطريق. إن الصين مستعدة للعمل مع الجانب العربي لانشاء المركز الصيني العربي لمبادرة الحضارة العالمية، وتوسيع حجم وتأثير مركز البحوث الصيني العربي للإصلاح والتنمية، وتسريع إنشاء منصات مثل تحالف مراكز الفكر والشباب ومنتدى التنمية وتحالف الجامعات ومركز أبحاث التعاون الثقافي والسياحي. وستدعو الصين 200 من زعماء الأحزاب السياسية العربية لزيارة الصين سنويًا. وأضاف شي "نخطط للعمل مع الجانب العربي لتحقيق هدف 10 ملايين زيارة في الاتجاهين للسائحين في السنوات الخمس المقبلة".

أهمية العالم العربي

تشير تقديراتنا إلى أن العالم العربي قد يصبح شريكًا تجاريًا واقتصاديًا أكبر للصين من الاتحاد الأوروبي في غضون السنوات العشر المقبلة، ما لم تندلع حرب إقليمية أو عالمية مُدمِّرة كبرى. المؤشرات الدالة على ذلك كثيرة. ورُغم كون المنطقة بؤرة صراعات جيوسياسية عالمية، إلا أن العالم العربي مستمر في النمو اقتصاديا والأهم من ذلك أن رؤية المستقبل الاقتصادي تشهد تحولا. أولا وقبل كل شيء، من الناحية الديموغرافية، يشهد الاتحاد الأوروبي انخفاضا في أعداد المواليد وارتفاعا في متوسط ​​العمر مقارنة بالعالم العربي. وبلغ عدد سكان الاتحاد الأوروبي 448 مليون نسمة بمتوسط ​​عمر 44.5 سنة في عام 2023، في حين بلغ عدد سكان العالم العربي 470 مليون نسمة بمتوسط ​​عمر 27 سنة. المهم ليس أين وصلت الأرقام الآن، بل المسار المستقبلي؛ حيث من المتوقع أن يتضاعف عدد السكان العرب تقريبًا بحلول عام 2050. وهذا سوق ضخم ومتنامي من حيث الكم والنوع. بينما يتراجع النمو الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي وتتسارع عملية تراجع التصنيع. كما إن النزعة البيئية المتطرفة تمنع العديد من مشاريع البنية التحتية والتنمية الصناعية.

إن النقص في الطاقة بأسعار معقولة يقتل الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في الاتحاد الأوروبي. وتعمل الدول العربية على الجانب الآخر على تسريع عملية التصنيع، بمساعدة الصين في الغالب، وتخطط لتصبح جزءًا أساسيًا من سلاسل التوريد العالمية للعديد من المنتجات. الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية، التي كانت عنصرا أساسيا في النمو الصناعي في ألمانيا ولكنها تهرب من الاتحاد الأوروبي الآن، تنمو في منطقة الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية. تعمل الصين بنشاط على زيادة استثماراتها ومشاريعها المشتركة مع الدول العربية، كما هو الحال في المنطقة الصناعية الضخمة لميناء جيزان غرب المملكة العربية السعودية وفي منطقة العين السخنة الصناعية في مصر والتي تعد جزءًا من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. كما أصبحت الصين أكبر شريك للعراق في تطوير صناعة النفط، حيث تم في الأسبوع الماضي التوقيع على اتفاقية لبناء مصنع للبتروكيماويات بقيمة 7 مليارات دولار أمريكي في جنوب العراق بطاقة يومية تصل إلى 300 ألف برميل يوميا. افتتحت الكويت للتو مصفاة عملاقة بنتها الصين بقيمة 19 مليار دولار أمريكي وبطاقة تكرير 600 ألف برميل يوميا لصبح الأكبر عالميا. ويجري بناء المناطق الصناعية الصينية العربية في عمان، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، والمغرب، وقريبا الجزائر.

وتبلغ قيمة التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين نحو 700 مليار يورو سنويا لكنها تتراجع بسبب التوتر السياسي. بلغت التجارة بين الصين والعالم العربي حوالي 460 مليار دولار أمريكي في عام 2022. ولكن هنا مرة أخرى، المسار المستقبلي هو الأكثر إثارة للاهتمام. وفي الفترة بين عامي 2002 و2012، زادت التجارة بين الصين والدول العربية عشرة أضعاف. وبين عامي 2012 و2022 تضاعفت مرة أخرى. ومع التوسع الاقتصادي السريع والتصنيع في الدول العربية، فإن التجارة مع الصين ستزداد ليس فقط من الناحية الكمية، بل من الناحية النوعية أيضًا. فبدلًا من التجارة البدائية نسبيًا في النفط والغاز في اتجاه والسلع الاستهلاكية في الاتجاه الآخر، سيتم تداول منتجات جديدة تشكل جزءًا من التنمية عالية الجودة لكلا الجانبين مثل المكائن وتقنيات الذكاء الاصطناعي والاتصالات من الجيل الخامس ومعدات الطاقة النظيفة والمكونات الصناعية للصناعات الكيماوية والبتروكيماوية ومحطات الطاقة والمصانع الكاملة لإنتاج المنسوجات والإلكترونيات ومصانع بناء السيارات والحافلات والقطارات. يمكن توسيع القائمة إلى ما لا نهاية. تختلف الصين عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من ناحية رغبتها في مشاركة التكنولوجيا وسلاسل القيمة المضافة مع عملائها، ولذلك برزت وستظل الشريك التجاري والاقتصادي الرئيسي للدول العربية.

الجنوب العالمي

وكما كتبت من قبل في مقالة مع المؤلف والبروفيسور لي شينج من جامعة ألبورج في الدنمارك في مقال نشر مؤخرًا، فإن الصين تعمل على تنويع علاقاتها على مستوى العالم مع التركيز بشكل خاص في السنوات المقبلة على الجنوب العالمي. لذلك ينبغي النظر إلى العالم العربي ضمن هذا الإطار وليس ككيان منعزل. يتم دمج البلدان غير العربية في غرب آسيا وأفريقيا بشكل متزايد في الحياة الاقتصادية للعالم العربي. على سبيل المثال، إذا رسمنا دائرة تشمل إيران ودول الخليج العربي واليمن وإثيوبيا والسودان ومصر وسوريا وتركيا والعراق، فإن ما تحصل عليه هو واحدة من أكثر المناطق إثارة للاهتمام في العالم من حيث الإمكانات الاقتصادية المستقبلية. كانت هذه المنطقة ولا تزال بمثابة ملعب جيوسياسي للسياسة العالمية، وفي قلبها الصراع العربي الإسرائيلي. ورغم أن الحرب في غزة دفعت المنطقة بالكامل إلى حافة حرب إقليمية، إلّا أنها ما زالت غير قادرة على التقليل من أهمية هذه المنطقة بالنسبة للاقتصاد العالمي.

وتعد المنطقة العربية موطنًا لحوالي ثلثي احتياطيات العالم المعروفة من النفط والغاز، كما إنها تتمتع بموقع جغرافي فريد بين قارات العالم وبحاره. ويسكنها عدد كبير جدًا من السكان بأعمار صغيرة نسبيا ويحصلون على مستوى من التعليم جيد أيضا. أضف إلى كل هذا حقيقة أن صناديق الثروة السيادية في المنطقة تحتوي على أكثر من أربعة تريليون دولار أمريكي يتم توليدها إلى حد كبير عن طريق تصدير النفط والغاز. وكان معظم هذه الثروة في السابق يُستثمر في المؤسسات والأصول المالية والاقتصادية الغربية، إضافة إلى المشاريع العقارية. وحاليًا تتم إعادة جزء معين من هذه الأموال إلى مواطنها لاستثمارها في البنية التحتية والمشاريع الصناعية في الداخل وفي الاستثمارات الاقتصادية المنتجة في آسيا وحتى أفريقيا. كما يقوم العديد من الدول العربية بتحويل بعض ثرواتها للاستثمارات في السوق الصينية. وتستثمر كل من الكويت والمملكة العربية السعودية مليارات الدولارات في مصافي التكرير ومصانع البتروكيماويات في الصين نفسها.

إن البنك الآسيوي لتنمية البنية التحتية وبنك التنمية الجديد التابع لمجموعة البريكس في حاجة ماسة إلى مثل هذه المدخلات المالية الجديدة. وكانت الصدمات النفطية الحادة في 2014-2016، و2020-2021، عندما انخفض سعر النفط إلى أقل من 30 دولارًا للبرميل وتسببت في أزمات اقتصادية ومالية عميقة للدول المصدرة للنفط، بمثابة دروس قاسية للغاية. لذلك فقد أصبح شعار تنويع النشاط الاقتصادي ومصادر الدخل هي السائد بين حكومات المنطقة. وتعتبر رؤية المملكة العربية السعودية 2030 مثالًا جيدًا على التحول الذي يحدث فكريا وعمليا.

سياسات أمريكا وأوروبا الفاشلة

أحد الأسئلة التي تتبادر إلى أذهان الكثيرين اليوم هو كيف ستوازن الدول العربية علاقتها بين الشرق والغرب؟ لقد أصبح من الواضح أن هذه الدول، رغم أنها لا تريد الانفصال عن علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والغرب، إلا أنها ما تزال تبحث عن مكانة أكثر استقلالية في السياسة العالمية. أحد المواقف المفارقة التي تشير إلى ذلك هو أنه عندما زار الرئيس الأمريكي جو بايدن المملكة العربية السعودية في يوليو 2022، وأوضح أن "خلاصة القول هي: هذه الرحلة تهدف مرة أخرى إلى وضع أمريكا في هذه المنطقة من أجل المستقبل. لن نترك فراغًا في الشرق الأوسط لتملأه روسيا أو الصين".

ويبدو أن العكس تمامًا هو الذي حدث؛ إذ بعد بضعة أشهر جاء الرئيس الصيني الى القمة العربية في الرياض لتملأ الصين الفراغ الهائل الذي خلفته عدم رغبة الولايات المتحدة في الاهتمام ببناء شراكات اقتصادية في المنطقة وعدم وجود رؤية اقتصادية لها في المنطقة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ إذ توجَّهت دول الخليج والدول المصدرة للنفط أوبك نحو روسيا لمواصلة تنسيق سياسات تصدير النفط مع روسيا في إطار مجموعة "أوبك بلس" بهدف المحافظة على أسعار مرتفعة للنفط الخام.

ويبدو أن الفراغ لا يأتي من تصرفات روسيا أو الصين؛ بل من حقيقة أن الولايات المتحدة تركز فقط على المسائل الأمنية والعسكرية في المنطقة دون الاهتمام بالتعاون التجاري والاقتصادي مع الدول هناك. ويركز الاتحاد الأوروبي أيضًا بشكل متزايد على قضايا الأمن والهجرة وحقوق الإنسان في تعامله مع الدول العربية بدلًا من العثور على الأسباب الجذرية لهذه التحديات وحلها بالوسائل الاقتصادية. إضافة إلى ذلك، فإن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل والدعم الجزئي من جانب الاتحاد الأوروبي للأعمال الإسرائيلية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني والتي وُصفت بأنها إبادة جماعية، قد أفقد الاثنيْن مصداقيتهما إلى حد كبير في نظر الشعوب العربية.

بينما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منشغلان بإنشاء أندية وتحالفات سياسية وعسكرية حصرية مثل "الناتو العربي" لمواجهة إيران أو الدفع بممر الهند والشرق الأوسط (إسرائيل) والاتحاد الأوروبي؛ باعتباره تحالفًا مضادًا لمبادرة الحزام والطريق في المنطقة، تسعى الصين بنشاط إلى بناء هياكل ومؤسسات شاملة لجميع الدول وعلى أساس تناغم المصالح من خلال الدبلوماسية. وفي فبراير 2023، وضعت إيران (وهي دولة غير عربية) اللمسات الأخيرة على اتفاقية تعاون استراتيجي شامل مدتها 25 عامًا مع الصين، خلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي إلى بكين. وبعد شهر فقط، أي في مارس 2023، توسطت الصين في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية بعد أن كان البلدان منخرطين في صراعات خطيرة بالوكالة في المنطقة لعدة سنوات. وبحلول نهاية عام 2023، تم قبول انضمام إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وإثيوبيا إلى مجموعة بريكس (البرازيل والهند وروسيا والصين وجنوب أفريقيا) لتتحول إلى "بريكس بلس". وهذه الدول أيضًا إما أعضاء كاملة العضوية أو مراقبون في منظمة شنغهاي للتعاون التي تتحول بشكل متزايد من كونها مجرد منظمة للتعاون الأمني ​​إلى آلية للتعاون الاقتصادي. ولهذه الأسباب فازت الصين بقلوب وعقول الشعوب العربية وجيرانها، كما تشير العديد من الدراسات المستقلة.

يتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يتخذا خيارًا واضحًا لاستعادة مكانتهما في العالم كقوى محترمة ومحبوبة: ألا وهو أن يحذوَا حذو الصين!

*** نائب رئيس معهد الحزام والطريق في السويد

مقالات مشابهة

  • زي النهاردة.. رفع علم مصر فوق مقر جامعة الدول العربية بتونس
  • قراءة حول التقارب الصيني- العربي
  • المشاركة المجتمعية للجامعات الخاصة
  • الصين والدول العربية في السراء والضراء
  • في التصنيف الروسى RUR .. جامعة كفرالشيخ تتقدم 102 مركزاً عالمياً
  • هل تتجاوز الدول العربية أوروبا في أهميتها للصين؟
  • جامعة بنها تدخل التصنيف الروسي RUR لعام 2024
  • جامعة الملك خالد تحصل على الاعتماد البرامجي الكامل لماجستير القرآن وعلومه والعقيدة
  • جامعة الطائف تقفز 300 مرتبة في تصنيف RUR العالمي
  • اتحاد الجامعات العربية ينظم برنامج إعداد القادة بمشاركة 14 دولة