مصالح الأردن بعيدا عن النوايا الإسرائيلية والأمريكية

التوقيع على اتفاقيات تطبيع وسلام «مجحفة وظالمة»، لم يلتزم بها الطرف الآخر إطلاقا، لم يؤد إطلاقا لدفن «الوطن البديل».

من يخطط لجعل الإقامة في «مخيم ما» جحيما ثم يقصف ويضرب مقرات «وكالة الغوث» رسالته واضحة وهي «التهجير والتحريك الديمغرافي».

ينبغي اتخاذ كل التدابير اللازمة ليس لمنع «التهجير» فقط بل منع طرحه مستقبلا وبأي صيغة على أي طاولة إسرائيلية، طبعا، إن بقيت إسرائيل الحالية.

مطلوب الحيلولة دون تمكين «يمين إسرائيل» من «تهديد مصالح وثوابت» الأردن بأي شكل، ومنعه من إمكانية تنفيذ «مشاريع تؤذي المجتمع الأردني أو تعمل على «تفخيخه».

«وجود مؤسسة فلسطينية قوية وصلبة وجذرية وعميقة وقادرة» بدأ – خلافا لبعض أفكار الماضي البيروقراطي – يمثّل إحدى «أعمق المصالح الإستراتيجية» للدولة الأردنية.

ينبغي وضع عدة خطوط تحت «فهم الأردن» لمسألة «مؤسسة فلسطينية قوية وصلبة» هي الأساس لـ«دولة مستقلة» بتلك المواصفات التي يرددها منذ عقود الخطاب الأردني.

إيمان الأردن بالسلام والمحبة والاعتدال وتقديمه الأدلة على ذلك من ثلاثة عقود لم يوفر حماية لـ«الوصاية على القدس» ولم يمنع قوات الاحتلال من «تجريف وحفر» شوارع مخيمات الضفة المحتلة.

* * *

لا خلاف إطلاقا على أن أي «اتجاه سياسي» أردني مستحدث يناقش أو تَقرر أو تَمأسس على القناعة بـ»تقصير شديد» إزاء الأهل في فلسطين من حيث التواصل «الاجتماعي والمؤسسي الأفقي» حصريا يتوجب بكل حال أن يأخذ في الاعتبار مصلحتين أردنيتين وطنيتين لا خلاف عليهما.

أولا– اتخاذ كل التدابير والاحتياطات اللازمة لمنع ليس «التهجير» فقط بل مجرد طرحه مستقبلا وبأي صيغة على أي طاولة إسرائيلية، طبعا، إن بقيت إسرائيل الحالية.

ثانيا – الحيلولة دون تمكين «يمين إسرائيل» – بعد التجربة الأخيرة – من «تهديد المصالح والثوابت» الأردنية بأي شكل وبكل الأحوال، ومنعه من إمكانية تنفيذ «مشاريع» يمكن أن «تؤذي المجتمع الأردني أو تعمل على «تفخيخه».

أي تصور أو سيناريو اشتباك بعد «طوفان الأقصى» لا يأخذ باعتباره المصلحتين المشار إليهما يُفضَّل الاستغناء عنه لأن منسوب حساسية الشعب الأردني في الاتجاهين وصل إلى مستويات غير مسبوقة ولا يمكن تجاهلها أو الاحتيال عليها.

السؤال يصبح هنا كالتالي: كيف نفعل ذلك كأردنيين؟

لايمكن الإجابة على السؤال دون تحقيق معادلة ثلاثية فرضتها الإيقاعات الأخيرة وتتمثل في:

- «إظهار قدر من الشك – بعد الآن- عند رسم السياسات بالمعادل الأمريكي والأوروبي،

- ثم إعادة قراءة معركة «طوفان الأقصى» من «زاوية أردنية مصلحية» بموضوعية وبعيدا عن «تراثيات تحالفات وشراكات الماضي».

وثالثا وقد يكون الأهم: رسم السياسات على أساس القناعة المطلقة بأن «وجود مؤسسة فلسطينية قوية وصلبة وجذرية وعميقة وقادرة» بدأ – خلافا لبعض أفكار الماضي البيروقراطي – يمثّل واحدة من «أعمق المصالح الإستراتيجية» للدولة الأردنية.

وينبغي أن نضع عدة خطوط تحت «فهم الأردن» لمسألة «مؤسسة فلسطينية قوية وصلبة» هي الأساس لـ «دولة مستقلة» بتلك المواصفات التي يرددها منذ عقود الخطاب الأردني.

قوة الفلسطيني خلف خطوط الاحتلال وفي مواجهته «ذخيرة» للأردن ينبغي ان لا تخيف أحدا شرقي النهر لأن مصلحة الوطن حتى في حسابات «مكونات المجتمع» أن تنتهي الحرب الهمجية الحالية على الشعب الفلسطيني بـ «كيانية فلسطينية مستقلة قوية» تؤمن أولا – بحق العودة والتعويض معا، وثانيا بأمن واستقرار الأردن و»تدفن حقا»، لا قولا، كل سيناريوهات «التوطين والوطن البديل».

العلاقات الخارجية قد لا تكفي لحماية الأردن من خيارات «البدائل» بكل أصنافها وما فهمناه كمواطنين يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول بعد تحريك البوارج لـ «إنقاذ الكيان» أن الأمريكي وفي لحظة غفلة انتخابية يمكنه ببساطة «طعن المملكة الصديقة من الخلف».

إيمان الأردن بالسلام والمحبة والاعتدال وتقديمه الأدلة على ذلك من ثلاثة عقود لم يوفر الحماية لـ«وصاية القدس» ولم يمنع قوات الاحتلال من «تجريف وحفر» شوارع مخيمات الضفة المحتلة.

ومن يخطط لجعل الإقامة في «مخيم ما» جحيما ثم يقصف ويضرب مقرات «وكالة الغوث» رسالته واضحة وهي «التهجير والتحريك الديمغرافي».

أما المساعدات المالية الأمريكية، فتحصل واشنطن على «خدمات جليلة بدلا منها» تعزز هيبتها المكرسة الآن لصالح إسرائيل ولو على حساب الأردن، والصداقة مع «أوروبا» لم تمنعها من التقدم بخطاب يؤسس لـ «حرب دينية» مضادة لكل تراثيات الاعتدال.

والتوقيع على اتفاقيات تطبيع وسلام «مجحفة وظالمة»، لم يلتزم بها الطرف الآخر إطلاقا، لم يؤد إطلاقا لدفن «الوطن البديل».

واحترام الدولة الأردنية لـ «القوانين الدولية» ولنبذ العنف ولكل الأطر القيمية الأخلاقية يقابله اليوم «حلفاء المجرم» الإسرائيلي بالتجاهل والتغطية على جرائم مضادة للأخلاق والأديان بصيغة تتلاعب بأسس المؤسسة الأردنية.

طبعا التقدير كبير لمواقف وثوابت الدولة لكن العدو لا يفهم إلا لغة المقاومة.

يحاجج كثيرون بأن «الأردن لا يستطيع مواجهة إسرائيل عسكريا أو تحرير فلسطين»… رغم أن «غزة» واجهت وهي أصغر بكثير فعلا من الأردن بكل شيء – كما يشرح السياسي ممدوح العبادي – فإننا نقول: «نعم صحيح» ليس مطلوبا منا كأردنيين إعلان حرب على الكيان أو تحرير فلسطين.

المطلوب منا باختصار اليوم «الاستعداد لحماية الوطن الأردني» من «اعتداء محتمل وشامل» للعدو نفسه دخل قاموس التوقعات وعلى أساس التوقف عن «إنكار المخاطر» ولأسباب «منطقية» لم تعد «متخيلة» فكرتها «أطماع علنية لليمين الإسرائيلي» بـ»شرق الأردن».

أردنيا مطلوب اليوم وبإلحاح: القليل من نكهة «ثقافة الممانعة – إدخال حيز اسمه» العدو قد يهاجمنا بأي صيغة» على «أدبيات الفرضيات» ولو بدون إعلان. مطلوب أيضا تدشين ورشة عمل «تحصين الجبهة الداخلية» والعودة لمربع ما قبل «وادي عربه 1994 وتعديل المناهج».

مطلوب لحماية الذات وليس «فلسطين» نبذ شريحة الخواجات التي تقترح أننا «بعيدون عن الخطر» أو تقترح بأن «الولايات المتحدة هي الحامية لبلادنا من أطماع اليمين الإسرائيلي».

وبالتأكيد مطلوب وطنيا مغادرة «محسوبة ودقيقة ومتوافق عليها» للتفكير أمريكيا وإسرائيليا وغربيا ولاحقا فلسطينيا «خارج الصندوق» حتى لا نجد أنفسنا يوما وقد أغلق الصندوق أعمدته علينا ثم «خنقنا» بسبب حساب انتخابي طائش في واشنطن أو تل أبيب.

مهم جدا «صحوة منطقية» نحن قادرون عليها الآن، بدلا من الاستيقاظ على معادلة تقول إن «الجيوسياسي» حوّله «الخصم والعدو» من «ورقة رابحة لصالحنا» إلى «شر مطلق يمسنا» ومن «منحة» إلى «محنة» لا سمح الله.

*بسام البدارين كاتب وإعلامي أردني

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين الأردن إسرائيل التهجير اتفاقية وادي عربة الحرب الدينية

إقرأ أيضاً:

الملك الأردني يؤكد ضرورة إنهاء حرب غزة وخفض التصعيد بالمنطقة

عمان- أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الإثنين 19 مايو 2025، على ضرورة إنهاء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وخفض التصعيد في المنطقة.

جاء ذلك خلال استقباله رئيس وزراء مالطا روبرت أبيلا، في قصر الحسينية بالعاصمة عمان، بحسب بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني.

وبحث الجانبان العلاقات الثنائية والمستجدات الإقليمية، حسب البيان.

وأكد الملك على أهمية زيارة رئيس الوزراء المالطي في تعزيز العلاقات بين البلدين.

واعتبر أن توقيع مذكرات تفاهم واتفاقية إطارية بين الحكومتين يعكس التزام الجانبين بتطوير التعاون.

وشهد اللقاء توقيع اتفاقية إطارية للتعاون بين البلدين، وثلاث مذكرات تفاهم في مجالات المياه والطاقة، والسياحة، والأرشفة وتبادل اللغات، حسب البيان.

وشدد ملك الأردن على أن "التصعيد بالضفة الغربية والقدس، ومحاولات تهجير الفلسطينيين، يهدد استقرار المنطقة بأكملها".

وأكد التزام الأردن بالعمل مع الأصدقاء والحلفاء لتحقيق السلام، مثمنا دور مالطا في هذا الإطار، حسب البيان.

وشدد على "ضرورة إنهاء الحرب على غزة، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية، وتكثيف الجهود لخفض التصعيد بالمنطقة".

من جانبه، ثمن رئيس وزراء مالطا جهود الأردن في دعم الاستقرار والسلام في المنطقة، مشيدا بدور المملكة في تقديم الرعاية الطبية لأطفال غزة، والخدمات المقدمة للاجئين السوريين.

وخلال لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالبيت الأبيض، في 11 فبراير/ شباط الماضي، قال الملك عبد الله إن الأردن "سيستقبل 2000 طفل من المرضى من غزة"، وهو ما اعتبره ترامب "خطوة جيدة".

وأشار البيان إلى أن الجانبين أكدا أهمية التنسيق المشترك لاستقبال أطفال مرضى من قطاع غزة لتلقي العلاج في الأردن ومالطا.

ولم يحدد البيان الأردني موعد وصول رئيس وزراء مالطا إلى المملكة أو مدة زيارته.

وتواصل إسرائيل حرب إبادة جماعية واسعة ضد فلسطيني قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت تلك الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة أكثر من 174 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

مقالات مشابهة

  • السفير الأردني في فلسطين يزور المستشفى الميداني الأردني نابلس 6
  • العاهل الأردني يزور مصانع مجموعة الكبوس التجارية اليمنية في عمّان
  • وزير الخارجية الأردني: نرفض جميع الذرائع الإسرائيلية للتدخل في سوريا
  • الرواشدة: الدولة الأردنية أسسها الهاشميون على منظومة من القيم الثقافية والحضارية
  • الملك الأردني يؤكد ضرورة إنهاء حرب غزة وخفض التصعيد بالمنطقة
  • الاتحاد الأردني للكرة الطائرة يوقع اتفاقية شراكة مع بنك الأردن
  • الحكومة الأردنية توافق على إنشاء مجلس أعلى للتنسيق مع سوريا
  • إسرائيل توافق على بناء سياج أمني على الحدود الأردنية
  • توقيع اتفاقية تعاون بين القوات المسلحة الأردنية والبنك الأهلي الأردني
  • “الأردنية لريادة الأعمال”: المرأة قوة دافعة لتعزيز الاقتصاد الوطني