«العمر مجرد رقم» قصة تحدٍ خاضته سيدة من قرية منقريش في بني سويف، حيث نجحت في محو أميتها في عمر الـ72 عامًا، أصرت على الحصول على شهادة محو الأمية والتعلم في ذلك العمر، رغم معاناتها مع مرض القلب، قصة مليئة بالإرادة نابعة من حلم استمر عشرات السنوات.

حلم التعليم يراود الحاجة زينب

«اليأس لا مكان له في قاموس حياتها» تحصيل العلم كان معركة حقيقية ظلت عالقة في عقل وقلب السيدة زينب فتحي محمد من بني سويف، وهي أم وجدة لأكثر من 20 من الأبناء والأحفاد، تركت التعليم في سن مبكرة لظروف صحية خاصة بها، إلا أنها عادت إليه بعد أن بلغت الـ70 من عمرها.

الحصول على شهادة محو الأمية بطلتها سيدة في عمر الـ72 عاما

وقالت صاحبة الـ72 عاما، في حديثها لـ«الوطن»: «أصابني مرض في القلب في سن الطفولة، ولم أستطع استكمال تعليمي في المرحلة الابتدائية بسبب عدم انتظامي في المدرسة، وتزوجت في سن 16 عامًا من مهندس زراعي، وأنجبت 5 من الأبناء 3 ذكور و2 إناث، وقررت أن أستثمر فيهم وأن يكون هدفي الأول تعليمهم تعليمًا جيدًا حتى حصلوا جميعًا على شهادات جامعية وصل بعضهم إلى أعلى المراتب العلمية كالدكتوراة، وتزوجوا وبدأت في تربية الأحفاد الذي وصل عددهم لـ16 حفيدا».

رحلة القضاء على الأمية في عمر الـ72 عاما

«نفسي اتعلم أقرأ وأكتب وديمًا كنت بشوف أحفادي أمامي بيكتبوا في ظل أن حلم عمري» هكذا وصفت الحاجة زينب رحلتها مع حصولها على شهادة محو الأمية، قائلة: «سمعت عن فتح فصل محو الأمية ضمن مبادرة لا أمية مع تكافل التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، وانضممت لها، وبدأت في المذاكرة من الصفر، وواجهت بعض الصعوبات لكنني تغلبت عليها، مثل تعلم الحروف والهمزات، والحمد لله ربنا كرمني وتعلمت كل شيء داخل الفصل، وحصلت على شهادة محو الأمية على الرغم من بلوغي سن 72 عامًا».

العلم نور وستر وكرامة

وتابعت الحاجة زينب: «زوجي وأبنائي دعمونني معنويًا، في الحصول على شهادة محو الأمية، لأنها كانت رغبتي، حيث بدأت في تحقيق حلمي في القراءة والكتابة ومتابعة التلفاز وقراءة القران الكريم، ومساعدة أحفادي، كانت سعادتي في أنني أستطيع فعل ما يفعله الآخرون، العلم نور وستر وكرامة».








المصدر: الوطن

كلمات دلالية: محو الأمية بني سويف محافظة بني سويف العلم نور على شهادة محو الأمیة فی عمر

إقرأ أيضاً:

حين يغيب المبدأ

 

 

 

صالح بن سعيد الحمداني

 

"الفلوس تغيّر النفوس".. عبارة طالما اعتبرها البعض مبالغة أو حكاية شعبية تتداولها الألسنة في المقاهي والمجالس، لكن الوقائع اليومية تثبت أن لهذه المقولة جذورًا واقعية لا يمكن إنكارها، قد نشك أحيانًا في صحتها، لكننا نكتشف مع مرور الوقت أن المال ليس مجرد وسيلة للعيش وإنما أداة قادرة على قلب القيم والموازين وتحويل الصديق إلى خصم والمبادئ إلى شعارات مهجورة.

شهدتُ شخصيًا موقفًا يُجسِّد هذا التناقض الصارخ؛ شخصٌ كان بالأمس ينتقد فردًا آخر علنًا ويشكك في نواياه وأعماله ويمتدح من هو على النقيض منه متغنّيًا بنجاحه وتميّزه، لكن ومع أول بريق للمال تغيّر المشهد كليًا فأصبح ذلك المنتقد بالأمس صديقًا حميمًا لمن كان يُهاجمه، متجاهلًا كل ما كان يقوله وكأنَّ ذاكرته قد مُسحت تمامًا، وفي العلن يخشى أن يعلم الآخرون بعلاقته بذلك الشخص متناسيًا أننا نعيش في مجتمع أصبح كقرية صغيرة لا يمكن أن يختفي فيه سرّ، وعندما سُئل عن هذا التغير أجاب بلا تردد "المهم أن معي المال فأنا محتاج إليه فأنا باحث عن فرصة أو عن مصلحة مؤقتة".

وهنا يطرح السؤال نفسه هل الحاجة المادية تبرر التخلي عن المبادئ التي تربى عليها الإنسان؟ وهل الضائقة المالية يمكن أن تُحوِّل من كان وفيًا نزيهًا إلى شخص يلهث وراء المصلحة الشخصية دون اعتبارٍ للقيم؟ المؤسف أن الإجابة في كثير من الحالات هي "نعم"؛ فالبعض يسمح للمال بأن يعمي بصيرته فينسى من وقف إلى جانبه في أوقات الشدة ومن علّمه الأبجدية ويقابل المعروف بالجحود، وقد يقدّم أقسى الصفعات لمن مدّ له يد المحبة والوئام، والأخطر أن حب المال قد يقود بعضهم إلى ظلم الآخرين فيأخذون ما لا حق لهم فيه مستغلين الحاجة أو النفوذ متناسين أن هذا الظلم سيرتدّ عليهم يومًا وسيتجرّعون من نفس الكأس.

هذه الحالة لا تمثل مجرد سقوطٍ أخلاقي فهي تدخل ضمن ما يمكن وصفه بـ الفساد الذاتي؛ فالإنسان الذي يظلم نفسه قبل أن يظلم الآخرين حين يبيع قيمه مقابل المال هو في الحقيقة يختار طريق الانحدار الروحي والإنساني، والتاريخ مليء بالأمثلة التي تؤكد أن المال كان سببًا في تحطيم صداقات وتفكيك أسر وإشعال حروب وارتكاب جرائم وموت الضمير، لكن الأمر لا يتعلق بالمال في حد ذاته فالمال أداة محايدة يمكن أن تكون وسيلة للبناء أو للهدم، والمشكلة الحقيقية تكمن في عبودية المال فحين يصبح المعيار الوحيد لتحديد القرارات والمواقف هو المصلحة المادية الشخصية تحت شعار "أنا المهم مصلحتي فوق كل اعتبار".

ومن المؤسف أن هذا السلوك بات ينتشر في مجتمعاتنا العربية حيث نرى أشخاصًا يتخلّون عن مبادئهم بسهولة مقابل مكاسب آنية وكأن القيم الأخلاقية ترف يمكن الاستغناء عنه عند أول اختبار، والأخطر أن هذا النمط من التفكير يخلق بيئة خصبة للفساد على نطاق أوسع فحين يبرر الفرد لنفسه الظلم بحجة الحاجة أو الطموح المادي فهو يساهم في ترسيخ ثقافة تجعل المال فوق القانون وفوق الأخلاق.

ومن هنا تبرز الحاجة إلى إعادة ترسيخ قيم النزاهة والوفاء في التربية والتعليم وغرس قناعة لدى الأجيال بأن المال وسيلة لا غاية وأن الكرامة والمبدأ لا يُقدّران بثمن، كما إن دور المجتمع لا يقل أهمية؛ إذ يجب أن يكرّم ويحتفي بالنماذج التي تلتزم بالقيم رغم المغريات لا تلك التي تبرر الانتهازية وتصفها بـ"الذكاء"؛ فالمال قادر على تغيير النفوس ولكن هذا التغيير ليس قدرًا محتومًا؛ فالنفوس القوية المتمسكة بالمبادئ تستطيع أن تجعل المال خادمًا لا سيدًا ووسيلةً للخير لا أداةً للفساد، والتحدي الأكبر أمام كل فرد هو أن يسأل نفسه في كل موقف "هل أنا أمتلك المال، أم أن المال هو الذي يمتلكني"؟!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • من محو الأمية إلى الدكتوراه.. قصة تطوير إنسانى داخل أسوار مراكز الإصلاح
  • قنا|سيدة تتجاوز الـ 80 تتحرر من الأمية وتتم حفظ القرآن الكريم كاملًا
  • محافظ مطروح يعتمد نتيجة امتحانات محو الأمية بنسبة نجاح 90.2%
  • خطوات طلب شهادة وفاة بدل تالف عبر أبشر
  • نجاح 90.2% | محافظ مطروح، يعتمد نتيجة امتحانات محو الأمية
  • محافظ قنا يكرم سيدة أتمت حفظ القرآن الكريم بعمر 80 عاما
  • ما لاتعرفه عن العمل الصالح؟.. إمام مسجد السيدة زينب يجيب
  • الاحتلال يحتجز 44 مواطنًا من بيت لحم
  • حين يغيب المبدأ
  • شاهد بالصور والفيديو.. مسيرات هادرة تسير معهم.. البرهان وأفورقي يتجولان وسط المواطنين بشوارع بورتسودان