جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-03@11:49:53 GMT

بوصلتنا التضامن مع فلسطين

تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT

بوصلتنا التضامن مع فلسطين

 

علي الرئيسي **

معركة المُقاومة الفلسطينية في غزة، تختلف عن كل المعارك الماضية؛ لأنَّ انتصار المقاومة هو انتصار لحركة التحرر وللشعوب ضد الهيمنة الغربية، وهي المسمار الأخير في نعش الحركة الاستيطانية الصهيونية، التي تمثل أداة للاستعمار الغربي الإمبريالي. أما هزيمة المقاومة- لا سمح الله- ستكون تراجعًا مُؤلمًا في نضال الشعب الفلسطيني، وستُتيح للمشروع الصهيوني الغربي مواصلة هجومه على قوى المقاومة في المنطقة.

يُصوِّر الإعلام الغربي أن ما حدث في 7 أكتوبر لم تسبقه أحداث، أو أنه حادثة مُنفصلة قامت بها المقاومة، وليس ردًا على عقود طويلة من الاحتلال والتعسف وسرقة الأرض وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني. في الحقيقة وَجَدَتْ المقاومة أنها مُضطرة للقيام بهذه العملية لأن كل المؤشرات كانت تدل على أنَّ مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية وصلت إلى مراحلها النهائية، خاصة في ضوء الضغوط التي كانت تُمارسها الولايات المتحدة للدفع بعملية التطبيع بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية الوازنة في المنطقة، لا سيما بعد تفريغ اتفاقيات أوسلو من مضمونها، في ضوء تزايد مُمارسات الاحتلال الإسرائيلي في الاستيطان السرطاني، والممارسات غير الإنسانية والجائرة للمستوطنين، والمعاناة اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيون في الضفة والقدس المحتلتين، إضافة إلى عملية تدنيس المسجد الأقصى المبارك.

كما فرضتْ إسرائيل حصارًا ظالمًا لسنوات عديدة على الفلسطينيين في قطاع غزة، مُسيطرة على المعابر كافةً، وهي التي تُحدد مقدار وكميات الطعام والماء والأدوية وغيرها من الضروريات التي تدخل إلى القطاع، وكان ذلك كله يتم أمام أنظار العالم والغرب، دون أي احتجاج مما يُسمى بـ"العالم المُتحضِّر"!

وهناك تحولات سياسية داخلية خطيرة في إسرائيل، وبالذات بعد تحالف نتنياهو مع اليمين الديني المتطرف بزعامة بن غفير ووزير المالية سموتريش، اللذين يدعوان صراحة إلى احتلال الضفة الغربية والسعي إلى تهجير أهلها إلى الأردن، كما يدعوان الآن إلى تهجير الفلسطينيين من غزة وتوطينهم في سيناء المصرية.

يحدث هذا وسط واقع عربي ضعيف ومُشتَّت؛ حيث تعاني معظم الدول العربية الوازنة من مشكلات اقتصادية وحروب أهلية، إضافة إلى استسلامها للهيمنة الأمريكية، إلى جانب سعي بعض الحكام العرب إلى التحالف مع الكيان الصهيوني، بينما هذا الكيان يذهب نحو التشدد والتطرف ضد العرب والمسلمين.

هذه ليست فقط سياسة قصيرة النظر، وإنما هي خيانة لشعب عربي يُعاني من القهر والاحتلال. كما إن هذا اليمين الفاشي في إسرائيل لن يتوقف عند تهجير الفلسطينيين  والاستيلاء على أراضيهم، وإنما سيعمل على تحقيق شعار الصهيونية "من النيل إلى الفرات".

لقد قدَّمت  المقاومة خلال 3 أشهر من الحرب على غزة درسًا لكل المُقاومين والمناضلين، بصمودها الباسل أمام آلة الحرب الإسرائيلية والمتحالفة مع أمريكا والغرب الذي يقوم بتزويدها بأحدث الأسلحة الحديثة. ورغم ذلك، تفوَّقت المقاومة ولم تستطع إسرائيل- ومن خلفها أمريكا- تحقيق أي هدف من أهدافهم الاستراتيجية، ألَا وهو القضاء على حركة حماس، وإطلاق سراح الأسرى، وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء. لقد تلقّى الجيش- الذي ظل يزعم أنه لا يُقهر- ضربات مُوجِعة من المقاومة، فقتلت وجرحت الآلاف من جنودهم، وأتلفت الكثير من عدتهم العسكرية. كل ذلك حدث رغم الحصار الظالم، ولنا أن نتخيل لو أن حدود الدول العربية مفتوحة مع فلسطين لإدخال السلاح والرجال لمحاربة هذا الكيان الغاصب، فماذا سيكون الوضع عندئذٍ؟!

بقيت المقاومة وحدها في الساحة، عدا المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان التي شغلت شمال فلسطين المحتلة ودفعت الآلاف من المستوطنين للفرار والنزوح وتحوليهم إلى لاجئين، إلى جانب الحظر الذي فرضه اليمن على السفن الإسرائيلية في باب المندب، فيما بقيت الأنظمة العربية مُتفرِّجة كأنَّ الذي يحصل لا يعنيها بشيء! وفي خضم ذلك، تأتينا أخبار أن بعض الدول العربية بدأت في طرح حلول انهزامية على المقاومة، وهذه الحلول والأطروحات هي في الحقيقية أطروحات إسرائيلية وأمريكية، من ضمنها صفقة لتبادل الأسرى، ونفي قائد المقاومة يحيى السنوار إلى الجزائر، وتخلّي المقاومة عن حكم غزة؛ أي ما لم تستطع إسرائيل تحقيقه بالقوة العسكرية تقوم بعض الدول العربية بفرضه عبر ما يُسمى بـ"المفاوضات".

طبعًا لا يُمكن التقليل من الكُلفة العالية التي دفعها الشعب الفلسطيني في صموده في غزة، فقد تجاوز عدد الشهداء أكثر من 21 ألف شهيد، وهناك عشرات الآلاف من الجرحى؛ معظمهم من النساء والأطفال، فضلًا عن الدمار الشامل الذي أصاب البنية التحتية والمساكن والمستشفيات وغيرها.

ورغم ما قدمته المقاومة والشعب الفلسطيني من تضحيات في غزة والضفة الغربية، فإنها فضحت بجلاء الادعاءات والمعايير المزدوجة  للغرب حول حقوق الإنسان والحرية والعدالة، وما تقوم به حكومات الغرب من التضييق ومطاردة المتضامنين مع فلسطين خيرُ دليل على ذلك. ولم يدرك ذلك شعوب الجنوب فحسب، لكن الشعوب الغربية أيضًا التي خرجت وتظاهرت تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، وبذلك أعادت المقاومة عدالة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث العالمية، بجانب عدالة كل قضايا العدالة ومحاربة الهيمنة الغربية، كما عرَّت حقيقة قيم الغرب الاستعماري الإمبريالي.

** باحث في قضايا التنمية والاقتصاد

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عاجل|الدول العربية تهيمن على أكبر صفقات الغاز المسال في مايو 2025

شهد شهر مايو 2025 حدثًا بارزًا في أسواق الطاقة العالمية، حيث استحوذت الدول العربية على أربعة من أصل أكبر خمس صفقات للغاز الطبيعي المسال، مما يعزز موقعها كمحور رئيسي في تجارة الغاز عالميًا. 

هذا التحول الكبير يعكس الرؤية الاستراتيجية التي تتبناها هذه الدول لتعزيز مكانتها في سوق الطاقة المتجددة والمتجددة جزئيًا.

عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل رئيس تشيلي يتعهد بتكثيف الضغوط على إسرائيل بسبب حرب غزة أرامكو السعودية تتصدر المشهد بصفقات ضخمة

تصدرت أرامكو السعودية قائمة الصفقات الكبرى في مايو، بعد توقيعها اتفاقًا استراتيجيًا مع شركة "سيمبرا" الأمريكية خلال منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي، الذي تزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض. 

وتشمل الصفقة توريد 6.2 مليون طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال، مما يمثل خطوة قوية في استراتيجية أرامكو لتوسيع محفظتها من الغاز على المستوى العالمي.

ولم تكتف أرامكو بذلك، بل وقعت أيضًا صفقة ثانية خلال الشهر ذاته مع شركة "نكست ديكيد" الأمريكية لتوريد الغاز من خط الإنتاج الرابع في منشأة "ريو غراندي" لمدة 20 عامًا، مما يعزز التزامها طويل الأمد تجاه سوق الغاز.

الإمارات تعزز حضورها عبر استثمارات في غرب إفريقيا

الإمارات بدورها أكدت على دورها الريادي في قطاع الغاز، من خلال صفقة ضخمة بقيمة مليار دولار وقعتها شركة "تكنوماك" مع شركة "بيرينكو" الأنغلوفرنسية، لتطوير مشروع غاز مسال في غرب إفريقيا. 

هذه الصفقة تعزز مكانة الإمارات التي كانت قد تصدرت المشهد في أبريل 2025 بثلاث صفقات عبر شركة "أدنوك"، مما يعكس تركيزها على تنويع شراكاتها وتعزيز أمن الطاقة العالمي.

مصر تعزز أمنها الطاقي بمشروع محطة عائمة

أما مصر، فقد دخلت قائمة الكبار عبر صفقة مهمة لإنشاء محطة عائمة لاستيراد الغاز المسال في ميناء سوميد قرب الإسكندرية. وقعت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" الاتفاقية مع شركة "هوغ إيفي" المحدودة لمدة 10 سنوات، بهدف دعم واردات الغاز المسال اعتبارًا من الربع الأخير لعام 2026، وهو ما يعزز قدرات مصر كمحور للطاقة في المنطقة، خاصة في ظل الطلب المتزايد على الغاز.

موريتانيا تُثبت مكانتها كلاعب ناشئ في سوق الغاز

لم تكن موريتانيا بعيدة عن هذا المشهد المتنامي، إذ قامت بتصدير الشحنة الثانية من مشروع "تورتو أحميم" الكبير بقيادة شركة "بي بي" البريطانية، بحمولة 67 ألف طن من الغاز المسال إلى ميناء كيب تاون بجنوب إفريقيا. 

هذه الخطوة تعزز مكانة موريتانيا كوجهة واعدة في سوق الغاز، خاصة مع توسع عمليات الإنتاج في مشروع "تورتو أحميم".

الصفقة الفرنسية: توتال إنرجي تؤكد حضورها

وجاءت الصفقة الخامسة من نصيب شركة "توتال إنرجي" الفرنسية، التي أبرمت اتفاقية مع شركة "كي إس آي ليسيمز" للغاز الطبيعي المسال، لشراء مليوني طن سنويًا من محطة مستقبلية في كندا. 

هذه الصفقة طويلة الأجل تؤكد استمرار اهتمام الشركات الأوروبية الكبرى بالبحث عن مصادر متنوعة للغاز، في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.

محمود عباس: يجب تسليم الرهائن لوقف هدر الدم وعلى حماس التخلي عن حكم غزة عاجل- "حماس" تعلن استعدادها الفوري لمفاوضات غير مباشرة لإنهاء الحرب في غزة وتحقيق هدنة دائمة العرب في صدارة مشهد الغاز العالمي

تكشف هذه الصفقات بوضوح أن الدول العربية باتت لاعبًا رئيسيًا لا يمكن تجاوزه في سوق الغاز المسال العالمي، معززة مكانتها من خلال شراكات استراتيجية ومشاريع نوعية، ومؤكدة قدرتها على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في العقود القادمة.

 ومن المتوقع أن يستمر هذا الزخم، مع التوسع في مشاريع الغاز وتحقيق طموحات التحول إلى مراكز إقليمية للطاقة.

مقالات مشابهة

  • الخارجية ترحب برفع عضوية فلسطين لـ"دولة مراقب" في منظمة العمل الدولية
  • «رئيس الوزراء الفلسطيني» يجدد دعوته إلى لوكسمبورج للاعتراف بدولة فلسطين
  • اخترق الـ CIA ..”كراكا” الهاكر المراهق الذي هزّ أميركا دفاعا عن فلسطين
  • عاجل|الدول العربية تهيمن على أكبر صفقات الغاز المسال في مايو 2025
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • اللجنة الوزارية للقمة العربية الإسلامية المشتركة تعقد اجتماعًا مع الرئيس الفلسطيني
  • اخترق الـسي آي إيه.. كراكا الهاكر المراهق الذي هزّ أميركا دفاعا عن فلسطين
  • اللجنة الوزارية العربية بشأن غزة تعقد اجتماعًا مع الرئيس الفلسطيني عبر الاتصال المرئي
  • امريكا ترفض ردّ “حماس” الذي يؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني
  • تجسيد "روح باندونغ" في العلاقات الصينية العربية