يبدو أن الموقف الروسي المؤيد للفلسطينيين، فاقم التوترات بين إسرائيل وروسيا، وهي بالفعل موجودة بقوة منذ الحرب الأوكرانية، حينما اتخذت إسرائيل موقفا يميل للغرب ضد موسكو.

وأوضح تحليل لصحيفة "غارديان" البريطانية، أن العلاقة الطيبة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، لدرجة أن الأخير استخدم صورة له مع بوتين خلال انتخابات العام الماضي، تصدعت بعد الموقف الروسي إثر هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

وتدعو روسيا بشكل مستمر  إلى وقف الأعمال القتالية في غزة بشكل كامل، مشيرة إلى "المشاكل الإنسانية" التي يشهدها القطاع، في وقت ترفض فيه إسرائيل وقف عملياتها العسكرية إلا بعد "القضاء" على حركة حماس الفلسطينية.

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بوقت سابق من ديسمبر الجاري، إن موسكو "تدين بشدة" هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، لكن استخدام إسرائيل ذلك مبررا "لعقاب الملايين من الشعب الفلسطيني بشكل جماعي عن طريق القصف العشوائي" أمر مرفوض، بحسب وكالة رويترز.

"أدنى مستوى"

نقلت غارديان عن الدبلوماسي الروسي السابق والأستاذ المساعد بجامعة قطر، نيكولاي كوزانوف، قوله إن العلاقات بين البلدين وصلت إلى "أدنى مستوياتها منذ سقوط الاتحاد السوفيتي".

كما قالت المسؤولة السابقة بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي والمتخصصة في السياسة الخارجية الروسية، فيرا ميتشلين شابير، إن البيانات المتضاربة التي نشرتها إسرائيل وروسيا في أعقاب المحادثة التي أعلن عنها يوم 10 ديسمبر بين بوتين ونتانياهو، "دليل على العلاقة المتوترة".

وحينها قال نتانياهو إنه تحدث مع بوتين وأعرب عن استيائه من "المواقف المناهضة لإسرائيل" الي تتخذها موسكو في الأمم المتحدة، كما أشار إلى أنه عبّر عن رفضه الشديد لتعاون روسيا "الخطير" مع إيران.

إطلاق سراح رهائن روس يعكس "موقف بوتين الجديد" في الشرق الأوسط قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن المعاملة الخاصة للروس المختطفين في غزة من قبل حماس هي مظهر جديد من مظاهر الاصطفاف المتزايد بين الكرملين والحركة المصنفة إرهابية.

أما البيان الروسي حول المكالمة، فقد سلط الضوء على الوضع "الكارثي" في قطاع غزة، حيث نقل عن بوتين قوله إن الرد العسكري الإسرائيلي على "هجوم حماس الإرهابي" يجب ألا يتسبب في مثل هذه "العواقب الوخيمة على السكان المدنيين"، وفق الصحيفة.

وأوضحت ميتشلين شابير: "لم يكن حوارا، بل طرح الزعيمان هذه المرة مواقفهما".

وقبل يوم واحد من المكالمة، دعمت روسيا قرارا في مجلس الأمن الدولي، يدعو لوقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة، وانتقدت الولايات المتحدة لدعمها لإسرائيل وحملتها العسكرية على قطاع غزة.

"علاقات مدمرة لفترة طويلة"

وقتل أكثر من 21 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال في قطاع غزة، بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية، وفق السلطات الصحية في القطاع.

وبدأت تلك العمليات في أعقاب هجوم حماس (المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية) في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، واختطاف نحو 240 على يد الحركة الفلسطينية ونقلهم إلى قطاع غزة، وفق السلطات الإسرائيلية.

ويأتي الموقف الروسي ضمن تحول أكبر في السياسة الروسية بالشرق الأوسط، منذ أن بدأ بوتين حربه في أوكرانيا، بحسب كوزانوف، الذي أضاف: "أدركت روسيا سريعا أن علاقاتها مع الغرب دُمرت لمدة طويلة مقبلة".

وأشار كوزانوف إلى أنه منذ بدء الحرب الأوكرانية، "تنظر موسكو في طرق تعزيز علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع الدول العربية، بجانب تقاربها من إيران، التي زودتها بذخائر ومسيرات وصواريخ لاستخدامها في أوكرانيا".

كيف تستغل روسيا حرب إسرائيل وحماس لتوسيع نفوذها العالمي؟ سلطت وكالة "أسوشيتد برس" الضوء على الدور الذي تحاول روسيا أن تلعبه بحذر فيما يتعلق بالحرب بين إسرائيل وحركة حماس، المصنفة إرهابية، في سعيها إلى توسيع نفوذها العالمي.

وفي وقت سابق من ديسمبر الجاري، أجرى بوتين رحلة نادرة ليوم واحد إلى الإمارات والسعودية، سلطت الضوء على علاقته الدافئة مع لاعبين رئيسيين في الشرق الأوسط، حيث تم استقباله بحفاوة كبيرة، على الرغم من أنه مطلوب للعدالة في الغرب بعد قرار من المحكمة الجنائية الدولية بشأن اتهامه بارتكاب جرائم حرب.

"براغماتية بوتين"

ولفت تحليل "غارديان" إلى أن صحيفة "إزفستيا" الروسية الموالية لبوتين، عقب الرحلة، اعتبرت أنها كانت "دليلا على أن الحديث عن عزلة روسيا هو مجرد ضجيج".

وواصل كوزانوف حديثه بالقول: "الحرب بين إسرائيل وحماس، وفرت لموسكو فرصة نادرة، حيث توجد انتقادات حول العالم، تتهم الدول الغربية بالنفاق، بسبب القتلى الفلسطينيين.. الكرملين تحدث كثيرا خلال الفترة الأخيرة عن الأخلاقيات، على الرغم من سجله المدمر في حروب مثل الشيشان وسوريا، ومؤخرا في أوكرانيا".

وأوضح: "روسيا البوتينية براغماتية جدا. شعرت موسكو أن أحداث غزة تدفع منطقة الجنوب العالمي بعيدا عن الغرب، وربما تجعل مواقفهم أكثر تعاطفا مع روسيا".

وقالت غارديان في تحليلها: "عملت روسيا وإسرائيل على مدار عقدين من حكم بوتين، على تحقيق توازن في العلاقات، على الرغم من أوقات كان فيها البلدان على خلاف تام في الأهداف، فعلى سبيل المثال كانت إسرائيل تتواصل مع روسيا بأن الأوضاع في سوريا، فيما كانت حريصة على عدم استعداء موسكو التي تربطها مع إيران علاقة قوية".

وأوضحت ميتشلين شابير: "لم يكن تحالفًا أبدا، بل تفاهما استراتيجيا. يحتاج كل بلد إلى الآخر"، لكن الغزو الروسي لأوكرانيا جعل بوتين "منبوذا في الغرب، ووضع إسرائيل في مأزق".

وأوضح الحاخام الأكبر السابق في موسكو، بنحاس غولدشميت، إن الكثيرين في إسرائيل "شعروا بعدم ارتياح شديد فيما يتعلق بسردية روسيا حول مبرر الغزو"، مشيرا إلى مقارنة موسكو للحكومة الأوكرانية بألمانيا النازية.

وفي هذا الصدد، أضافت شابير: "في السابع من أكتوبر، وجدت إسرائيل روسيا على الجانب الآخر من الحرب، لكن أسس الانقسام بالفعل تم وضعها حينما قرر بوتين غزو أوكرانيا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی السابع من أکتوبر هجوم حماس قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

رئيس زيمبابوي: اقترحت على بوتين العديد من مجالات التعاون بين بلدينا

قال رئيس زيمبابوي إيمرسون منانغاغوا إنه وخلال اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقترح العديد من مجالات التعاون بين البلدين.

إقرأ المزيد رئيس زيمبابوي لبوتين: تمسككم بالدفاع عن روسيا في وجه الغرب لا مثيل له

وأضاف في حديث لوكالة "تاس" على هامش منتدى بطرسبورغ الاقتصادي: "التقينا مع الرئيس الروسي على انفراد، وبالطبع ناقشنا العلاقات بين موسكو وهراري. قلت للرئيس الروسي إن هناك العديد من المجالات التي يمكننا التعاون فيها، خاصة في زيمبابوي".

وذكر أن بلاده تحتاج إلى مزيد من المعدات الزراعية لتطوير زراعتها، مشيرا إلى أنه "توجد لدى روسيا القدرات لدعمنا في هذا المجال".

وأردف: "تعد حالات الجفاف شائعة في منطقتنا. وعلينا بناء المزيد من السدود لدينا، بغض النظر عن حالات الجفاف، الوصول إلى موارد الري الكافية لتزويد أنفسنا بالأغذية المنتجة محليا. وللقيام بذلك، نحتاج أيضا إلى الأسمدة".

وعبر منانغاغوا عن شكره لروسيا لتزويدها بالأسمدة، مؤكدا أنه بفضلها سيكون هناك حصاد لا يصدق في عام 2024 في زيمبابوي.

وتابع: "لكنا نحتاج إلى المزيد من الإمدادات، وتقدم روسيا لنا أسعارا منخفضة وأساليب الدفع المريحة وهي أفضل مما هو في أي منطقة أخرى... لذلك نحن راضون عن الاتفاقيات والفرص القائمة".

وأفادت وسائل الإعلام الروسية في مارس الماضي بإيصال حزمة إنسانية من الأسمدة الروسية بوزن 23 ألف طن إلى زيمبابوي.

المصدر: تاس

مقالات مشابهة

  • كيم جونغ يهنيء بوتين بيوم روسيا ويؤكد مواصلة تعزيز العلاقات
  • موسكو: تعليق مؤقت لاتفاقية التعاون بين روسيا وإيران
  • الخارجية الروسية سحب اعتماد من قناة "ORF" النمساوية في موسكو
  • موسكو تلغي اعتماد صحفية نمساوية كخطوة مماثلة للرد
  • صحيفة: بوتين سيزور كوريا الشمالية وفيتنام خلال أسابيع
  • مسؤول روسي: طائرات «F-16» وقواعدها خارج أوكرانيا ستكون أهدافا لقواتنا حال مشاركتها في مهام قتالية
  • مصر تطلع روسيا على تطورات الأحداث في غزة وترحب بمقترح موسكو
  • رئيس زيمبابوي: اقترحت على بوتين العديد من مجالات التعاون بين بلدينا
  • بوتين: روسيا سبقت اليابان وألمانيا اقتصاديًا
  • وزير الخارجية التركي يتوجه إلى موسكو