محافظ بنك إسرائيل المركزي للفاينانشيال تايمز: اقتصادنا يواجه أوقاتا صعبة
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
قال عامير ياعلون محافظ بنك اسرائيل المركزي إن الحكومة الإسرائيلية تواجه الآن خيارات اقتصادية صعبة مؤكدا فى مقابلة أجرتها معه صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية، ان لا سبيل امام ضبط المالية العامة الاسرائيلية سوى ضغط الانفاق العام للدولة و تبنى سياسة تقشفية " طالما ظلت الحرب على قطاع غزة ناشبة " .
وحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط، كشف محافظ البنك المركزي الإسرائيلي عن موازنة الحرب على غزة أنها قد ارهقت الخزانة العامة الإسرائيلية فى وقت تراجعت فيها الايرادات السيادية لاسرائيل من الأنشطة التجارية و الاقتصادية و السياحية حيث بلغت فاتورة الحرب على غزة حتى الان 210 مليارات شيكل أى ما يعادل 58 مليار دولار امريكى في وقت تراجع فيه سعر الشيكل إلى أدنى مستوياته أمام الدولار وخفض فيه بنك اسرائيل المركزي الفائدة مع بداية العام الجديد من 75ر4 % إلى 5ر4 % وذلك للمرة الاولى منذ مارس من العام 2020 .
و اشار ياعلون الى ان الكلفة البشرية الناتجة عن الحرب فى غزة على الجانب الإسرائيلى لا تقل في ضخامتها عن الكلفة المادية حيث تكبدت اسرائيل 1200 قتيل و فق الارقام الرسمية فضلا عن 240 أسيرا لدى مقاتلى حماس وفى المقابل لقى أكثر من 21 الفا و 800 فلسطينى مصرعهم فى اشتباكات غزة و اجبرت اسرائيل 9ر1 مليون من سكان القطاع البالغ 3ر2 مليون على النزوح عن مناطق سكانهم ، و برغم ذلك قال إن لحسابات الكسب و الخسارة بالنسبة للموازنة العامة الإسرائيلية و أوضاع الاقتصاد لها ابعاد أخرى تجعل من المستبعد أن يتعدى نمو الاقتصاد الإسرائيلي بنهاية العام 2024 نسبة 2 % و الا يتعدى نموه في أفضل الحالات وبعد أن تنتهى الحرب نسبة 5 % بنهاية العام 2025 .
وقال محافظ بنك اسرائيل المركزى للفاينانشيال تايمز إن البنك يتوقع معدل تضخم نسبته 4ر2 % في الأسواق الأسرائيلية خلال العام الجاري متراجعا من 3ر3 % سجلها التضخم فى نوفمبر من العام الماضى ، الا انه نفى أن يكون ذلك التراجع مؤشرا إيجابيا على صحة الاقتصاد الإسرائيلي بقدر ما هو مؤشر على تراجع منحنى الطلب الشرائى فى اسرائيل نتيجة تدهور العملة و الدخل للاسرائيليين نتيجة سياسات الاغلاق و استدعاء اليد العاملة للخدمة العسكرية و ما يترتب على ذلك من تراجع مداخيلهم المعتادة من وظائفهم المدنية .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محافظ بنك اسرائيل المركزي تايمز اقتصادنا خيارات أكثر صعوبة
إقرأ أيضاً:
المركزي الليبي وتحدي نقص السيولة
أزمة السيولة ممتدة منذ نحو عقد من الزمان، ومنحناها شهد تعرجا، إلا إنها ما تلبث أن تعود بعد فترة تعافي قصيرة.
ظهور أزمة السيولة اقترن بالاضطراب المالي الذي ظهر مع تفجر أزمة الحقول النفطية العام 2013م، وذلك مع تصاعد النزوع الجهوي والضغوط التي مارسها أنصار الفدرالية والتي انتهت إلى غلق الحقول والموانئ في وسط وشرق البلاد، وكان لهذا السلوك صداه حتى في الحقول النفطية الواقعة في جنوب غرب البلاد.
الأثر المباشر لهذا الإغلاق كان تراجع الإيرادات العامة بشكل كبير، فالإيرادات العامة تعتمد بنسبة تزيد عن 95% على النفط، والذي تراجع سقف إنتاجه من نحو 1.5 مليون برميل مطلع العام 2013 إلى أقل من 200 ألف برميل في بعض شهور العام 2017م.
الأزمة كان لها مظاهرها وآثارها العديدة، من ذلك الطوابير الطويلة على المصارف وتدني مستوى العيش لشريحة واسعة من الليبيين الذين يعتمدون على المرتب كمصدر رزق رئيسي ووحيد، وقد ساء وضع هؤلاء وهم الفئة الأكبر في المجتمع، بسبب التداعيات المصاحبة لتراجع الإيرادات العامة وتخفيض الإنفاق العام ومنها تدني قيمة الدينار الليبي أمام الدولار وارتفاع اسعار السلع والخدمات.
المصارف التي عجزت عن توفير الطلب على الكاش للمواطنين والتجار وغيرهم فقدت ثقة الفئة المتحكمة في النقد خارج المصارف، وما يخرج من عملة محلية من المصارف لا يعود منها إلا النزر اليسير، ولأن آلية دفع المرتبات لموظفي الدولة الذين يشكلون نحو 80% من القوى العاملة الليبية، هي الحوافظ المحالة إلى المصارف، صار عسيرا على أصحاب المرتبات تسييلها، حتى أصبح شح السيولة المعضلة الأكبر لصناع القرار.
مربط الفرس هو في كيفية تسريح قنوات التدفق النقدي داخل الاقتصاد الوطني، ودفع المختزنين للدينار الليبي خارج المصارف من رجال أعمال وتجار وحتى مواطنين يعتمدون على المرتب الحكومي إلى تحويل مدخراتهم إلى الجهاز المصرفي وعدم المضاربة بها على الدولار حتى صارت الهوة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار كبيرة. فكان أن اعتمدت خطة للإصلاح الاقتصادي العام 2018م، والتي استحدثت آلية هي فرض رسوم على بيع الدولار بنسبة 183%، وبالفعل تدفقت الأموال المخزنة إلى المصارف طلبا للنقد الأجنبي وشهدت أزمة السيولة انفراجة كبيرة.مربط الفرس هو في كيفية تسريح قنوات التدفق النقدي داخل الاقتصاد الوطني، ودفع المختزنين للدينار الليبي خارج المصارف من رجال أعمال وتجار وحتى مواطنين يعتمدون على المرتب الحكومي إلى تحويل مدخراتهم إلى الجهاز المصرفي وعدم المضاربة بها على الدولار حتى صارت الهوة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار كبيرة. فكان أن اعتمدت خطة للإصلاح الاقتصادي العام 2018م، والتي استحدثت آلية هي فرض رسوم على بيع الدولار بنسبة 183%، وبالفعل تدفقت الأموال المخزنة إلى المصارف طلبا للنقد الأجنبي وشهدت أزمة السيولة انفراجة كبيرة.
إغلاق الحقول بين الفينة والأخرى، والزيادة الكبيرة في الإنفاق العام، وتلكأ المصرفي في تبني إجراءات تحد من أزمة السيولة وجسر الهوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي للعملات الصعبة، هذا بالإضافة إلى تزوير العملة المحلية بكميات كبيرة من قبل سلطات الشرق، وأضطرار المصرف المركزي إلى سحب الفئات التي تم تزويرها، كل ذلك أسهم في عودة أزمة السيولة، وإن بشكل اقل حدة مما كانت عليه الأعوام 2015 و2016 م.
الإدارة الجديدة للممصرف المركزي التي تبني حزمة من السياسات والإجراءات لمعالجة الوضع النقدي المأزوم نجحت في التخفيف من حدة أزمة السيولة من خلال تنشيط الدفع الإلكتروني الذي تضاعف بنسبة كبيرة جدا خلال العامين الماضيين، ونجحت في انعاش الدينار الليبي أمام الدولار في السوق الموازي مؤخرا، ارتبكت في توفير البديل عن الفئات التي تم سحبها من التداول والتي بلغ إجماليها نحو 20 مليار دينار ليبي، إذا لم يزد ما تم طرحه من فئة العشرين دينار الجديدة عن 3 مليار دينار، والمركزي يدرك أن المرتبات الشهرية تقترب من 6 مليار دينار، أي أن المتاح الآن بالكاد يغطي 50% من مرتبات شهر واحد.
المركزي يتجه إلى سحب البساط من تحت أقدام السوق الموازي للعملات، باعتباره أحد مسببات نقص السيولة، من خلال توفير النقد الأجنبي لمن يطلبه، واستبدال دكاكين بيع العملة بشركات الصرافة، وفرض رسوم على سحب الكاش من المصارف وطرح كميات إضافية من الفئة الجديدة من العملة المحلية، لكنه لم يقدم ضمانات لعدم احتكار النقد الأجنبي وعرضه للمضاربة من خلال آليات وأدوات رقابة صارمة، ولم يتبن وسائل تعيد تنظيم وتفعيل وتسريع أداء المصارف التي يناط بها تنفيذ عمليات بيع النقد الأجنبي لأجل الاعتمادات المستندية والأغراض الشخصية، بحيث تصبح المصارف مقصد رجال الأعمال والتجار والأشخاص العاديين للحصول على الدولار ، فيتراجع الاعتماد على السوق الموازي وتتراكم الأموال في المصارف فيتم القضاء على أزمة السيولة.
هذه حلول المدى القصير، وهي غير كافية لفرض استقرار اقتصادي، مالي ونقدي، مستدام، إلا أن تقع معالجات جذرية واصلاحات شاملة تكون هي الضمانة لعدم تكرار مظاهر التأزيم الراهنة والتي في مقدمتها النقص الحاد في السيولة.